ص:2

موسوعه توقیعات الامام المهدی علیه السلام

محمدتقی اکبرنژاد

ص:3

والتقصی أملاً فی العثور علی موارد اخری. واستمرت هذه المحاولات الی حدٍّ أیقنت فیه تقریباً انه لیس هناک ثمة توقیع آخر غیر ما ورد فی هذا الکتاب.

ومن الطبیعی ان مثل هذا الزعم زعم عظیم، ولکنه لم یأتِ اعتباطاً؛ وذلک لأننی بذلت جهوداً مُضنیة لجمع کل ما وصل الینا. وبعبارة اخری اننی استفرغت وسعی لجمع کل ما وصل الینا من تراث نفیس خلّفه لنا امامنا الغائب. ارجو ان اکون قد قدّمت بعملی هذا عوناً للأوساط العلمیة لیتسنی لها کسب مزیداً من المعرفة حول الامام المهدی علیه السلام واستیعاب اوامره ونواهیه.

وفی الختام، وفی اعقاب جمع ما کان شتیتاً من توقیعاته، تم تصنیفها وتبویبها موضوعیاً من اجل تقلیص ما یعتریها من اضطراب، ولغرض تسهیل التعاطی معها وفقاً للموضوعات. وانطلاقاً مما سبق ذکره من الدوافع جری تبویب وترتیب احادیث وتوقیعات الامام المهدی علیه السلام وفقاً للأبواب التالیة:

1 - التوقیعات الاعتقادیة.

2 - التوقیعات بشأن النواب الأربعة.

3 - التوقیعات المتعلّقة بمدّعی النیابة والبابیة.

4 - توقیعاته الی کبار العلماء.

5 - توقیعاته الفقهیة.

6 - توقیعات الأدعیة، وقد شغلت حیّزاً کبیراً من هذا التراث.

7 - القصص والتوقیعات المتعلّقة بمعجزاته التی غالباً ما شوهدت منه فی الغیبة الصغری.

8 - حکایات السُعداء الذین حظوا بمقابلته فی الغیبة الصغری غالباً، مع ما

ص:6

أتحفهم به من کلمات وأقوال.

9 - ملحقات کلماته الّتی تشتمل علی خُطَبه بعد ظهور امره ورفع کربه

وکما سبقت الاشارة فان الغایة الأساسیة من تدوین هذا الکتاب، هو ایجاد موسوعة شاملة وکاملة، بحیث یطمئن الباحثون الکرام والقرّاء الاعزاء الی أنه ما من توقیع صدر عن الامام المهدی إلّا واوردناه فی هذا الکتاب.

اما طریقنا فی العمل فی هذا الکتاب فهی اننا اوردنا لکل توقیع سنده کاملاً. واما بالنسبة الی الأحادیث التی وردت فی کتاب بحار الانوار، فقد اوردنا - اضافة الی موضعها فی بحار الانوار - الکتاب الذی نقل عنه صاحب بحار الانوار. وفی حالات اخری اوردنا ایضاً مصادر اخری فضلاً عن المصادر التی نقل عنها کتاب بحار الانوار.

وفی الحالات التی عجزنا فیها عن الحصول علی المصدر الذی استقی منه کتاب بحار الانوار، آثرنا الاتیان بمصادر اخری بدلاً عن ذلک المصدر.

ولابد من الاشارة ایضاً الی أن هذا الکتاب کتاب روائی (حدیثی) ولیس کتاباً تحلیلیاً. ومعنی هذا هو ان قیامی علی جمع هذه الروایات لا یعنی بالضرورة اننی اقر صوابها کلها سواء من حیث السند او من حیث المحتوی، وانما کانت غایتی هی ان اضع فی متناول اهل البحث والتحقیق الروایات المنسوبة الی امام الزمان علیه السلام. وانطلاقاً من ذلک فاننی اترک مهمة الحکم علی الروایات الی المحققین والباحثین والقرّاء الکرام. وقد أوردنا فی بعض الحالات تعلیقات علی بعض الروایات، کالروایات الدالّة علی حرمة ذکر اسمه. ونظراً الی اننی اعتبر تلک الروایات خاصّة بعهد الغیبة الصغری، لذلک ادرجت فی

ص:7

الهامش توضیحات وادلة لاثبات هذا الرأی.

وفی الختام فاننا نأمل من الباحثین والمحققین ان یزوّدونا بما لدیهم من ملاحظات حول الاخطاء المحتملة فی هذا الکتاب لکی نستفید من ملاحظاتهم فی الطبعات اللاحقة. والسلام علی من اتّبع الهدی.

محمد تقی اکبر نجاد

البرید الاکترونی: WWW.osol-f@Noavar.Com

البرید الاکترونی: WWW.osul_f@yahoo.Com

ص:8

سَمِعْتُمُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ یَقُولُ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا أَطِیعُوا اللَّهَ وَأَطِیعُوا الرَّسُولَ وَأُولِی الْأَمْرِ مِنْکُمْ أَ وَمَا عَلِمْتُمْ مَا جَاءَتْ بِهِ الآْثَارُ مِمَّا یَکُونُ وَیَحْدُثُ فِی أَئِمَّتِکُمْ عَلَی الْمَاضِینَ وَالْبَاقِینَ مِنْهُمْ علیهم السلام أَ وَمَا رَأَیْتُمْ کَیْفَ جَعَلَ اللَّهُ لَکُمْ مَعَاقِلَ تَأْوُونَ إِلَیْهَا وَأَعْلَاماً تَهْتَدُونَ بِهَا مِنْ لَدُنْ آدَمَ إِلَی أَنْ ظَهَرَ الْمَاضِی علیه السلام کُلَّمَا غَابَ عَلَمٌ بَدَا عَلَمٌ وَإِذَا أَفَلَ نَجْمٌ طَلَعَ نَجْمٌ فَلَمَّا قَبَضَهُ اللَّهُ إِلَیْهِ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ أَبْطَلَ دِینَهُ وَقَطَعَ السَّبَبَ بَیْنَهُ وَبَیْنَ خَلْقِهِ کَلَّا مَا کَانَ ذَلِکَ وَلَایَکُونُ حَتَّی تَقُومَ السَّاعَةُ وَیَظْهَرَ أَمْرُ اللَّهِ وَهُمْ کَارِهُونَ وَإِنَّ الْمَاضِیَ علیه السلام مَضَی سَعِیداً فَقِیداً عَلَی مِنْهَاجِ آبَائِهِ علیهم السلام حَذْوَالنَّعْلِ بِالنَّعْلِ وَفِینَا وَصِیَّتُهُ وَعِلْمُهُ وَمَنْ هُوَ خَلَفُهُ وَمَنْ یَسُدُّ مَسَدَّهُ وَلَایُنَازِعُنَا مَوْضِعَهُ إِلَّا ظَالِمٌ آثِمٌ وَلَایَدَّعِیهِ دُونَنَا إِلَّا جَاحِدٌ کَافِرٌ وَلَوْلَا أَنَّ أَمْرَ اللَّهِ لَا یُغْلَبُ وَسِرَّهُ یَظْهَرُ وَلَایُعْلَنُ لَظَهَرَ لَکُمْ مِنْ حَقِّنَا مَا تَبْهَرُ مِنْهُ عُقُولُکُمْ وَیُزِیلُ شُکُوکَکُمْ لَکِنَّهُ مَا شَاءَ اللَّهُ کَانَ وَلِکُلِّ أَجَلٍ کِتَابٌ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ وَسَلِّمُوا لَنَا وَرُدُّوا الْأَمْرَ إِلَیْنَا فَعَلَیْنَا الْإِصْدَارُ کَمَا کَانَ مِنَّا الْإِیرَادُ وَلَا تُحَاوِلُوا کَشْفَ مَا غُطِّیَ عَنْکُمْ وَلَاتَمِیلُوا عَنِ الْیَمِینِ وَتَعْدِلُوا إِلَی الْیَسَارِ وَاجْعَلُوا قَصْدَکُمْ إِلَیْنَا بِالْمَوَدَّةِ عَلَی السُنَّةِ الْوَاضِحَةِ فَقَدْ نَصَحْتُ لَکُمْ وَاللَّهُ شَاهِدٌ عَلَیَّ وَعَلَیْکُمْ.

وَلَوْلَا مَا عِنْدَنَا مِنْ مَحَبَّةِ صَلَاحِکُمْ وَرَحْمَتِکُمْ وَالْإِشْفَاقِ عَلَیْکُمْ لَکُنَّا عَنْ مُخَاطَبَتِکُمْ فِی شُغُلٍ مِمَّا قَدِ امْتُحِنَّا مِنْ مُنَازَعَةِ الظَّالِمِ الْعُتُلِّ الضَّالِّ الْمُتَابِعِ فِی غَیِّهِ الْمُضَادِّ لِرَبِّهِ الْمُدَّعِی مَا لَیْسَ لَهُ الْجَاحِدِ حَقَّ مَنِ افْتَرَضَ اللَّهُ طَاعَتَهُ الظَّالِمِ الْغَاصِبِ وَفِی ابْنَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه وآله لِی أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ وَسَیُرَدَّی الْجَاهِلُ رِدَاءَ عَمَلِهِ وَسَیَعْلَمُ الْکَافِرُ لِمَنْ عُقْبَی الدَّارِ عَصَمَنَا اللَّهُ وَإِیَّاکُمْ مِنَ الْمَهَالِکِ وَالْأَسْوَاءِ

ص:10

وَالآْفَاتِ وَالْعَاهَاتِ کُلِّهَا بِرَحْمَتِهِ.

فَإِنَّهُ وَلِیُّ ذَلِکَ وَالْقَادِرُ عَلَی مَا یَشَاءُ وَکَانَ لَنَا وَلَکُمْ وَلِیّاً وَحَافِظاً.

وَالسَّلَامُ عَلَی جَمِیعِ الْأَوْصِیاءِ وَالْأَوْلِیَاءِ وَالْمُؤْمِنِینَ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَکَاتُهُ.

وَصَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ وَسَلَّمَ تَسْلِیماً.

ص:11

وَهِیَ بِضْعَةَ عَشَرَ دِینَاراً وَاسْتَرِدَّ مِنْ قِبَلِکَ فَإِنَّ الزَّمَانَ أَصْعَبُ مَا کَانَ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَکِیلُ.

ص:13

یقَُولُ إِنَّا نَعْلَمُ الْغَیْبَ أَوْ نُشَارِکُ اللَّهَ فِی مُلْکِهِ أَوْ یُحِلُّنَا مَحَلًّا سِوَی الْمَحَلِّ الَّذِی نَصَبَهُ اللَّهُ لَنَا وَخَلَقَنَا لَهُ أَوْ یَتَعَدَّی بِنَا عَمَّا قَدْ فَسَّرْتُهُ لَکَ وَبَیَّنْتُهُ فِی صَدْرِ کِتَابِی.

وَأُشْهِدُکُمْ أَنَّ کُلَّ مَنْ نَتَبَرَّأُ مِنْهُ فَإِنَّ اللَّهَ یَبْرَأُ مِنْهُ وَمَلَائِکَتَهُ وَرُسُلَهُ وَأَوْلِیَاءَهُ وَجَعَلْتُ هَذَا التَّوْقِیعَ الَّذِی فِی هَذَا الْکِتَابِ أَمَانَةً فِی عُنُقِکَ وَعُنُقِ مَنْ سَمِعَهُ أَنْ یَکْتُمَهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ مَوَالِیَّ وَشِیعَتِی حَتَّی یَظْهَرَ عَلَی هَذَا التَّوْقِیعِ الْکُلُّ مِنَ الْمَوَالِی لَعَلَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ یَتَلَافَاهُمْ فَیَرْجِعُونَ إِلَی دِینِ اللَّهِ الْحَقِّ وَیَنْتَهُوا [یَنْتَهُونَ] عَمَّالَا یَعْلَمُونَ مُنْتَهَی أَمْرِهِ وَلَایَبْلُغُ مُنْتَهَاهُ

فَکُلُّ مَنْ فَهِمَ کِتَابِی وَلَمْ یَرْجِعْ إِلَی مَا قَدْ أَمَرْتُهُ وَنَهَیْتُهُ فَلَقَدْ حَلَّتْ عَلَیْهِ اللَّعْنَةُ مِنَ اللَّهِ وَمِمَّنْ ذَکَرْتُ مِنْ عِبَادِهِ الصَّالِحِینَ.

ص:15

عِنْدَهُ فَمَضَی عَلَی مِنْهَاجِ آبَائِهِ علیهم السلام حَذْوَالنَّعْلِ بِالنَّعْلِ عَلَی عَهْدٍ عَهِدَهُ وَوَصِیَّةٍ أَوْصَی بِهَا إِلَی وَصِیٍّ سَتَرَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِأَمْرِهِ إِلَی غَایَةٍ وَأَخْفَی مَکَانَهُ بِمَشِیَّتِهِ لِلْقَضَاءِ السَّابِقِ وَالْقَدَرِ النَّافِذِ وَفِینَا مَوْضِعُهُ وَلَنَا فَضْلُهُ.

وَلَوْ قَدْ أَذِنَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِیمَا قَدْ مَنَعَهُ وَأَزَالَ عَنْهُ مَا قَدْ جَرَی بِهِ مِنْ حُکْمِهِ لَأَرَاهُمُ الْحَقَّ ظَاهِراً بِأَحْسَنِ حِلْیَةٍ وَأَبْیَنِ دَلَالَةٍ وَأَوْضَحِ عَلَامَةٍ وَلَأَبَانَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَامَ بِحُجَّتِهِ وَلَکِنَّ أَقْدَارَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَ لَا تُغَالَبُ وَإِرَادَتَهُ لَا تُرَدُّ وَتَوْفِیقَهُ لَا یُسْبَقُ فَلْیَدَعُوا عَنْهُمُ اتِّبَاعَ الْهَوَی وَلْیُقِیمُوا عَلَی أَصْلِهِمُ الَّذِی کَانُوا عَلَیْهِ وَلَا یَبْحَثُوا عَمَّا سُتِرَ عَنْهُمْ فَیَأْثَمُوا وَلَا یَکْشِفُوا سَتْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَیَنْدَمُوا وَلْیَعْلَمُوا أَنَّ الْحَقَّ مَعَنَا وَفِینَالَا یَقُولُ ذَلِکَ سِوَانَا إِلَّا کَذَّابٌ مُفْتَرٍ وَلَا یَدَّعِیهِ غَیْرُنَا إِلَّا ضَالٌّ غَوِیٌّ فَلْیَقْتَصِرُوا مِنَّا عَلَی هَذِهِ الْجُمْلَةِ دُونَ التَّفْسِیرِ وَیَقْنَعُوا مِنْ ذَلِکَ بِالتَّعْرِیضِ دُونَ التَّصْرِیحِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ص:18

الْخَلْقِ إِمَامَةً مُفْتَرَضَةً وَلَا طَاعَةً وَلَا ذِمَّةً وَسَأُبَیِّنُ لَکُمْ ذِمَّةً تَکْتَفُونَ بِهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

یَا هَذَا یَرْحَمُکَ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ تَعَالَی لَمْ یَخْلُقِ الْخَلْقَ عَبَثاً وَلَا أَهْمَلَهُمْ سُدًی بَلْ خَلَقَهُمْ بِقُدْرَتِهِ وَجَعَلَ لَهُمْ أَسْمَاعاً وَأَبْصَاراً وَقُلُوباً وَأَلْبَاباً ثُمَّ بَعَثَ إِلَیْهِمُ النَّبِیِّینَ علیهم السلام مُبَشِّرِینَ وَمُنْذِرِینَ یَأْمُرُونَهُمْ بِطَاعَتِهِ وَیَنْهَوْنَهُمْ عَنْ مَعْصِیَتِهِ وَیُعَرِّفُونَهُمْ مَا جَهِلُوهُ مِنْ أَمْرِ خَالِقِهِمْ وَدِینِهِمْ وَأَنْزَلَ عَلَیْهِمْ کِتَاباً وَبَعَثَ إِلَیْهِمْ مَلَائِکَةً یَأْتِینَ بَیْنَهُمْ وَبَیْنَ مَنْ بَعَثَهُمْ إِلَیْهِمْ بِالْفَضْلِ الَّذِی جَعَلَهُ لَهُمْ عَلَیْهِمْ وَمَا آتَاهُمْ مِنَ الدَّلَائِلِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَرَاهِینِ الْبَاهِرَةِ وَالآْیَاتِ الْغَالِبَةِ.

فَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ النَّارَ عَلَیْهِ بَرْداً وَسَلَاماً وَاتَّخَذَهُ خَلِیلاً.

وَمِنْهُمْ مَنْ کَلَّمَهُ تَکْلِیماً وَجَعَلَ عَصَاهُ ثُعْبَاناً مُبِیناً وَمِنْهُمْ مَنْ أَحْیَا الْمَوْتَی بِإِذْنِ اللَّهِ وَأَبْرَأَ الْأَکْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَمِنْهُمْ مَنْ عَلَّمَهُ مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَأُوتِیَ مِنْ کُلِّ شَیْ ءٍ.

ثُمَّ بَعَثَ مُحَمَّداًصلی الله علیه وآله رَحْمَةً لِلْعَالَمِینَ وَتَمَّمَ بِهِ نِعْمَتَهُ وَخَتَمَ بِهِ أَنْبِیَاءَهُ وَأَرْسَلَهُ إِلَی النَّاسِ کَافَّةً وَأَظْهَرَ مِنْ صِدْقِهِ مَا أَظْهَرَ وَبَیَّنَ مِنْ آیَاتِهِ وَعَلَامَاتِهِ مَا بَیَّنَ ثُمَّ قَبَضَهُ صلی الله علیه وآله حَمِیداً فَقِیداً سَعِیداً.

وَجَعَلَ الْأَمْرَ بَعْدَهُ إِلَی أَخِیهِ وَابْنِ عَمِّهِ وَوَصِیِّهِ وَوَارِثِهِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام ثُمَّ إِلَی الْأَوْصِیاءِ مِنْ وُلْدِهِ وَاحِداً وَاحِداً أَحْیَا بِهِمْ دِینَهُ وَأَتَمَّ بِهِمْ نُورَهُ وَجَعَلَ بَیْنَهُمْ وَبَیْنَ إِخْوَانِهِمْ وَبَنِی عَمِّهِمْ وَالْأَدْنَیْنَ فَالْأَدْنَیْنَ مِنْ ذَوِی أَرْحَامِهِمْ فُرْقَاناً بَیِّناً یُعْرَفُ بِهِ الْحُجَّةُ مِنَ الْمَحْجُوجِ وَالْإِمَامُ مِنَ الْمَأْمُومِ بِأَنْ عَصَمَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ وَبَرَّأَهُمْ مِنَ الْعُیُوبِ وَطَهَّرَهُمْ مِنَ الدَّنَسِ وَنَزَّهَهُمْ مِنَ اللَّبْسِ وَجَعَلَهُمْ خُزَّانَ عِلْمِهِ وَمُسْتَوْدَعَ حِکْمَتِهِ وَمَوْضِعَ سِرِّهِ وَأَیَّدَهُمْ بِالدَّلَائِلِ وَلَوْلَا ذَلِکَ لَکَانَ

ص:20

النَّاسُ عَلَی سَوَاءٍ وَلَادَّعَی أَمْرَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ کُلُّ أَحَدٍ وَلَمَا عُرِفَ الْحَقُّ مِنَ الْبَاطِلِ وَلَا الْعَالِمُ مِنَ الْجَاهِلِ.

وَقَدِ ادَّعَی هَذَا الْمُبْطِلُ الْمُفْتَرِی عَلَی اللَّهِ الْکَذِبَ بِمَا ادَّعَاهُ فَلَا أَدْرِی بِأَیَّةِ حَالَةٍ هِیَ لَهُ رَجَاءَ أَنْ یُتِمَّ دَعْوَاهُ أَ بِفِقْهٍ فِی دِینِ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ مَا یَعْرِفُ حَلَالاً مِنْ حَرَامٍ وَلَا یَفْرُقُ بَیْنَ خَطَاءٍ وَصَوَابٍ أَمْ بِعِلْمٍ فَمَا یَعْلَمُ حَقّاً مِنْ بَاطِلٍ وَلَا مُحْکَماً مِنْ مُتَشَابِهٍ وَلَا یَعْرِفُ حَدَّ الصَّلَاةِ وَوَقْتَهَا أَمْ بِوَرَعٍ فَاللَّهُ شَهِیدٌ عَلَی تَرْکِهِ الصَّلَاةَ الْفَرْضَ أَرْبَعِینَ یَوْماً یَزْعُمُ ذَلِکَ لِطَلَبِ الشَّعْوَذَةِ وَلَعَلَّ خَبَرَهُ قَدْ تَأَدَّی إِلَیْکُمْ وَهَاتِیکَ ظُرُوفُ مُسْکِرِهِ مَنْصُوبَةٌ وَآثَارُ عِصْیَانِهِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَشْهُورَةٌ قَائِمَةٌ أَمْ بِ آیَةٍ فَلْیَأْتِ بِهَا أَمْ بِحُجَّةٍ فَلْیُقِمْهَا أَمْ بِدَلَالَةٍ فَلْیَذْکُرْهَا.

قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِی کِتَابِهِ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ.

حم تَنْزِیلُ الْکِتابِ مِنَ اللَّهِ الْعَزِیزِ الْحَکِیمِ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَما بَیْنَهُما إِلَّا بِالْحَقِّ وَأَجَلٍ مُسَمًّی وَالَّذِینَ کَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ قُلْ أَ رَأَیْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَرُونِی ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْکٌ فِی السَّماواتِ ائْتُونِی بِکِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ کُنْتُمْ صادِقِینَ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ یَدْعُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا یَسْتَجِیبُ لَهُ إِلی یَوْمِ الْقِیامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعائِهِمْ غافِلُونَ وَإِذا حُشِرَ النَّاسُ کانُوا لَهُمْ أَعْداءً وَکانُوا بِعِبادَتِهِمْ کافِرِینَ.

فَالْتَمِسْ تَوَلَّی اللَّهُ تَوْفِیقَکَ مِنْ هَذَا الظَّالِمِ مَا ذَکَرْتُ لَکَ وَامْتَحِنْهُ وَسَلْهُ عَنْ آیَةٍ مِنْ کِتَابِ اللَّهِ یُفَسِّرْهَا أَوْ صَلَاةِ فَرِیضَةٍ یُبَیِّنْ حُدُودَهَا وَمَا یَجِبُ فِیهَا لِتَعْلَمَ حَالَهُ وَمِقْدَارَهُ وَیَظْهَرَ لَکَ عُوَارُهُ وَنُقْصَانُهُ وَاللَّهُ حَسِیبُهُ حَفِظَ اللَّهُ الْحَقَّ عَلَی أَهْلِهِ

ص:21

وَأَقَرَّهُ فِی مُسْتَقَرِّهِ وَقَدْ أَبَی اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ یَکُونَ الْإِمَامَةُ فِی أَخَوَیْنِ بَعْدَ الْحَسَنِ وَالْحُسَیْنِ علیه السلام وَإِذَا أَذِنَ اللَّهُ لَنَا فِی الْقَوْلِ ظَهَرَ الْحَقُّ وَاضْمَحَلَّ الْبَاطِلُ وَانْحَسَرَ عَنْکُمْ وَإِلَی اللَّهِ أَرْغَبُ فِی الْکِفَایَةِ وَجَمِیلِ الصُّنْعِ وَالْوَلَایَةِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَکِیلُ.

وَصَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ.

ص:22

أَشْفَقَ عَلَی نُبُوَّتِهِ أَشْفَقَ عَلَی خِلَافَتِهِ إِذْ لَیْسَ مِنْ حُکْمِ الِاسْتِتَارِ وَالتَّوَارِی أَنْ یَرُومَ الْهَارِبُ مِنَ الشَّیْ ءِ مُسَاعَدَةً إِلَی مَکَانٍ یَسْتَخْفِی فِیهِ وَلَمَّا رَأَیْنَا النَّبِیَ مُتَوَجِّهاً إِلَی الِانْجِحَارِ وَلَمْ تَکُنِ الْحَالُ تُوجِبُ اسْتِدْعَاءَ الْمُسَاعَدَةِ مِنْ أَحَدٍ اسْتَبَانَ لَنَا قَصْدُ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه وآله بِأَبِی بَکْرٍ إِلَی الْغَارِ لِلْعِلَّةِ الَّتِی شَرَحْنَاهَا.

وَإِنَّمَا أَبَاتَ عَلِیّاًعلیه السلام عَلَی فِرَاشِهِ لِمَا لَمْ یَکُنْ لِیَکْتَرِثَ لَهُ وَلَمْ یَحْفِلْ بِهِ وَلِاسْتِثْقَالِهِ لَهُ وَلِعِلْمِهِ بِأَنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَمْ یَتَعَذَّرْ عَلَیْهِ نَصْبُ غَیْرِهِ مَکَانَهُ لِلْخُطُوبِ الَّتِی کَانَ یَصْلُحُ لَهَا.

قَالَ سَعْدٌ فَأَوْرَدْتُ عَلَیْهِ أَجْوِبَةً شَتَّی فَمَا زَالَ یَقْصِدُ کُلَّ وَاحِدٍ مِنْهَا بِالنَّقْضِ وَالرَّدِّ عَلَیَّ.

ثُمَّ قَالَ یَا سَعْدُ دُونَکَهَا أُخْرَی بِمِثْلِهَا تُخْطَفُ آنَافُ الرَّوَافِضِ أَ لَسْتُمْ تَزْعُمُونَ أَنَّ الصِّدِّیقَ الْمُبَرَّی مِنْ دَنَسِ الشُّکُوکِ وَالْفَارُوقَ الْمُحَامِیَ عَنْ بَیْضَةِ الْإسْلَامِ کَانَا یُسِرَّانِ النِّفَاقَ وَاسْتَدْلَلْتُمْ بِلَیْلَةِ الْعَقَبَةِ أَخْبِرْنِی عَنِ الصِّدِّیقِ وَالْفَارُوقِ أَسْلَمَا طَوْعاً أَوْ کَرْهاً قَالَ سَعْدٌ فَاحْتَلْتُ لِدَفْعِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنِّی خَوْفاً مِنَ الْإِلْزَامِ وَحَذَراً مِنْ أَنِّی إِنْ أَقْرَرْتُ لَهُمَا بِطَوَاعِیَتِهِمَا للِاِْسْلَام احْتَجَّ بِأَنَّ بَدْءَ النِّفَاقِ وَنَشْوَهُ فِی الْقَلْبِ لَا یَکُونُ إِلَّا عِنْدَ هُبُوبِ رَوَائِحِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ وَإِظْهَارِ الْبَأْسِ الشَّدِیدِ فِی حَمْلِ الْمَرْءِ عَلَی مَنْ لَیْسَ یَنْقَادُ لَهُ قَلْبُهُ نَحْوَ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَلَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا قالُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَحْدَهُ وَکَفَرْنا بِما کُنَّا بِهِ مُشْرِکِینَ فَلَمْ یَکُ یَنْفَعُهُمْ إِیمانُهُمْ لَمَّا رَأَوْا بَأْسَنا وَإِنْ قُلْتُ أَسْلَمَا کَرْهاً کَانَ یَقْصِدُنِی بِالطَّعْنِ إِذْ لَمْ یَکُنْ ثَمَّ سُیُوفٌ مُنْتَضَاةٌ کَانَتْ تُرِیهِمُ [تُرِیهِمَا] الْبَأْسَ قَالَ سَعْدٌ فَصَدَرْتُ عَنْهُ مُزْوَرّاً قَدِ انْتَفَخَتْ أَحْشَائِی مِنَ الْغَضَبِ وَتَقَطَّعَ کَبِدِی مِنَ الْکَرْبِ.

ص:29

وَکُنْتُ قَدِ اتَّخَذْتُ طُومَاراً وَأَثْبَتُّ فِیهِ نَیِّفاً وَأَرْبَعِینَ مَسْأَلَةً مِنْ صِعَابِ الْمَسَائِلِ لَمْ أَجِدْ لَهَا مُجِیباً عَلَی أَنْ أَسْأَلَ فِیهَا خَیْرَ أَهْلِ بَلَدِی أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ صَاحِبَ مَوْلَانَا أَبِی مُحَمَّدٍعلیه السلام فَارْتَحَلْتُ خَلْفَهُ وَقَدْ کَانَ خَرَجَ قَاصِداً نَحْوَ مَوْلَانَا بِسُرَّ مَنْ رَأَی فَلَحِقْتُهُ فِی بَعْضِ الْمَنَاهِلِ فَلَمَّا تَصَافَحْنَا قَالَ لِخَیْرٍ لَحَاقُکَ بِی قُلْتُ الشَّوْقُ ثُمَّ الْعَادَةُ فِی الْأَسْئِلَةِ قَالَ قَدْ تَکَافَأْنَا عَلَی هَذِهِ الْخُطَّةِ [أی الخصلة] الْوَاحِدَةِ فَقَدْ بَرِحَ بِیَ الْقَرَمُ إِلَی لِقَاءِ مَوْلَانَا أَبِی مُحَمَّدٍعلیه السلام وَأُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْ مَعَاضِلَ فِی التَّأْوِیلِ وَمَشَاکِلَ فِی التَّنْزِیلِ فَدُونَکَهَا الصُّحْبَةَ الْمُبَارَکَةَ فَإِنَّهَا تَقِفُ بِکَ عَلَی ضَفَّةِ بَحْرٍلَا تَنْقَضِی عَجَائِبُهُ وَلَا تَفْنَی غَرَائِبُهُ وَهُوَ إِمَامُنَا.

فَوَرَدْنَا سُرَّ مَنْ رَأَی فَانْتَهَیْنَا مِنْهَا إِلَی بَابِ سَیِّدِنَاعلیه السلام فَاسْتَأْذَنَّا فَخَرَجَ إِلَیْنَا الْإِذْنُ بِالدُّخُولِ عَلَیْهِ وَکَانَ عَلَی عَاتِقِ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ جِرَابٌ قَدْ غَطَّاهُ بِکِسَاءٍ طَبَرِیٍّ فِیهِ سِتُّونَ وَمِائَةُ صُرَّةٍ مِنَ الدَّنَانِیرِ وَالدَّرَاهِمِ عَلَی کُلِّ صُرَّةٍ مِنْهَا خَتْمُ صَاحِبِهَا.

قَالَ سَعْدٌ فَمَا شَبَّهْتُ مَوْلَانَا أَبَا مُحَمَّدٍعلیه السلام حِینَ غَشِیَنَا نُورُ وَجْهِهِ إِلَّا بِبَدْرٍ قَدِ اسْتَوْفَی مِنْ لَیَالِیهِ أَرْبَعاً بَعْدَ عَشْرٍ وَعَلَی فَخِذِهِ الْأَیْمَنِ غُلَامٌ یُنَاسِبُ الْمُشْتَرِیَ فِی الْخِلْقَةِ وَالْمَنْظَرِ وَعَلَی رَأْسِهِ فَرْقٌ بَیْنَ وَفْرَتَیْنِ کَأَنَّهُ أَلِفٌ بَیْنَ وَاوَیْنِ وَبَیْنَ یَدَیْ مَوْلَانَا رُمَّانَةٌ ذَهَبِیَّةٌ تَلْمَعُ بَدَائِعُ نُقُوشِهَا وَسَطَ غَرَائِبِ الْفُصُوصِ الْمُرَکَّبَةِ عَلَیْهَا قَدْ کَانَ أَهْدَاهَا إِلَیْهِ بَعْضُ رُؤَسَاءِ أَهْلِ الْبَصْرَةِ وَبِیَدِهِ قَلَمٌ إِذَا أَرَادَ أَنْ یَسْطُرَ بِهِ عَلَی الْبَیَاضِ قَبَضَ الْغُلَامُ عَلَی أَصَابِعِهِ فَکَانَ مَوْلَانَاعلیه السلام یُدَحْرِجُ الرُّمَّانَةَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَیَشْغَلُهُ بِرَدِّهَا لِئَلَّا یَصُدَّهُ عَنْ کِتْبَةِ مَا أَرَادَ فَسَلَّمْنَا عَلَیْهِ فَأَلْطَفَ فِی الْجَوَابِ وَأَوْمَأَ إِلَیْنَا بِالْجُلُوسِ فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ کِتْبَةِ الْبَیَاضِ الَّذِی کَانَ بِیَدِهِ أَخْرَجَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ

ص:30

جِرَابَهُ مِنْ طَیِّ کِسَائِهِ فَوَضَعَهُ بَیْنَ یَدَیْهِ فَنَظَرَ الْهَادِی علیه السلام إِلَی الْغُلَامِ وَقَالَ لَهُ یَا بُنَیَّ فُضَّ الْخَاتَمَ عَنْ هَدَایَا شِیعَتِکَ وَمَوَالِیکَ فَقَالَ یَا مَوْلَایَ أَ یَجُوزُ أَنْ أَمُدَّ یَداً طَاهِرَةً إِلَی هَدَایَا نَجِسَةٍ وَأَمْوَالٍ رَجِسَةٍ قَدْ شِیبَ أَحَلُّهَا بِأَحْرَمِهَا.

فَقَالَ مَوْلَایَ علیه السلام یَا ابْنَ إِسْحَاقَ اسْتَخْرِجْ مَا فِی الْجِرَابِ لِیُمَیَّزَ مَا بَیْنَ الْأَحَلِّ وَالْأَحْرَمِ مِنْهَا.

فَأَوَّلُ صُرَّةٍ بَدَأَ أَحْمَدُ بِإِخْرَاجِهَا فَقَالَ الْغُلَامُ هَذِهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ مَحَلَّةِ کَذَا بِقُمَّ تَشْتَمِلُ عَلَی اثْنَیْنِ وَسِتِّینَ دِینَاراً فِیهَا مِنْ ثَمَنِ حُجَیْرَةٍ بَاعَهَا صَاحِبُهَا وَکَانَتْ إِرْثاً لَهُ مِنْ أَخِیهِ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِینَاراً وَمِنْ أَثْمَانِ تِسْعَةِ أَثْوَابٍ أَرْبَعَةَ عَشَرَ دِینَاراً وَفِیهَا مِنْ أُجْرَةِ حَوَانِیتَ ثَلَاثَةُ دَنَانِیرَ.

فَقَالَ مَوْلَانَاصَدَقْتَ یَا بُنَیَّ دُلَّ الرَّجُلَ عَلَی الْحَرَامِ مِنْهَا فَقَالَ علیه السلام فَتِّشْ عَنْ دِینَارٍ رَازِیِّ السِّکَّةِ تَارِیخُهُ سَنَةُ کَذَا قَدِ انْطَمَسَ مِنْ نِصْفِ إِحْدَی صَفْحَتَیْهِ نَقْشُهُ وَقُرَاضَةٍ آمُلِیَّةٍ وَزْنُهَا رُبُعُ دِینَارٍ وَالْعِلَّةُ فِی تَحْرِیمِهَا أَنَّ صَاحِبَ هَذِهِ الْجُمْلَةِ وَزَنَ فِی شَهْرِ کَذَا مِنْ سَنَةِ کَذَا عَلَی حَائِکٍ مِنْ جِیرَانِهِ مِنَ الْغَزْلِ مَنّاً وَرُبُعَ مَنٍّ فَأَتَتْ عَلَی ذَلِکَ مُدَّةٌ قَیَّضَ فِی انْتِهَائِهَا لِذَلِکَ الْغَزْلِ سَارِقاً فَأَخْبَرَ بِهِ الْحَائِکُ صَاحِبَهُ فَکَذَّبَهُ وَاسْتَرَدَّ مِنْهُ بَدَلَ ذَلِکَ مَنّاً وَنِصْفَ مَنٍّ غَزْلاً أَدَقَّ مِمَّا کَانَ دَفَعَهُ إِلَیْهِ وَاتَّخَذَ مِنْ ذَلِکَ ثَوْباً کَانَ هَذَا الدِّینَارُ مَعَ الْقُرَاضَةِ ثَمَنَهُ فَلَمَّا فَتَحَ رَأْسَ الصُّرَّةِ صَادَفَ رُقْعَةً فِی وَسَطِ الدَّنَانِیرِ بِاسْمِ مَنْ أَخْبَرَ عَنْهُ وَبِمِقْدَارِهَا عَلَی حَسَبِ مَا قَالَ وَاسْتَخْرَجَ الدِّینَارَ وَالْقُرَاضَةَ بِتِلْکَ الْعَلَامَةِ.

ثُمَّ أَخْرَجَ صُرَّةً أُخْرَی فَقَالَ الْغُلَامُ علیه السلام هَذِهِ لِفُلَانِ بْنِ فُلَانٍ مِنْ مَحَلَّةِ کَذَا بِقُمَّ تَشْتَمِلُ عَلَی خَمْسِینَ دِینَاراًلَا یَحِلُّ لَنَا مَسُّهَا قَالَ وَکَیْفَ ذَاکَ قَالَ لِأَنَّهَا مِنْ ثَمَنِ

ص:31

حِنْطَةٍ حَافَ صَاحِبُهَا عَلَی أَکَّارِهِ فِی الْمُقَاسَمَةِ وَذَلِکَ أَنَّهُ قَبَضَ حِصَّتَهُ مِنْهَا بِکَیْلٍ وَافٍ وَکَالَ مَا خَصَّ الْأَکَّارَ بِکَیْلٍ بَخْسٍ.

فَقَالَ مَوْلَانَاعلیه السلام صَدَقْتَ یَا بُنَیَّ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ إِسْحَاقَ احْمِلْهَا بِأَجْمَعِهَا لِتَرُدَّهَا أَوْ تُوصِیَ بِرَدِّهَا عَلَی أَرْبَابِهَا فَلَا حَاجَةَ لَنَا فِی شَیْ ءٍ مِنْهَا وَائْتِنَا بِثَوْبِ الْعَجُوزِ قَالَ أَحْمَدُ وَکَانَ ذَلِکَ الثَّوْبُ فِی حَقِیبَةٍ لِی فَنَسِیتُهُ.

فَلَمَّا انْصَرَفَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ لِیَأْتِیَهُ بِالثَّوْبِ نَظَرَ إِلَیَّ مَوْلَانَا أَبُو مُحَمَّدٍفَقَالَ مَا جَاءَ بِکَ یَا سَعْدُ فَقُلْتُ شَوَّقَنِی أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ إِلَی لِقَاءِ مَوْلَانَا قَالَ فَالْمَسَائِلُ الَّتِی أَرَدْتَ أَنْ تَسْأَلَ عَنْهَا قُلْتُ عَلَی حَالِهَا یَا مَوْلَایَ قَالَ فَسَلْ قُرَّةَ عَیْنِی وَأَوْمَأَ إِلَی الْغُلَامِ عَمَّا بَدَا لَکَ.

مِنْهَا فَقُلْتُ لَهُ مَوْلَانَا وَابْنَ مَوْلَانَا إِنَّا رُوِّینَا عَنْکُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه وآله جَعَلَ طَلَاقَ نِسَائِهِ بِیَدِ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام حَتَّی أَرْسَلَ یَوْمَ الْجَمَلِ إِلَی عَائِشَةَ أَنَّکِ قَدْ أَرْهَجْتِ عَلَی الْإسْلَامِ وَأَهْلِهِ بِفِتْنَتِکِ وَأَوْرَدْتِ بَنِیکِ حِیَاضَ الْهَلَاکِ بِجَهْلِکِ فَإِنْ کَفَفْتِ عَنِّی غَرْبَکِ وَإِلَّا طَلَّقْتُکِ وَنِسَاءُ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه وآله قَدْ کَانَ طَلَّقَهُنَّ وَفَاتُهُ قَالَ مَا الطَّلَاقُ قُلْتُ تَخْلِیَةُ السَّبِیلِ قَالَ وَإِذَا کَانَ وَفَاةُ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه وآله قَدْ خَلَّی لَهُنَّ السَّبِیلَ فَلِمَ لَا یَحِلُّ لَهُنَّ الْأَزْوَاجُ قُلْتُ لِأَنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَتَعَالَی حَرَّمَ الْأَزْوَاجَ عَلَیْهِنَّ قَالَ وَکَیْفَ وَقَدْ خَلَّی الْمَوْتُ سَبِیلَهُنَّ.

قُلْتُ فَأَخْبِرْنِی یَا ابْنَ مَوْلَایَ عَنْ مَعْنَی الطَّلَاقِ الَّذِی فَوَّضَ رَسُولُ اللَّهِ حُکْمَهُ إِلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ قَالَ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَتَعَالَی عَظَّمَ شَأْنَ نِسَاءِ النَّبِیِّ ص فَخَصَّهُنَّ بِشَرَفِ الْأُمَّهَاتِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه وآله یَا أَبَا الْحَسَنِ إِنَّ هَذَا الشَّرَفَ بَاقٍ لَهُنَّ مَا دُمْنَ لِلَّهِ عَلَی الطَّاعَةِ فَأَیَّتُهُنَّ عَصَتِ اللَّهَ بَعْدِی بِالْخُرُوجِ عَلَیْکَ فَأَطْلِقْ لَهَا فِی

ص:32

الْأَزْوَاجِ وَأَسْقِطْهَا مِنْ شَرَفِ أُمُومَةِ الْمُؤْمِنِینَ.

قُلْتُ فَأَخْبِرْنِی عَنِ الْفَاحِشَةِ الْمُبَیِّنَةِ الَّتِی إِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ بِهَا فِی أَیَّامِ عِدَّتِهَا حَلَّ لِلزَّوْجِ أَنْ یُخْرِجَهَا مِنْ بَیْتِهِ قَالَ الْفَاحِشَةُ الْمُبَیِّنَةُ هِیَ السَّحْقُ دُونَ الزِّنَی فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا زَنَتْ وَأُقِیمَ عَلَیْهَا الْحَدُّ لَیْسَ لِمَنْ أَرَادَهَا أَنْ یَمْتَنِعَ بَعْدَ ذَلِکَ مِنَ التَّزْوِیجِ بِهَا لِأَجْلِ الْحَدِّ وَإِذَا سَحَقَتْ وَجَبَ عَلَیْهَا الرَّجْمُ وَالرَّجْمُ خِزْیٌ وَمَنْ قَدْ أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِرَجْمِهِ فَقَدْ أَخْزَاهُ وَمَنْ أَخْزَاهُ فَقَدْ أَبْعَدَهُ وَمَنْ أَبْعَدَهُ فَلَیْسَ لِأَحَدٍ أَنْ یَقْرَبَهُ.

قُلْتُ فَأَخْبِرْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ تَبَارَکَ وَتَعَالَی لِنَبِیِّهِ مُوسَی فَاخْلَعْ نَعْلَیْکَ إِنَّکَ بِالْوادِ الْمُقَدَّسِ طُویً فَإِنَّ فُقَهَاءَ الْفَرِیقَیْنِ یَزْعُمُونَ أَنَّهَا کَانَتْ مِنْ إِهَابِ الْمَیْتَةِ فَقَالَ علیه السلام مَنْ قَالَ ذَلِکَ فَقَدِ افْتَرَی عَلَی مُوسَی وَاسْتَجْهَلَهُ فِی نُبُوَّتِهِ لِأَنَّهُ مَا خَلَا الْأَمْرُ فِیهَا مِنْ خَطْبَیْنِ إِمَّا أَنْ تَکُونَ صَلَاةُ مُوسَی فِیهَا جَائِزَةً أَوْ غَیْرَ جَائِزَةٍ فَإِنْ کَانَتْ صَلَاتُهُ جَائِزَةً جَازَ لَهُ لُبْسُهُمَا فِی تِلْکَ الْبُقْعَةِ إِذْ لَمْ تَکُنْ مُقَدَّسَةً وَإِنْ کَانَتْ مُقَدَّسَةً مُطَهَّرَةً فَلَیْسَ بِأَقْدَسَ وَأَطْهَرَ مِنَ الصَّلَاةِ وَإِنْ کَانَتْ صَلَاتُهُ غَیْرَ جَائِزَةٍ فِیهِمَا فَقَدْ أَوْجَبَ عَلَی مُوسَی علیه السلام أَنَّهُ لَمْ یَعْرِفِ الْحَلَالَ مِنَ الْحَرَامِ وَعلم [لَمْ یَعْلَمْ] مَا جَازَ فِیهِ الصَّلَاةُ وَمَا لَمْ تَجُزْ وَهَذَا کُفْرٌ.

قُلْتُ فَأَخْبِرْنِی یَا مَوْلَایَ عَنِ التَّأْوِیلِ فِیهِمَا قَالَ إِنَّ مُوسَی علیه السلام نَاجَی رَبَّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ فَقَالَ یَا رَبِّ إِنِّی قَدْ أَخْلَصْتُ لَکَ الْمَحَبَّةَ مِنِّی وَغَسَلْتُ قَلْبِی عَمَّنْ سِوَاکَ وَکَانَ شَدِیدَ الْحُبِّ لِأَهْلِهِ فَقَالَ اللَّهُ تَبَارَکَ وَتَعَالَی فَاخْلَع نَعْلَیْکَ أَیِ انْزِعْ حُبَّ أَهْلِکَ مِنْ قَلْبِکَ إِنْ کَانَتْ مَحَبَّتکَ لِی خَالِصَةً وَقَلْبکَ مِنَ الْمَیْلِ إِلَی مَنْ سِوَایَ مَغْسُولاً.

ص:33

قُلْتُ فَأَخْبِرْنِی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ عَنْ تَأْوِیلِ کهیعص قَالَ هَذِهِ الْحُرُوفُ مِنْ أَنْبَاءِ الْغَیْبِ أَطْلَعَ اللَّهُ عَلَیْهَا عَبْدَهُ زَکَرِیَّاعلیه السلام ثُمَّ قَصَّهَا عَلَی مُحَمَّدٍصلی الله علیه وآله وَذَلِکَ أَنَّ زَکَرِیَّاعلیه السلام سَأَلَ رَبَّهُ أَنْ یُعَلِّمَهُ أَسْمَاءَ الْخَمْسَةِ فَأَهْبَطَ عَلَیْهِ جَبْرَئِیلَ علیه السلام فَعَلَّمَهُ إِیَّاهَا فَکَانَ زَکَرِیَّا إِذَا ذَکَرَ مُحَمَّداً وَعَلِیّاً وَفَاطِمَةَ وَالْحَسَنَ سُرِیَ عَنْهُ هَمُّهُ وَانْجَلَی کَرْبُهُ وَإِذَا ذَکَرَ اسْمَ الْحُسَیْنِ خَنَقَتْهُ الْعَبْرَةُ وَوَقَعَتْ عَلَیْهِ الْبُهْرَةُ فَقَالَ ذَاتَ یَوْمٍ إِلَهِی مَا بَالِی إِذَا ذَکَرْتُ أَرْبَعاً مِنْهُمْ تَسَلَّیْتُ بِأَسْمَائِهِمْ مِنْ هُمُومِی وَإِذَا ذَکَرْتُ الْحُسَیْنَ تَدْمَعُ عَیْنِی وَتَثُورُ زَفْرَتِی.

فَأَنْبَأَهُ اللَّهُ تَبَارَکَ وَتَعَالَی عَنْ قِصَّتِهِ وَقَالَ کهیعص فَالْکَافُ اسْمُ کَرْبَلَاءَ وَالْهَاءُ هَلَاکُ الْعِتْرَةِ وَالْیَاءُ یَزِیدُ وَهُوَ ظَالِمُ الْحُسَیْنِ وَالْعَیْنُ عَطَشُهُ وَالصَّادُ صَبْرُهُ فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِکَ زَکَرِیَّاعلیه السلام لَمْ یُفَارِقْ مَسْجِدَهُ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ وَمَنَعَ فِیهَا النَّاسَ مِنَ الدُّخُولِ عَلَیْهِ وَأَقْبَلَ عَلَی الْبُکَاءِ وَالنَّحِیبِ وَکَانَتْ نُدْبَتُهُ إِلَهِی أَ تُفَجِّعُ خَیْرَخَلْقِکَ بِوَلَدِهِ أَ تُنْزِلُ بَلْوَی هَذِهِ الرَّزِیَّةِ بِفِنَائِهِ إِلَهِی أَ تُلْبِسُ عَلِیّاً وَفَاطِمَةَ ثِیَابَ هَذِهِ الْمُصِیبَةِ إِلَهِی أَ تُحِلُّ کُرْبَةَ هَذِهِ الْفَجِیعَةِ بِسَاحَتِهِمَا ثُمَّ کَانَ یَقُولُ إِلَهِی ارْزُقْنِی وَلَداً تَقَرُّ بِهِ عَیْنِی عَلَی الْکِبَرِ وَاجْعَلْهُ وَارِثاً وَصِیّاً وَاجْعَلْ مَحَلَّهُ مَحَلَّ الْحُسَیْنِ فَإِذَا رَزَقْتَنِیهِ فَافْتِنِّی بِحُبِّهِ ثُمَّ أَفْجِعْنِی بِهِ کَمَا تُفْجِعُ مُحَمَّداً حَبِیبکَ بِوَلَدِهِ فَرَزَقَهُ اللَّهُ یَحْیَی علیه السلام وَفَجَّعَهُ بِهِ وَکَانَ حَمْلُ یَحْیَی سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَحَمْلُ الْحُسَیْنِ علیه السلام کَذَلِکَ وَلَهُ قِصَّةٌ طَوِیلَةٌ.

قُلْتُ فَأَخْبِرْنِی یَا مَوْلَایَ عَنِ الْعِلَّةِ الَّتِی تَمْنَعُ الْقَوْمَ مِنِ اخْتِیَارِ إِمَامٍ لِأَنْفُسِهِمْ قَالَ مُصْلِحٍ أَوْ مُفْسِدٍ قُلْتُ مُصْلِحٍ قَالَ فَهَلْ یَجُوزُ أَنْ تَقَعَ خِیَرَتُهُمْ عَلَی الْمُفْسِدِ بَعْدَ أَنْ لَا یَعْلَمَ أَحَدٌ بِمَا یَخْطُرُ بِبَالِ غَیْرِهِ مِنْ صَلَاحٍ أَوْ فَسَادٍ قُلْتُ بَلَی قَالَ فَهِیَ الْعِلَّةُ.

أُورِدُهَا لَکَ بِبُرْهَانٍ یَثِقُ بِهِ عَقْلُکَ أَخْبِرْنِی عَنِ الرُّسُلِ الَّذِینَ اصْطَفَاهُمُ اللَّهُ

ص:34

وَأَنْزَلَ الْکُتُبَ عَلَیْهِمْ وَأَیَّدَهُمْ بِالْوَحْیِ وَالْعِصْمَةِ إِذْ هُمْ أَعْلَامُ الْأُمَمِ وَأَهْدَی إِلَی الِاخْتِیَارِ مِنْهُمْ مِثْلُ مُوسَی وَعِیسَی هَلْ یَجُوزُ مَعَ وُفُورِ عَقْلِهِمَا وَکَمَالِ عِلْمِهِمَا إِذَا هَمَّا بِالِاخْتِیَارِ أَنْ تَقَعَ خِیَرَتُهُمَا عَلَی الْمُنَافِقِ وَهُمَا یَظُنَّانِ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ قُلْتُ: لا، فَقَالَ هَذَا مُوسَی کَلِیمُ اللَّهِ مَعَ وُفُورِ عَقْلِهِ وَکَمَالِ عِلْمِهِ وَنُزُولِ الْوَحْیِ عَلَیْهِ اخْتَارَ مِنْ أَعْیَانِ قَوْمِهِ وَوُجُوهِ عَسْکَرِهِ لِمِیقَاتِ رَبِّهِ سَبْعِینَ رَجُلًا مِمَّنْ لَا یَشُکُّ فِی إِیمَانِهِمْ وَإِخْلَاصِهِمْ فَوَقَعَتْ خِیَرَتُهُ عَلَی الْمُنَافِقِینَ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَاخْتارَ مُوسی قَوْمَهُ سَبْعِینَ رَجُلًا لِمِیقاتِنا إِلَی قَوْلِهِ لَنْ نُؤْمِنَ لَکَ حَتَّی نَرَی اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْهُمُ الصَّاعِقَةُ بِظُلْمِهِمْ.

فَلَمَّا وَجَدْنَا اخْتِیَارَ مَنْ قَدِ اصْطَفَاهُ اللَّهُ لِلنُّبُوَّةِ وَاقِعاً عَلَی الْأَفْسَدِ دُونَ الْأَصْلَحِ وَهُوَ یَظُنُّ أَنَّهُ الْأَصْلَحُ دُونَ الْأَفْسَدِ عَلِمْنَا أَنْ لَا اخْتِیَارَ إِلَّا لِمَنْ یَعْلَمُ مَا تُخْفِی الصُّدُورُ وَتُکِنُّ الضَّمَائِرُ وَیَتَصَرَّفُ عَلَیْهِ السَّرَائِرُ وَأَنْ لَا خَطَرَ لِاخْتِیَارِ الْمُهَاجِرِینَ وَالْأَنْصَارِ بَعْدَ وُقُوعِ خِیَرَةِ الْأَنْبِیَاءِ عَلَی ذَوِی الْفَسَادِ لَمَّا أَرَادُوا أَهْلَ الصَّلَاحِ.

ثُمَّ قَالَ مَوْلَانَاعلیه السلام یَا سَعْدُ وَحِینَ ادَّعَی خَصْمُکَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه وآله مَا أَخْرَجَ مَعَ نَفْسِهِ مُخْتَارَ هَذِهِ الْأُمَّةِ إِلَی الْغَارِ إِلَّا عِلْماً مِنْهُ أَنَّ الْخِلَافَةَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنَّهُ هُوَ الْمُقَلِّدُ أُمُورَ التَّأْوِیلِ وَالْمُلْقَی إِلَیْهِ أَزِمَّةُ الْأُمَّةِ الْمُعَوَّلُ عَلَیْهِ فِی لَمِّ الشَّعْثِ وَسَدِّ الْخَلَلِ وَإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَتَسْرِیبِ الْجُیُوشِ لِفَتْحِ بِلَادِ الْکُفْرِ فَکَمَا أَشْفَقَ عَلَی نُبُوَّتِهِ أَشْفَقَ عَلَی خِلَافَتِهِ إِذْ لَمْ یَکُنْ مِنْ حُکْمِ الِاسْتِتَارِ وَالتَّوَارِی أَنْ یَرُومَ الْهَارِبُ مِنَ الْبَشَرِ مُسَاعَدَةً مِنْ غَیْرِهِ إِلَی مَکَانٍ یَسْتَخْفِی فِیهِ وَإِنَّمَا أَبَاتَ عَلِیّاً عَلَی فِرَاشِهِ لِمَا لَمْ یَکُنْ یَکْتَرِثُ لَهُ وَلَا یَحْفِلُ بِهِ وَلِاسْتِثْقَالِهِ إِیَّاهُ وَعِلْمِهِ بِأَنَّهُ إِنْ قُتِلَ لَمْ یَتَعَذَّرْ عَلَیْهِ

ص:35

نَصْبُ غَیْرِهِ مَکَانَهُ لِلْخُطُوبِ الَّتِی کَانَ یَصْلُحُ لَهَا.

فَهَلَّا نَقَضْتَ عَلَیْهِ دَعْوَاهُ بِقَوْلِکَ أَ لَیْسَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه وآله الْخِلَافَةُ بَعْدِی ثَلَاثُونَ سَنَةً فَجَعَلَ هَذِهِ مَوْقُوفَةً عَلَی أَعْمَارِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِینَ هُمُ الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ فِی مَذْهَبِکُمْ وَکَانَ لَا یَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ لَکَ بَلَی فَکُنْتَ تَقُولُ لَهُ حِینَئِذٍ أَ لَیْسَ کَمَا عَلِمَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه وآله أَنَّ الْخِلَافَةَ بَعْدَهُ لِأَبِی بَکْرٍ عَلِمَ أَنَّهَا مِنْ بَعْدِ أَبِی بِکْرٍ لِعُمَرَ وَمِنْ بَعْدِ عُمَرَ لِعُثْمَانَ وَمِنْ بَعْدِ عُثْمَانَ لِعَلِیٍّ فَکَانَ أَیْضاًلَا یَجِدُ بُدّاً مِنْ قَوْلِهِ لَکَ نَعَمْ ثُمَّ کُنْتَ تَقُولُ لَهُ فَکَانَ الْوَاجِبَ عَلَی رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه وآله أَنْ یُخْرِجَهُمْ جَمِیعاً عَلَی التَّرْتِیبِ إِلَی الْغَارِ وَیُشْفِقَ عَلَیْهِمْ کَمَا أَشْفَقَ عَلَی أَبِی بَکْرٍ وَلَا یَسْتَخِفَّ بِقَدْرِ هَؤُلَاءِ الثَّلَاثَةِ بِتَرْکِهِ إِیَّاهُمْ وَتَخْصِیصِهِ أَبَا بَکْرٍ بِإِخْرَاجِهِ مَعَ نَفْسِهِ دُونَهُمْ

وَلَمَّا قَالَ أَخْبِرْنِی عَنِ الصِّدِّیقِ وَالْفَارُوقِ أَسْلَمَا طَوْعاً أَوْ کَرْهاً لِمَ لَمْ تَقُلْ لَهُ بَلْ أَسْلَمَا طَمَعاً لِأَنَّهُمَا کَانَا یُجَالِسَانِ الْیَهُودَ وَیَسْتَخْبِرَانِهِمْ عَمَّا کَانُوا یَجِدُونَ فِی التَّوْرَاةِ وَسَائِرِ الْکُتُبِ الْمُتَقَدِّمَةِ النَّاطِقَةِ بِالْمَلَاحِمِ مِنْ حَالٍ إِلَی حَالٍ مِنْ قِصَّةِ مُحَمَّدٍصلی الله علیه وآله وَمِنْ عَوَاقِبِ أَمْرِهِ فَکَانَتِ الْیَهُودُ تَذْکُرُ أَنَّ مُحَمَّداًصلی الله علیه وآله یُسَلَّطُ عَلَی الْعَرَبِ کَمَا کَانَ بُخْتَ نَصَّرُ سُلِّطَ عَلَی بَنِی إِسْرَائِیلَ وَلَا بُدَّ لَهُ مِنَ الظَّفَرِ بِالْعَرَبِ کَمَا ظَفِرَ بُخْتَ نَصَّرُ بِبَنِی إِسْرَائِیلَ غَیْرَ أَنَّهُ کَاذِبٌ فِی دَعْوَاهُ فَأَتَیَا مُحَمَّداً فَسَاعَدَاهُ عَلَی [قَوْلِ شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَبَایَعَاهُ طَمَعاً فِی أَنْ یَنَالَ کُلٌّ مِنْهُمَا مِنْ جِهَتِهِ وِلَایَةَ بَلَدٍ إِذَا اسْتَقَامَتْ أُمُورُهُ وَاسْتَتَبَّتْ أَحْوَالُهُ فَلَمَّا أَیِسَا مِنْ ذَلِکَ تَلَثَّمَا وَصَعِدَا الْعَقَبَةَ مَعَ أَمْثَالِهِمَا مِنَ الْمُنَافِقِینَ عَلَی أَنْ یَقْتُلُوهُ فَدَفَعَ اللَّهُ کَیْدَهُمْ وَرَدَّهُمْ بِغَیْظِهِمْ لَمْ یَنالُوا خَیْراً کَمَا أَتَی طَلْحَةُ وَالزُّبَیْرُ عَلِیّاًعلیه السلام فَبَایَعَاهُ وَطَمِعَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ یَنَالَ مِنْ جِهَتِهِ وِلَایَةَ بَلَدٍ فَلَمَّا أَیِسَا نَکَثَا بَیْعَتَهُ وَخَرَجَا عَلَیْهِ فَصَرَعَ اللَّهُ کُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا

ص:36

مَصْرَعَ أَشْبَاهِهِمَا مِنَ النَّاکِثِینَ.

قَالَ سَعْدٌ ثُمَّ قَامَ مَوْلَانَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ الْهَادِی علیه السلام إِلَی الصَّلَاةِ مَعَ الْغُلَامِ فَانْصَرَفْتُ عَنْهُمَا وَطَلَبْتُ أَثَرَ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ فَاسْتَقْبَلَنِی بَاکِیاً فَقُلْتُ مَا أَبْطَأَکَ وَأَبْکَاکَ قَالَ قَدْ فَقَدْتُ الثَّوْبَ الَّذِی سَأَلَنِی مَوْلَایَ إِحْضَارَهُ فَقُلْتُ لَا عَلَیْکَ فَأَخْبَرَهُ فَدَخَلَ عَلَیْهِ وَانْصَرَفَ مِنْ عِنْدِهِ مُتَبَسِّماً وَهُوَ یُصَلِّی عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ فَقُلْتُ مَا الْخَبَرُ قَالَ وَجَدْتُ الثَّوْبَ مَبْسُوطاً تَحْتَ قَدَمَیْ مَوْلَانَاعلیه السلام یُصَلِّی عَلَیْهِ قَالَ سَعْدٌ فَحَمِدْنَا اللَّهَ جَلَّ ذِکْرُهُ عَلَی ذَلِکَ.

وَجَعَلْنَا نَخْتَلِفُ بَعْدَ ذَلِکَ إِلَی مَنْزِلِ مَوْلَانَاعلیه السلام أَیَّاماً فَلَا نَرَی الْغُلَامَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَلَمَّا کَانَ یَوْمَ الْوَدَاعِ دَخَلْتُ أَنَا وَأَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَکَهْلَانُ مِنْ أَرْضِنَا وَانْتَصَبَ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بَیْنَ یَدَیْهِ قَائِماً وَقَالَ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ قَدْ دَنَتِ الرِّحْلَةُ وَاشْتَدَّتِ الْمِحْنَةُ وَنَحْنُ نَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یُصَلِّیَ عَلَی الْمُصْطَفَی جَدِّکَ وَعَلِیٍّ الْمُرْتَضَی أَبِیکَ وَعَلَی سَیِّدَةِ النِّسَاءِ أُمِّکَ وَعَلَی سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ عَمِّکَ وَأَبِیکَ وَعَلَی الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِینَ مِنْ بَعْدِهِمَا آبَائِکَ وَأَنْ یُصَلِّیَ عَلَیْکَ وَعَلَی وَلَدِکَ وَنَرْغَبُ إِلَی اللَّهِ أَنْ یُعْلِیَ کَعْبَکَ وَیَکْبِتَ عَدُوَّکَ وَلَا جَعَلَ اللَّهُ هَذَا آخِرَ عَهْدِنَا مِنْ لِقَائِکَ.

قَالَ فَلَمَّا قَالَ هَذِهِ الْکَلِمَةَ اسْتَعْبَرَ مَوْلَانَاعلیه السلام حَتَّی اسْتَهَلَّتْ دُمُوعُهُ وَتَقَاطَرَتْ عَبَرَاتُهُ ثُمَّ قَالَ یَا ابْنَ إِسْحَاقَ لَا تَکَلَّفْ فِی دُعَائِکَ شَطَطاً فَإِنَّکَ مُلَاقٍ اللَّهَ فِی صَدَرِکَ هَذَا فَخَرَّ أَحْمَدُ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سَأَلْتُکَ بِاللَّهِ وَبِحُرْمَةِ جَدِّکَ إِلَّا شَرَّفْتَنِی بِخِرْقَةٍ أَجْعَلُهَا کَفَناً فَأَدْخَلَ مَوْلَانَاعلیه السلام یَدَهُ تَحْتَ الْبِسَاطِ فَأَخْرَجَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ دِرْهَماً فَقَالَ خُذْهَا وَلَا تُنْفِقْ عَلَی نَفْسِکَ غَیْرَهَا فَإِنَّکَ لَنْ تَعْدَمَ مَا سَأَلْتَ وَإِنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَتَعَالَی لَا یُضَیِّعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا

ص:37

قَالَ سَعْدٌ فَلَمَّا صِرْنَا بَعْدَ مُنْصَرَفِنَا مِنْ حَضْرَةِ مَوْلَانَاعلیه السلام مِنْ حُلْوَانَ عَلَی ثَلَاثَةِ فَرَاسِخَ حُمَّ أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ وَصَارَتْ عَلَیْهِ عِلَّةٌ صَعْبَةٌ أَیِسَ مِنْ حَیَاتِهِ فِیهَا فَلَمَّا وَرَدْنَا حُلْوَانَ وَنَزَلْنَا فِی بَعْضِ الْخَانَاتِ دَعَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ بِرَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَلَدِهِ کَانَ قَاطِناً بِهَا ثُمَّ قَالَ تَفَرَّقُوا عَنِّی هَذِهِ اللَّیْلَةَ وَاتْرُکُونِی وَحْدِی فَانْصَرَفْنَا عَنْهُ وَرَجَعَ کُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا إِلَی مَرْقَدِهِ قَالَ سَعْدٌ فَلَمَّا حَانَ أَنْ یَنْکَشِفَ اللَّیْلُ عَنِ الصُّبْحِ أَصَابَتْنِی فِکْرَةٌ فَفَتَحْتُ عَیْنِی فَإِذَا أَنَا بِکَافُورٍ الْخَادِمِ خَادِمِ مَوْلَانَا أَبِی مُحَمَّدٍعلیه السلام وَهُوَ یَقُولُ أَحْسَنَ اللَّهُ بِالْخَیْرِ عَزَاکُمْ وَجَبَرَ بِالْمَحْبُوبِ رَزِیَّتَکُمْ قَدْ فَرَغْنَا مِنْ غُسْلِ صَاحِبِکُمْ وَتَکْفِینِهِ فَقُومُوا لِدَفْنِهِ فَإِنَّهُ مِنْ أَکْرَمِکُمْ مَحَلًّا عِنْدَ سَیِّدِکُمْ ثُمَّ غَابَ عَنْ أَعْیُنِنَا فَاجْتَمَعْنَا عَلَی رَأْسِهِ بِالْبُکَاءِ وَالْعَوِیلِ حَتَّی قَضَیْنَا حَقَّهُ وَفَرَغْنَا مِنْ أَمْرِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ.

ص:38

الْمُهِمَّاتِ طُولَ حَیَاتِهِ بِالْخَطِّ الَّذِی کَانَتْ تَخْرُجُ فِی حَیَاةِ أَبِیهِ عُثْمَانَ لَا یَعْرِفُ الشِّیعَةُ فِی

هَذَا الْأَمْرِ غَیْرَهُ وَلَا یَرْجِعُ إِلَی أَحَدٍ سِوَاهُ وَقَدْ نُقِلَتْ عَنْهُ دَلَائِلُ کَثِیرَةٌ وَمُعْجِزَاتُ الْإِمَامِ الَّتِی ظَهَرَتْ عَلَی یَدِهِ وَأُمُورٌ أَخْبَرَهُمْ بِهَا عَنْهُ زَادَتْهُمْ فِی هَذَا الْأَمْرِ بَصِیرَةً وَهِیَ مَشْهُورَةٌ عِنْدَ الشِّیعَةِ.

وَأَخْبَرَنِی جَمَاعَةٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ قَالَ أَخْبَرَنَا أَبِی وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُوسَی بْنِ الْمُتَوَکِّلِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْحِمْیَرِیِّ أَنَّهُ قَالَ سَأَلْتُ مُحَمَّدَ بْنَ عُثْمَانَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ. فَقُلْتُ لَهُ رَأَیْتَ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ قَالَ نَعَمْ وَآخِرُ عَهْدِی بِهِ عِنْدَ بَیْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ وَهُوَ یَقُولُ:

اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِی مَا وَعَدْتَنِی.

قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَرَأَیْتُهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ مُتَعَلِّقاً بِأَسْتَارِ الْکَعْبَةِ فِی الْمُسْتَجَارِ وَهُوَ یَقُولُ اللَّهُمَّ انْتَقِمْ بِی مِنْ أَعْدَائِکَ.

قَالَ أَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللَّهِ وَقَدْ سَمِعْتُ هَذَا الْحَدِیثَ مِنْ غَیْرِ أَبِی عَلِیٍّ وَحَدَّثَتْنِی بِهِ أَیْضاً أُمُّ کُلْثُومٍ بِنْتُ أَبِی جَعْفَرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهَا.

وَأَخْبَرَنِی جَمَاعَةٌ عَنْ أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ حَدَّثَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ الْأَسْوَدِ الْقُمِّیُّ أَنَّ أَبَا جَعْفَر الْعَمْرِیَّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ حَفَرَ لِنَفْسِهِ قَبْراً وَسَوَّاهُ بِالسَّاجِ فَسَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِکَ فَقَالَ لِلنَّاسِ أَسْبَابٌ ثُمَّ سَأَلْتُهُ عَنْ ذَلِکَ فَقَالَ قَدْ أُمِرْتُ أَنْ أَجْمَعَ أَمْرِی فَمَاتَ بَعْدَ ذَلِکَ بِشَهْرَیْنِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَأَرْضَاهُ.

فَقُلْتُ لَمْ أَجْسُرْ عَلَی مَا رَسَمْتَهُ لِی فَقَالَ لِی وَهُوَ مُغْضَبٌ قُمْ عَافَاکَ اللَّهُ فَقَدْ أَقَمْتُ أَبَا الْقَاسِمِ الْحُسَیْنَ بْنَ رَوْحٍ مَقَامِی وَنَصَبْتُهُ مَنْصَبِی فَقُلْتُ بِأَمْرِ الْإِمَامِ فَقَالَ قُمْ عَافَاکَ اللَّهُ کَمَا أَقُولُ لَکَ.

فَلَمْ یَکُنْ عِنْدِی غَیْرُ الْمُبَادَرَةِ فَصِرْتُ إِلَی أَبِی الْقَاسِمِ بْنِ رَوْحٍ وَهُوَ فِی دَارٍ ضَیِّقَةٍ فَعَرَّفْتُهُ مَا جَرَی فَسَرَّ بِهِ وَشَکَرَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَدَفَعْتُ إِلَیْهِ الدَّنَانِیرَ وَمَا زِلْتُ أَحْمِلُ إِلَیْهِ مَا یَحْصُلُ فِی یَدِی بَعْدَ ذَلِکَ.

ص:48

إِبْرَاهِیمَ وَعَمِّی أَبُو جَعْفَرٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ إِبْرَاهِیمَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِنَا یَعْنِی بَنِی نَوْبَخْتَ أَنَّ أَبَا جَعْفَرٍ الْعَمْرِیَّ لَمَّا اشْتَدَّتْ حَالُهُ اجْتَمَعَ جَمَاعَةٌ مِنْ وُجُوهِ الشِّیعَةِ مِنْهُمْ أَبُو عَلِیِّ بْنُ هَمَّامٍ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْکَاتِبُ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْبَاقَطَانِیُّ وَأَبُو سَهْلٍ إِسْمَاعِیلُ بْنُ عَلِیٍّ النَّوْبَخْتِیُّ وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْوَجْنَاءِ وَغَیْرُهُمْ مِنَ الْوُجُوهِ وَالْأَکَابِرِ فَدَخَلُوا عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَقَالُوا لَهُ:

إِنْ حَدَثَ أَمْرٌ فَمَنْ یَکُونُ مَکَانَکَ فَقَالَ لَهُمْ هَذَا أَبُو الْقَاسِمِ الْحُسَیْنُ بْنُ رَوْحِ بْنِ أَبِی بَحْرٍ النَّوْبَخْتِیُّ الْقَائِمُ مَقَامِیُّ وَالسَّفِیرُ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَ صَاحِبِ الْأَمْرِ وَالْوَکِیلُ لَهُ وَالثِّقَةُ الْأَمِینُ فَارْجِعُوا إِلَیْهِ فِی أُمُورِکُمْ وَعَوِّلُوا عَلَیْهِ فِی مُهِمَّاتِکُمْ فَبِذَلِکَ أُمِرْتُ وَقَدْ بَلَّغْتُ(1).

ص:51

الْعَمْرِیِّ إِلَی أَنْ مَاتَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَکُلُّ مَنْ طَعَنَ عَلَی أَبِی الْقَاسِمِ فَقَدْ طَعَنَ عَلَی أَبِی جَعْفَرٍ وَطَعَنَ عَلَی الْحُجَّةِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ.

ص:54

یَقُولُ ذَلِکَ الْقَوْلَ لَا یُتَعَجَّبُ مِنْهُ وَلَا یُضْحَکُ مِنْ قَوْلِهِ هَذَا فَقَالَ لِی وَحَیَاتِکَ لَئِنْ عُدْتَ لأَهْجُرَنَّکَ وَوَدَّعَنِی وَانْصَرَفَ(1).

قَالَ أَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ بْنُ کِبْرِیَا النَّوْبَخْتِیُّ قَالَ بَلَغَ الشَّیْخَ أَبَا الْقَاسِمِ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ بَوَّاباً کَانَ لَهُ عَلَی الْبَابِ الْأَوَّلِ قَدْ لَعَنَ مُعَاوِیَةَ وَشَتَمَهُ فَأَمَرَ بِطَرْدِهِ وَصَرَفَهُ عَنْ خِدْمَتِهِ فَبَقِیَ مُدَّةً طَوِیلَةً یَسْأَلُ فِی أَمْرِهِ فَلَا وَاللَّهِ مَا رَدَّهُ إِلَی خِدْمَتِهِ وَأَخَذَهُ بَعْضُ الآْهِلَةِ فَشَغَلَهُ مَعَهُ کُلُّ ذَلِکَ لِلتَّقِیَّةِ(2).

قَالَ أَبُو نَصْرٍ هِبَةُ اللَّهِ وَحَدَّثَنِی أَبُو أَحْمَدَ بْنُ درانویه الْأَبْرَصُ الَّذِی کَانَتْ دَارُهُ فِی دَرْبِ الْقَرَاطِیسِ قَالَ قَالَ لِی إِنِّی کُنْتُ أَنَا وَإِخْوَتِی نَدْخُلُ إِلَی أَبِی الْقَاسِمِ الْحُسَیْنِ بْنِ رَوْحٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ نُعَامِلُهُ قَالَ وَکَانُوا بَاعَةً وَنَحْنُ مَثَلًا عَشَرَةٌ تِسْعَةٌ نَلْعَنُهُ وَوَاحِدٌ یُشَکِّکُ فَنَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ بَعْدَ مَا دَخَلْنَا إِلَیْهِ تِسْعَةٌ نَتَقَرَّبُ إِلَی اللَّهِ بِمَحَبَّتِهِ وَوَاحِدٌ وَاقِفٌ لِأَنَّهُ کَانَ یُجَارِینَا مِنْ فَضْلِ الصِّحَابَةِ مَا رَوَیْنَاهُ وَمَا لَمْ نَرْوِهِ فَنَکْتُبُهُ عَنْهُ لِحُسِنِه رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ(3).

ص:57

وَرَدَ الْجَوَابُ فِی تِلْکَ الْوَرَقَةِ مَکْتُوبٌ بِمِدَادٍ عَنْ فَصْلٍ فَلَطَمَ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ وَجْهَهُ وَلَمْ یَتَهَنَّأ بِطَعَامِهِ.

وَقَالَ لِاِبْنِ الْوَجْنَاءِ قُمْ مَعِی فَقَامَ مَعَهُ حَتَّی دَخَلَ عَلَی أَبِی الْقَاسِمِ بْنِ رَوْحٍ رضی الله عنه وَبَقِیَ یَبْکِی وَیَقُولُ:

یَا سَیِّدِی أَقِلْنِی أَقَالَکَ اللَّهُ فَقَالِ أَبُو الْقَاسِمِ یَغْفِرُ اللَّهُ لَنَا وَلَکَ إنْ شَاءَ اللَّهُ(1).

ص:59

له علی ظهره قال فلقیته فعاتبته علی ذلک فقال إن هذا من اللذات و هو من التواضع لله و ترک التجبر.

کنت عند أبی طاهر یوما و عنده أخوه أبو الطیب و ابن خزر و جماعة من أصحابه إذ دخل الغلام فقال أبو جعفر العمری علی الباب ففزعت الجماعة لذلک و أنکرته للحال التی کانت جرت و قال یدخل فدخل أبو جعفر رضی الله عنه فقام له أبو طاهر و الجماعة و جلس فی صدر المجلس و جلس أبو طاهر کالجالس بین یدیه فأمهلهم إلی أن سکتوا.

ثم قال یا أبا طاهر نشدتک الله أو نشدتک بالله أ لم یأمرک صاحب الزمان علیه السلام بحمل ما عندک من المال إلی فقال اللهم نعم فنهض أبو جعفر رضی الله عنه منصرفا و وقعت علی القوم سکتة.

فلما تجلت عنهم قال له أخوه أبو الطیب من أین رأیت صاحب الزمان فقال أبو طاهر أدخلنی أبو جعفر رضی الله عنه إلی بعض دوره فأشرف علی من علو داره فأمرنی بحمل ما عندی من المال إلیه فقال له أبو الطیب و من أین علمت أنه صاحب الزمان قال وقع علی من الهیبة له و دخلنی من الرعب منه ما علمت أنه صاحب الزمان علیه السلام فکان هذا سبب انقطاعی عنه.

ص:73

فلما سمع ذلک الحلاج من قوله و جوابه علم أنه قد أخطأ فی مراسلته و جهل فی الخروج إلیه بمذهبه و أمسک عنه و لم یرد إلیه جوابا و لم یرسل إلیه رسولا و صیره أبو سهل رضی الله عنه أحدوثة و ضحکة و یطنز به عند کل أحد و شهر أمره عند الصغیر و الکبیر و کان هذا الفعل سببا لکشف أمره و تنفیر الجماعة عنه.

فخرج من الدار العدو لله و لرسوله ثم قال له أ تدعی المعجزات علیک لعنة الله أو کما قال فأخرج بقفاه فما رأیناه بعدها بقم.

ص:76

فی إعظامی حتی انکبت علی رجلی تقبلها فأنکرت ذلک و قلت لها مهلا یا ستی فإن هذا أمر عظیم و انکببت علی یدها فبکت. ثم قالت کیف لا أفعل بک هذا وأنت مولاتی فاطمة فقلت لها و کیف ذاک یا ستی فقالت لی إن الشیخ یعنی أبا جعفر محمد بن علی خرج إلینا بالستر قالت فقلت لها و ما الستر قالت قد أخذ علینا کتمانه و أفزع إن أنا أذعته عوقبت قالت و أعطیتها موثقا أنی لا أکشفه لأحد و اعتقدت فی نفسی الاستثناء بالشیخ رضی الله عنه یعنی أبا لقاسم الحسین بن روح.

قالت إن الشیخ أبا جعفر قال لنا إن روح رسول الله صلی الله علیه وآله انتقلت إلی أبیک یعنی أبا جعفر محمد بن عثمان رضی الله عنه و روح أمیر المؤمنین علی علیه السلام انتقلت إلی بدن الشیخ أبی القاسم الحسین بن روح و روح مولاتنا فاطمةعلیها السلام انتقلت إلیک فکیف لا أعظمک یا ستنا. فقلت لها مهلا لا تفعلی فإن هذا کذب یا ستنا فقالت لی سر عظیم و قد أخذ علینا أن لا نکشف هذا لأحد فالله الله فی لا یحل بی العذاب و یا ستی لو لا حملتنی علی کشفه ما کشفته لک و لا لأحد غیرک.

قالت الکبیرة أم کلثوم رضی الله عنها فلما انصرفت من عندها دخلت إلی الشیخ أبی القاسم بن روح رضی الله عنه فأخبرته بالقصة و کان یثق و یرکن إلی قولی فقال لی یا بنیة إیاک أن تمضی إلی هذه المرأة بعد ما جری منها و لا تقبلی لها رقعة إن کاتبتک و لا رسولا إن أنفذته إلیک و لا تلقاها بعد قولها فهذا کفر بالله تعالی و إلحاد قد أحکمه هذا الرجل الملعون فی قلوب هؤلاء القوم لیجعله طریقا إلی أن یقول لهم بأن الله تعالی اتحد به و حل فیه کما تقول النصاری فی

ص:78

المسیح علیه السلام ویعدو الی قول الحلاج لعنه الله

قالت فهجرت بنی بسطام و ترکت المضی إلیهم و لم أقبل لهم عذرا و لا لقیت أمهم بعدها و شارع فی بنی نوبخت الحدیث فلم یبق أحد إلا و تقدم إلیه الشیخ أبو القاسم و کاتبه بلعن أبی جعفر الشلمغانی و البراءة منه و ممن یتولاه ورضی بقوله أو کلمه فضلا عن موالاته.

ثم ظهر التوقیع من صاحب الزمان بلعن أبی جعفر محمد بن علی و البراءة منه و ممن تابعه و شایعه و رضی بقوله و أقام علی تولیه بعد المعرفة بهذا التوقیع و له حکایات قبیحة و أمور فظیعة تنزه کتابنا عن ذکرها ذکرها ابن نوح و غیره.

و کان سبب قتله أنه لما أظهر لعنه أبو القاسم بن روح و اشتهر أمره و تبرأ منه و أمر جمیع الشیعة بذلک لم یمکنه التلبیس فقال فی مجلس حافل فیه رؤساء الشیعة و کل یحکی عن الشیخ أبی القاسم لعنه و البراءة منه اجمعوا بینی و بینه حتی آخذ یده و یأخذ بیدی فإن لم تنزل علیه نار من السماء تحرقه و إلا فجمیع ما قاله فی حق و رقی ذلک إلی الراضی لأنه کان ذلک فی دار ابن مقلة فأمر بالقبض علیه و قتله فقتل و استراحت الشیعة منه.

من وقت آدم الأول إلی آدم السابع لأنهم قالوا سبع عوالم و سبع أوادم و نزلوا إلی موسی و فرعون و محمد و علی مع أبی بکر و معاویة. و أما فی الضد فقال بعضهم الولی ینصب الضد و یحمله علی ذلک کما قال قوم من أصحاب الظاهر أن علی بن أبی طالب نصب أبا بکر فی ذلک المقام و قال بعضهم لا و لکن هو قدیم معه لم یزل قالوا و القائم الذی ذکروا أصحاب الظاهر أنه من ولد الحادی عشر فإنه یقوم معناه إبلیس لأنه قال «فَسَجَدَ الْمَلائِکَةُ کُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِیسَ و لم یسجد ثم قال لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَکَ الْمُسْتَقِیمَ» فدل علی أنه کان قائما فی وقت ما أمر بالسجود ثم قعد بعد ذلک و قوله یقوم القائم إنما هو ذلک القائم الذی أمر بالسجود فأبی وهو إبلیس لعنه الله. و قال شاعرهم لعنهم الله:

یا لاعنا بالضد من عدی

ما الضد إلا ظاهر الولی

و الحمد للمهیمن الوفی

لست علی حال کهمامی

و لا حجامی و لا جغدی

قد فقت من قول علی الفهدی

نعم و جاوزت مدی العبد

فوق عظیم لیس بالمجوسی

لأنه الفرد بلا کیف

متحد بکل أوحدی

مخالط للنوری و الظلمی

یا طالبا من بیت هاشمی

و جاحدا من بیت کسروی

قد غاب فی نسبة أعجمی

فی الفارسی الحسب الرضی

کما التوی فی العرب من لوی

و قال الصفوانی سمعت أبا علی بن همام یقول سمعت محمد بن علی العزاقری الشلمغانی یقول الحق واحد و إنما تختلف قمصه فیوم یکون فی أبیض و یوم یکون فی أحمر و یوم یکون فی أزرق. قال ابن همام فهذا أول ما أنکرته

ص:80

من قوله لأنه قول أصحاب الحلول.

و أخبرنا جماعة عن أبی محمد هارون بن موسی عن أبی علی محمد بن همام أن محمد بن علی الشلمغانی لم یکن قط بابا إلی أبی القاسم و لا طریقا له و لا نصبه أبو القاسم بشی ء من ذلک علی وجه و لا سبب و من قال بذلک فقد أبطل و إنما کان فقیها من فقهائنا فخلط و ظهر عنه ما ظهر و انتشر الکفر و الإلحاد عنه. فخرج فیه التوقیع علی ید أبی القاسم بلعنه و البراءة منه و ممن تابعه و شایعه و قال بقوله.

وَکَانَ الشَّاهِدُ ثِقَةً رَجَعْتَ إِلَی الشَّاهِدِ فَسَأَلْتَهُ عَنْ شَهَادَتِهِ فَإِذَا أَقَامَهَا عِنْدَکَ شَهِدْتَ مَعَهُ عِنْدَ الْحَاکِمِ عَلَی مِثْلِ مَا یَشْهَدُ عِنْدَهُ لِئَلَّا یَتْوَی حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ

واللفظ لابن بابویه و قال هذا کذب منه و لسنا نعرف ذلک و قال فی موضع آخر کذب فیه.

ص:82

غیرک وحدک و کدنا نتقاتل و نأخذ بالأزیاق. و أمر أبی بکر البغدادی فی قلة العلم و المروءة أشهر و جنون أبی دلف أکثر من أن یحصی لا نشغل کتابنا بذلک و لا نطول بذکره ذکر ابن نوح طرفا من ذلک.

و روی أبو محمد هارون بن موسی عن أبی القاسم الحسین بن عبد الرحیم الأبراروری قال أنفذنی أبی عبد الرحیم إلی أبی جعفر محمد بن عثمان العمری رضی الله عنه فی شی ء کان بینی و بینه فحضرت مجلسه و فیه جماعة من أصحابنا و هم یتذاکرون شیئا من الروایات و ما قاله الصادقون علیهم السلام حتی أقبل أبو بکر محمد بن أحمد بن عثمان المعروف بالبغدادی ابن أخی أبی جعفر العمری فلما بصر به أبو جعفر رضی الله عنه قال للجماعة أمسکوا فإن هذا الجائی لیس من أصحابکم. و حکی أنه توکل للیزیدی بالبصرة فبقی فی خدمته مدة طویلة و جمع مالا عظیما فسعی به إلی الیزیدی فقبض علیه و صادره و ضربه علی أم رأسه حتی نزل الماء فی عینیه فمات أبو بکر ضریرا.

وقال أبو نصر هبة الله بن محمد بن أحمد الکاتب ابن بنت أم کلثوم بنت أبی جعفر محمد بن عثمان العمری رضی الله عنه أن أبا دلف محمد بن مظفر الکاتب کان فی ابتداء أمره مخمسا مشهورا بذلک لأنه کان تربیة الکرخیین و تلمیذهم و صنیعتهم و کان الکرخیون مخمسة لا یشک فی ذلک أحد من الشیعة و قد کان أبو دلف یقول ذلک و یعترف به و یقول نقلنی سیدنا الشیخ الصالح قدس الله روحه و نور ضریحه عن مذهب أبی جعفر الکرخی إلی المذهب الصحیح یعنی أبا بکر البغدادی. و جنون أبی دلف و حکایات فساد مذهبه أکثر من أن تحصی فلا نطول بذکره هاهنا.

ص:84

بِالشَّلْمَغَانِیِّ عَجَّلَ اللَّهُ لَهُ النَّقِمَةَ وَلَا أَمْهَلَهُ قَدِ ارْتَدَّ عَنِ الْإسْلَامِ وَفَارَقَهُ وَأَلْحَدَ فِی دِینِ اللَّهِ وَادَّعَی مَا کَفَرَ مَعَهُ بِالْخَالِقِ جَلَّ وَتَعَالَی وَافْتَرَی کَذِباً وَزُوراً وَقَالَ بُهْتَاناً وَإِثْما عَظِیماً کَذَبَ الْعَادِلُونَ بِاللَّهِ وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِیداً وَخَسِرُوا خُسْراناً مُبِیناً.

وَإِنَّا بَرِئْنَا إِلَی اللَّهِ تَعَالَی وَإِلَی رَسُولِهِ وَآلِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ وَرَحْمَتُهُ وَبَرَکَاتُهُ عَلَیْهِمْ مِنْهُ وَلَعَنَّاهُ عَلَیْهِ لَعَائِنُ اللَّهِ تَتْرَی فِی الظَّاهِرِ مِنَّا وَالْبَاطِنِ فِی السِّرِّ وَالْجَهْرِ وَفِی کُلِّ وَقْتٍ وَعَلَی کُلِّ حَالٍ وَعَلَی مَنْ شَایَعَهُ وَتَابَعَهُ وَبَلَغَهُ هَذَا الْقَوْلُ مِنَّا فَأَقَامَ عَلَی تَوَلِّیهِ بَعْدَهُ وَأَعْلِمْهُمْ تَوَلَّاکُمُ اللَّهُ أَنَّنَا فِی التَّوَقِّی وَالْمُحَاذَرَةِ مِنْهُ عَلَی مِثْلِ مَا کُنَّا عَلَیْهِ مِمَّنْ تَقَدَّمَهُ مِنْ نُظَرَائِهِ مِنَ الشَّرِیعِیِّ وَالنُّمَیْرِیِّ وَالْهِلَالِیِّ وَالْبِلَالِیِّ وَغَیْرِهِمْ وَعَادَةُ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ مَعَ ذَلِکَ قَبْلَهُ وَبَعْدَهُ عِنْدَنَا جَمِیلَةٌ وَبِهِ نَثِقُ وَإِیَّاهُ نَسْتَعِینُ وَهُوَ حَسْبُنَا فِی کُلِّ أُمُورِنَا وَنِعْمَ الْوَکِیلُ.

ص:87

فَخَرَجَ:

لَا شَکَرَ اللَّهُ قَدْرَهُ لَمْ یَدَعِ الْمَرْزِئَةَ بِأَنْ لَا یُزِیغَ قَلْبَهُ بَعْدَ أَنْ هَدَاهُ وَ أَنْ یَجْعَلَ مَا مَنَّ بِهِ عَلَیْهِ مُسْتَقَرّاً وَ لَا یَجْعَلَهُ مُسْتَوْدَعاً وَ قَدْ عَلِمْتُمْ مَا کَانَ مِنْ أَمْرِ الدِّهْقَانِ عَلَیْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَ خِدْمَتِهِ وَ طُولِ صُحْبَتِهِ فَأَبْدَلَهُ اللَّهُ بِالْإِیمَانِ کُفْراً حِینَ فَعَلَ مَا فَعَلَ فَعَاجَلَهُ اللَّهُ بِالنَّقِمَةِ وَ لَمْ یُمْهِلْهُ(1).

ص:91

ص:92

وَأَبُو الْحَسَنِ وَمِنْ أَصْفَهَانَ ابْنُ بَادَاشَاکَةَ وَمِنَ الصَّیْمَرَةِ زَیْدَانُ وَمِنْ قُمَّ الْحَسَنُ بْنُ نَضْرٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَعَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ وَأَبُوهُ وَالْحَسَنُ بْنُ یَعْقُوبَ وَمِنْ أَهْلِ الرَّیِّ الْقَاسِمُ بْنُ مُوسَی وَابْنُهُ وَأَبُو مُحَمَّدِ بْنُ هَارُونَ وَصَاحِبُ الْحَصَاةِ وَعَلِیُّ بْنُ مُحَمَّدٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْکُلَیْنِیُّ وَأَبُو جَعْفَرٍ الرَّفَّاءُ وَمِنْ قَزْوِینَ مِرْدَاسٌ وَعَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ وَمِنْ قَابِسٍ رَجُلَانِ وَمِنْ شَهْرَزُورَ ابْنُ الْخَالِ وَمِنْ فَارِسَ الْمَجْرُوحُ وَمِنْ مَرْوَصَاحِبُ الْأَلْفِ دِینَارٍ وَصَاحِبُ الْمَالِ وَالرُّقْعَةِ الْبَیْضَاءِ وَأَبُو ثَابِتٍ وَمِنْ نَیْسَابُورَ مُحَمَّدُ بْنُ شُعَیْبِ بْنِ صَالِحٍ وَمِنَ الْیَمَنِ الْفَضْلُ بْنُ یَزِیدَ وَالْحَسَنُ ابْنُهُ وَالْجَعْفَرِیُّ وَابْنُ الْأَعْجَمِیِّ وَالشِّمْشَاطِیِّ وَمِنْ مِصْرَ صَاحِبُ الْمَوْلُودَیْنِ وَصَاحِبُ الْمَالِ بِمَکَّةَ وَأَبُو رَجَاءٍ وَمِنْ نَصِیبِینَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ الْوَجْنَاءِ وَمِنَ الْأَهْوَازِ الْحُصَیْنِیُّ.

ص:94

أُؤَمِّلُ بَعْدَ هَذَا الْعُمُرِ فَقَالَ الرَّجُلُ الْوَارِدُ فَأَخْرَجَ مِنْ مِخْلَاتِهِ ثَلَاثَةَ أُزُرٍ وَحِبَرَةً یَمَانِیَّةً حَمْرَاءَ وَعِمَامَةً وَثَوْبَیْنِ وَمِنْدِیلًا فَأَخَذَهُ الْقَاسِمُ وَکَانَ عِنْدَهُ قَمِیصٌ خَلَعَهُ عَلَیْهِ مَوْلَانَا الرِّضَا أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام وَکَانَ لَهُ صَدِیقٌ یُقَالُ لَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّنِیزِیُّ وَکَانَ شَدِیدَ النَّصْبِ وَکَانَ بَیْنَهُ وَبَیْنَ الْقَاسِمِ نَضَّرَ اللَّهُ وَجْهَهُ مَوَدَّةٌ فِی أُمُورِ الدُّنْیَا شَدِیدَةٌ وَکَانَ الْقَاسِمُ یَوَدُّهُ وَقَدْ کَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَافَی إِلَی الدَّارِ لِإِصْلَاحٍ بَیْنَ أَبِی جَعْفَرِ بْنِ حُمْدُونٍ الْهَمَدَانِیِّ وَبَیْنَ خَتَنِهِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ الْقَاسِمُ لِشَیْخَیْنِ مِنْ مَشَایِخِنَا الْمُقِیمَیْنِ مَعَهُ أَحَدُهُمَا یُقَالُ لَهُ أَبُو حَامِدٍ عِمْرَانُ بْنُ الْمُفَلَّسِ وَالآْخَرُ أَبُو عَلِیِّ بْنُ جَحْدَرٍ أَنْ أَقْرِئَا هَذَا الْکِتَابَ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُحَمَّدٍ فَإِنِّی أُحِبُّ هِدَایَتَهُ وَأَرْجُو أَنْ یَهْدِیَهُ اللَّهُ بِقِرَاءَةِ هَذَا الْکِتَابِ فَقَالا لَهُ اللَّهَ اللَّهَ اللَّهَ فَإِنَّ هَذَا الْکِتَابَ لَا یَحْتَمِلُ مَا فِیهِ خَلْقٌ مِنَ الشِّیعَةِ فَکَیْفَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ فَقَالَ أَنَا أَعْلَمُ أَنِّی مُفْشٍ لِسِرٍّیَجُوزُ لِی إِعْلَانُهُ لَکِنْ مِنْ مَحَبَّتِی لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَشَهْوَتِی أَنْ یَهْدِیَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِهَذَا الْأَمْرِ هُوَ ذَا أُقْرِئُهُ الْکِتَابَ فَلَمَّا مَرَّ ذَلِکَ الْیَوْمُ وَکَانَ یَوْمُ الْخَمِیسِ لِثَلَاثَ عَشْرَةَ خَلَتْ مِنْ رَجَبٍ دَخَلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ وَسَلَّمَ عَلَیْهِ فَأَخْرَجَ الْقَاسِمُ الْکِتَابَ فَقَالَ لَهُ اقْرَأْ هَذَا الْکِتَابَ وَانْظُرْ لِنَفْسِکَ فَقَرَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْکِتَابَ فَلَمَّا بَلَغَ إِلَی مَوْضِعِ النَّعْیِ رَمَی الْکِتَابَ عَنْ یَدِهِ وَقَالَ لِلْقَاسِمِ یَااَبَامُحَمَّدٍ اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّکَ رَجُلٌ فَاضِلٌ فِی دِینِکَ مُتَمَکِّنٌ مِنْ عَقْلِکَ وَاللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ یَقُولُ وَما تَدْرِی نَفْسٌ ما ذا تَکْسِبُ غَداً وَما تَدْرِی نَفْسٌ بِأَیِّ أَرْضٍ تَمُوتُ وَقَالَ عالِمُ الْغَیْبِ فَلا یُظْهِرُ عَلی غَیْبِهِ أَحَداً فَضَحِکَ الْقَاسِمُ وَقَالَ لَهُ أَتِمَّ الآْیَةَ إِلَّا مَنِ ارْتَضی مِنْ رَسُولٍ وَمَوْلَایَ هُوَ الْمُرْتَضَی مِنَ الرَّسُولِ وَقَالَ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّکَ تَقُولُ هَذَا وَلَکِنْ أَرِّخِ الْیَوْمَ فَإِنْ أَنَا عِشْتُ بَعْدَ هَذَا الْیَوْمِ الْمُوَرَّخِ فِی

ص:101

هَذَا الْکِتَابِ فَاعْلَمْ أَنِّی لَسْتُ عَلَی شَیْ ءٍ وَإِنْ أَنَا مِتُّ فَانْظُرْ لِنَفْسِکَ فَوَرَّخَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ الْیَوْمَ وَافْتَرَقُوا وَحُمَّ الْقَاسِمُ یَوْمَ السَّابِعِ مِنْ وُرُودِ الْکِتَابِ وَاشْتَدَّتْ بِهِ فِی ذَلِکَ الْیَوْمِ الْعِلَّةُ وَاسْتَنَدَ فِی فِرَاشِهِ إِلَی الْحَائِطِ وَکَانَ ابْنُهُ الْحَسَنُ بْنُ الْقَاسِمِ مُدْمِناً عَلَی شُرْبِ الْخَمْرِ وَکَانَ مُتَزَوِّجاً إِلَی أَبِی جَعْفَرِ بْنِ حُمْدُونٍ الْهَمَدَانِیِّ وَکَانَ جَالِساً وَرِدَاؤُهُ مَسْتُورٌ عَلَی وَجْهِهِ فِی نَاحِیَةٍ مِنَ الدَّارِ وَأَبُو حَامِدٍ فِی نَاحِیَتِهِ وَأَبُو عَلِیِّ بْنُ جَحْدَرٍ وَأَنَا وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ نَبْکِی إِذَا اتَّکَأَ الْقَاسِمُ عَلَی یَدَیْهِ إِلَی خَلْفٍ وَجَعَلَ یَقُولُ یَا مُحَمَّدُ یَا عَلِیُّ یَا حَسَنُ یَا حُسَیْنُ یَا مَوَالِیَّ کُونُوا شُفَعَائِی إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَهَا الثَّانِیَةَ وَقَالَهَا الثَّالِثَةَ فَلَمَّا بَلَغَ فِی الثَّالِثَةِ یَا مُوسَی یَا عَلِیُّ تَفَرْقَعَتْ أَجْفَانُ عَیْنَیْهِ کَمَا یُفَرْقِعُ الصِّبْیَانُ شَقَائِقَ النُّعْمَانِ وَانْتَفَخَتْ حَدَقَتُهُ وَجَعَلَ یَمْسَحُ بِکُمِّهِ عَیْنَیْهِ وَخَرَجَ مِنْ عَیْنَیْهِ شَبِیهٌ بِمَاءِ اللَّحْمِ ثُمَّ مَدَّ طَرْفَهُ إِلَی ابْنِهِ فَقَالَ یَا حَسَنُ إِلَیَّ یَااَبَاحَامِدٍ إِلَیَّ یَااَبَاعَلِیٍّ فَاجْتَمَعْنَا حَوْلَهُ وَنَظَرْنَا إِلَی الْحَدَقَتَیْنِ صَحِیحَتَیْنِ فَقَالَ لَهُ أَبُو حَامِدٍ تَرَانِی وَجَعَلَ یَدَهُ عَلَی کُلِّ وَاحِدٍ مِنَّا وَشَاعَ الْخَبَرُ فِی النَّاسِ وَالْعَامَّةِ وَأَتَاهُ النَّاسُ مِنَ الْعَوَامِّ یَنْظُرُونَ إِلَیْهِ وَرَکِبَ الْقَاضِی إِلَیْهِ وَهُوَ أَبُو السَّائِبِ عُتْبَةُ بْنُ عُبَیْدِ اللَّهِ الْمَسْعُودِیُّ وَهُوَ قَاضِی الْقُضَاةِ بِبَغْدَادَ فَدَخَلَ عَلَیْهِ فَقَالَ لَهُ یَااَبَامُحَمَّدٍ مَا هَذَا الَّذِی بِیَدِی وَأَرَاهُ خَاتَماً فَصُّهُ فَیْرُوزَجٌ فَقَرَّبَهُ مِنْهُ فَقَالَ عَلَیْهِ ثَلَاثَةُ أَسْطُرٍ فَتَنَاوَلَهُ الْقَاسِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَلَمْ یُمْکِنْهُ قِرَاءَتُهُ وَخَرَجَ النَّاسُ مُتَعَجِّبِینَ یَتَحَدَّثُونَ بِخَبَرِهِ وَالْتَفَتَ الْقَاسِمُ إِلَی ابْنِهِ الْحَسَنِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ اللَّهَ مُنَزِّلُکَ مَنْزِلَةً وَمُرَتِّبُکَ مَرْتَبَةً فَاقْبَلْهَا بِشُکْرٍ فَقَالَ لَهُ الْحَسَنُ یَا أَبَهْ قَدْ قَبِلْتُهَا قَالَ الْقَاسِمُ عَلَی مَا ذَا قَالَ عَلَی مَا تَأْمُرُنِی بِهِ یَا أَبَهْ قَالَ عَلَی أَنْ تَرْجِعَ عَمَّا أَنْتَ عَلَیْهِ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ قَالَ الْحَسَنُ یَا أَبَهْ وَحَقِّ مَنْ أَنْتَ فِی ذِکْرِهِ لَأَرْجِعَنَّ عَنْ شُرْبِ الْخَمْرِ وَمَعَ الْخَمْرِ

ص:102

أَشْیَاءَلَا تَعْرِفُهَا فَرَفَعَ الْقَاسِمُ یَدَهُ إِلَی السَّمَاءِ وَقَالَ اللَّهُمَّ أَلْهِمِ الْحَسَنَ طَاعَتَکَ وَجَنِّبْهِ مَعْصِیَتَکَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ دَعَا بِدَرْجٍ فَکَتَبَ وَصِیَّتَهُ بِیَدِهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَکَانَتِ الضِّیَاعُ الَّتِی فِی یَدِهِ لِمَوْلَانَا وَقْفٌ وَقَفَهُ وَکَانَ فِیمَا أَوْصَی الْحَسَنَ أَنْ قَالَ یَا بُنَیَّ إِنْ أُهِّلْتَ لِهَذَا الْأَمْرِ یَعْنِی الْوَکَالَةَ لِمَوْلَانَا فَیَکُونُ قُوتُکَ مِنْ نِصْفِ ضَیْعَتِی الْمَعْرُوفَةِ بِفرجیدة وَسَائِرُهَا مِلْکٌ لِمَوْلَایَ وَإِنْ لَمْ تُؤَهَّلْ لَهُ فَاطْلُبْ خَیْرَکَ مِنْ حَیْثُ یَتَقَبَّلُ اللَّهُ وَقَبِلَ الْحَسَنُ وَصِیَّتَهُ عَلَی ذَلِکَ فَلَمَّا کَانَ فِی یَوْمِ الْأَرْبَعِینَ وَقَدْ طَلَعَ الْفَجْرُ مَاتَ الْقَاسِمُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَوَافَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ یَعْدُو فِی الْأَسْوَاقِ حَافِیاً حَاسِراً وَهُوَ یَصِیحُ وَا سَیِّدَاهْ فَاسْتَعْظَمَ النَّاسُ ذَلِکَ مِنْهُ وَجَعَلَ النَّاسُ یَقُولُونَ مَا الَّذِی تَفْعَلُ بِذَلِکَ فَقَالَ اسْکُتُوا فَقَدْ رَأَیْتُ مَا لَمْ تَرَوْهُ وَتَشَیَّعَ وَرَجَعَ عَمَّا کَانَ عَلَیْهِ وَوَقَفَ الْکَثِیرَ مِنْ ضِیَاعِهِ وَتَوَلَّی أَبُو عَلِیِّ بْنُ جَحْدَرٍ غُسْلَ الْقَاسِمِ وَأَبُو حَامِدٍ یَصُبُّ عَلَیْهِ الْمَاءَ وَکُفِّنَ فِی ثَمَانِیَةِ أَثْوَابٍ عَلَی بَدَنِهِ قَمِیصُ مَوْلَاهُ أَبِی الْحَسَنِ وَمَا یَلِیهِ السَّبْعَةُ الْأَثْوَابِ الَّتِی جَاءَتْهُ مِنَ الْعِرَاقِ.

فَلَمَّا کَانَ بَعْدَ مُدَّةٍ یَسِیرَةٍ وَرَدَ کِتَابُ تَعْزِیَةٍ عَلَی الْحَسَنِ مِنْ مَوْلَانَاعلیه السلام فِی آخِرِهِ دُعَاءٌ.

أَلْهَمَکَ اللَّهُ طَاعَتَهُ وَجَنَّبَ مَعْصِیَتَهُ وَهُوَ الدُّعَاءُ الَّذِی کَانَ دَعَا بِهِ أَبُوهُ وَکَانَ آخِرُهُ.

قَدْ جَعَلْنَا أَبَاکَ إِمَاماً لَکَ وَفَعَالَهُ لَکَ مِثَالاً.

ص:103

إِلَّا مَا سَأَسْتَعْلِمُکَ مَکْنُونَهُ قَال سَلْ عَمَّا شِئْتَ فَإِنِّی شَارِحٌ لَکَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قُلْتُ هَلْ تَعْرِفُ مِنْ أَخْبَارِ آلِ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَیْهِ شَیْئاً قَالَ وَایْمُ اللَّهُ وَإِنِّی لَأَعْرِفُ الضَّوْءَ فِی جَبِینِ مُحَمَّدٍ وَمُوسَی ابْنَیِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمَا وَإِنِّی لَرَسُولُهُمَا إِلَیْکَ قَاصِداً لِإِنْبَائِکَ أَمْرَهُمَا فَإِنْ أَحْبَبْتَ لِقَاءَهُمَا وَالِاکْتِحَالَ بِالتَّبَرُّکِ بِهِمَا فَارْحَلْ مَعِی إِلَی الطَّائِفِ وَلْیَکُنْ ذَلِکَ فِی خُفْیَةٍ مِنْ رِجَالِکَ وَاکْتِتَامٍ.

قَالَ إِبْرَاهِیمُ فَشَخَصْتُ مَعَهُ إِلَی الطَّائِفِ أَتَخَلَّلُ رَمْلَةً فَرَمْلَةً حَتَّی أَخَذَ فِی بَعْضِ مَخَارِجِ الْفَلَاةِ فَبَدَتْ لَنَا خَیْمَةُ شَعْرٍ قَدْ أَشْرَفَتْ عَلَی أَکَمَةِ رَمْلٍ یَتَلَأْلَأُ تِلْکَ الْبِقَاعُ مِنْهَا تَلَأْلُؤاً فَبَدَرَنِی إِلَی الْإِذْنِ وَدَخَلَ مُسَلِّماً عَلَیْهِمَا وَأَعْلَمَهُمَا بِمَکَانِی فَخَرَجَ عَلَیَّ أَحَدُهُمَا وَهُوَ الْأَکْبَرُ سِنّاً م ح م د بْنُ الْحَسَنِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَهُوَ غُلَامٌ أَمْرَدُ نَاصِعُ اللَّوْنِ وَاضِحُ الْجَبِینِ أَبْلَجُ الْحَاجِبِ مَسْنُونُ الْخَدَّیْنِ أَقْنَی الْأَنْفِ أَشَمُّ أَرْوَعُ کَأَنَّهُ غُصْنُ بَانٍ وَکَأَنَّ صَفْحَةَ غُرَّتِهِ کَوْکَبٌ دُرِّیٌّ بِخَدِّهِ الْأَیْمَنِ خَالٌ کَأَنَّهُ فُتَاتَةُ [فُتَاةُ] مِسْکٍ عَلَی بَیَاضِ الْفِضَّةِ فَإِذَا بِرَأْسِهِ وَفْرَةٌ سَحْمَاءُ سَبِطَةٌ تُطَالِعُ شَحْمَةَ أُذُنِهِ لَهُ سَمْتٌ مَا رَأَتِ الْعُیُونُ أَقْصَدَ مِنْهُ وَلَا أَعْرَفَ حُسْناً وَسَکِینَةً وَحَیَاءً فَلَمَّا مُثِّلَ لِی أَسْرَعْتُ إِلَی تَلَقِّیهِ فَأَکْبَبْتُ عَلَیْهِ أَلْثِمُ کُلَّ جَارِحَةٍ مِنْهُ فَقَالَ لِی مَرْحَباً بِکَ یَااَبَاإِسْحَاقَ لَقَدْ کَانَتِ الْأَیَّامُ تَعِدُنِی وُشْکَ لِقَائِکَ وَالْمُعَاتِبُ بَیْنِی وَبَیْنَکَ عَلَی تَشَاحُطِ الدَّارِ وَتَرَاخِی الْمَزَارِ تَتَخَیَّلُ لِی صُورَتَکَ حَتَّی کَأَنْ لَمْ نَخْلُ طَرْفَةَ عَیْنٍ مِنْ طِیبِ الْمُحَادَثَةِ وَخَیَالِ الْمُشَاهَدَةِ وَأَنَا أَحْمَدُ اللَّهَ رَبِّی وَلِیَّ الْحَمْدِ عَلَی مَا قَیَّضَ مِنَ التَّلَاقِی وَرَفَّهَ مِنْ کُرْبَةِ التَّنَازُعِ وَالِاسْتِشْرَافِ.

ثُمَّ سَأَلَنِی عَنْ إِخْوَانِی مُتَقَدِّمِهَا وَمُتَأَخِّرِهَا فَقُلْتُ بِأَبِی أَنْتَ وَأُمِّی مَا زِلْتُ

ص:105

أُفَحِّصُ عَنْ أَمْرِکَ بَلَداً فَبَلَداً مُنْذُ اسْتَأْثَرَ اللَّهُ بِسَیِّدِی أَبِی مُحَمَّدٍعلیه السلام فَاسْتَغْلَقَ عَلَیَّ ذَلِکَ حَتَّی مَنَّ اللَّهُ عَلَیَّ بِمَنْ أَرْشَدَنِی إِلَیْکَ وَدَلَّنِی عَلَیْکَ وَالشُّکْرُ لِلَّهِ عَلَی مَا أَوْزَعَنِی فِیکَ مِنْ کَرِیمِ الْیَدِ وَالطَّوْلِ ثُمَّ نَسَبَ نَفْسَهُ وَأَخَاهُ مُوسَی وَاعْتَزَلَ فِی نَاحِیَةٍ.

ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَبِی صَلَّی اللَّهُ عَلَیْهِ عَهِدَ إِلَیَّ أَنْ لَا أُوَطِّنَ مِنَ الْأَرْضِ إِلَّا أَخْفَاهَا وَأَقْصَاهَا إِسْرَاراً لِأَمْرِی وَتَحْصِیناً لِمَحَلِّی مِنْ مَکَایِدِ أَهْلِ الضَّلَالِ وَالْمَرَدَةِ مِنْ أَحْدَاثِ الْأُمَمِ الضَّوَالِّ فَنَبَذَنِی إِلَی عَالِیَةِ الرِّمَالِ وَجُبْتُ صَرَائِمَ الْأَرْضِ تُنْظِرُنِی الْغَایَةَ الَّتِی عِنْدَهَا یَحِلُّ الْأَمْرُ وَیَنْجَلِی الْهَلَعُ وَکَانَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنْبَطَ لِی مِنْ خَزَائِنِ الْحِکَمِ وَکَوَامِنِ الْعُلُومِ مَا إِنْ أَشَعْتُ إِلَیْکَ مِنْهُ جُزْءاً أَغْنَاکَ عَنِ الْجُمْلَةِ اعْلَمْ یَااَبَاإِسْحَاقَ أَنَّهُ قَالَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ.

یَا بُنَیَّ إِنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لَمْ یَکُنْ لِیُخْلِیَ أَطْبَاقَ أَرْضِهِ وَأَهْلَ الْجِدِّ فِی طَاعَتِهِ وَعِبَادَتِهِ بِلَا حُجَّةٍ یُسْتَعْلی بِهَا وَإِمَامٍ یُؤْتَمُّ بِهِ وَیُقْتَدَی بِسُبُلِ سُنَّتِهِ وَمِنْهَاجِ قَصْدِهِ وَأَرْجُو یَا بُنَیَّ أَنْ تَکُونَ أَحَدَ مَنْ أَعَدَّهُ اللَّهُ لِنَشْرِ الْحَقِّ وَطَیِّ الْبَاطِلِ وَإِعْلَاءِ الدِّینِ وَإِطْفَاءِ الضَّلَالِ فَعَلَیْکَ.

یَا بُنَیَّ بِلُزُومِ خَوَافِی الْأَرْضِ وَتَتَبُّعِ أَقَاصِیهَا فَإِنَّ لِکُلِّ وَلِیٍّ مِنْ أَوْلِیَاءِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عُدُّواً مُقَارِعاً وَضِدّاً مُنَازِعاً افْتِرَاضاً لِمُجَاهَدَةِ أَهْلِ نِفَاقِهِ وَخِلَافِهِ أُولِی الْإِلْحَادِ وَالْعِنَادِ فَلَا یُوحِشَنَّکَ ذَلِکَ وَاعْلَمْ أَنَّ قُلُوبَ أَهْلِ الطَّاعَةِ وَالْإِخْلَاصِ نُزَّعٌ إِلَیْکَ مِثْلَ الطَّیْرِ إِذَا أَمَّتْ أَوْکَارَهَا وَهُمْ مَعْشَرٌ یَطْلُعُونَ بِمَخَائِلِ الذِّلَّةِ وَالِاسْتِکَانَةِ وَهُمْ عِنْدَ اللَّهِ بَرَرَةٌ أَعِزَّاءُ یَبْرُزُونَ بِأَنْفُسٍ مُخْتَلَّةٍ مُحْتَاجَةٍ وَهُمْ أَهْلُ الْقَنَاعَةِ وَالِاعْتِصَامِ اسْتَنْبَطُوا الدِّینَ فَوَازَرُوهُ عَلَی مُجَاهَدَةِ الْأَضْدَادِ خَصَّهُمُ اللَّهُ بِاحْتِمَالِ

ص:106

الضَّیْمِ لِیَشْمُلَهُمْ بِاتِّسَاعِ الْعِزِّ فِی دَارِ الْقَرَارِ وَجَبَلَهُمْ عَلَی خَلَائِقِ الصَّبْرِ لِتَکُونَ لَهُمُ الْعَاقِبَةُ الْحُسْنَی وَکَرَامَةُ حُسْنِ الْعُقْبَی فَاقْتَبِسْ.

یَا بُنَیَّ نُورَ الصَّبْرِ عَلَی مَوَارِدِ أُمُورِکَ تَفُزْ بِدَرْکِ الصُّنْعِ فِی مَصَادِرِهَا وَاسْتَشْعِرِ الْعِزَّ فِیمَا یَنُوبُکَ تُحْظَ بِمَا تُحْمَدُ عَلَیْهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَکَأَنَّکَ یَا بُنَیَّ بِتَأْیِیدِ نَصْرِ اللَّهِ قَدْ آنَ وَتَیْسِیرِ الْفَلَحِ وَعُلُوِّ الْکَعْبِ قَدْ حَانَ وَکَأَنَّکَ بِالرَّایَاتِ الصُّفْرِ وَالْأَعْلَامِ الْبِیضِ تَخْفِقُ عَلَی أَثْنَاءِ أَعْطَافِکَ مَا بَیْنَ الْحَطِیمِ وَزَمْزَمَ وَکَأَنَّکَ بِتَرَادُفِ الْبَیْعَةِ وَتَصَافِی الْوَلَاءِ یَتَنَاظَمُ عَلَیْکَ تَنَاظُمَ الدُّرِّ فِی مَثَانِی الْعُقُودِ وَتَصَافُقِ الْأَکُفِّ عَلَی جَنَبَاتِ الْحَجَرِ الْأَسْوَد تَلُوذُ بِفِنَائِکَ مِنْ مَلَإٍ بَرَأَهُمُ اللَّهُ مِنْ طَهَارَةِ الْوَلَاءِ وَنَفَاسَةِ التُّرْبَةِ مُقَدَّسَةٌ قُلُوبُهُمْ مِنْ دَنَسِ النِّفَاقِ مُهَذَّبَةٌ أَفْئِدَتُهُمْ مِنْ رِجْسِ الشِّقَاقِ لَیِّنَةٌ عَرَائِکُهُمْ لِلدِّینِ خَشِنَةٌ ضَرَائِبُهُمْ عَنِ الْعُدْوَانِ وَاضِحَةٌ بِالْقَبُولِ أَوْجُهُهُمْ نَضْرَةٌ بِالْفَضْلِ عِیدَانُهُمْ یَدِینُونَ بِدِینِ الْحَقِّ وَأَهْلِهِ فَإِذَا اشْتَدَّتْ أَرْکَانُهُمْ وَتَقَوَّمَتْ أَعْمَادُهُمْ قُدَّتْ بِمُکَاثَفَتِهِمْ طَبَقَاتُ الْأُمَمِ إِذْ تَبِعَتْکَ فِی ظِلَالِ شَجَرَةٍ دَوْحَةٍ بَسَقَتْ أَفْنَانُ غُصُونِهَا عَلَی حَافَاتِ بُحَیْرَةِ الطَّبَرِیَّةِ فَعِنْدَهَا یَتَلَأْلَأُ صُبْحُ الْحَقِّ وَیَنْجَلِی ظَلَامُ الْبَاطِلِ وَیَقْصِمُ اللَّهُ بِکَ الطُّغْیَانَ وَیُعِیدُ مَعَالِمَ الْإِیمَانِ وَیُظْهِرُ بِکَ أَسْقَامَ الآْفَاقِ وَسَلَامَ الرِّفَاقِ یَوَدُّ الطِّفْلُ فِی الْمَهْدِ لَوِ اسْتَطَاعَ إِلَیْکَ نُهُوضاً وَنواسط [نَوَاشِطُ] الْوَحْشِ لَوْ تَجِدُ نَحْوَکَ مَجَازاً تَهْتَزُّ بِکَ أَطْرَافُ الدُّنْیَا بَهْجَةً وَتُهَزُّ بِکَ أَغْصَانُ الْعِزِّ نَضْرَةً وَتَسْتَقِرُّ بَوَانِی الْعِزِّ فِی قَرَارِهَا وَتَئُوبُ شَوَارِدُ الدِّینِ إِلَی أَوْکَارِهَا یَتَهَاطَلُ عَلَیْکَ سَحَائِبُ الظَّفَرِ فَتَخْنُقُ کُلَّ عَدُوٍّ وَتَنْصُرُ کُلَّ وَلِیٍّ فَلَا یَبْقَی عَلَی وَجْهِ الْأَرْضِ جَبَّارٌ قَاسِطٌ وَلَا جَاحِدٌ غَامِطٌ وَلَا شَانِئٌ مُبْغِضٌ وَلَا مُعَانِدٌ کَاشِحٌ وَمَنْ یَتَوَکَّلْ عَلَی اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِکُلِّ شَیْ ءٍ قَدْراً.

ص:107

ثُمَّ قَالَ یَا أَبَا إِسْحَاقَ لِیَکُنْ مَجْلِسِی هَذَا عِنْدَکَ مَکْتُوماً إِلَّا عَنْ أَهْلِ الصِّدْقِ وَالْأُخُوَّةِ الصَّادِقَةِ فِی الدِّینِ إِذَا بَدَتْ لَکَ أَمَارَاتُ الظُّهُورِ وَالتَّمْکِینِ فَلَا تُبْطِئُ بِإِخْوَانِکَ عَنَّا وَبِأَهْلِ الْمُسَارَعَةِ إِلَی مَنَارِ الْیَقِینِ وَضِیَاءِ مَصَابِیحِ الدِّینِ تَلْقَ رُشْداً إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

قَالَ إِبْرَاهِیمُ بْنُ مَهْزِیَارَ فَمَکَثْتُ عِنْدَهُ حِیناً أَقْتَبِسُ مَا أَوْرَی مِنْ مُوضِحَاتِ الْأَعْلَامِ وَنَیِّرَاتِ الْأَحْکَامِ وَأُرْوِی بَنَاتِ [نَبَاتَ] الصُّدُورِ مِنْ نَضَارَةِ مَا ذَخَرَهُ اللَّهُ فِی طَبَائِعِهِ مِنْ لَطَائِفِ الْحِکْمَةِ وَطَرَائِفِ فَوَاضِلِ الْقِسَمِ حَتَّی خِفْتُ إِضَاعَةَ مُخَلَّفِی بِالْأَهْوَازِ لِتَرَاخِی اللِّقَاءِ عَنْهُمْ فَاسْتَأْذَنْتُهُ فِی الْقُفُولِ وَأَعْلَمْتُهُ عَظِیمَ مَا أَصْدُرُ بِهِ عَنْهُ مِنَ التَّوَحُّشِ لِفُرْقَتِهِ وَالتَّجَزُّعِ لِلظَّعْنِ عَنْ مَحَالِّهِ فَأَذِنَ وَأَرْدَفَنِی مِنْ صَالِحِ دُعَائِهِ مَا یَکُونُ ذُخْراً عِنْدَ اللَّهِ لِی وَلِعَقِبِی وَقَرَابَتِی إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَلَمَّا أَزِفَ ارْتِحَالِی وَتَهَیَّأَ اعْتِزَامُ نَفْسِی غَدَوْتُ عَلَیْهِ مُوَدِّعاً وَمُجَدِّداً لِلْعَهْدِ وَعَرَضْتُ عَلَیْهِ مَالاً کَانَ مَعِی یَزِیدُ عَلَی خَمْسِینَ أَلْفَ دِرْهَمٍ وَسَأَلْتُهُ أَنْ یَتَفَضَّلَ بِالْأَمْرِ بِقَبُولِهِ مِنِّی فَابْتَسَمَ وَقَالَ یَا أَبَا إِسْحَاقَ اسْتَعِنْ بِهِ عَلَی مُنْصَرَفِکَ فَإِنَّ الشُّقَّةَ قُذْفَةٌ وَفَلَوَاتِ الْأَرْضِ أَمَامَکَ جُمَّةٌ وَلَا تَحْزَنْ لِإِعْرَاضِنَا عَنْهُ فَإِنَّا قَدْ أَحْدَثْنَا لَکَ شُکْرَهُ وَنَشْرَهُ وَأَرْبَضْنَاهُ عِنْدَنَا بِالتَّذْکِرَةِ وَقَبُولِ الْمِنَّةِ فَتَبَارَکَ اللَّهُ لَکَ فِیمَا خَوَّلَکَ وَأَدَامَ لَکَ مَا نَوَّلَکَ وَکَتَبَ لَکَ أَحْسَنَ ثَوَابِ الْمُحْسِنِینَ وَأَکْرَمَ آثَارِ الطَّائِعِینَ فَإِنَّ الْفَضْلَ لَهُ وَمِنْهُ وَأَسْأَلُ اللَّهَ أَنْ یَرُدَّکَ إِلَی أَصْحَابِکَ بِأَوْفَرِ الْحَظِّ مِنْ سَلَامَةِ الْأَوْبَةِ وَأَکْنَافِ الْغِبْطَةِ بِلِینِ الْمُنْصَرَفِ وَلَا أَوْعَثَ اللَّهُ لَکَ سَبِیلًا وَلَا حَیَّرَ لَکَ دَلِیلًا وَاسْتَوْدِعْهُ نَفْسَکَ وَدِیعَةًلَا تَضِیعُ وَلَا تَزُولُ بِمَنِّهِ وَلُطْفِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

یَا أَبَا إِسْحَاقَ إِنَّ اللَّهَ قَنَّعَنَا بِعَوَائِدِ إِحْسَانِهِ وَفَوَائِدِ امْتِنَانِهِ وَصَانَ أَنْفُسَنَا عَنْ

ص:108

مُعَاوَنَةِ الْأَوْلِیَاءِ إِلَّا عَنِ الْإِخْلَاصِ فِی النِّیَّةِ وَإِمْحَاضِ النَّصِیحَةِ وَالْمُحَافَظَةِ عَلَی مَا هُوَ أَتْقَی وَأَبْقَی وَأَرْفَعُ ذِکْراً.

قَالَ فَأَقْفَلْتُ عَنْهُ حَامِداً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَی مَا هَدَانِی وَأَرْشَدَنِی عَالِماً بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ یَکُنْ لِیُعَطِّلَ أَرْضَهُ وَلَا یُخَلِّیَهَا مِنْ حُجَّةٍ وَاضِحَةٍ وَإِمَامٍ قَائِمٍ وَأَلْقَیْتُ هَذَا الْخَبَرَ الْمَأْثُورَ وَالنَّسَبَ الْمَشْهُورَ تَوَخِّیاً لِلزِّیَادَةِ فِی بَصَائِرِ أَهْلِ الْیَقِینِ وَتَعْرِیفاً لَهُمْ مَا مَنَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ مِنْ إِنْشَاءِ الذُّرِّیَّةِ الطَّیِّبَةِ وَالتُّرْبَةِ الزَّکِیَّةِ وَقَصَدْتُ أَدَاءَ الْأَمَانَةِ وَالتَّسْلِیمَ لِمَا اسْتَبَانَ لِیُضَاعِفَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمِلَّةَ الْهَادِیَةَ وَالطَّرِیقَةَ الْمَرْضِیَّةَ قُوَّةَ عَزْمٍ وَتَأْیِیدَ نِیَّةٍ وَشَدَّ أُزُرٍ وَاعْتِقَادَ عِصْمَةٍ وَاللَّهُ یَهْدِی مَنْ یَشاءُ إِلی صِراطٍ مُسْتَقِیمٍ.

ص:109

اللَّهُ تَعَالَی لَنَا مِنَ الصَّلَاحِ وَلِشِیعَتِنَا الْمُؤْمِنِینَ فِی ذَلِکَ مَا دَامَتْ دَوْلَةُ الدُّنْیَا لِلْفَاسِقِینَ فَإِنَّا یُحِیطُ عِلْمُنَا بِأَنْبَائِکُمْ وَلَا یَعْزُبُ عَنَّا شَیْ ءٌ مِنْ أَخْبَارِکُمْ وَمَعْرِفَتُنَا بِالزَّلَلِ الَّذِی أَصَابَکُمْ مُذْ جَنَحَ کَثِیرٌ مِنْکُمْ إِلَی مَا کَانَ السَّلَفُ الصَّالِحُ عَنْهُ شَاسِعاً وَنَبَذُوا الْعَهْدَ الْمَأْخُوذَ مِنْهُمْ وَراءَ ظُهُورِهِمْ کَأَنَّهُمْ لا یَعْلَمُونَ إِنَّا غَیْرُ مُهْمِلِینَ لِمُرَاعَاتِکُمْ وَلَا نَاسِینَ لِذِکْرِکُمْ وَلَوْلَا ذَلِکَ لَنَزَلَ بِکُمُ اللَّأْوَاءُ وَاصْطَلَمَکُمُ الْأَعْدَاءُ.

فَاتَّقُوا اللَّهَ جَلَّ جَلَالُهُ وَظَاهِرُونَا عَلَی انْتِیَاشِکُمْ مِنْ فِتْنَةٍ قَدْ أَنَافَتْ عَلَیْکُمْ یَهْلِکُ فِیهَا مَنْ حُمَّ أَجَلُهُ وَیُحْمَی عَلَیْهِ مَنْ أَدْرَکَ أَمَلَهُ وَهِیَ أَمَارَةٌ لِأُزُوفِ حَرَکَتِنَا وَمُبَاثَّتِکُمْ بِأَمْرِنَا وَنَهْیِنَا وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ... وَلَوْ کَرِهَ الْمُشْرِکُونَ اعْتَصِمُوا بِالتَّقِیَّةِ مِنْ شَبِّ نَارِ الْجَاهِلِیَّةِ یَحْشُشْهَا عَصَبٌ أُمَوِیَّةٌ تَهُولُ بِهَا فِرْقَةً مَهْدِیَّةً أَنَا زَعِیمٌ بِنَجَاةِ مَنْ لَمْ یَرُمْ مِنْهَا الْمَوَاطِنَ الْخَفِیَّةَ وَسَلَکَ فِی الطَّعْنِ مِنْهَا السُّبُلَ الرَّضِیَّةَ إِذَا حَلَّ جُمَادَی الْأُولَی مِنْ سَنَتِکُمْ هَذِهِ فَاعْتَبِرُوا بِمَا یَحْدُثُ فِیهِ وَاسْتَیْقِظُوا مِنْ رَقْدَتِکُمْ لِمَا یَکُونُ مِنَ الَّذِی یَلِیهِ سَتَظْهَرُ لَکُمْ مِنَ السَّمَاءِ آیَةٌ جَلِیَّةٌ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلُهَا بِالسَّوِیَّةِ وَیَحْدُثُ فِی أَرْضِ الْمَشْرِقِ مَا یَحْزُنُ وَیُقْلِقُ وَیَغْلِبُ مِنْ بَعْدُ عَلَی الْعِرَاقِ طَوَائِفُ عَنِ الْإسْلَامِ مُرَّاقٌ یَضِیقُ بِسُوءِ فِعَالِهِمْ عَلَی أَهْلِهِ الْأَرْزَاقُ ثُمَّ تَتَفَرَّجُ الْغُمَّةُ مِنْ بَعْدِهِ بِبَوَارِ طَاغُوتٍ مِنَ الْأَشْرَارِ یُسَرُّ بِهَلَاکِهِ الْمُتَّقُونَ الْأَخْیَارُ وَیَتَّفِقُ لِمُرِیدِی الْحَجِّ مِنَ الآْفَاقِ مَا یَأْمُلُونَهُ عَلَی تَوْفِیرِ غَلَبَةٍ مِنْهُمْ وَاتِّفَاقٍ وَلَنَا فِی تَیْسِیرِ حَجِّهِمْ عَلَی الِاخْتِیَارِ مِنْهُمْ وَالْوِفَاقِ شَأْنٌ یَظْهَرُ عَلَی نِظَامٍ وَاتِّسَاقٍ فَیَعْمَلُ کُلُّ امْرِئٍ مِنْکُمْ مَا یَقْرُبُ بِهِ مِنْ مَحَبَّتِنَا وَلِیَتَجَنَّبَ مَا یُدْنِیهِ مِنْ کَرَاهِیَتِنَا وَسَخَطِنَا فَإِنَّ امْرَأً یَبْغَتُهُ فَجْأَةٌ حِینَ لَا تَنْفَعُهُ تَوْبَةٌ وَلَا یُنَجِّیهِ مِنْ عِقَابِنَا نَدَمٌ عَلَی حَوْبَةٍ.

وَاللَّهُ یُلْهِمُکَ الرُّشْدَ وَیَلْطُفُ لَکُمْ بِالتَّوْفِیقِ بِرَحْمَتِهِ.

ص:111

بِالدُّعَاءِ الَّذِی لَا یُحْجَبُ عَنْ مَلِکِ الْأَرْضِ وَالسَّمَاءِ فَلْیَطْمَئِنَّ بِذَلِکَ مِنْ أَوْلِیَائِنَا الْقُلُوبُ وَلِیَثِقُوا بِالْکِفَایَةِ مِنْهُ وَإِنْ رَاعَتْهُمْ بِهِمُ الْخُطُوبُ وَالْعَاقِبَةُ لِجَمِیلِ صُنْعِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ تَکُونُ حَمِیدَةً لَهُمْ مَا اجْتَنَبُوا الْمَنْهِیَّ عَنْهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَنَحْنُ نَعْهَدُ إِلَیْکَ أَیُّهَا الْوَلِیُّ الْمُخْلِصُ الْمُجَاهِدُ فِینَا الظَّالِمِینَ أَیَّدَکَ اللَّهُ بِنَصْرِهِ الَّذِی أَیَّدَ بِهِ السَّلَفَ مِنْ أَوْلِیَائِنَا الصَّالِحِینَ أَنَّهُ مَنِ اتَّقَی رَبَّهُ مِنْ إِخْوَانِکَ فِی الدِّینِ وَخَرَجَ عَلَیْهِ بِمَا هُوَ مُسْتَحِقُّهُ کَانَ آمِناً مِنَ الْفِتْنَةِ الْمُظِلَّةِ وَمِحَنِهَا الْمُظْلِمَةِ الْمُضِلَّةِ وَمَنْ بَخِلَ مِنْهُمْ بِمَا أَعَارَهُ اللَّهُ مِنْ نِعْمَتِهِ عَلَی مَنْ أَمَرَهُ بِصِلَتِهِ فَإِنَّهُ یَکُونُ خَاسِراً بِذَلِکَ لِأُولَاهُ وَآخِرَتِهِ.

وَلَوْ أَنَّ أَشْیَاعَنَا وَفَّقَهُمُ اللَّهُ لِطَاعَتِهِ عَلَی اجْتِمَاعٍ مِنَ الْقُلُوبِ فِی الْوَفَاءِ بِالْعَهْدِ عَلَیْهِمْ لَمَا تَأَخَّرَ عَنْهُمُ الْیُمْنُ بِلِقَائِنَا وَلَتَعَجَّلَتْ لَهُمُ السَّعَادَةُ بِمُشَاهَدَتِنَا عَلَی حَقِّ الْمَعْرِفَةِ وَصِدْقِهَا مِنْهُمْ بِنَا فَمَا یَحْبِسُنَا عَنْهُمْ إِلَّا مَا یَتَّصِلُ بِنَا مِمَّا نَکْرَهُهُ وَلَا نُؤْثِرُهُ مِنْهُمْ.

وَاللَّهُ الْمُسْتَعانُ وَهُوَ حَسْبُنَا وَنِعْمَ الْوَکِیلُ وَصَلَوَاتُهُ عَلَی سَیِّدِنَا الْبَشِیرِ النَّذِیرِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِینَ وَسَلَّمَ

ص:114

وُوجُودِهِ عَجّلَ اللَّه تَعَالی فَرَجَهُ اِذْ اَنّ النَّاسَ ح»نَما یُقَبِّلُونَ اَیْدِیَکُمْ لَیْسَ اِلّا اَنَّکُمْ نائِبُ الْاِمَامِ علیه السلام وَاِذَا یُقَدِّمُونَ لَکُمَ الْاَمْوَالَ لَیْسَ اِلّا بِسَبَبِ اِنْتِسَابَکُمْ بِصَاحِبِ الْعَصْرِ وَالزَّمانِ عَجَّل اللَّه تَعَالی فَرَجَهُ وَاِذا کَانَ لَکُمُ الْاِحْتِرَامُ بِالدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ لَیْسَ اِلّا بِسَبَبِ اَنَّکُمْ وَکیلُهُ علیه السلام وَاَخیراً کُلُّ مَا کَانَ عَلَیْنَا وَیَکُونَ وَکُلُّ شَیْئِیٍ کَانَ لَکُمْ وَیَکُون کُلُّهُ بِیُمْنِ وُجُودِه علیه السلام فَلِمَاذا لا تَقُومُونَ لِاعْلَاءِ کَلِمَتِهِ وَاِحْیَاءِ اِسْمِهِ الشَّریف؟! وَذَلِکَ لا یَکُونُ اِلّا بَعْدَ دِرَاسَةِ وَضْعِ الشّیعَةِ وَالْقِیَامِ بِنَشَاطَاتٍ مُفیدَةٍ وَلَیْسَتْ هَذِهِ مَوْجُودَهً فِی الْحَالِ. مَا هُوَ السَّبَبُ الَّذی جَعَلَ مُجْتَمَعَنَا فِی جَهْلٍ اِتّجَاهَ وَجُودِ اِمَامِ الْعَصْرِعلیه السلام؟! وَمَا هُوَ السَّبَبُ فِی عَدَمِ تَعْزِیزِ مَواقِفِ الشَّیعَةِ فِی الْحِجَاز (مَکَّةَ وَالْمَدِینَةَ) وَکَذَلِکَ فِی الْعِراق (وَخَاصَّةً سامُرّاءَ»؟! اَلَا تَرَوْ،َ اَنَّ فِی سَامُرّاء، حَتّی الْبَیْتِ الَّذی هُوَ مِلْکَ الْاِمَام الْحُجّةِ علیه السلام قَدْ اُغْتُصِبَ وَشیعَةُ الَّتی تُشَکّلُ الْاَقَلیِّةَ فِی کَثَبٍ وَاضْطِهَادٍ.

فِی طِوالِ هَذِهِ الْمُدَّةِ الَّتی کُنْتُ اُحَدِّثُ ذَلِکَ الْمَرْجَعَ الدّینی، کَانَ سَمَاحَتُهُ نَاصِتاً بِدِقَّةٍ اِلَی الْحَدیثِ وَعِنْدَمَا انْتَهَیْتُ مِنَ الْحَدیثِ بَدَءَ مُتَحَدِّثاً وَقَالَ: هَذِهِ الْاُمُورُ الَّتی ذَکَرْتُمُوهَا هِیَ مِنَ الْوَاجِبَاتِ وَنحْنُ نُهْتَمُّ بِهَا فِی الْمُسْتَقْبَلِ اَکْثَر مِمَّا کُنَّا نَهْتَمُّ فِی الْمَاضِی اِنشاءَ اللَّه وَنَحْنُ نُفَکِّرُ فِی طَریقِ تَنْفیذِهَا، وَلَکِنْ لَابُدَّ اَنْ نُذَکِّرَکُمْ اَنَّنَا کُنَّا مُلفِتینَ النَّظَرَ فِی هَذِهِ الْاُمُورِ اِلَی حَدٍّ مَا وَکُنَّا تَحْتَ رِعَایَةٍ شَیْئیٍ مِنْ لُطْفِهِ علیه السلام. عَنْدَمَا وَصَلَ سَمَاحَتُهُ فِی الْحَدِیثِ اِلَی هُنا قَامِ مِنْ مَکَانِهِ وفَتَحَ بَابَ جَارُورٍ کَانَ یَحْتَوی کَثیراً مِنَ الرَّسَائِلِ وَالْاَوْرَاقِ وَالْمُسْتَنَدَات. وَبَدَا بالتَّفْتِیشِ بَیْنَ الرَّسَائِلِ الَّتی کَانَتْ مَعَ ظَرْفِهَا حَتّی اَخْرَجَ ظَرْفَاً مِنْهَا وَکَانَ الظَّرْفُ مُغْبَرّاً وَعِنْدَمَا نَظَّفَ الظَّرْفَ مِنَ الْغُبَارِ قَبَّلَ ذَلِکَ الظَّرْفَ وَوَضَعَهَا عَلَی رَاْسَهِ ثُمَّ اَقْبَلَ اِلیَّ قَائِلاً: هَذِهِ الرِّسَالَة سَنَدٌ وَاِشَارَةٌ مِنْ لُطْفِ بَقِیَّةِ اللَّه رُوحی لَهُ الفِداء لَنَا وَاَنَا عَمِلْتُ

ص:119

وَنَفَّذْتُ اَمْرَهُ علیه السلام فِی حَدِّ الْاِمْکَان اَخَذْتُ ذَلِکَ الظَّرْف مِنْ سَمَاحَتِهِ رَاَیْتُ مَکْتُوباً عَلی ظَهْرِهِ: فَرْمَانُهُ علیه السلام، فَتَحْتُ الظَّرْفَ وَرَاَیْتُ فِیهِ رِسَالَةٌ مُرْسَلَةٌ بِوَاسِطَةِ ثِقَةِ الْاِسْلَامِ وَالْمُسْلِمینَ زَیْنُ الْعُلَمَاءِ الصَّالِحِینَ الْحاجَ الشَّیْخ مُحَمَّد شَریعَةِ التُّسْتَری وَهَذِهِ الرِّسَالَةِ کَانَتْ مُرْسَلَةً مِنْ قِبَلِهِ علیه السلام رَاَیْتُ فِی تِلکَ الرِّسَالَةِ مَکْتُوباً:

قُلْ لَهُ: اَرْخِصْ نَفْسَکْ، وَاجْعَلْ مَجْلِسَکَ فِی الدِّهْلیز، وَاقْضِ حَوَائِجَ النَّاس، نَحْنُ نَنْصُرُک.

وَبَعدَ ذَلِکَ اَدَامِ قَائِلاً (ذَلِکَ النَّائِبُ الْعَظِیم): وَعَلَی اَسَاسِ هَذا الْاَمْرِ اِتِّصَالُ النَّاسِ بِی اَمْرٌ سَهْلٌ وَاَنَا جَالِسٌ فِی دِهْلِیزِ بَیْتِی وَاَقْضِی حَوائِجَ الشّیعَةِ فِی حَدِّ الْاِمْکَانِ وَهُوَ علیه السلام مُرَاقِبُنَا وَکَذَلِکَ مُساعِدُنَا فِی الْمَاضی.

طَلَبْتُ الْاِذْنَ مِنْهُ لِاسْتِنْسَاخ الرِّسَالةِ، اَجَازَ لِی وَلَکِنْ طَلَبَ مِنّی وَقَالَ: لَنْ اَسْمَحَ مَا دُمْتُ حَیّاً اَنْ یَعْلَمَ اَحَدٌ بِوُجُودِ هَذِهِ الرِّسَالَةِ. کَتَبْتُ نُسْخَةً مِنْ تِلْکَ الرِّسَالَةِ وَبَعْدَ فَترَةٍ رَجَعْتُ اِلَی اِیرَانَ. وَفِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ عَشَرَ مِنْ شَهْرِ اَبَان سَنَةَ اَلْفٍ وَثَلَاثمِاَةِ وَخَمْسَةٍ وَعِشْرِینَ الشَّمْیَّةَ وَکَانَ مُطَابِقَا لِلْیَوْمِ التَّاسِعِ مِنْ ذِی الْحَجَّة سَنَةِ اَلْفٍ وَثَلَاثَمِاَةِ وَخَمْسَةٍ وَسِتُّونَ قَمَریَّة مِنَ الْهِجْرَةِ النَّبَویَّةِ وَصَلَ خَبَرُ وَفَاتِ ذَلکَ الْمَرْجِعِ الدّینی اِلی اِیرانَ وَعُقِدَتْ حَفَلَاتٌ وَمَجَالِسُ تَاْبِینیَّةٍ. وَفِی جَامِعِ گَوْهَرْ شادَ فِی مَدِینَةِ مَشْهَد عُقِدَ مَجْلِسُ تَاْبینٍ بِهِذِهَ الْمُنَاسَبَةِ وَکُنْتُ اَنَا خَطیبُ ذَلِکَ الْمَجْلِسِ وَلِاَوَّلِ مَرَّةِ قَرَأتُ نَصَّ هَذَا التَّوقیعِ الشَّریفِ الَّذی کَانَ لِبَقیَّةِ اللَّه علیه السلام مُخَاطِبَاً نَائِبَهُ الْعَامَّ آیَةَ اللَّه الْعُظْمَی السَّیّدْ اَبُو الْحَسَنِ الْاِصْبَهَانِیّ فِی ذَلِکَ الْمَجْلِسِ. تَغَمَّدَهُ اللَّه بِرَحْمَتِهِ الْواسِعَةِ وَانْتَفَعَهُ مِنْ شَفَاعَةِ مَوْلَاهُ صَاحِبِ الزَّمَانِ عَجَّلَ اللَّه تَعَالی فَرَجَه».

ص:120

وَأَمَّا ظُهُورُ الْفَرَجِ فَإِنَّهُ إِلَی اللَّهِ وَکَذَبَ الْوَقَّاتُونَ.

وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْحُسَیْنَ علیه السلام لَمْ یُقْتَلْ فَکُفْرٌ وَتَکْذِیبٌ وَضَلَالٌ.

وَأَمَّا الْحَوَادِثُ الْوَاقِعَةُ فَارْجِعُوا فِیهَا إِلَی رُوَاةِ حَدِیثِنَا فَإِنَّهُمْ حُجَّتِی عَلَیْکُمْ وَأَنَا حُجَّةُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ.

وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْرِیُّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَعَنْ أَبِیهِ مِنْ قَبْلُ فَإِنَّهُ ثِقَتِی وَکِتَابُهُ کِتَابِی وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ مَهْزِیَارَ الْأَهْوَازِیُّ فَسَیُصْلِحُ اللَّهُ قَلْبَهُ وَیُزِیلُ عَنْهُ شَکَّهُ.

وَأَمَّا مَا وَصَلْتَنَا بِهِ فَلَا قَبُولَ عِنْدَنَا إِلَّا لِمَا طَابَ وَطَهُرَ وَثَمَنُ الْمُغَنِّیَةِ حَرَامٌ

وَأَمَّا مُحَمَّدُ بْنُ شَاذَانَ بْنِ نُعَیْمٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِنْ شِیعَتِنَا أَهْلَ الْبَیْتِ.

وَأَمَّا أَبُو الْخَطَّابِ مُحَمَّدُ بْنُ أَبِی زَیْنَبَ الْأَجْدَعُ فَإِنَّهُ مَلْعُونٌ وَأَصْحَابُهُ مَلْعُونُونَ فَلَا تُجَالِسْ أَهْلَ مَقَالَتِهِمْ فَإِنِّی مِنْهُمْ بَرِی ءٌ وَآبَائِی علیهم السلام مِنْهُمْ بِرَاءٌ.

وَأَمَّا الْمُتَلَبِّسُونَ بِأَمْوَالِنَا فَمَنِ اسْتَحَلَّ شَیْئاً مِنْهَا فَأَکَلَهُ فَإِنَّمَا یَأْکُلُ النِّیرَانَ.

وَأَمَّا الْخُمُسُ فَقَدْ أُبِیحَ لِشِیعَتِنَا وَجُعِلُوا مِنْهُ فِی حِلٍّ إِلَی وَقْتِ ظُهُورِ أَمْرِنَا. لِتَطِیبَ وِلَادَتُهُمْ وَلَا تَخْبُثَ.

وَأَمَّا نَدَامَةُ قَوْمٍ شَکُّوا فِی دِینِ اللَّهِ عَلَی مَا وَصَلُونَا بِهِ فَقَدْ أَقَلْنَا مَنِ اسْتَقَالَ وَلَا حَاجَةَ لَنَا إِلَی صِلَةِ الشَّاکِّینَ.

وَأَمَّا عِلَّةُ مَا وَقَعَ مِنَ الْغَیْبَةِ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ یَقُولُ یا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا تَسْئَلُوا عَنْ أَشْیاءَ إِنْ تُبْدَ لَکُمْ تَسُؤْکُمْ إِنَّهُ لَمْ یَکُنْ أَحَدٌ مِنْ آبَائِی إِلَّا وَقَدْ وَقَعَتْ فِی عُنُقِهِ بَیْعَةٌ لِطَاغِیَةِ زَمَانِهِ وَإِنِّی أَخْرُجُ حِینَ أَخْرُجُ وَلَا بَیْعَةَ لِأَحَدٍ مِنَ الطَّوَاغِیتِ فِی عُنُقِی.

ص:122

وَأَمَّا وَجْهُ الِانْتِفَاعِ بِی فِی غَیْبَتِی فَکَالانْتِفَاعِ بِالشَّمْسِ إِذَا غَیَّبَهَا عَنِ الْأَبْصَارِ السَّحَابُ.

وَإِنِّی لَأَمَانٌ لِأَهْلِ الْأَرْضِ کَمَا أَنَّ النُّجُومَ أَمَانٌ لِأَهْلِ السَّمَاءِ.

فَأَغْلِقُوا أَبْوَابَ السُّؤَالِ عَمَّالَا یَعْنِیکُمْ وَلَا تَتَکَلَّفُوا عِلْمَ مَا قَدْ کُفِیتُمْ

وَأَکْثِرُوا الدُّعَاءَ بِتَعْجِیلِ الْفَرَجِ فَإِنَّ ذَلِکَ فَرَجُکُمْ.

وَالسَّلامُ عَلَیْکَ یَا إِسْحَاقَ بْنَ یَعْقُوبَ وَعَلی مَنِ اتَّبَعَ الْهُدی.

ص:123

التَّوْقِیعُ لَیْسَ عَلَی مَنْ نَحَّاهُ إِلَّا غَسْلُ الْیَدِ وَإِذَا لَمْ تَحْدُثْ حَادِثَةٌ تَقْطَعُ الصَّلَاةَ تَمَّمَ صَلَاتَهُ مَعَ الْقَوْمِ.

وَرُوِیَ عَنِ الْعَالِمِ علیه السلام أَنَّ مَنْ مَسَّ مَیِّتاً بِحَرَارَتِهِ غَسَلَ یَدَهُ وَمَنْ مَسَّهُ وَقَدْ بَرَدَ فَعَلَیْهِ الْغُسْلُ وَهَذَا الْإِمَامُ فِی هَذِهِ الْحَالَةِلَا یَکُونُ مَسُّهُ إِلَّا بِحَرَارَتِهِ وَالْعَمَلُ مِنْ ذَلِکَ عَلَی مَا هُوَ وَلَعَلَّهُ یُنَحِّیهِ بِثِیَابِهِ وَلَا یَمَسُّهُ فَکَیْفَ یَجِبُ عَلَیْهِ الْغُسْلُ.

التَّوْقِیعُ إِذَا مَسَّهُ عَلَی هَذِهِ الْحَالِ لَمْ یَکُنْ عَلَیْهِ إِلَّا غَسْلُ یَدِهِ.

وَعَنْ صَلَاةِ جَعْفَرٍ إِذَا سَهَا فِی التَّسْبِیحِ فِی قِیَامٍ أَوْ قُعُودٍ أَوْ رُکُوعٍ أَوْ سُجُودٍ وَذَکَرَهُ فِی حَالَةٍ أُخْرَی قَدْ صَارَ فِیهَا مِنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ هَلْ یُعِیدُ مَا فَاتَهُ مِنْ ذَلِکَ التَّسْبِیحِ فِی الْحَالَةِ الَّتِی ذَکَرَهَا أَمْ یَتَجَاوَزُ فِی صَلَاتِهِ.

التَّوْقِیعُ إِذَا هُوَ سَهَا فِی حَالِةٍ مِنْ ذَلِکَ ثُمَّ ذَکَرَ فِی حَالَةٍ أُخْرَی قَضَی مَا فَاتَهُ فِی الْحَالَةِ الَّتِی ذَکَرَ.

وَعَنِ المَرْأَةِ یَمُوتُ زَوْجُهَا هَلْ یَجُوزُ أَنْ تَخْرُجَ فِی جَنَازَتِهِ أَمْ لَا.

التَّوْقِیعُ یَخْرُجُ فِی جَنَازَتِهِ وَهَلْ یَجُوزُ لَهَا وَهِیَ فِی عِدَّتِهَا أَنْ تَزُورَ قَبْرَ زَوْجِهَا أَمْ لَا.

التَّوْقِیعُ تَزُورُ قَبْرَ زَوْجِهَا وَلَا تَبِیتُ عَنْ بَیْتِهَا.

وَهَلْ یَجُوزُ لَهَا أَنْ تَخْرُجَ فِی قَضَاءِ حَقٍّ یَلْزَمُهَا أَمْ لَا تَبْرَحُ مِنْ بَیْتِهَا وَهِیَ فِی عِدَّتِهَا.

التَّوْقِیعُ إِذَا کَانَ حَقٌّ خَرَجَتْ وَقَضَتْهُ وَإِذَا کَانَتْ لَهَا حَاجَةٌ لَمْ یَکُنْ لَهَا مَنْ یَنْظُرُ فِیهَا خَرَجَتْ لَهَا حَتَّی تَقْضِیَ وَلَا تَبِیتُ عَنْ مَنْزِلِهَا.

وَرُوِیَ فِی ثَوَابِ الْقُرْآنِ فِی الْفَرَائِضِ وَغَیْرِهِ أَنَّ الْعَالِمَ علیه السلام قَالَ عَجَباً لِمَنْ لَمْ

ص:125

یَقْرَأْ فِی صَلَاتِهِ إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ کَیْفَ تُقْبَلُ صَلَاتُهُ وَرُوِیَ مَا زَکَت صَلَاةٌ لَمْ یُقْرَأْ فِیهَا بِقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَرُوِیَ أَنَّ مَنْ قَرَأَ فِی فَرَائِضِهِ الْهُمَزَةَ أُعْطِیَ مِنَ الدُّنْیَا فَهَلْ یَجُوزُ أَنْ یَقْرَأَ الْهُمَزَةَ وَیَدَعَ هَذِهِ السُّوَرَ الَّتِی ذَکَرْنَاهَا مَعَ مَا قَدْ رُوِیَ أَنَّهُ تُقْبَلُ الصَّلَاةُ وَلَا تَزْکُو إِلَّا بِهِمَا.

التَّوْقِیعُ الثَّوَابُ فِی السُّوَرِ عَلَی مَا قَدْ رُوِیَ وَإِذَا تَرَکَ سُورَةً مِمَّا فِیهَا الثَّوَابُ وَقَرَأَ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وَإِنَّا أَنْزَلْنَاهُ لِفَضْلِهِمَا أُعْطِیَ ثَوَابَ مَا قَرَأَ وَثَوَابَ السُّورَةِ الَّتِی تَرَکَ وَیَجُوزُ أَنْ یَقْرَأَ غَیْرَ هَاتَیْنِ السُّورَتَیْنِ وَتَکُونُ صَلَاتُهُ تَامَّةً وَلَکِنْ یَکُونُ قَدْ تَرَکَ الْفَضْلَ.

وَعَنْ وَدَاعِ شَهْرِ رَمَضَانَ مَتَی یَکُونُ فَقَدِ اخْتَلَفَ فِیهِ أَصْحَابُنَا فَبَعْضُهُمْ یَقُولُ یَقْرَأُ فِی آخِرِ لَیْلَةٍ مِنْهُ وَبَعْضُهُمْ یَقُولُ هُوَ فِی آخِرِ یَوْمٍ مِنْهُ إِذَا رَأَی هِلَالَ شَوَّالٍ.

التَّوْقِیعُ الْعَمَلُ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ فِی لَیَالِیهِ وَالْوَدَاعُ یَقَعُ فِی آخِرِ لَیْلَةٍ مِنْهُ فَإِنْ خَافَ أَنْ یَنْقُصَ جَعَلَهُ فِی لَیْلَتَیْنِ.

وَعَنْ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ کَرِیمٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلی الله علیه وآله الْمَعْنِیُّ بِهِ ذِی قُوَّةٍ عِنْدَ ذِی الْعَرْشِ مَکِینٍ مَا هَذِهِ الْقُوَّةُ مُطاعٍ ثَمَّ أَمِینٍ مَا هَذِهِ الطَّاعَةُ وَأَیْنَ هِیَ فَرَأْیُکَ أَدَامَ اللَّهُ عِزَّکَ بِالتَّفَضُّلِ عَلَیَّ بِمَسْأَلَةِ مَنْ تَثِقُ بِهِ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَإِجَابَتِی عَنْهَا مُنْعِماً مَعَ مَا تَشْرَحُهُ لِی مِنْ أَمْرِ مُحَمَّدِ بْنِ الْحُسَیْنِ بْنِ مَالِکٍ الْمُقَدَّمِ ذِکْرُهُ بِمَا یَسْکُنُ إِلَیْهِ وَیَعْتَدُّ بِنِعْمَةِ اللَّهِ عِنْدَهُ وَتَفَضَّلْ عَلَیَّ بِدُعَاءٍ جَامِعٍ لِی وَلِإِخْوَانِی لِلدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ فَعَلْتَ مُثَاباً إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

التَّوْقِیعُ جَمَعَ اللَّهُ لَکَ وَلِإِخْوَانِکَ خَیْرَ الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ.

أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَکَ وَأَدَامَ عِزَّکَ وَتَأْیِیدَکَ وَکَرَامَتَکَ وَسَعَادَتَکَ وَسَلَامَتَکَ وَأَتَمَّ

ص:126

نِعْمَتَهُ عَلَیْکَ وَزَادَ فِی إِحْسَانِهِ إِلَیْکَ وَجَمِیلِ مَوَاهِبِهِ لَدَیْکَ وَفَضْلِهِ عِنْدَکَ وَجَعَلَنِی مِنْ کُلِّ سُوءٍ وَمَکْرُوهٍ فِدَاکَ وَقَدَّمَنِی قِبَلَکَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَصَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ أَجْمَعِینَ.

ص:127

الصَّادِقَ علیه السلام قَالَ لِلْحَسَنِ کَیْفَ تَتَوَجَّهُ قَالَ أَقُولُ لَبَّیْکَ وَسَعْدَیْکَ فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ علیه السلام لَیْسَ عَنْ هَذَا أَسْأَلُکَ کَیْفَ تَقُولُ وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِیفاً مُسْلِماً قَالَ الْحَسَنُ أَقُولُهُ فَقَالَ لَهُ الصَّادِقُ علیه السلام إِذَا قُلْتَ ذَلِکَ فَقُلْ عَلَی مِلَّةِ إِبْرَاهِیمَ وَدِینِ مُحَمَّدٍ وَمِنْهَاجِ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ وَالِائْتِمَامِ بِآلِ مُحَمَّدٍ حَنِیفاً مُسْلِماً وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِکِینَ.

فَأَجَابَ علیه السلام التَّوَجُّهُ کُلُّهُ لَیْسَ بِفَرِیضَةٍ وَالسُّنَّةُ الْمُؤَکَّدَةُ فِیهِ الَّتِی هِیَ کَالْإِجْمَاعِ الَّذِی لَا خِلَافَ فِیهِ وَجَّهْتُ وَجْهِیَ لِلَّذِی فَطَرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ حَنِیفاً مُسْلِماً عَلَی مِلَّةِ إِبْرَاهِیمَ وَدِینِ مُحَمَّدٍ وَهُدَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَما أَنَا مِنَ الْمُشْرِکِینَ إِنَّ صَلاتِی وَنُسُکِی وَمَحْیایَ وَمَماتِی لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ لا شَرِیکَ لَهُ وَبِذلِکَ أُمِرْتُ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِینَ اللَّهُمَّ اجْعَلْنِی مِنَ الْمُسْلِمِینَ أَعُوذُ بِاللَّهِ السَّمِیعِ الْعَلِیمِ مِنَ الشَّیْطَانِ الرَّجِیمِ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ ثُمَّ یَقْرَأُ الْحَمْدَ قَالَ الْفَقِیهُ الَّذِی لَا یُشَکُّ فِی عِلْمِهِ الدِّینُ لِمُحَمَّدٍ وَالْهِدَایَةُ لِعَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ لِأَنَّهَا لَهُ وَفِی عَقِبِهِ بَاقِیَةٌ إِلَی یَوْمِ الْقِیَامَةِ فَمَنْ کَانَ کَذَلِکَ فَهُوَ مِنَ الْمُهْتَدِینَ وَمَنْ شَکَّ فَلَا دِینَ لَهُ وَنَعُوذُ بِاللَّهِ فِی ذَلِکَ مِنَ الضَّلَالَةِ بَعْدَ الْهُدَی.

وَسَأَلَهُ عَنِ الْقُنُوتِ فِی الْفَرِیضَةِ إِذَا فَرَغَ مِنْ دُعَائِهِ أَنْ یَرُدَّ یَدَیْهِ عَلَی وَجْهِهِ وَصَدْرِهِ لِلْحَدِیثِ الَّذِی رُوِیَ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَجَلُّ مِنْ أَنْ یَرُدَّ یَدَیْ عَبْدِهِ صِفْراً بَلْ یَمْلَأُهَا مِنْ رَحْمَتِهِ أَمْ لَا یَجُوزُ فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا ذَکَرَ أَنَّهُ عَمِلَ فِی الصَّلَاةِ.

فَأَجَابَ علیه السلام رَدُّ الْیَدَیْنِ مِنَ الْقُنُوتِ عَلَی الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ غَیْرُ جَائِزٍ فِی الْفَرَائِضِ وَالَّذِی عَلَیْهِ الْعَمَلُ فِیهِ إِذَا رَفَعَ یَدَهُ فِی قُنُوتِ الْفَرِیضَةِ وَفَرَغَ مِنَ الدُّعَاءِ أَنْ یَرُدَّ بَطْنَ رَاحَتَیْهِ مَعَ صَدْرِهِ تِلْقَاءَ رُکْبَتَیْهِ عَلَی تَمَهُّلٍ وَیُکَبِّرُ وَیَرْکَعُ وَالْخَبَرُ

ص:129

صَحِیحٌ وَهُوَ فِی نَوَافِلِ النَّهَارِ وَاللَّیْلِ دُونَ الْفَرَائِضِ وَالْعَمَلُ بِهِ فِیهَا أَفْضَلُ.

وَسَأَلَ عَنْ سَجْدَةِ الشُّکْرِ بَعْدَ الْفَرِیضَةِ فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا ذَکَرَ أَنَّهَا بِدْعَةٌ فَهَلْ یَجُوزُ أَنْ یَسْجُدَهَا الرَّجُلُ بَعْدَ الْفَرِیضَةِ وَإِنْ جَازَ فَفِی صَلَاةِ الْمَغْرِبِ هِیَ بَعْدَ الْفَرِیضَةِ أَوْ بَعْدَ الْأَرْبَعِ رَکَعَاتِ النَّافِلَةِ.

فَأَجَابَ علیه السلام سَجْدَةُ الشُّکْرِ مِنْ أَلْزَمِ السُّنَنِ وَأَوْجَبِهَا وَلَمْ یَقُلْ إِنَّ هَذِهِ السَّجْدَةَ بِدْعَةٌ إِلَّا مَنْ أَرَادَ أَنْ یُحْدِثَ فِی دِینِ اللَّهِ بِدْعَةً وَأَمَّا الْخَبَرُ الْمَرْوِیُّ فِیهَا بَعْدَ صَلَاةِ الْمَغْرِبِ وَالِاخْتِلَافُ فِی أَنَّهَا بَعْدَ الثَّلَاثِ أَوْ بَعْدَ الْأَرْبَعِ فَإِنَّ فَضْلَ الدُّعَاءِ وَالتَّسْبِیحِ بَعْدَ الْفَرَائِضِ عَلَی الدُّعَاءِ بِعَقِیبِ النَّوَافِلِ کَفَضْلِ الْفَرَائِضِ عَلَی النَّوَافِلِ وَالسَّجْدَةُ دُعَاءٌ وَتَسْبِیحٌ وَالْأَفْضَلُ أَنْ یَکُونَ بَعْدَ الْفَرْضِ فَإِنْ جَعَلْتَ بَعْدَ النَّوَافِلِ أَیْضاً جَازَ.

وَسَأَلَ أَنَّ لِبَعْضِ إِخْوَانِنَا مِمَّنْ نَعْرِفُهُ ضَیْعَةً جَدِیدَةً بِجَنْبِ ضَیْعَةٍ خَرَابٍ لِلسُّلْطَانِ فِیهَا حِصَّةٌ وَأَکَرَتُهُ رُبَّمَا زَرَعُوا حُدُودَهَا وَتُؤْذِیهِمْ عُمَّالُ السُّلْطَانِ وَیَتَعَرَّضُ فِی الْأَکْلِ مِنْ غَلَّاتِ ضَیْعَتِهِ وَلَیْسَ لَهَا قِیمَةٌ لِخَرَابِهَا وَإِنَّمَا هِیَ بَائِرَةٌ مُنْذُ عِشْرِینَ سَنَةً وَهُوَ یَتَحَرَّجُ مِنْ شِرَائِهَا لِأَنَّهُ یُقَالُ إِنَّ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنْ هَذِهِ الضَّیْعَةِ کَانَتْ قُبِضَتْ عَنِ الْوَقْفِ قَدِیماً لِلسُّلْطَانِ فَإِنْ جَازَ شِرَاؤُهَا مِنَ السُّلْطَانِ وَکَانَ ذَلِکَ صَوَاباً کَانَ ذَلِکَ صَلَاحاً لَهُ وَعِمَارَةً لِضَیْعَتِهِ وَإِنَّهُ یَزْرَعُ هَذِهِ الْحِصَّةَ مِنَ الْقَرْیَةِ الْبَائِرَةِ لِفَضْلِ مَاءِ ضَیْعَتِهِ الْعَامِرَةِ وَیَنْحَسِمُ عَنْهُ طَمَعُ أَوْلِیَاءِ السُّلْطَانِ وَإِنْ لَمْ یَجُزْ ذَلِکَ عَمِلَ بِمَا تَأْمُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

فَأَجَابَهُ علیه السلام الضَّیْعَةُلَا یَجُوزُ ابْتِیَاعُهَا إِلَّا مِنْ مَالِکِهَا أَوْ بِأَمْرِهِ وَرِضًا مِنْهُ.

وَسَأَلَ عَنْ رَجُلٍ اسْتَحَلَّ بِامْرَأَةٍ مِنْ حُجَّابِهَا وَکَانَ یَتَحَرَّزُ مِنْ أَنْ یَقَعَ وَلَدٌ فَجَاءَتْ بِابْنٍ فَتَحَرَّجَ الرَّجُلُ أَنْ لَا یَقْبَلَهُ فَقَبِلَهُ وَهُوَ شَاکٌّ فِیهِ لَیْسَ یَخْلِطُهُ بِنَفْسِهِ

ص:130

فَإِنْ کَانَ مِمَّنْ یَجِبُ أَنْ یَخْلِطَهُ بِنَفْسِهِ وَیَجْعَلَهُ کَسَائِرِ وُلْدِهِ فَعَلَ ذَلِکَ وَإِنْ جَازَ أَنْ یَجْعَلَ لَهُ شَیْئاً مِنْ مَالِهِ دُونَ حَقِّهِ فَعَلَ.

فَأَجَابَ علیه السلام الِاسْتِحْلَالُ بِالْمَرْأَةِ یَقَعُ عَلَی وُجُوهٍ وَالْجَوَابُ یُخْتَلَفُ فِیهَا فَلْیَذْکُرِ الْوَجْهَ الَّذِی وَقَعَ الِاسْتِحْلَالُ بِهِ مَشْرُوحاً لِیَعْرِفَ الْجَوَابَ فِیمَا یَسْأَلُ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْوَلَدِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَسَأَلَهُ الدُّعَاءَ لَهُ

فَخَرَجَ الْجَوَابُ جَادَ اللَّهُ عَلَیْهِ بِمَا هُوَ أَهْلُهُ إِیْجَابَنَا لِحَقِّهِ وَرِعَایَتَنَا لِأَبِیهِ رَحِمَهُ اللَّهُ وَقُرْبِهِ مِنَّا بِمَا عَلِمْنَاهُ مِنْ جَمِیلِ نِیَّتِهِ وَوَقَفْنَا عَلَیْهِ مِنْ مُخَالَطَتِهِ الْمَقَرِّبَةِ لَهُ مِنَ اللَّهِ الَّتِی تُرْضِی اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَرَسُولَهُ وَأَوْلِیَاءَهُ علیه السلام بِمَا بَدَأَنَا نَسْأَلُ اللَّهَ بِمَسْأَلَتِهِ مَا أَمَّلَهُ مِنْ کُلِّ خَیْرٍ عَاجِلٍ وَآجِلٍ وَأَنْ یُصْلِحَ لَهُ مِنْ أَمْرِ دِینِهِ وَدُنْیَاهُ مَا یُحِبُّ صَلَاحَهُ إِنَّهُ وَلِیٌّ قَدِیرٌ.

ص:131

الْجَوَابُ لَا بَأْسَ بِالصَّلَاةِ فِیهَا.

وَعَنِ الْمُصَلِّی یَکُونُ فِی صَلَاةِ اللَّیْلِ فِی ظُلْمَةٍ فَإِذَا سَجَدَ یَغْلَطُ بِالسَّجَّادَةِ وَیَضَعُ جَبْهَتَهُ عَلَی مِسْحٍ أَوْ نَطْعٍ فَإِذَا رَفَعَ رَأْسَهُ وَجَدَ السَّجَّادَةَ هَلْ یَعْتَدُّ بِهَذِهِ السَّجْدَةِ أَمْ لَا یَعْتَدُّ بِهَا.

الْجَوَابُ مَا لَمْ یَسْتَوِ جَالِساً فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ فِی رَفْعِ رَأْسِهِ لِطَلَبِ الْخُمْرَةِ.

وَعَنِ الْمُحْرِمِ یَرْفَعُ الظِّلَالَ هَلْ یَرْفَعُ خَشَبَ الْعَمَّارِیَّةِ أَوِ الْکَنِیسَةِ وَیَرْفَعُ الْجَنَاحَیْنِ أَمْ لَا.

الْجَوَابُ لَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ فِی تَرْکِهِ وَجَمِیعِ الْخَشَبِ.

وَعَنِ الْمُحْرِمِ یَسْتَظِلُّ مِنَ الْمَطَرِ بِنَطْعٍ أَوْ غَیْرِهِ حَذَراً عَلَی ثِیَابِهِ وَمَا فِی مَحْمِلِهِ أَنْ یَبْتَلَّ فَهَلْ یَجُوزُ ذَلِکَ.

الْجَوَابُ إِذَا فَعَلَ ذَلِکَ فِی الْمَحْمِلِ فِی طَرِیقِهِ فَعَلَیْهِ دَمٌ.

وَالرَّجُلُ یَحُجُّ عَنْ آخَرَ هَلْ یَحْتَاجُ أَنْ یَذْکُرَ الَّذِی حَجَّ عَنْهُ عِنْدَ عَقْدِ إِحْرَامِهِ أَمْ لَا وَهَلْ یَجِبُ أَنْ یَذْبَحَ عَمَّنْ حَجَّ عَنْهُ وَعَنْ نَفْسِهِ أَمْ یُجْزِیهِ هَدْیٌ وَاحِدٌ.

الْجَوَابُ یَذْکُرُهُ وَإِنْ لَمْ یَفْعَلْ فَلَا بَأْسَ.

وَهَلْ یَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ یُحْرِمَ فِی کِسَاءِ خَزٍّ أَمْ لَا.

الْجَوَابُ لَا بَأْسَ بِذَلِکَ وَقَدْ فَعَلَهُ قَوْمٌ صَالِحُونَ.

وَهَلْ یَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ یُصَلِّیَ وَفِی رِجْلِهِ بَطِیطٌلَا یُغَطِّی الْکَعْبَیْنِ أَمْ لَا یَجُوزُ.

الْجَوَابُ جَائِزٌ.

وَیُصَلِّی الرَّجُلُ وَمَعَهُ فِی کُمِّهِ أَوْ سَرَاوِیلِهِ سِکِّینٌ أَوْ مِفْتَاحُ حَدِیدٍ هَلْ یَجُوزُ ذَلِکَ.

ص:133

الْجَوَابُ جَائِزٌ.

وَعَنِ الرَّجُلِ یَکُونُ مَعَ بَعْضِ هَؤُلَاءِ وَمُتَّصِلًا بِهِمْ یَحُجُّ وَیَأْخُذُ عَلَی الْجَادَّةِ وَلَا یُحْرِمُونَ هَؤُلَاءِ مِنَ الْمَسْلَخِ فَهَلْ یَجُوزُ لِهَذَا الرَّجُلِ أَنْ یُؤَخِّرَ إِحْرَامَهُ إِلَی ذَاتِ عِرْقٍ فَیُحْرِمَ مَعَهُمْ لِمَا یَخَافُ مِنَ الشُّهْرَةِ أَمْ لَا یَجُوزُ أَنْ یُحْرِمَ إِلَّا مِنَ الْمَسْلَخِ.

الْجَوَابُ یُحْرِمُ مِنْ مِیقَاتِهِ ثُمَّ یَلْبَسُ الثِّیَابَ وَیُلَبِّی فِی نَفْسِهِ فَإِذَا بَلَغَ إِلَی مِیقَاتِهِمْ أَظْهَرَ.

وَعَنْ لُبْسِ النَّعْلِ الْمَعْطُونِ فَإِنَّ بَعْضَ أَصْحَابِنَا یَذْکُرُ أَنَّ لُبْسَهُ کَرِیهٌ.

الْجَوَابُ جَائِزٌ ذَلِکَ وَلَا بَأْسَ.

وَعَنِ الرَّجُلِ مِنْ وُکَلَاءِ الْوَقْفِ یَکُونُ مُسْتَحِلًّا لِمَا فِی یَدِهِ لَا یَرِعُ عَنْ أَخْذِ مَالِهِ رُبَّمَا نَزَلْتُ فِی قَرْیَةٍ وَهُوَ فِیهَا أَوْ أَدْخُلُ مَنْزِلَهُ وَقَدْ حَضَرَ طَعَامُهُ فَیَدْعُونِی إِلَیْهِ فَإِنْ لَمْ آکُلْ مِنْ طَعَامِهِ عَادَانِی عَلَیْهِ وَقَالَ فُلَانٌ لَا یَسْتَحِلُّ أَنْ یَأْکُلَ مِنْ طَعَامِنَا فَهَلْ یَجُوزُ لِی أَنْ آکُلَ مِنْ طَعَامِهِ وَأَتَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ وَکَمْ مِقْدَارُ الصَّدَقَةِ وَإِنْ أَهْدَی هَذَا الْوَکِیلُ هَدِیَّةً إِلَی رَجُلٍ آخَرَ فَأَحْضَرَ فَیَدْعُونِی أَنْ أَنَالَ مِنْهَا وَأَنَا أَعْلَمُ أَنَّ الْوَکِیلَ لَا یَرِعُ عَنْ أَخْذِ مَا فِی یَدِهِ فَهَلْ فِیهِ شَیْ ءٌ إِنْ أَنَا نِلْتُ مِنْهَا.

الْجَوَابُ إِنْ کَانَ لِهَذَا الرَّجُلِ مَالٌ أَوْ مَعَاشٌ غَیْرُ مَا فِی یَدِهِ فَکُلْ طَعَامَهُ وَاقْبَلْ بِرَّهُ وَإِلَّا فَلَا.

وَعَنِ الرَّجُلِ یَقُولُ بِالْحَقِّ وَیَرَی الْمُتْعَةَ وَیَقُولُ بِالرَّجْعَةِ إِلَّا أَنَّ لَهُ أَهْلًا مُوَافِقَةً لَهُ فِی جَمِیعِ أَمْرِهِ وَقَدْ عَاهَدَهَا أَنْ لَا یَتَزَوَّجَ عَلَیْهَا وَلَا یَتَسَرَّی وَقَدْ فَعَلَ هَذَا مُنْذُ بِضْعِ عَشْرَةَ سَنَةً وَوَفَی بِقَوْلِهِ فَرُبَّمَا غَابَ عَنْ مَنْزِلِهِ الْأَشْهُرَ فَلَا یَتَمَتَّعُ وَلَا یَتَحَرَّکُ نَفْسُهُ أَیْضاً لِذَلِکَ وَیَرَی أَنَّ وُقُوفَ مَنْ مَعَهُ مِنْ أَخٍ وَوَلَدٍ وَغُلَامٍ وَوَکِیلٍ وَحَاشِیَةٍ

ص:134

مِمَّا یُقَلِّلُهُ فِی أَعْیُنِهِمْ وَیُحِبُّ الْمُقَامَ عَلَی مَا هُوَ عَلَیْهِ مَحَبَّةً لِأَهْلِهِ وَمَیْلًا إِلَیْهَا وَصِیَانَةً لَهَا وَلِنَفْسِهِ لَا یُحَرِّمُ الْمُتْعَةَ بَلْ یَدِینُ اللَّهَ بِهَا فَهَلْ عَلَیْهِ فِی تَرْکِهِ ذَلِکَ مَأْثَمٌ أَمْ لَا.

الْجَوَابُ فِی ذَلِکَ یُسْتَحَبُّ لَهُ أَنْ یُطِیعَ اللَّهَ تَعَالَی لِیَزُولَ عَنْهُ الْحَلْفُ فِی الْمَعْصِیَةِ وَلَوْ مَرَّةً وَاحِدَةً.

فَإِنْ رَأَیْتَ أَدَامَ اللَّهُ عِزَّکَ أَنْ تَسْأَلَ لِی عَنْ ذَلِکَ وَتَشْرَحَهُ لِی وَتُجِیبَ فِی کُلِّ مَسْأَلَةٍ بِمَا الْعَمَلُ بِهِ وَتُقَلِّدَنِی الْمِنَّةَ فِی ذَلِکَ جَعَلَکَ اللَّهُ السَّبَبَ فِی کُلِّ خَیْرٍ وَأَجْرَاهُ عَلَی یَدِکَ فَعَلْتَ مُثَاباً إِنْ شَاءَ اللَّهُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَکَ وَأَدَامَ عِزَّکَ وَتَأْیِیدَکَ وَسَعَادَتَکَ وَسَلَامَتَکَ وَکَرَامَتَکَ وَأَتَمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکَ وَزَادَ فِی إِحْسَانِهِ إِلَیْکَ وَجَعَلَنِی مِنَ السُّوءِ فِدَاکَ وَقَدَّمَنِی عَنْکَ وَقِبَلَکَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ وَصَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ النَّبِیِّ وَآلِهِ وَسَلَّمَ کَثِیراً.

قَالَ ابْنُ نُوحٍ نَسَخْتُ هَذِهِ النُّسْخَةَ مِنَ الدَّرْجَیْنِ الْقَدِیمَیْنِ اللَّذَیْنِ فِیهِمَا الْخَط وَالتَّوْقِیعَاتُ.

ص:135

فَأَجَابَ علیه السلام إِذَا لَحِقَ مَعَ الْإِمَامِ مِنْ تَسْبِیحِ الرُّکُوعِ تَسْبِیحَةً وَاحِدَةً اعْتَدَّ بِتِلْکَ الرَّکْعَةِ وَإِنْ لَمْ یَسْمَعْ تَکْبِیرَةَ الرُّکُوعِ.

وَسَأَلَ عَنْ رَجُلٍ صَلَّی الظُّهْرَ وَدَخَلَ فِی صَلَاةِ الْعَصْرِ فَلَمَّا أَنْ صَلَّی مِنْ صَلَاةِ الْعَصْرِ رَکْعَتَیْنِ اسْتَیْقَنَ أَنَّهُ صَلَّی الظُّهْرَ رَکْعَتَیْنِ کَیْفَ یَصْنَعُ.

فَأَجَابَ علیه السلام إِنْ کَانَ أَحْدَثَ بَیْنَ الصَّلَاتَیْنِ حَادِثَةً یَقْطَعُ بِهَا الصَّلَاةَ أَعَادَ الصَّلَاتَیْنِ وَإِذَا لَمْ یَکُنْ أَحْدَثَ حَادِثَةً جَعَلَ الرَّکْعَتَیْنِ الْأَخِیرَتَیْنِ تَتِمَّةً لِصَلَاةِ الظُّهْرِ وَصَلَّی الْعَصْرَ بَعْدَ ذَلِکَ.

وَسَأَلَ عَنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ هَلْ یَتَوَالَدُونَ إِذَا دَخَلُوهَا أَمْ لَا فَأَجَابَ علیه السلام إِنَّ الْجَنَّةَحَمْلَ فِیهَا لِلنِّسَاءِ وَلَا وِلَادَةَ وَلَا طَمْثَ وَلَا نِفَاسَ وَلَا شَقَاءَ بِالطُّفُولِیَّةِ وَفِیها ما تَشْتَهِیهِ الْأَنْفُسُ وَتَلَذُّ الْأَعْیُنُ کَمَا قَالَ سُبْحَانَهُ فَإِذَا اشْتَهَی الْمُؤْمِنُ وَلَداً خَلَقَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِغَیْرِ حَمْلٍ وَلَا وِلَادَةٍ عَلَی الصُّورَةِ الَّتِی یُرِیدُ کَمَا خَلَقَ آدَمَ علیه السلام عِبْرَةً.

وَسَأَلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً بِشَیْ ءٍ مَعْلُومٍ إِلَی وَقْتٍ مَعْلُومٍ وَبَقِیَ لَهُ عَلَیْهَا وَقْتٌ فَجَعَلَهَا فِی حِلٍّ مِمَّا بَقِیَ لَهُ عَلَیْهَا وَقَدْ کَانَتْ طَمِثَتْ قَبْلَ أَنْ یَجْعَلَهَا فِی حِلٍّ مِنْ أَیَّامِهَا بِثَلَاثَةِ أَیَّامٍ أَ یَجُوزُ أَنْ یَتَزَوَّجَهَا رَجُلٌ آخَرُ بِشَیْ ءٍ مَعْلُومٍ إِلَی وَقْتٍ مَعْلُومٍ عِنْدَ طُهْرِهَا مِنْ هَذِهِ الْحَیْضَةِ أَوْ یَسْتَقْبِلُ بِهَا حَیْضَةً أُخْرَی.

فَأَجَابَ علیه السلام یَسْتَقْبِلُ حَیْضَةً غَیْرَ تِلْکَ الْحَیْضَةِ لِأَنَّ أَقَلَّ تِلْکَ الْعِدَّةِ حَیْضَةٌ وَطَهَارَةٌ تَامَّةٌ.

وَسَأَلَ عَنِ الْأَبْرَصِ وَالْمَجْذُومِ وَصَاحِبِ الْفَالِجِ هَلْ یَجُوزُ شَهَادَتُهُمْ فَقَدْ رُوِیَ لَنَا أَنَّهُمْ لَا یَؤُمُّونَ الْأَصِحَّاءَ.

ص:137

فَأَجَابَ علیه السلام إِنْ کَانَ مَا بِهِمْ حَادِثاً جَازَتْ شَهَادَتُهُمْ وَإِنْ کَانَ وِلَادَةً لَمْ تَجُزْ.

وَسَأَلَ هَلْ یَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ یَتَزَوَّجَ ابْنَةَ امْرَأَتِهِ.

فَأَجَابَ علیه السلام إِنْ کَانَتْ رُبِّیَتْ فِی حَجْرِهِ فَلَا یَجُوزُ وَإِنْ لَمْ تَکُنْ رُبِّیَتْ فِی حَجْرِهِ وَکَانَتْ أُمُّهَا فِی غَیْرِ حِبَالِهِ فَقَدْ رُوِیَ أَنَّهُ جَائِزٌ.

وَسَأَلَ هَلْ یَجُوزُ أَنْ یَتَزَوَّجَ بِنْتَ ابْنَةِ امْرَأَةٍ ثُمَّ یَتَزَوَّجَ جَدَّتَهَا بَعْدَ ذَلِکَ أَمْ لَا

فَأَجَابَ علیه السلام قَدْ نُهِیَ عَنْ ذَلِکَ.

وَسَأَلَ عَنْ رَجُلٍ ادَّعَی عَلَی رَجُلٍ أَلْفَ دِرْهَمٍ أَقَامَ بِهَا الْبَیِّنَةَ الْعَادِلَةَ وَادَّعَی عَلَیْهِ أَیْضاً خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ فِی صَکٍّ آخَرَ وَلَهُ بِذَلِکَ کُلِّهِ بَیِّنَةٌ عَادِلَةٌ وَادَّعَی عَلَیْهِ أَیْضاً بِثَلَاثِ مِائَةِ دِرْهَمٍ فِی صَکٍّ آخَرَ وَمِائَتَیْ دِرْهَمٍ فِی صَکٍّ آخَرَ وَلَهُ بِذَلِکَ کُلِّهِ بَیِّنَةٌ عَادِلَةٌ وَیَزْعُمُ الْمُدَّعَی عَلَیْهِ أَنَّ هَذِهِ الصِّکَاکَ کُلَّهَا قَدْ دَخَلَتْ فِی الصَّکِّ الَّذِی بِأَلْفِ دِرْهَمٍ وَالْمُدَّعِی یُنْکِرُ أَنْ یَکُونَ کَمَا زَعَمَ فَهَلْ تَجِبُ عَلَیْهِ الْأَلْفُ الدِّرْهَمِ مَرَّةً وَاحِدَةً أَوْ یَجِبُ عَلَیْهِ کَمَا یُقِیمُ الْبَیِّنَةَ بِهِ وَلَیْسَ فِی الصِّکَاکِ اسْتِثْنَاءٌ إِنَّمَا هِیَ صِکَاکٌ عَلَی وَجْهِهَا.

فَأَجَابَ علیه السلام یُؤْخَذُ مِنَ الْمُدَّعَی عَلَیْهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَهِیَ الَّتِی لَا شُبْهَةَ فِیهَا وَتُرَدُّ الْیَمِینُ فِی الْأَلْفِ الْبَاقِی عَلَی الْمُدَّعِی فَإِنْ نَکَلَ فَلَا حَقَّ لَهُ.

وَسَأَلَ عَنْ طِینِ الْقَبْرِ یُوضَعُ مَعَ الْمَیِّتِ فِی قَبْرِهِ هَلْ یَجُوزُ ذَلِکَ أَمْ لَا.

فَأَجَابَ علیه السلام یُوضَعُ مَعَ الْمَیِّتِ فِی قَبْرِهِ وَیُخْلَطُ بِحَنُوطِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَسَأَلَ فَقَالَ رُوِیَ لَنَا عَنِ الصَّادِقِ علیه السلام أَنَّهُ کَتَبَ عَلَی إِزَارِ إِسْمَاعِیلَ ابْنُهُ إِسْمَاعِیلُ یَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ فَهَلْ یَجُوزُ لَنَا أَنْ نَکْتُبَ مِثْلَ ذَلِکَ بِطِینِ الْقَبْرِ أَمْ غَیْرِهِ.

ص:138

فَأَجَابَ علیه السلام یَجُوزُ ذَلِکَ.

وَسَأَلَ هَلْ یَجُوزُ أَنْ یُسَبِّحَ الرَّجُلُ بِطِینِ الْقَبْرِ وَهَلْ فِیهِ فَضْلٌ.

فَأَجَابَ علیه السلام یُسَبِّحُ بِهِ فَمَا مِنْ شَیْ ءٍ مِنَ التَّسْبِیحِ أَفْضَلَ مِنْهُ وَمِنْ فَضْلِهِ أَنَّ الرَّجُلَ یَنْسَی التَّسْبِیحَ وَیُدِیرُ السُّبْحَةَ فَیُکْتَبُ لَهُ التَّسْبِیحُ.

وَسَأَلَ عَنِ السَّجْدَةِ عَلَی لَوْحٍ مِنْ طِینِ الْقَبْرِ وَهَلْ فِیهِ فَضْلٌ.

فَأَجَابَ علیه السلام یَجُوزُ ذَلِکَ وَفِیهِ الْفَضْلُ.

وَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ یَزُورُ قُبُورَ الْأَئِمَّةِعلیهم السلام هَلْ یَجُوزُ أَنْ یَسْجُدَ عَلَی الْقَبْرِ أَمْ لَا وَهَلْ یَجُوزُ لِمَنْ صَلَّی عِنْدَ بَعْضِ قُبُورِهِمْ علیهم السلام أَنْ یَقُومَ وَرَاءَ الْقَبْرِ وَیَجْعَلَ الْقَبْرَ قِبْلَةً أَمْ یَقُومُ عِنْدَ رَأْسِهِ أَوْ رِجْلَیْهِ وَهَلْ یَجُوزُ أَنْ یَتَقَدَّمَ الْقَبْرَ وَیُصَلِّیَ وَیَجْعَلَ الْقَبْرَ خَلْفَهُ أَمْ لَا.

فَأَجَابَ علیه السلام أَمَّا السُّجُودُ عَلَی الْقَبْرِ فَلَا یَجُوزُ فِی نَافِلَةٍ وَلَا فَرِیضَةٍ وَلَا زِیَارَةٍ وَالَّذِی عَلَیْهِ الْعَمَلُ أَنْ یَضَعَ خَدَّهُ الْأَیْمَنَ عَلَی الْقَبْرِ وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا خَلْفَهُ وَیَجْعَلُ الْقَبْرَ أَمَامَهُ وَلَا یَجُوزُ أَنْ یُصَلِّیَ بَیْنَ یَدَیْهِ وَلَا عَنْ یَمِینِهِ وَلَا عَنْ یَسَارِهِ لِأَنَّ الْإِمَامَ علیه السلام لَایُتَقَدَّمُ عَلَیْهِ وَلَا یُسَاوَی.

وَسَأَلَ فَقَالَ هَلْ یَجُوزُ لِلرَّجُلِ إِذَا صَلَّی الْفَرِیضَةَ أَوِ النَّافِلَةَ وَبِیَدِهِ السُّبْحَةُ أَنْ یُدِیرَهَا وَهُوَ فِی الصَّلَاةِ.

فَأَجَابَ علیه السلام یَجُوزُ ذَلِکَ إِذَا خَافَ السَّهْوَ وَالْغَلَطَ.

وَسَأَلَ هَلْ یَجُوزُ أَنْ یُدِیرَ السُّبْحَةَ بِیَدِهِ الْیَسَارِ إِذَا سَبَّحَ أَوْلَا یَجُوزُ

فَأَجَابَ علیه السلام یَجُوزُ ذَلِکَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

وَسَأَلَ فَقَالَ رُوِیَ عَنِ الْفَقِیهِ فِی بَیْعِ الْوُقُوفِ خَبَرٌ مَأْثُورٌ إِذَا کَانَ الْوَقْفُ عَلَی

ص:139

قَوْمٍ بِأَعْیَانِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ فَاجْتَمَعَ أَهْلُ الْوَقْفِ عَلَی بَیْعِهِ وَکَانَ ذَلِکَ أَصْلَحَ لَهُمْ أَنْ یَبِیعُوهُ فَهَلْ یَجُوزُ أَنْ یَشْتَرِیَ مِنْ بَعْضِهِمْ إِنْ لَمْ یَجْتَمِعُوا کُلُّهُمْ عَلَی الْبَیْعِ أَمْ لَا یَجُوزُ إِلَّا أَنْ یَجْتَمِعُوا کُلُّهُمْ عَلَی ذَلِکَ وَعَنِ الْوَقْفِ الَّذِی لَا یَجُوزُ بَیْعُهُ.

فَأَجَابَ علیه السلام إِذَا کَانَ الْوَقْفُ عَلَی إِمَامِ الْمُسْلِمِینَ فَلَا یَجُوزُ بَیْعُهُ وَإِنْ کَانَ عَلَی قَوْمٍ مِنَ الْمُسْلِمِینَ فَلْیَبِعْ کُلُّ قَوْمٍ مَا یَقْدِرُونَ عَلَی بَیْعِهِ مُجْتَمِعِینَ وَمُتَفَرِّقِینَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

وَسَأَلَ هَلْ یَجُوزُ لِلْمُحْرِمِ أَنْ یُصَیِّرَ عَلَی إِبْطِهِ الْمَرْتَکَ أَوِ التُّوتِیَاءَ لِرِیحِ الْعَرَقِ أَمْ لَا یَجُوزُ.

فَأَجَابَهُ یَجُوزُ ذَلِکَ.

وَسَأَلَ عَنِ الضَّرِیرِ إِذَا أُشْهِدَ فِی حَالِ صِحَّتِهِ عَلَی شَهَادَةٍ ثُمَّ کُفَّ بَصَرُهُ وَلَا یَرَی خَطَّهُ فَیَعْرِفَهُ هَلْ تَجُوزُ شَهَادَتُهُ وَبِاللَّهِ التَّوْفِیقُ أَمْ لَا وَإِنْ ذَکَرَ هَذَا الضَّرِیرُ الشَّهَادَةَ هَلْ یَجُوزُ أَنْ یَشْهَدَ عَلَی شَهَادَتِهِ أَمْ لَا یَجُوزُ.

فَأَجَابَ علیه السلام إِذَا حَفِظَ الشَّهَادَةَ وَحَفِظَ الْوَقْتَ جَازَتْ شَهَادَتُهُ.

وَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ یُوقِفُ ضَیْعَةً أَوْ دَابَّةً وَیُشْهِدُ عَلَی نَفْسِهِ بِاسْمِ بَعْضِ وُکَلَاءِ الْوَقْفِ ثُمَّ یَمُوتُ هَذَا الْوَکِیلُ أَوْ یَتَغَیَّرُ أَمْرُهُ وَیَتَوَلَّی غَیْرُهُ هَلْ یَجُوزُ أَنْ یَشْهَدَ الشَّاهِدُ لِهَذَا الَّذِی أُقِیمَ مَقَامَهُ إِذَا کَانَ أَصْلُ الْوَقْفِ لِرَجُلٍ وَاحِدٍ أَمْ لَا یَجُوزُ ذَلِکَ.

فَأَجَابَ علیه السلام لَایَجُوزُ غَیْرُ ذَلِکَ لِأَنَّ الشَّهَادَةَ لَمْ تَقُمْ لِلْوَکِیلِ وَإِنَّمَا قَامَتْ لِلْمَالِکِ وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَی وَأَقِیمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ.

وَسَأَلَ عَنِ الرَّکْعَتَیْنِ الْأُخْرَاوَیْنِ قَدْ کَثُرَتْ فِیهِمَا الرِّوَایَاتُ فَبَعْضٌ یَرْوِی أَنَّ قِرَاءَةَ الْحَمْدِ وَحْدَهَا أَفْضَلُ وَبَعْضٌ یَرْوِی أَنَّ التَّسْبِیحَ فِیهِمَا أَفْضَلُ فَالْفَضْلُ لِأَیِّهِمَا لِنَسْتَعْمِلَهُ.

ص:140

فَأَجَابَ علیه السلام قَدْ نَسَخَتْ قِرَاءَةُ أُمِّ الْکِتَابِ فِی هَاتَیْنِ الرَّکْعَتَیْنِ التَّسْبِیحَ وَالَّذِی نَسَخَ التَّسْبِیحَ قَوْلُ الْعَالِمِ علیه السلام کُلُّ صَلَاةٍ لَا قِرَاءَةَ فِیهَا فَهِیَ خِدَاجٌ إِلَّا لِلْعَلِیلِ أَوْ مَنْ یَکْثُرُ عَلَیْهِ السَّهْوُ فَیُتَخَوَّفُ بُطْلَانُ الصَّلَاةِ عَلَیْهِ.

وَسَأَلَ فَقَالَ یُتَّخَذُ عِنْدَنَا رُبُّ الْجَوْزِ لِوَجَعِ الْحَلْقِ وَالْبَحْبَحَةِ یُؤْخَذُ الْجَوْز الرَّطْبُ مِنْ قَبْلِ أَنْ یَنْعَقِدَ وَیُدَقُّ دَقّاً نَاعِماً وَیُعْصَرُ مَاؤُهُ وَیُصَفَّی وَیُطْبَخُ عَلَی النِّصْفِ وَیُتْرَکُ یَوْماً وَلَیْلَةً ثُمَّ یُنْصَبُ عَلَی النَّارِ وَیُلْقَی عَلَی کُلِّ سِتَّةِ أَرْطَالٍ مِنْهُ رِطْلُ عَسَلٍ وَیُغْلَی وَیُنْزَعُ رَغْوَتُهُ وَیُسْحَقُ مِنَ النُّوشَادُرِ وَالشَّبِّ الْیَمَانِیِّ مِنْ کُلِّ وَاحِدٍ نِصْفُ مِثْقَالٍ وَیُدَافُ بِذَلِکَ إِلَی الْمَاءِ وَیُلْقَی فِیهِ دِرْهَمُ زَعْفَرَانٍ مَسْحُوقٍ وَیُغْلَی وَیُؤْخَذُ رَغْوَتُهُ وَیُطْبَخُ حَتَّی یَصِیرَ مِثْلَ الْعَسَلِ ثَخِیناً ثُمَّ یُنْزَلُ عَنِ النَّارِ وَیَبْرُدُ وَیُشْرَبُ مِنْهُ فَهَلْ یَجُوزُ شُرْبُهُ أَمْ لَا.

فَأَجَابَ علیه السلام إِذَا کَانَ کَثِیرُهُ یُسْکِرُ أَوْ یُغَیِّرُ فَقَلِیلُهُ وَکَثِیرُهُ حَرَامٌ وَإِنْ کَانَ یُسْکِرُ فَهُوَ حَلَالٌ.

وَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ تَعْرِضُ لَهُ حَاجَةٌ مِمَّالَا یَدْرِی أَنْ یَفْعَلَهَا أَمْ لَا فَیَأْخُذُ خَاتَمَیْنِ فَیَکْتُبُ فِی أَحَدِهِمَا نَعَمِ افْعَلْ وَفِی الآْخَرِلَا تَفْعَلْ فَیَسْتَخِیرُ اللَّهَ مِرَاراً ثُمَّ یَرَی فِیهِمَا فَیُخْرِجُ أَحَدَهُمَا فَیَعْمَلُ بِمَا یَخْرُجُ فَهَلْ یَجُوزُ ذَلِکَ أَمْ لَا وَالْعَامِلُ بِهِ وَالتَّارِکُ لَهُ أَ هُوَ یَجُوزُ مِثْلَ الِاسْتِخَارَةِ أَمْ هُوَ سِوَی ذَلِکَ.

فَأَجَابَ علیه السلام الَّذِی سَنَّهُ الْعَالِمُ علیه السلام فِی هَذِهِ الِاسْتِخَارَةِ بِالرِّقَاعِ وَالصَّلَاةِ.

وَسَأَلَ عَنْ صَلَاةِ جَعْفَرِ بْنِ أَبِی طَالِبٍ علیه السلام فِی أَیِّ أَوْقَاتِهَا أَفْضَلُ أَنْ تُصَلَّی فِیهِ وَهَلْ فِیهَا قُنُوتٌ وَإِنْ کَانَ فَفِی أَیِّ رَکْعَةٍ مِنْهَا.

فَأَجَابَ علیه السلام أَفْضَلُ أَوْقَاتِهَا صَدْرُ النَّهَارِ مِنْ یَوْمِ الْجُمُعَةِ ثُمَّ فِی أَیِّ الْأَیَّامِ شِئْتَ

ص:141

وَأَیِّ وَقْتٍ صَلَّیْتَهَا مِنْ لَیْلٍ أَوْ نَهَارٍ فَهُوَ جَائِزٌ وَالْقُنُوتُ مَرَّتَانِ فِی الثَّانِیَةِ قَبْلَ الرُّکُوعِ وَالرَّابِعَةِ.

وَسَأَلَ عَنِ الرَّجُلِ یَنْوِی إِخْرَاجَ شَیْ ءٍ مِنْ مَالِهِ وَأَنْ یَدْفَعَهُ إِلَی رَجُلٍ مِنْ إِخْوَانِهِ ثُمَّ یَجِدُ فِی أَقْرِبَائِهِ مُحْتَاجاً أَ یَصْرِفُ ذَلِکَ عَمَّنْ نَوَاهُ لَهُ إِلَی قَرَابَتِهِ.

فَأَجَابَ علیه السلام یَصْرِفُهُ إِلَی أَدْنَاهُمَا وَأَقْرَبِهِمَا مِنْ مَذْهَبِهِ فَإِنْ ذَهَبَ إِلَی قَوْل الْعَالِمِ علیه السلام لَایَقْبَلُ اللَّهُ الصَّدَقَةَ وَذُو رَحِمٍ مُحْتَاجٌ فَلْیَقْسِمْ بَیْنَ الْقَرَابَةِ وَبَیْنَ الَّذِی نَوَی حَتَّی یَکُونَ قَدْ أَخَذَ بِالْفَضْلِ کُلِّهِ.

وَسَأَلَ فَقَالَ قَدِ اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِی مَهْرِ الْمَرْأَةِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ إِذَا دَخَلَ بِهَا سَقَطَ الْمَهْرُ وَلَا شَیْ ءَ لَهَا وَقَالَ بَعْضُهُمْ هُوَ لَازِمٌ فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ فَکَیْفَ ذَلِکَ وَمَا الَّذِی یَجِبُ فِیهِ.

فَأَجَابَ علیه السلام إِنْ کَانَ عَلَیْهِ بِالْمَهْرِ کِتَابٌ فِیهِ دَیْنٌ فَهُوَ لَازِمٌ لَهُ فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ وَإِنْ کَانَ عَلَیْهِ کِتَابٌ فِیهِ ذِکْرُ الصَّدَقَاتِ سَقَطَ إِذَا دَخَلَ بِهَا وَإِنْ لَمْ یَکُنْ عَلَیْهِ کِتَابٌ فَإِذَا دَخَلَ بِهَا سَقَطَ بَاقِی الصَّدَاقِ.

وَسَأَلَ فَقَالَ رُوِیَ عَنْ صَاحِبِ الْعَسْکَرِعلیه السلام أَنَّهُ سُئِلَ عَنِ الصَّلَاةِ فِی الْخَزِّ الَّذِی یُغَشُّ بِوَبَرِ الْأَرَانِبِ فَوَقَّعَ یَجُوزُ وَرُوِیَ عَنْهُ أَیْضاً أَنَّهُ لَا یَجُوزُ فَأَیَّ الْأَمْرَیْنِ نَعْمَلُ بِهِ.

فَأَجَابَ علیه السلام إِنَّمَا حَرُمَ فِی هَذِهِ الْأَوْبَارِ وَالْجُلُودِ فَأَمَّا الْأَوْبَارُ وَحْدَهَا فَحَلَالٌ.

وَقَدْ سُئِلَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ مَعْنَی قَوْلِ الصَّادِقِ علیه السلام لَایُصَلَّی فِی الثَّعْلَبِ وَلَا فِی الثَّوْبِ الَّذِی یَلِیهِ فَقَالَ إِنَّمَا عَنَی الْجُلُودَ دُونَ غَیْرِهِ وَسَأَلَ فَقَالَ یُتَّخَذُ بِأَصْفَهَانَ ثِیَابٌ عُنَّابِیَّةٌ عَلَی عَمَلِ الْوَشْیِ مِنْ قَزٍّ وَإِبْرِیسَمٍ هَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ فِیهَا أَمْ لَا.

ص:142

فَأَجَابَ علیه السلام لَا تَجُوزُ الصَّلَاةُ إِلَّا فِی ثَوْبٍ سَدَاهُ أَوْ لَحْمَتُهُ قُطْنٌ أَوْ کَتَّانٌ.

وَسَأَلَ عَنِ الْمَسْحِ عَلَی الرِّجْلَیْنِ بِأَیِّهِمَا یَبْدَأُ بِالْیَمِینِ أَوْ یَمْسَحُ عَلَیْهِمَا جَمِیعاً.

فَأَجَابَ علیه السلام یَمْسَحُ عَلَیْهِمَا جَمِیعاً مَعاً فَإِنْ بَدَأَ بِإِحْدَاهُمَا قَبْلَ الْأُخْرَی فَلَا یَبْتَدِئُ إِلَّا بِالْیَمِینِ.

وَسَأَلَ عَنْ صَلَاةِ جَعْفَرٍ فِی السَّفَرِ هَلْ یَجُوزُ أَنْ تُصَلَّی أَمْ لَا.

فَأَجَابَ علیه السلام یَجُوزُ ذَلِکَ.

وَسَأَلَ عَنْ تَسْبِیحِ فَاطِمَةَعلیها السلام مَنْ سَهَا فَجَازَ التَّکْبِیرَ أَکْثَرَ مِنْ أَرْبَعٍ وَثَلَاثِینَ هَلْ یَرْجِعُ إِلَی أَرْبَعٍ وَثَلَاثِینَ أَوْ یَسْتَأْنِفُ وَإِذَا سَبَّحَ تَمَامَ سَبْعَةٍ وَسِتِّینَ هَلْ یَرْجِعُ إِلَی سِتَّةٍ وَسِتِّینَ أَوْ یَسْتَأْنِفُ وَمَا الَّذِی یَجِبُ فِی ذَلِکَ.

فَأَجَابَ علیه السلام إِذَا سَهَا فِی التَّکْبِیرِ حَتَّی تَجَاوَزَ أَرْبَعاً وَثَلَاثِینَ عَادَ إِلَی ثَلَاثٍ وَثَلَاثِینَ وَیَبْنِی عَلَیْهَا وَإِذَا سَهَا فِی التَّسْبِیحِ فَتَجَاوَزَ سَبْعاً وَسِتِّینَ تَسْبِیحَةً عَادَ إِلَی سِتٍّ وَسِتِّینَ وَبَنَی عَلَیْهَا فَإِذَا جَاوَزَ التَّحْمِیدَ مِائَةً فَلَا شَیْ ءَ عَلَیْهِ.

ص:143

مِنَ الْوَقْفِ فَالْمَالُ مَالُهُ فَعَلَ فِیهِ مَا أَرَادَ.

قَالَ أَبُو الْحُسَیْنِ حُسِبَ الْحِسَابُ قَبْلَ الْمَوْلُودِ فَجَاءَ الْوَلَدُ مُسْتَوِیاً.

وَقَالَ وَجَدْتُ فِی نُسْخَةِ أَبِی الْحَسَنِ الْهَمْدَانِیِّ أَتَانِی أَبْقَاکَ اللَّهُ کِتَابُکَ الَّذِی أَنْفَذْتَهُ وَرَوَی هَذَا التَّوْقِیعَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیِّ بْنِ إِبْرَاهِیمَ عَنِ الشَّارِیِّ.

ص:145

وَجَلَّ مِنْ بَوْلِ الْأَغْلَفِ أَرْبَعِینَ صَبَاحاً.

وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الْمُصَلِّی وَالنَّارُ وَالصُّورَةُ وَالسِّرَاجُ بَیْنَ یَدَیْهِ هَلْ تَجُوزُ صَلَاتُهُ فَإِنَّ النَّاسَ اخْتَلَفُوا فِی ذَلِکَ قَبْلَکَ فَإِنَّهُ جَائِزٌ لِمَنْ لَمْ یَکُنْ مِنْ أَوْلَادِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالنِّیرَانِ یُصَلِّی وَالصُّورَةُ وَالسِّرَاجُ بَیْنَ یَدَیْهِ وَلَا یَجُوزُ ذَلِکَ لِمَنْ کَانَ مِنْ أَوْلَادِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالنِّیرَانِ.

وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الضِّیَاعِ الَّتِی لِنَاحِیَتِنَا هَلْ یَجُوزُ الْقِیَامُ بِعِمَارَتِهَا وَأَدَاءِ الْخَرَاجِ مِنْهَا وَصَرْفِ مَا یَفْضُلُ مِنْ دَخْلِهَا إِلَی النَّاحِیَةِ احْتِسَاباً لِلْأَجْرِ وَتَقَرُّباً إِلَیْکُمْ فَلَا یَحِلُّ لِأَحَدٍ أَنْ یَتَصَرَّفَ فِی مَالِ غَیْرِهِ بِغَیْرِ إِذْنِهِ فَکَیْفَ یَحِلُّ ذَلِکَ فِی مَالِنَا مَنْ فَعَلَ شَیْئاً مِنْ ذَلِکَ بِغَیْرِ أَمْرِنَا فَقَدِ اسْتَحَلَّ مِنَّا مَا حَرَّمَ عَلَیْهِ وَمَنْ أَکَلَ مِنْ أَمْوَالِنَا شَیْئاً فَإِنَّمَا یَأْکُلُ فِی بَطْنِهِ نَاراً وَسَیَصْلَی سَعِیراً.

وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنْ أَمْرِ الرَّجُلِ الَّذِی یَجْعَلُ لِنَاحِیَتِنَا ضَیْعَةً وَیُسَلِّمُهَا مِنْ قَیِّمٍ یَقُومُ بِهَا وَیَعْمُرُهَا وَیُؤَدِّی مِنْ دَخْلِهَا خَرَاجَهَا وَمَئُونَتَهَا وَیَجْعَلُ مَا یَبْقَی مِنَ الدَّخْلِ لِنَاحِیَتِنَا فَإِنَّ ذَلِکَ جَائِزٌ لِمَنْ جَعَلَهُ صَاحِبُ الضَّیْعَةِ قَیِّماً عَلَیْهَا إِنَّمَایَجُوزُ ذَلِکَ لِغَیْرِهِ.

وَأَمَّا مَا سَأَلْتَ عَنْهُ مِنَ الثِّمَارِ مِنْ أَمْوَالِنَا یَمُرُّ بِهِ الْمَارُّ فَیَتَنَاوَلُ مِنْهُ وَیَأْکُلُ هَلْ یَحِلُّ لَهُ ذَلِکَ فَإِنَّهُ یَحِلُّ لَهُ أَکْلُهُ وَیَحْرُمُ عَلَیْهِ حَمْلُهُ.

ص:148

مُرْ فُلَاناً لَا فَجَعَنَا اللَّهُ بِهِ بِمَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ مِنَ الصِّیَامِ عَلَی مَا أَصِفُ؛

إِمَّا کُلَّ یَوْمٍ أَوْ یَوْماً وَیَوْماًلَا أَوْ ثَلَاثَةً فِی الشَّهْرِ.

وَلَا یَخْلُو کُلَّ یَوْمٍ أَوْ یَوْمَیْنِ مِنْ صَدَقَةٍ عَلَی سِتِّینَ مِسْکِیناً أَوْ مَا یُحَرِّکُهُ عَلَیْهِ النِّیَّةُ وَمَا جَرَی وَتَمَّ.

وَیَسْتَعْمِلُ نَفْسَهُ فِی صَلَاةِ اللَّیْلِ وَالنَّهَارِ اسْتِعْمَالاً شَدِیداً.

وَکَذَلِکَ فِی الِاسْتِغْفَارِ.

وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ.

وَذِکْرِ اللَّهِ تَعَالَی.

وَالِاعْتِرَافِ فِی الْقُنُوتِ بِذُنُوبِهِ وَیَسْتَغْفِرُ اللَّهَ مِنْهَا.

وَیَجْعَلُ أَبْوَاباً فِی الصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ عَنْ أَشْیَاءَ یَسِمُهَا مِنْ ذُنُوبِهِ.

وَیُخْلِصُ نِیَّتَهُ فِی اعْتِقَادِ الْحَقِّ وَیَصِلُ رَحِمَهُ وَیَنْشُرُ الْخَیْرَ فِیهَا.

وَنَرْجُو أَنْ یَنْفَعَهُ مَکَانُهُ مِنَّا وَمَا وَهَبَ اللَّهُ مِنْ رِضَانَا عَنْهُ وَحَمْدِنَا إِیَّاهُ فَلَقَدْ وَاللَّهِ سَاءَنِی أَمْرُهُ فَوْقَ مَا أَصِفُ.

عَلَی أَنَّهُ أَرْجُو أَنْ یَزِیدَ اللَّهُ فِی عُمُرِهِ وَیُبْطِلَ قَوْلَ الْمُنَجِّمِ فَمَا أَطْلَعَهُ اللَّهُ عَلَی الْغَیْبِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

ص:152

ص:156

ص:157

ص:160

إِنْ کَانَ هَذَا الْأَمْرُ خَیْراً لِی فِی دِینِی وَدُنْیَایَ وَآخِرَتِی أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتُسَلِّمَ عَلَیْهِمْ تَسْلِیماً وَتُهَنِّیَهُ وَتُسَهِّلَهُ عَلَیَّ وَتَلْطُفَ لِی فِیهِ بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

وَإِنْ کَانَ شَرّاً لِی فِی دِینِی وَدُنْیَایَ وَآخِرَتِی أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَتُسَلِّمَ عَلَیْهِمْ تَسْلِیماً وَأَنْ تَصْرِفَهُ عَنِّی بِمَا شِئْتَ وَکَیْفَ شِئْتَ وَتُرْضِیَنِی بِقَضَائِکَ وَتُبَارِکَ لِی فِی قَدَرِکَ حَتَّی لَا أُحِبَّ تَعْجِیلَ شَیْ ءٍ أَخَّرْتَهُ وَلَا تَأْخِیرَ شَیْ ءٍ عَجَّلْتَهُ.

فَإِنَّهُ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ یَا عَلِیُّ یَا عَظِیمُ یَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِکْرَامِ(1).

ص:162

قَالَ علیه السلام إِذَا کَانَ لَیْلَةُ الْجُمُعَةِ فَقُمْ وَاغْتَسِلْ وَصَلِّ صَلاتَکَ فَإِذَا فَرَغْتَ مِنْ سَجْدَةِ الشُّکْرِ فَقُلْ وَأَنْتَ بَارِکٌ عَلَی رُکْبَتَیْکَ وَادْعُ بِهَذَا الدُّعَاءِ مُبْتَهِلًا قَالَ وَکَانَ یَأْتِینِی خَمْسَ لَیَالٍ مُتَوَالِیَاتٍ یُکَرِّرُ عَلَیَّ الْقَوْلَ وَهَذَا الدُّعَاءَ حَتَّی حَفِظْتُهُ وَانْقَطَعَ مَجِیئُهُ لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ فَقُمْتُ وَاغْتَسَلْتُ وَغَیَّرْتُ ثِیَابِی وَتَطَیَّبْتُ وَصَلَّیْتُ مَا وَجَبَ عَلَیَّ مِنْ صَلَاةِ اللَّیْلِ وَجَثَوْتُ عَلَی رُکْبَتَیَّ فَدَعَوْتُ اللَّهَ تَعَالَی بِهَذَا الدُّعَاءِ فَأَتَانِی علیه السلام لَیْلَةَ السَّبْتِ کَهَیْئَتِهِ الَّتِی یَأْتِینِی فِیهَا فَقَالَ لِی قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُکَ یَا مُحَمَّدُ وَقُتِلَ عَدُوُّکَ وَأَهْلَکَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عِنْدَ فَرَاغِکَ مِنَ الدُّعَاءِ قَالَ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ لَمْ یَکُنْ لِی هِمَّةٌ غَیْرَ وَدَاعِ سَادَاتِی صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ وَالرِّحْلَةِ نَحْوَ الْمَنْزِلِ الَّذِی هَرَبْتُ مِنْهُ فَلَمَّا بَلَغْتُ بَعْضَ الطَّرِیقِ إِذَا رَسُولُ أَوْلَادِی وَکُتُبُهُمْ بِأَنَّ الرَّجُلَ الَّذِی هَرَبْتَ مِنْهُ جَمَعَ قَوْماً وَاتَّخَذَ لَهُمْ دَعْوَةً فَأَکَلُوا وَشَرِبُوا وَتَفَرَّقَ الْقَوْمُ وَنَامَ هُوَ وَغِلْمَانُهُ فِی الْمَکَانِ فَأَصْبَحَ النَّاسُ وَلَمْ یُسْمَعْ لَهُ حِسٌّ فَکُشِفَ عَنْهُ الْغِطَاءُ فَإِذَا هُوَ مَذْبُوحٌ مِنْ قَفَاهُ وَدِمَاهُ تَسِیلُ وَذَلِکَ فِی لَیْلَةِ الْجُمُعَةِ وَلَا یَدْرُونَ مَنْ فَعَلَ بِهِ ذَلِکَ وَیَأْمُرُونَنِی بِالْمُبَادَرَةِ نَحْوَ الْمَنْزِلِ فَلَمَّا وَافَیْتُ إِلَی الْمَنْزِلِ وَسَأَلْتُ عَنْهُ وَفِی أَیِّ وَقْتٍ کَانَ قَتْلُهُ فَإِذَا هُوَ عِنْدَ فَرَاغِی مِنَ الدُّعَاءِ.

وَهَذَا الدُّعَاءُ: رَبِّ مَنْ ذَا الَّذِی دَعَاکَ فَلَمْ تُجِبْهُ وَمَنْ ذَا الَّذِی سَأَلَکَ فَلَمْ تُعْطِهِ وَمَنْ ذَا الَّذِی نَاجَاکَ فَخَیَّبْتَهُ أَوْ تَقَرَّبَ إِلَیْکَ فَأَبْعَدْتَهُ.

رَبِّ هَذَا فِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ مَعَ عِنَادِهِ وَکُفْرِهِ وَعُتُوِّهِ وَادِّعَائِهِ الرُّبُوبِیَّةَ لِنَفْسِهِ وَعِلْمِکَ بِأَنَّهُ لَا یَتُوبُ وَلَا یَرْجِعُ وَلَا یَئُوبُ وَلَا یُؤْمِنُ وَلَا یَخْشَعُ اسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَأَعْطَیْتَهُ سُؤْلَهُ کَرَماً مِنْکَ وَجُوداً وَقِلَّةَ مِقْدَارٍ لِمَا سَأَلَکَ عِنْدَکَ مَعَ عِظَمِهِ عِنْدَهُ أَخْذاً بِحُجَّتِکَ عَلَیْهِ وَتَأْکِیداً لَهَا حِینَ فَجَرَ وَکَفَرَ وَاسْتَطَالَ عَلَی قَوْمِهِ وَتَجَبَّرَ

ص:166

وَبِکُفْرِهِ عَلَیْهِمُ افْتَخَرَ وَبِظُلْمِهِ لِنَفْسِهِ تَکَبَّرَ وَبِحِلْمِکَ عَنْهُ اسْتَکْبَرَ فَکَتَبَ وَحَکَمَ عَلَی نَفْسِهِ جُرْأَةً مِنْهُ أَنَّ جَزَاءَ مِثْلِهِ أَنْ یُغْرَقَ فِی الْبَحْرِ فَجَزَیْتَهُ بِمَا حَکَمَ بِهِ عَلَی نَفْسِهِ.

إِلَهِی وَأَنَا عَبْدُکَ ابْنُ عَبْدِکَ وَابْنُ أَمَتِکَ مُعْتَرِفٌ لَکَ بِالْعُبُودِیَّةِ مُقِرٌّ بِأَنَّکَ أَنْتَ اللَّهُ خَالِقِی لَا إِلَهَ لِی غَیْرُکَ وَلَا رَبَّ لِی سِوَاکَ مُقِرٌّ بِأَنَّکَ رَبِّی وَإِلَیْکَ إِیَابِی عَالِمٌ بِأَنَّکَ عَلَی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ وَتَحْکُمُ مَا تُرِیدُلَا مُعَقِّبَ لِحُکْمِکَ وَلَا رَادَّ لِقَضَائِکَ وَأَنَّکَ الْأَوَّلُ وَالآْخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْباطِنُ لَمْ تَکُنْ مِنْ شَیْ ءٍ وَلَمْ تَبِنْ عَنْ شَیْ ءٍ کُنْتَ قَبْلَ کُلِّ شَیْ ءٍ وَأَنْتَ الْکَائِنُ بَعْدَ کُلِّ شَیْ ءٍ وَالْمُکَوِّنُ لِکُلِّ شَیْ ءٍ خَلَقْتَ کُلَّ شَیْ ءٍ بِتَقْدِیرٍ وَأَنْتَ السَّمِیعُ الْبَصِیرُ وَأَشْهَدُ أَنَّکَ کَذَلِکَ کُنْتَ وَتَکُونُ وَأَنْتَ حَیٌّ قَیُّومٌ لَا تَأْخُذُکَ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ وَلَا تُوصَفُ بِالْأَوْهَامِ وَلَا تُدْرَکُ بِالْحَوَاسِّ وَلَا تُقَاسُ بِالْمِقْیَاسِ وَلَا تُشْبِهُ بِالنَّاسِ وَإِنَّ الْخَلْقَ کُلَّهُمْ عَبِیدُکَ وَإِمَاؤُکَ وَأَنْتَ الرَّبُّ وَنَحْنُ الْمَرْبُوبُونَ وَأَنْتَ الْخَالِقُ وَنَحْنُ الْمَخْلُوقُونَ وَأَنْتَ الرَّازِقُ وَنَحْنُ الْمَرْزُوقُونَ.

فَلَکَ الْحَمْدُ یَا إِلَهِی إِذْ خَلَقْتَنِی بَشَراً سَوِیّاً وَجَعَلْتَنِی غَنِیّاً مَکْفِیّاً بَعْدَ مَا کُنْتُ طِفْلًا صَبِیّاً تُقَوِّتُنِی مِنَ الثَّدْیِ لَبَناً مَرِیئاً وَغَذَّیْتَنِی غِذَاءً طَیِّباً هَنِیئاً وَجَعَلْتَنِی ذَکَراً مِثَالاً سَوِیّاً فَلَکَ الْحَمْدُ حَمْداً إِنْ عُدَّ لَمْ یُحْصَ وَإِنْ وُضِعَ لَمْ یَتَّسِعْ لَهُ شَیْ ءٌ حَمْداً یَفُوقُ عَلَی جَمِیعِ حَمْدِ الْحَامِدِینَ وَیَعْلُو عَلَی حَمْدِ کُلِّ شَیْ ءٍ وَیُفَخِّمُ وَیُعَظِّمُ عَلَی ذَلِکَ کُلِّهِ وَکُلَّمَا حَمِدَ اللَّهَ شَیْ ءٌ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ کَمَا یُحِبُّ اللَّهُ أَنْ یُحْمَدَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَدَدَ مَا خَلَقَ وَزِنَةَ مَا خَلَقَ وَزِنَةَ أَجَلِّ مَا خَلَقَ وَبوزنة [بِوَزْنِ أَخَفِّ مَا خَلَقَ وَبِعَدَدِ أَصْغَرِ مَا خَلَقَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ حَتَّی یَرْضَی رَبُّنَا وَبَعْدَ الرِّضَا وَأَسْأَلُهُ أَنْ یُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ یَغْفِرَ لِی رَبِّی وَأَنْ یَحْمَدَ لِی أَمْرِی وَیَتُوبَ عَلَیَّ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِیمُ.

ص:167

إِلَهِی وَإِنِّی أَنَا أَدْعُوکَ وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ صَفْوَتُکَ أَبُونَا آدَمُ علیهما السلام وَهُوَ مُسِی ءٌ ظَالِمٌ حِینَ أَصَابَ الْخَطِیئَةَ فَغَفَرْتَ لَهُ خَطِیئَتَهُ وَتُبْتَ عَلَیْهِ وَاسْتَجَبْتَ دَعْوَتَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَغْفِرَ لِی خَطِیئَتِی وَتَرْضَی عَنِّی فَإِنْ لَمْ تَرْضَ عَنِّی فَاعْفُ عَنِّی فَإِنِّی مُسِی ءٌ ظَالِمٌ خَاطِئٌ عَاصٍ وَقَدْ یَعْفُو السَّیِّدُ عَنْ عَبْدِهِ وَلَیْسَ بِرَاضٍ عَنْهُ وَأَنْ تُرْضِیَ عَنِّی خَلْقَکَ وَتُمِیطَ عَنِّی حَقَّکَ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ إِدْرِیسُ فَجَعَلْتَهُ صِدِّیقاً نَبِیّاً وَرَفَعْتَهُ مَکَاناً عَلِیّاً وَاسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَجْعَلَ مَ آبِی إِلَی جَنَّتِکَ وَمَحَلِّی فِی رَحْمَتِکَ وَتُسْکِنَنِی فِیهَا بِعَفْوِکَ وَتُزَوِّجَنِی مِنْ حُورِهَا بِقُدْرَتِکَ یَا قَدِیرُ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ نُوحٌ إِذْ نَادَی رَبَّهُ وَهُوَ أَنِّی مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُیُوناً فَالْتَقَی الْماءُ عَلی أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْناهُ وَنَجَّیْنَاهُ عَلی ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ فَاسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُنْجِیَنِی مِنْ ظُلْمِ مَنْ یُرِیدُ ظُلْمِی وَتَکُفَّ عَنِّی شَرَّ کُلِّ سُلْطَانٍ جَائِرٍ وَعَدُوٍّ قَاهِرٍ وَمُسْتَخِفٍّ قَادِرٍ وَجَبَّارٍ عَنِیدٍ وَکُلِّ شَیْطَانٍ مَرِیدٍ وَإِنْسِیٍّ شَدِیدٍ وَکَیْدِ کُلِّ مَکِیدٍ یَا حَلِیمُ یَا وَدُودُ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ عَبْدُکَ وَنَبِیُّکَ صَالِحٌ علیه السلام فَنَجَّیْتَهُ مِنَ الْخَسْفِ وَأَعْلَیْتَهُ عَلَی عَدُوِّهِ وَاسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُخَلِّصَنِی مِنْ شَرِّ مَا یُرِیدُ بِی أَعْدَائِی بِهِ وَیَبْغِی لِی حُسَّادِی وَتَکْفِیَنِیهِمْ بِکِفَایَتِکَ وَتَتَوَلَّانِی بِوَلَایَتِکَ وَتَهْدِیَ قَلْبِی بِهُدَاکَ وَتُؤَیِّدَنِی

ص:168

بِتَقْوَاکَ وَتُبَصِّرَنِی بِمَا فِیهِ رِضَاکَ وَتُغْنِیَنِی بِغِنَاکَ یَا حَلِیمُ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ عَبْدُکَ وَنَبِیُّکَ وَخَلِیلُکَ إِبْرَاهِیمُ حِینَ أَرَادَ نُمْرُودُ إِلْقَاءَهُ فِی النَّارِ فَجَعَلْتَ النَّارَ عَلَیْهِ بَرْداً وَسَلَاماً وَاسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُبَرِّدَ عَنِّی حَرَّ نَارِکَ وَتُطْفِئَ عَنِّی لَهِیبَهَا وَتَکْفِیَنِی حَرَّهَا وَتَجْعَلَ نَائِرَةَ أَعْدَائِی فِی شِعَارِهِمْ وَدِثَارِهِمْ وَتَرُدَّ کَیْدَهُمْ فِی نَحْرِهِمْ وَتُبَارِکَ لِی فِیمَا أَعْطَیْتَنِیهِ کَمَا بَارَکْتَ عَلَیْهِ وَعَلَی آلِهِ إِنَّکَ أَنْتَ الْوَهَّابُ الْحَمِیدُ الْمَجِیدُ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِالِاسْمِ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ إِسْمَاعِیلُ علیه السلام فَجَعَلْتَهُ نَبِیّاً وَرَسُولاً وَجَعَلْتَ لَهُ حَرَمَکَ مَنْسَکاً وَمَسْکَناً وَمَأْوًی وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ رَحْمَةً مِنْکَ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَفْسَحَ لِی فِی قَبْرِی وَتَحُطَّ عَنِّی وِزْرِی وَتَشُدَّ لِی أَزْرِی وَتَغْفِرَ لِی ذَنْبِی وَتَرْزُقَنِی التَّوْبَةَ بِحَطِّ السَّیِّئَاتِ وَتَضَاعُفِ الْحَسَنَاتِ وَکَشْفِ الْبَلِیَّاتِ وَرِبْحِ التِّجَارَاتِ وَدَفْعِ مَعَرَّةِ السِّعَایَاتِ إِنَّکَ مُجِیبُ الدَّعَوَاتِ وَمُنْزِلُ الْبَرَکَاتِ وَقَاضِی الْحَاجَاتِ وَمُعْطِی الْخَیْرَاتِ وَجَبَّارُ السَّمَاوَاتِ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِمَا سَأَلَکَ بِهِ ابْنُ خَلِیلِکَ الَّذِی نَجَّیْتَهُ مِنَ الذَّبْحِ وَفَدَیْتَهُ بِذِبْحٍ عَظِیمٍ وَقَلَبْتَ لَهُ الْمِشْقَصَ حَتَّی نَاجَاکَ مُوقِناً بِذَبْحِهِ رَاضِیاً بِأَمْرِ وَالِدِهِ وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُنْجِیَنِی مِنْ کُلِّ سُوءٍ وَبَلِیَّةٍ وَتَصْرِفَ عَنِّی کُلَّ ظُلْمَةٍ وَخِیمَةٍ وَتَکْفِیَنِی مَا أَهَمَّنِی مِنْ أُمُورِ دُنْیَایَ وَآخِرَتِی وَمَا أُحَاذِرُهُ وَأَخْشَاهُ وَمِنْ شَرِّخَلْقِکَ أَجْمَعِینَ بِحَقِّ آلِ یس.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ لُوطٌ فَنَجَّیْتَهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْخَسْفِ وَالْهَدْمِ

ص:169

وَالْمَثْلِ وَالشِدَّةِ وَالْجَهْدِ وَأَخْرَجْتَهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْکَرْبِ الْعَظِیمِ وَاسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَأْذَنَ بِجَمْعِ مَا شُتِّتَ مِنْ شَمْلِی وَتُقِرَّ عَیْنَیَّ بِوَلَدِی وَأَهْلِی وَمَالِی وَتُصْلِحَ لِی أُمُورِی وَتُبَارِکَ لِی فِی جَمِیعِ أَحْوَالِی وَتُبَلِّغَنِی فِی نَفْسِی آمَالِی وَتُجِیرَنِی مِنَ النَّارِ وَتَکْفِیَنِی شَرَّ الْأَشْرَارِ بِالْمُصْطَفَیْنَ الْأَخْیَارِ الْأَئِمَّةِ الْأَبْرَارِ وَنُورِ الْأَنْوَارِ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّیِّبِینَ الطَّاهِرِینَ الْأَخْیَارِ الْأَئِمَّةِ الْمَهْدِیِّینَ وَالصَّفْوَةِ الْمُنْتَجَبِینَ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ وَتَرْزُقَنِی مُجَالَسَتَهُمْ وَتَمُنَّ عَلَیَّ بِمُرَافَقَتِهِمْ وَتُوَفِّقَ لِی صُحْبَتَهُمْ مَعَ أَنْبِیَائِکَ الْمُرْسَلِینَ وَمَلَائِکَتِکَ الْمُقَرَّبِینَ وَعِبَادِکَ الصَّالِحِینَ وَأَهْلِ طَاعَتِکَ أَجْمَعِینَ وَحَمَلَةِ عَرْشِکَ وَالْکَرُوبِیِّینَ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی سَأَلَکَ بِهِ یَعْقُوبُ وَقَدْ کُفَّ بَصَرُهُ وَشُتِّت جَمْعُهُ وَفَقَدَ قُرَّةَ عَیْنِهِ ابْنَهُ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَجَمَعْتَ شَمْلَهُ وَأَقْرَرْتَ عَیْنَهُ وَکَشَفْتَ ضُرَّهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَأْذَنَ لِی بِجَمْعِ مَا تَبَدَّدَ مِنْ أَمْرِی وَتُقِرَّ عَیْنِی بِوَلَدِی وَأَهْلِی وَمَالِی وَتُصْلِحَ لِی شَأْنِی کُلَّهُ وَتُبَارِکَ لِی فِی جَمِیعِ أَحْوَالِی وَتُبَلِّغَنِی فِی نَفْسِی آمَالِی وَتُصْلِحَ لِی أَفْعَالِی وَتَمُنَّ عَلَیَّ یَا کَرِیمُ یَا ذَا الْمَعَالِی بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ عَبْدُکَ وَنَبِیُّکَ یُوسُفُ علیه السلام فَنَجَّیْتَهُ مِنْ غَیَابَتِ الْجُبِّ وَکَشَفْتَ ضُرَّهُ وَکَفَیْتَهُ کَیْدَ إِخْوَتِهِ وَجَعَلْتَهُ بَعْدَ الْعُبُودِیَّةِ مَلِکاً وَاسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَدْفَعَ عَنِّی کَیْدَ کُلِّ کَائِدٍ وَشَرَّ کُلِّ حَاسِدٍ إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ عَبْدُکَ وَنَبِیُّکَ مُوسَی بْنُ عِمْرَانَ إِذْ قُلْتَ

ص:170

تَبَارَکْتَ وَتَعَالَیْتَ وَنادَیْناهُ مِنْ جانِبِ الطُّورِ الْأَیْمَنِ وَقَرَّبْناهُ نَجِیًّا وَضَرَبْتَ لَهُ طَرِیقاً فِی الْبَحْرِ یَبَساً وَنَجَّیْتَهُ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَأَغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُعِیذَنِی مِنْ شَرِّخَلْقِکَ وَتُقَرِّبَنِی مِنْ عَفْوِکَ وَتَنْشُرَ عَلَیَّ مِنْ فَضْلِکَ مَا تُغْنِینِی بِهِ عَنْ جَمِیعِ خَلْقِکَ وَیَکُونُ لِی بَلَاغاً أَنَالُ بِهِ مَغْفِرَتَکَ وَرِضْوَانَکَ یَا وَلِیِّی وَوَلِیَّ الْمُؤْمِنِینَ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِالِاسْمِ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ عَبْدُکَ وَنَبِیُّکَ دَاوُدُ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَسَخَّرْتَ لَهُ الْجِبَالَ یُسَبِّحْنَ مَعَهُ بِالْعَشِیِّ وَالْإِبْکَارِ وَالطَّیْرَ مَحْشُورَةً کُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ وَشَدَّدْتَ مُلْکَهُ وَآتَیْتَهُ الْحِکْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ وَأَلَنْتَ لَهُ الْحَدِیدَ وَعَلَّمْتَهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَهُمْ وَغَفَرْتَ ذَنْبَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُسَخِّرَ لِی جَمِیعَ أُمُورِی وَتُسَهِّلَ لِی تَقْدِیرِی وَتَرْزُقَنِی مَغْفِرَتَکَ وَعِبَادَتَکَ وَتَدْفَعَ عَنِّی ظُلْمَ الظَّالِمِینَ وَکَیْدَ الْمُعَانِدِینَ وَمَکْرَ الْمَاکِرِینَ وَسَطَوَاتِ الْفَرَاعِنَةِ الْجَبَّارِینَ وَحَسَدَ الْحَاسِدِینَ یَا أَمَانَ الْخَائِفِینَ وَجَارَ الْمُسْتَجِیرِینَ وَثِقَةَ الْوَاثِقِینَ وَذَرِیعَةَ الْمُؤْمِنِینَ وَرَجَاءَ الْمُتَوَکِّلِینَ وَمُعْتَمَدَ الصَّالِحِینَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ اللَّهُمَّ بِالِاسْمِ الَّذِی سَأَلَکَ بِهِ عَبْدُکَ وَنَبِیُّکَ سُلَیْمَانُ بْنُ دَاوُدَعلیه السلام إِذْ قَالَ رَبِّ هَبْ لِی مُلْکاً لا یَنْبَغِی لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِی إِنَّکَ أَنْتَ الْوَهَّابُ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَأَطَعْتَ لَهُ الْخَلْقَ وَحَمَلْتَهُ عَلَی الرِّیحِ وَعَلَّمْتَهُ مَنْطِقَ الطَّیْرِ وَسَخَّرْتَ لَهُ الشَّیَاطِینَ مِنْ کُلِّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ وَآخَرِینَ مُقَرَّنِینَ فِی الْأَصْفادِ هَذَا عَطَاؤُکَ عَطَاءُ غَیْرِکَ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَهْدِیَ لِی

ص:171

قَلْبِی وَتَجْمَعَ لِی لُبِّی وَتَکْفِیَنِی هَمِّی وَتُؤْمِنَ خَوْفِی وَتَفُکَّ أَسْرِی وَتَشُدَّ أَزْرِی وَتُمْهِلَنِی وَتُنَفِّسَنِی وَتَسْتَجِیبَ دُعَائِی وَتَسْمَعَ نِدَائِی وَلَا تَجْعَلَ فِی النَّارِ مَأْوَایَ وَلَا الدُّنْیَا أَکْبَرَ هَمِّی وَأَنْ تُوَسِّعَ عَلَیَّ رِزْقِی وَتُحَسِّنَ خَلْقِی وَتُعْتِقَ رَقَبَتِی فَإِنَّکَ سَیِّدِی وَمَوْلَایَ وَمُؤَمَّلِی.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ اللَّهُمَّ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ أَیُّوبُ لَمَّا حَلَّ بِهِ الْبَلَاءُ بَعْدَ الصِّحَّةِ وَنَزَلَ السُّقْمُ مِنْهُ مَنْزِلَ الْعَافِیَةِ وَالضِّیقُ بَعْدَ السَّعَةِ فَکَشَفْتَ ضُرَّهُ وَرَدَدْتَ عَلَیْهِ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ حِینَ نَادَاکَ دَاعِیاً لَکَ رَاغِباً إِلَیْکَ رَاجِیاً لِفَضْلِکَ شَاکِیاً إِلَیْکَ رَبِّ إِنِّی مَسَّنِیَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَکَشَفْتَ ضُرَّهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَکْشِفَ ضُرِّی وَتُعَافِیَنِی فِی نَفْسِی وَأَهْلِی وَمَالِی وَوُلْدِی وَإِخْوَانِی فِیکَ عَافِیَةً بَاقِیَةً شَافِیَةً کَافِیَةً وَافِرَةً هَادِیَةً نَامِیَةً مُسْتَغْنِیَةً عَنِ الْأَطِبَّاءِ وَالْأَدْوِیَةِ وَتَجْعَلَهَا شِعَارِی وَدِثَارِی وَتُمَتِّعَنِی بِسَمْعِی وَبَصَرِی وَتَجْعَلَهُمَا الْوَارِثَیْنِ مِنِّی إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ یُونُسُ بْنُ مَتَّی فِی بَطْنِ الْحُوتِ حِینَ نَادَاکَ فِی ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَکَ إِنِّی کُنْتُ مِنَ الظَّالِمِینَ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ فَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَأَنْبَتَّ عَلَیْهِ شَجَرَةً مِنْ یَقْطِینٍ وَأَرْسَلْتَهُ إِلی مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ یَزِیدُونَ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَسْتَجِیبَ دُعَائِی وَتُدَارِکَنِی بِعَفْوِکَ فَقَدْ غَرِقْتُ فِی بَحْرِ الظُّلْمِ لِنَفْسِی وَرَکِبَتْنِی مَظَالِمُ کَثِیرَةٌ لِخَلْقِکَ عَلَیَّ وَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاسْتُرْنِی مِنْهُمْ وَأَعْتِقْنِی مِنَ النَّارِ و اجْعَلْنِی مِنْ عُتَقَائِکَ وَطُلَقَائِکَ مِنَ النَّارِ فِی مَقَامِی هَذَا بِمَنِّکَ یَا مَنَّانُ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ عَبْدُکَ وَنَبِیُّکَ عِیسَی ابْنُ مَرْیَمَ إِذْ أَیَّدْتَهُ

ص:172

بِرُوحِ الْقُدُسِ وَأَنْطَقْتَهُ فِی الْمَهْدِ فَأَحْیَا بِهِ الْمَوْتَی وَأَبْرَأَ بِهِ الْأَکْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِکَ وَخَلَقَ مِنَ الطِّینِ کَهَیْئَةِ الطَّیْرِ فَصَارَ طَائِراً بِإِذْنِکَ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُفْرِغَنِی لِمَا خَلَقْتَ لَهُ وَلَا تَشْغَلَنِی بِمَا تَکَفَّلْتَهُ لِی وَتَجْعَلَنِی مِنْ عُبَّادِکَ وَزُهَّادِکَ فِی الدُّنْیَا وَمِمَّنْ خَلَقْتَهُ لِلْعَافِیَةِ وَهَنَّأْتَهُ بِهَا مَعَ کَرَامَتِکَ یَا کَرِیمُ یَا عَلِیُّ یَا عَظِیمُ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ آصَفُ بْنُ بَرْخِیَا عَلَی عَرْشِ مَلِکَةِ سَبَإٍ فَکَانَ أَقَلَّ مِنْ لَحْظَةِ الطَّرْفِ حَتَّی کَانَ مُصَوَّراً بَیْنَ یَدَیْهِ فَلَمَّا رَأَتْهُ قِیلَ أَ هَکَذَا عَرْشُکَ قَالَتْ کَأَنَّهُ هُوَ فَاسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُکَفِّرَ عَنِّی سَیِّئَاتِی وَتَقَبَّلَ مِنِّی حَسَنَاتِی وَتَقَبَّلَ تَوْبَتِی وَتَتُوبَ عَلَیَّ وَتُغْنِیَ فَقْرِی وَتَجْبُرَ کَسْرِی وَتُحْیِیَ فُؤَادِی بِذِکْرِکَ وَتُحْیِیَنِی فِی عَافِیَةٍ وَتُمِیتَنِی فِی عَافِیَةٍ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِالِاسْمِ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ عَبْدُکَ وَنَبِیُّکَ زَکَرِیَّا حِینَ سَأَلَکَ دَاعِیاً رَاجِیاً لِفَضْلِکَ فَقَامَ فِی الْمِحْرَابِ یُنَادِی نِدَاءً خَفِیّاً فَقَالَ رَبِّ هَبْ لِی مِنْ لَدُنْکَ وَلِیًّا یَرِثُنِی وَیَرِثُ مِنْ آلِ یَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِیًّا فَوَهَبْتَ لَهُ یَحْیَی وَاسْتَجَبْتَ لَهُ دُعَاءَهُ وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُبْقِیَ لِی أَوْلَادِی وَأَنْ تُمَتِّعَنِی بِهِمْ وَتَجْعَلَنِی وَإِیَّاهُمْ مُؤْمِنِینَ لَکَ رَاغِبِینَ فِی ثَوَابِکَ خَائِفِینَ مِنْ عِقَابِکَ رَاجِینَ لِمَا عِنْدَکَ آیِسِینَ مِمَّا عِنْدَ غَیْرِکَ حَتَّی تُحْیِیَنَا حَیَاةً طَیِّبَةً وَتُمِیتَنَا مَیِّتَةً طَیِّبَةً إِنَّکَ فَعَّالٌ لِمَا تُرِیدُ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِالِاسْمِ الَّذِی سَأَلَتْکَ بِهِ امْرَأَةُ فِرْعَوْنَ إِذْ قالَتْ رَبِّ ابْنِ لِی عِنْدَکَ بَیْتاً فِی الْجَنَّةِ وَنَجِّنِی مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ فَاسْتَجَبْتَ لَهَا

ص:173

دُعَاءَهَا وَکُنْتَ مِنْهَا قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُقِرَّ عَیْنِی بِالنَّظَرِ إِلَی جَنَّتِکَ وَأَوْلِیَائِکَ وَتُفَرِّحَنِی بِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَتُؤْنِسَنِی بِهِ وَبِ آلِهِ وَبِمُصَاحَبَتِهِمْ وَمُرَافَقَتِهِمْ وَتُمَکِّنَ لِی فِیهَا وَتُنْجِیَنِی مِنَ النَّارِ وَمَا أُعِدَّ لِأَهْلِهَا مِنَ السَّلَاسِلِ وَالْأَغْلَالِ وَالشَّدَائِدِ وَالْأَنْکَالِ وَأَنْوَاعِ الْعَذَابِ بِعَفْوِکَ.

اِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی دَعَتْکَ عَبْدَتُکَ وَصِدِّیقَتُکَ مَرْیَمُ الْبَتُولُ وَأُمُّ الْمَسِیحِ الرَّسُولِ علیه السلام إِذْ قُلْتَ وَمَرْیَمَ ابْنَتَ عِمْرانَ الَّتِی أَحْصَنَتْ فَرْجَها فَنَفَخْنا فِیهِ مِنْ رُوحِنا وَصَدَّقَتْ بِکَلِماتِ رَبِّها وَکُتُبِهِ وَکانَتْ مِنَ الْقانِتِینَ فَاسْتَجَبْتَ دُعَاءَهَا وَکُنْتَ مِنْهَا قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُحْصِنَنِی بِحِصْنِکَ الْحَصِینِ وَتَحْجُبَنِی بِحِجَابِکَ الْمَنِیعِ وَتُحْرِزَنِی بِحِرْزِکَ الْوَثِیقِ وَتَکْفِیَنِی بِکِفَایَتِکَ الْکَافِیَةِ مِنْ شَرِّ کُلِّ طَاغٍ وَظُلْمِ کُلِّ بَاغٍ وَمَکْرِ کُلِّ مَاکِرٍ وَغَدْرِ کُلِّ غَادِرٍ وَسِحْرِ کُلِّ سَاحِرٍ وَجَوْرِ کُلِّ سُلْطَانٍ فَاجِرٍ بِمَنْعِکَ یَا مَنِیعُ.

إِلَهِی وَأَسْأَلُکَ بِالِاسْمِ الَّذِی دَعَاکَ بِهِ عَبْدُکَ وَنَبِیُّکَ وَصَفِیُّکَ وَخِیَرَتُکَ مِنْ خَلْقِکَ وَأَمِینِکَ عَلَی وَحْیِکَ وَبَعِیثُکَ إِلَی بَرِیَّتِکَ وَرَسُولُکَ إِلَی خَلْقِکَ مُحَمَّدٌ خَاصَّتُکَ وَخَالِصَتُکَ صلی الله علیه وآله فَاسْتَجَبْتَ دُعَاءَهُ وَأَیَّدْتَهُ بِجُنُودٍ لَمْ یَرَوْهَا وَجَعَلْتَ کَلِمَتَکَ الْعُلْیَا وَکَلِمَةَ الَّذِینَ کَفَرُوا السُّفْلی وَکُنْتَ مِنْهُ قَرِیباً یَا قَرِیبُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ صَلَاةً زَاکِیَةً طَیِّبَةً نَامِیَةً بَاقِیَةً مُبَارَکَةً کَمَا صَلَّیْتَ عَلَی أَبِیهِمْ إِبْرَاهِیمَ وَآلِ إِبْرَاهِیمَ وَبَارِکْ عَلَیْهِمْ کَمَا بَارَکْتَ عَلَیْهِمْ وَسَلِّمْ عَلَیْهِمْ کَمَا سَلَّمْتَ عَلَیْهِمْ وَزِدْهُمْ فَوْقَ ذَلِکَ کُلِّهِ زِیَادَةً مِنْ عِنْدِکَ وَاخْلُطْنِی بِهِمْ وَاجْعَلْنِی مِنْهُمْ وَاحْشُرْنِی مَعَهُمْ وَفِی زُمْرَتِهِمْ حَتَّی تَسْقِیَنِی مِنْ حَوْضِهِمْ وَتُدْخِلَنِی فِی جُمْلَتِهِمْ وَتَجْمَعَنِی وَإِیَّاهُمْ وَتَقَرَّ عَیْنِی بِهِمْ وَتُعْطِیَنِی سُؤْلِی وَتُبَلِّغَنِی آمَالِی فِی دِینِی

ص:174

وَدُنْیَایَ وَآخِرَتِی وَمَحْیَایَ وَمَمَاتِی وَتُبْلِغَهُمْ سَلَامِی وَتَرُدَّ عَلَیَّ مِنْهُمُ السَّلَامَ وَعَلَیْهِمُ السَّلَامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَکَاتُهُ.

إِلَهِی أَنْتَ الَّذِی تُنَادِی فِی أَنْصَافِ کُلِّ لَیْلَةٍ هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِیَهُ أَمْ هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأُجِیبَهُ أَمْ هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ أَمْ هَلْ مِنْ رَاجٍ فَأُبْلِغَهُ رَجَاءَهُ أَمْ هَلْ مِنْ مُؤَمِّلٍ فَأُبْلِغَهُ أَمَلَهُ هَا أَنَا سَائِلُکَ بِفِنَائِکَ وَمِسْکِینُکَ بِبَابِکَ وَضَعِیفُکَ بِبَابِکَ وَفَقِیرُکَ بِبَابِکَ وَمُؤَمِّلُکَ بِفِنَائِکَ أَسْأَلُکَ نَائِلَکَ وَأَرْجُو رَحْمَتَکَ وَأُؤَمِّلُ عَفْوَکَ وَأَلْتَمِسُ غُفْرَانَکَ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعْطِنِی سُؤْلِی وَبَلِّغْنِی أَمَلِی وَاجْبُرْ فَقْرِی وَارْحَمْ عِصْیَانِی وَاعْفُ عَنْ ذُنُوبِی وَفُکَّ رَقَبَتِی مِنْ مَظَالِمَ لِعِبَادِکَ رَکِبَتْنِی وَقَوِّ ضَعْفِی وَأَعِزَّ مَسْکَنَتِی وَثَبِّتْ وَطْأَتِی وَاغْفِرْ جُرْمِی وَأَنْعِمْ بَالِی وَأَکْثِرْ مِنَ الْحَلَالِ مَالِی وَخِرْ لِی فِی جَمِیعِ أُمُورِی وَأَفْعَالِی وَرَضِّنِی بِهَا وَارْحَمْنِی وَوَالِدَیَّ وَمَا وَلَدَا مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِینَ وَالْمُسْلِمَاتِ الْأَحْیَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ إِنَّکَ سَمِیعُ الدَّعَوَاتِ وَأَلْهِمْنِی مِنْ بِرِّهِمَا مَا أَسْتَحِقُّ بِهِ ثَوَابَکَ وَالْجَنَّةَ وَتَقَبَّلْ حَسَنَاتِهِمَا وَاغْفِرْ سَیِّئَاتِهِمَا وَاجْزِهِمَا بِأَحْسَنِ مَا فَعَلَا بِی ثَوَابَکَ وَالْجَنَّةَ.

إِلَهِی وَقَدْ عَلِمْتُ یَقِیناً أَنَّکَ لَا تَأْمُرُ بِالظُّلْمِ وَلَا تَرْضَاهُ وَلَا تَمِیلُ إِلَیْهِ وَلَا تَهْوَاهُ وَلَا تُحِبُّهُ وَلَا تَغْشَاهُ وَتَعْلَمُ مَا فِیهِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ مِنْ ظُلْمِ عِبَادِکَ وَبَغْیِهِمْ عَلَیْنَا وَتَعَدِّیهِمْ بِغَیْرِ حَقٍّ وَلَا مَعْرُوفٍ بَلْ ظُلْماً وَعُدْوَاناً وَزُوراً وَبُهْتَاناً فَإِنْ کُنْتَ جَعَلْتَ لَهُمْ مُدَّةًلَا بُدَّ مِنْ بُلُوغِهَا أَوْ کَتَبْتَ لَهُمْ آجَالاً یَنَالُونَهَا فَقَدْ قُلْتَ وَقَوْلُکَ الْحَقُّ وَوَعْدُکَ الصِّدْقُ یَمْحُوا اللَّهُ ما یَشاءُ وَیُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْکِتابِ فَأَنَا أَسْأَلُکَ بِکُلِّ مَا سَأَلَکَ بِهِ أَنْبِیَاؤُکَ وَرُسُلُکَ وَأَسْأَلُکَ بِمَا سَأَلَکَ بِهِ عِبَادُکَ الصَّالِحُونَ وَمَلَائِکَتُکَ الْمُقَرَّبُونَ أَنْ تَمْحُوَ مِنْ أُمِّ الْکِتَابِ ذَلِکَ وَتَکْتُبَ لَهُمُ الِاضْمِحْلَالَ وَالْمَحْقَ حَتَّی

ص:175

تُقَرِّبَ آجَالَهُمْ وَتَقْضِیَ مُدَّتَهُمْ وَتُذْهِبَ أَیَّامَهُمْ وَتَبْتُرَ أَعْمَارَهُمْ وَتُهْلِکَ فُجَّارَهُمْ وَتُسَلِّطَ بَعْضَهُمْ عَلَی بَعْضٍ حَتَّی لَا تُبْقِیَ مِنْهُمْ أَحَداً وَلَا تُنْجِیَ مِنْهُمْ أَحَداً وَتُفَرِّقَ جُمُوعَهُمْ وَتُکِلَّ سِلَاحَهُمْ وَتُبَدِّدَ شَمْلَهُمْ وَتَقْطَعَ آجَالَهُمْ وَتُقْصِرَ أَعْمَارَهُمْ وَتُزَلْزِلَ أَقْدَامَهُمْ وَتُطَهِّرَ بِلَادَکَ مِنْهُمْ وَتُظْهِرَ عِبَادَکَ عَلَیْهِمْ فَقَدْ غَیَّرُوا سُنَّتَکَ وَنَقَضُوا عَهْدَکَ وَهَتَکُوا حَرِیمَکَ وَأَتَوْا مَا نَهَیْتَهُمْ عَنْهُ وَعَتَوْا عُتُوًّا کَبِیراً وَضَلُّوا ضَلالاً بَعِیداً فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَآذِنْ لِجَمْعِهِمْ بِالشَّتَاتِ وَلِحَیِّهِمْ بِالْمَمَاتِ وَلِأَزْوَاجِهِمْ بِالنَّهَبَاتِ وَخَلِّصْ عِبَادَکَ مِنْ ظُلْمِهِمْ وَاقْبِضْ أَیْدِیَهُمْ عَنْ هَضْمِهِمْ وَطَهِّرْ أَرْضَکَ مِنْهُمْ وَآذِنْ بِحَصْدِ نَبَاتِهِمْ وَاسْتِئْصَالِ شَأْفَتِهِمْ وَشَتَاتِ شَمْلِهِمْ وَهَدْمِ بُنْیَانِهِمْ یَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِکْرَامِ.

وَأَسْأَلُکَ یَا إِلَهِی وَإِلَهَ کُلِّ شَیْ ءٍ وَرَبِّی وَرَبَّ کُلِّ شَیْ ءٍ وَأَدْعُوکَ بِمَا دَعَاکَ بِهِ عَبْدَاکَ وَرَسُولَاکَ وَنَبِیَّاکَ وَصَفِیَّاکَ مُوسَی وَهَارُونُ علیه السلام حِینَ قَالَا دَاعِیَیْنِ لَکَ رَاجِیَیْنِ لِفَضْلِکَ رَبَّنا إِنَّکَ آتَیْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِینَةً وَأَمْوالاً فِی الْحَیاةِ الدُّنْیا رَبَّنا لِیُضِلُّوا عَنْ سَبِیلِکَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلی أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلی قُلُوبِهِمْ فَلا یُؤْمِنُوا حَتَّی یَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِیمَ فَمَنَنْتَ وَأَنْعَمْتَ عَلَیْهِمَا بِالْإِجَابَةِ لَهُمَا إِلَی أَنْ قَرَعْتَ سَمْعَهُمَا بِأَمْرِکَ اللَّهُمَّ رَبِّ قَدْ أُجِیبَتْ دَعْوَتُکُما فَاسْتَقِیما وَلا تَتَّبِعانِّ سَبِیلَ الَّذِینَ لا یَعْلَمُونَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَطْمِسَ عَلَی أَمْوَالِ هَؤُلَاءِ الظَّلَمَةِ وَأَنْ تُشَدِّدَ عَلَی قُلُوبِهِمْ وَأَنْ تَخْسِفَ بِهِمْ بَرَّکَ وَأَنْ تُغْرِقَهُمْ فِی بَحْرِکَ فَإِنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا فِیهِمَا لَکَ وَأَرِ الْخَلْقَ قُدْرَتَکَ فِیهِمْ وَبَطْشَکَ عَلَیْهِمْ فَافْعَلْ ذَلِکَ بِهِمْ وَعَجِّلْ ذَلِکَ لَهُمْ یَا خَیْرَ مَنْ سُئِلَ وَخَیْرَ مَنْ دُعِیَ وَخَیْرَ مَنْ تَذَلَّلَتْ لَهُ الْوُجُوهُ وَرُفِعَتْ إِلَیْهِ الْأَیْدِی وَدُعِیَ بِالْأَلْسُنِ وَشَخَصَتْ إِلَیْهِ الْأَبْصَارُ وَأَمَّتْ إِلَیْهِ الْقُلُوبُ

ص:176

وَنُقِلَتْ إِلَیْهِ الْأَقْدَامُ وَتُحُوکِمَ إِلَیْهِ فِی الْأَعْمَالِ.

إِلَهِی وَأَنَا عَبْدُکَ أَسْأَلُکَ مِنْ أَسْمَائِکَ بِأَبْهَاهَا وَکُلُّ أَسْمَائِکَ بَهِیٌّ بَلْ أَسْأَلُکَ بِأَسْمَائِکَ کُلِّهَا أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُرْکِسَهُمْ عَلَی أُمِّ رُءُوسِهِمْ فِی زُبْیَتِهِمْ وَتُرْدِیَهُمْ فِی مَهْوَی حُفْرَتِهِمْ وَارْمِهِمْ بِحَجَرِهِمْ وَذَکِّهِمْ بِمَشَاقِصِهِمْ وَاکْبُبْهُمْ عَلَی مَنَاخِرِهِمْ وَاخْنُقْهُمْ بِوَتَرِهِمْ وَارْدُدْ کَیْدَهُمْ فِی نُحُورِهِمْ وَأَوْبِقْهُمْ بِنَدَامَتِهِمْ حَتَّی یُسْتَخْذَلُوا وَیَتَضَاءَلُوا بَعْدَ نَخْوَتِهِمْ وَیَنْقَمِعُوا وَیَخْشَعُوا بَعْدَ اسْتِطَالَتِهِمْ أَذِلَّاءَ مَأْسُورِینَ فِی رِبْقِ حَبَائِلِهِمُ الَّتِی کَانُوا یُؤَمِّلُونَ أَنْ یَرَوْنَا فِیهَا وَتُرِینَا قُدْرَتَکَ فِیهِمْ وَسُلْطَانَکَ عَلَیْهِمْ وَتَأْخُذَهُمْ أَخْذَ الْقِرَی وَهِیَ ظالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَکَ الْأَلِیمُ الشَّدِیدُ أَخْذَ عَزِیزٍ مُقْتَدِرٍ فَإِنَّکَ عَزِیزٌ مُقْتَدِرٌ شَدِیدُ الْعِقابِ شَدِیدُ الْمِحالِ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَعَجِّلْ إِیرَادَهُمْ عَذَابَکَ الَّذِی أَعْدَدْتَهُ لِلظَّالِمِینَ مِنْ أَمْثَالِهِمْ وَالطَّاغِینَ مِنْ نُظَرَائِهِمْ وَارْفَعْ حِلْمَکَ عَنْهُمْ وَاحْلُلْ عَلَیْهِمْ غَضَبَکَ الَّذِی لَا یَقُومُ لَهُ شَیْ ءٌ وَأْمُرْ فِی تَعْجِیلِ ذَلِکَ بِأَمْرِکَ الَّذِی لَا یُرَدُّ وَلَا یُؤَخَّرُ فَإِنَّکَ شَاهِدُ کُلِّ نَجْوَی وَعَالِمُ کُلِّ فَحْوَی وَلَا تَخْفَی عَلَیْکَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ خَافِیَةٌ وَلَا یَذْهَب عَنْکَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ خَائِنَةٌ وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُیُوبِ عَالِمُ مَا فِی الضَّمَائِرِ وَالْقُلُوبِ اللَّهُمَّ وَأَسْأَلُکَ وَأُنَادِیکَ بِمَا نَادَاکَ بِهِ سَیِّدِی وَسَأَلَکَ بِهِ نُوحٌ إِذْ قُلْتَ تَبَارَکْتَ وَتَعَالَیْتَ وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِیبُونَ أَجَلْ.

اللَّهُمَّ یَا رَبِّ أَنْتَ نِعْمَ الْمُجِیبُ وَنِعْمَ الْمَدْعُوُّ وَنِعْمَ الْمَسْئُولُ وَنِعْمَ الْمُعْطِی أَنْتَ الَّذِی لَا تُخَیِّبُ سَائِلَکَ وَلَا تُمِلُّ دُعَاءَ مَنْ أَمَّلَکَ وَلَا تَتَبَرَّمُ بِکَثْرَةِ حَوَائِجِهِمْ إِلَیْکَ وَلَا بِقَضَائِهَا لَهُمْ فَإِنَّ قَضَاءَ حَوَائِجِ جَمِیعِ خَلْقِکَ إِلَیْکَ فِی أَسْرَعِ لَحْظٍ مِنْ لَمْحِ الطَّرْفِ وَأَخَفُّ عَلَیْکَ وَأَهْوَنُ مِنْ جَنَاحِ بَعُوضَةٍ وَحَاجَتِی یَا سَیِّدِی وَمَوْلَایَ

ص:177

وَمُعْتَمَدِی وَرَجَائِی أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَغْفِرَ لِی ذَنْبِی فَقَدْ جِئْتُکَ ثَقِیلَ الظَّهْرِ بِعَظِیمِ مَا بَارَزْتُکَ بِهِ مِنْ سَیِّئَاتِی وَرَکِبَنِی مِنْ مَظَالِمِ عِبَادِکَ مَالَا یَکْفِینِی وَلَا یُخَلِّصُنِی مِنْهُ غَیْرُکَ وَلَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ وَلَا یَمْلِکُهُ سِوَاکَ فَامْحُ یَا سَیِّدِی کَثْرَةَ سَیِّئَاتِی بِیَسِیرِ عَبَرَاتِی بَلْ بِقَسَاوَةِ قَلْبِی وَجُمُودِ عَیْنِی لَا بَلْ بِرَحْمَتِکَ الَّتِی وَسِعَتْ کُلَّ شَیْ ءٍ وَأَنَا شَیْ ءٌ فَلْتَسَعْنِی رَحْمَتُکَ یَا رَحْمَانُ یَا رَحِیمُ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ لَا تَمْتَحِنِّی فِی هَذِهِ الدُّنْیَا بِشَیْ ءٍ مِنَ الْمِحَنِ وَلَا تُسَلِّطْ عَلَیَّ مَنْ لَا یَرْحَمُنِی وَلَا تُهْلِکْنِی بِذُنُوبِی وَعَجِّلْ خَلَاصِی مِنْ کُلِّ مَکْرُوهٍ وَادْفَعْ عَنِّی کُلَّ ظُلْمٍ وَلَا تَهْتِکْ سِتْرِی وَلَا تَفْضَحْنِی یَوْمَ جَمْعِکَ الْخَلَائِقَ لِلْحِسَابِ یَا جَزِیلَ الْعَطَاءِ وَالثَّوَابِ.

أَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُحْیِیَنِی حَیَاةَ السُّعَدَاءِ وَتُمِیتَنِی مِیتَةَ الشُّهَدَاءِ وَتَقْبَلَنِی قَبُولَ الْأَوِدَّاءِ وَتَحْفَظَنِی فِی هَذِهِ الدُّنْیَا الدَّنِیَّةِ مِنْ شَرِّ سَلَاطِینِهَا وَفُجَّارِهَا وَشِرَارِهَا وَمُحِبِّیهَا وَالْعَامِلِینَ لَهَا فِیهَا وَقِنِی شَرَّ طُغَاتِهَا وَحُسَّادِهَا وَبَاغِی الشِّرْکِ فِیهَا حَتَّی تَکْفِیَنِی مَکْرَ الْمَکَرَةِ وَتَفْقَأَ عَنِّی أَعْیُنَ الْکَفَرَةِ وَتُفْحِمَ عَنِّی أَلْسُنَ الْفَجَرَةِ وَتَقْبِضَ لِی عَلَی أَیْدِی الظَّلَمَةِ وَتُؤْمِنَ لِی کَیْدَهُمْ وَتُمِیتَهُمْ بِغَیْظِهِمْ وَتَشْغَلَهُمْ بِأَسْمَاعِهِمْ وَأَبْصَارِهِمْ وَأَفْئِدَتِهِمْ وَتَجْعَلَنِی مِنْ ذَلِکَ کُلِّهِ فِی أَمْنِکَ وَأَمَانِکَ وَحِرْزِکَ وَسُلْطَانِکَ وَحِجَابِکَ وَکَنَفِکَ وَعِیَاذِکَ وَجَارِکَ إِنَّ وَلِیِّیَ اللَّهُ الَّذِی نَزَّلَ الْکِتابَ وَهُوَ یَتَوَلَّی الصَّالِحِینَ.

اللَّهُمَّ بِکَ أَعُوذُ وَبِکَ أَلُوذُ وَلَکَ أَعْبُدُ وَإِیَّاکَ أَرْجُو وَبِکَ أَسْتَعِینُ وَبِکَ أَسْتَکْفِی وَبِکَ أَسْتَغِیثُ وَبِکَ أَسْتَقْدِرُ وَمِنْکَ أَسْأَلُ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلَا تَرُدَّنِی إِلَّا بِذَنْبٍ مَغْفُورٍ وَسَعْیٍ مَشْکُورٍ وَتِجَارَةٍ لَنْ تَبُورَ وَأَنْ تَفْعَلَ بِی مَا أَنْتَ أَهْلُهُ

ص:178

وَلَا تَفْعَلَ بِی مَا أَنَا أَهْلُهُ فَإِنَّکَ أَهْلُ التَّقْوی وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ وَأَهْلُ الْفَضْلِ وَالرَّحْمَةِ.

إِلَهِی وَقَدْ أَطَلْتُ دُعَائِی وَأَکْثَرْتُ خِطَابِی وَضِیقُ صَدْرِی حَدَانِی عَلَی ذَلِکَ کُلِّهِ وَحَمَلَنِی عَلَیْهِ عِلْماً مِنِّی بِأَنَّهُ یُجْزِیکَ مِنْهُ قَدْرُ الْمِلْحِ فِی الْعَجِینِ بَلْ یَکْفِیکَ عَزْمُ إِرَادَةٍ وَأَنْ یَقُولَ الْعَبْدُ بِنِیَّةٍ صَادِقَةٍ وَلِسَانٍ صَادِقٍ یَا رَبِّ فَتَکُونُ عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِکَ بِکَ وَقَدْ نَاجَاکَ بِعَزْمِ الْإِرَادَةِ قَلْبِی فَأَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُقْرِنَ دُعَائِی بِالْإِجَابَةِ مِنْکَ وَتُبْلِغَنِی مَا أَمَّلْتُهُ فِیکَ مِنَّةً مِنْکَ وَطَوْلاً وَقُوَّةً وَحَوْلاً وَلَا تُقِیمَنِی مِنْ مَقَامِی هَذَا إِلَّا بِقَضَائِکَ جَمِیعَ مَا سَأَلْتُکَ فَإِنَّهُ عَلَیْکَ یَسِیرٌ وَخَطَرُهُ عِنْدِی جَلِیلٌ کَثِیرٌ وَأَنْتَ عَلَیْهِ قَدِیرٌ یَا سَمِیعُ یَا بَصِیرُ.

إِلَهِی وَهَذَا مَقَامُ الْعَائِذِ بِکَ مِنَ النَّارِ وَالْهَارِبِ مِنْکَ إِلَیْکَ مِنْ ذُنُوبٍ تَهَجَّمَتْهُ وَعُیُوبٍ فَضَحَتْهُ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْظُرْ إِلَیَّ نَظْرَةَ رَحْمَةٍ أَفُوزُ بِهَا إِلَی جَنَّتِکَ وَاعْطِفْ عَلَیَّ عَطْفَةً أَنْجُو بِهَا مِنْ عِقَابِکَ فَإِنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ لَکَ وَبِیَدِکَ وَمَفَاتِیحَهُمَا وَمَغَالِیقَهُمَا إِلَیْکَ وَأَنْتَ عَلَی ذَلِکَ قَادِرٌ وَهُوَ عَلَیْکَ هَیِّنٌ یَسِیرٌ وَافْعَلْ بِی مَا سَأَلْتُکَ یَا قَدِیرُ.

وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَلِیِّ الْعَظِیمِ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَکِیلُ.

ص:179

مَا کَانَ یَقُولُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ علیه السلام بَعْدَ صَلَاةِ الْفَرِیضَةِ فَقُلْنَا وَمَا کَانَ یَقُولُ قَالَ کَانَ یَقُولُ:

إِلَیْکَ رُفِعَتِ الْأَصْوَاتُ وَدُعِیَتِ الدَّعَوَاتُ وَلَکَ عَنَتِ الْوُجُوهُ وَلَکَ خَضَعَتِ الرِّقَابُ وَإِلَیْکَ التَّحَاکُمُ فِی الْأَعْمَالِ یَا خَیْرَ مَنْ سُئِلَ وَیَا خَیْرَ مَنْ أَعْطَی یَا صَادِقُ یَا بَارِئُ یَا مَنْ لا یُخْلِفُ الْمِیعادَ یَا مَنْ أَمَرَ بِالدُّعَاءِ وَوَعَدَ بِالْإِجَابَةِ یَا مَنْ قَالَ ادْعُونِی أَسْتَجِبْ لَکُمْ یَا مَنْ قَالَ وَإِذا سَأَلَکَ عِبادِی عَنِّی فَإِنِّی قَرِیبٌ أُجِیبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذا دَعانِ فَلْیَسْتَجِیبُوا لِی وَلْیُؤْمِنُوا بِی لَعَلَّهُمْ یَرْشُدُونَ وَیَا مَنْ قَالَ یا عِبادِیَ الَّذِینَ أَسْرَفُوا عَلی أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِیمُ لَبَّیْکَ وَسَعْدَیْکَ هَا أَنَا ذَا بَیْنَ یَدَیْکَ الْمُسْرِفُ وَأَنْتَ الْقَائِلُ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ یَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِیعاً.

ثُمَّ نَظَرَ یَمِیناً وَشِمَالاً بَعْدَ هَذَا الدُّعَاءِ فَقَالَ أَ تَدْرُونَ مَا کَانَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ یَقُولُ فِی سَجْدَةِ الشُّکْرِ فَقُلْتُ وَمَا کَانَ یَقُولُ قَالَ کَانَ یَقُول:

یَا مَنْ لَا یَزِیدُهُ کَثْرَةُ الْعَطَاءِ إِلَّا سَعَةً وَعَطَاءً یَا مَنْ لَا یَنْفَدُ خَزَائِنُهُ یَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ یَا مَنْ لَهُ خَزَائِنُ مَا دَقَّ وَجَلَ لَا یَمْنَعْکَ إِسَاءَتِی مِنْ إِحْسَانِکَ أَنْتَ تَفْعَلُ بِیَ الَّذِی أَنْتَ أَهْلُهُ فَأَنْتَ أَهْلُ الْجُودِ وَالْکَرَمِ وَالْعَفْوِ وَالتَّجَاوُزِ یَا رَبِّ یَا اللَّهُ لَا تَفْعَلْ بِیَ الَّذِی أَنَا أَهْلُهُ فَإِنِّی أَهْلُ الْعُقُوبَةِ وَقَدِ اسْتَحْقَقْتُهَا لَا حُجَّةَ لِی وَلَا عُذْرَ لِی عِنْدَکَ أَبُوءُ لَکَ بِذُنُوبِی کُلِّهَا وَأَعْتَرِفُ بِهَا کَیْ تَعْفُوَ عَنِّی وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِهَا مِنِّی أَبُوءُ لَکَ بِکُلِّ ذَنْبٍ أَذْنَبْتُهُ وَکُلِّ خَطِیئَةٍ احْتَمَلْتُهَا وَکُلِّ سَیِّئَةٍ علمتها [عَمِلْتُهَا] رَبِّ اغْفِرْ لِی وَارْحَمْ وَتَجَاوَزْ عَمَّا تَعْلَمُ إِنَّکَ أَنْتَ الْأَعَزُّ الْأَکْرَمُ.

وَقَامَ فَدَخَلَ الطَّوَافَ فَقُمْنَا لِقِیَامِهِ وَعَادَ مِنَ الْغَدِ فِی ذَلِکَ الْوَقْتِ فَقُمْنَا لِإِقْبَالِهِ

ص:181

کَفِعْلِنَا فِیمَا مَضَی فَجَلَسَ مُتَوَسِّطاً وَنَظَرَ یَمِیناً وَشِمَالاً فَقَالَ کَانَ عَلِیُّ بْنُ الْحُسَیْنِ سَیِّدُ الْعَابِدِینَ یَقُولُ فِی سُجُودِهِ فِی هَذَا الْمَوْضِعِ وَأَشَارَ بِیَدِهِ إِلَی الْحِجْرِ تَحْتَ الْمِیزَابِ.

عُبَیْدُکَ بِفِنَائِکَ مِسْکِینُکَ بِفِنَائِکَ فَقِیرُکَ بِفِنَائِکَ سَائِلُکَ بِفِنَائِکَ یَسْأَلُکَ مَالَا یَقْدِرُ عَلَیْهِ غَیْرُکَ.

ثُمَّ نَظَرَ یَمِیناً وَشِمَالاً وَنَظَرَ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ الْقَاسِمِ مِنْ بَیْنِنَا فَقَالَ یَا مُحَمَّدَ بْنَ الْقَاسِمِ أَنْتَ عَلَی خَیْرٍ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَکَانَ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ یَقُولُ بِهَذَا الْأَمْرِ ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ الطَّوَافَ فَمَا بَقِیَ مِنَّا أَحَدٌ إِلَّا وَقَدْ أُلْهِمَ مَا ذَکَرَهُ مِنَ الدُّعَاءِ وَأُنْسِینَا أَنْ نَتَذَاکَرَ أَمْرَهُ إِلَّا فِی آخِرِ یَوْمٍ.

فَقَالَ لَنَا أَبُو عَلِیٍّ الْمَحْمُودِیُّ یَا قَوْمِ أَ تَعْرِفُونَ هَذَا هَذَا وَاللَّهِ صَاحِبُ زَمَانِکُمْ فَقُلْنَا وَکَیْفَ عَلِمْتَ یَا أَبَا عَلِیٍّ فَذَکَرَ أَنَّهُ مَکَثَ سَبْعَ سِنِینَ یَدْعُو رَبَّهُ وَیَسْأَلُهُ مُعَایَنَةَ صَاحِبِ الزَّمَانِ قَالَ فَبَیْنَا نَحْنُ یَوْماً عَشِیَّةَ عَرَفَةَ وَإِذَا بِالرَّجُلِ بِعَیْنِهِ یَدْعُو بِدُعَاءٍ وَعَیْتُهُ فَسَأَلْتُهُ مِمَّنْ هُوَ فَقَالَ مِنَ النَّاسِ قُلْتُ مِنْ أَیِّ النَّاسِ قَالَ مِنْ عَرَبِهَا قُلْتُ مِنْ أَیِّ عَرَبِهَا قَالَ مِنْ أَشْرَفِهَا قُلْتُ وَمَنْ هُمْ قَالَ بَنُو هَاشِمٍ قُلْتُ مِنْ أَیِّ بَنِی هَاشِمٍ قَالَ مِنْ أَعْلَاهَا ذِرْوَةً وَأَسْنَاهَا قُلْتُ مِمَّنْ قَالَ مِمَّنْ فَلَقَ الْهَامَ وَأَطْعَمَ الطَّعَامَ وَصَلَّی وَالنَّاسُ نِیَامٌ قَالَ فَعَلِمْتُ أَنَّهُ عَلَوِیٌّ فَأَحْبَبْتُهُ عَلَی الْعَلَوِیَّةِ ثُمَّ افْتَقَدْتُهُ مِنْ بَیْنِ یَدَیَّ فَلَمْ أَدْرِ کَیْفَ مَضَی فَسَأَلْتُ الْقَوْمَ الَّذِینَ کَانُوا حَوْلَهُ تَعْرِفُونَ هَذَا الْعَلَوِیَّ قَالُوا نَعَمْ یَحُجُّ مَعَنَا فِی کُلِّ سَنَةٍ مَاشِیاً فَقُلْتُ سُبْحَانَ اللَّهِ وَاللَّهِ مَا أَرَی بِهِ أَثَرَ مَشْیٍ قَالَ فَانْصَرَفْتُ إِلَی الْمُزْدَلِفَةِ کَئِیباً حَزِیناً عَلَی فِرَاقِهِ وَنِمْتُ مِنْ لَیْلَتِی تِلْکَ فَإِذَا أَنَا بِرَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه وآله فَقَالَ یَا أَحْمَدُ رَأَیْتَ طَلِبَتَکَ فَقُلْتُ وَمَنْ ذَاکَ یَا سَیِّدِی فَقَالَ الَّذی

ص:182

رَأَیْتَهُ فِی عَشِیَّتِکَ هُوَ صَاحِبُ زَمَانِکَ.

قَالَ فَلَمَّا سَمِعْنَا ذَلِکَ مِنْهُ عَاتَبْنَاهُ عَلَی أَنْ لَا یَکُونَ أَعْلَمَنَا ذَلِکَ فَذَکَرَ أَنَّهُ کَانَ یَنْسَی أَمْرَهُ إِلَی وَقْتِ مَا حَدَّثَنَا بِهِ.

ص:183

فَأَضْرَبُوا عَنْهَا وَقَالُوا فَفِی الْحُقَّةِ جَوْهَرٌلَا مَحَالَةَ قَالَ لَهُمْ تَبِیعُونَهَا فَقَالُوا بِکَمْ قَالَ یَا أَبَا الْحَسَنِ یَعْنِی ابْنَ شَبِیبٍ الْکُوثَارِیَّ ادْفَعْ إِلَیْهِمْ عَشَرَةَ دَنَانِیرَ فَامْتَنَعُوا فَلَمْ یَزَلْ یَزِیدُهُمْ وَیَمْتَنِعُونَ إِلَی أَنْ بَلَغَ مِائَةَ دِینَارٍ فَقَالَ لَهُمْ إِنْ بِعْتُمْ وَإِلَّا نَدِمْتُمْ فَاسْتَجَابُوا لِلْبَیْعِ وَقَبَضُوا الْمِائَةَ الدِّینَارِ وَاسْتَثْنَی عَلَیْهِمُ الْمُدَرَّجَ وَالْعُکَّازَ فَلَمَّا انْفَصَلَ الْأَمْرُ قَالَ هَذِهِ عُکَّازُ مَوْلَانَا أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ الرِّضَاعلیه السلام الَّتِی کَانَتْ فِی یَدِهِ یَوْمَ تَوْکِیلِهِ سَیِّدَنَا الشَّیْخَ عُثْمَانَ بْنَ سَعِیدٍ الْعَمْرِیَّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَوَصِیَّتِهِ إِلَیْهِ وَغَیْبَتِهِ إِلَی یَوْمِنَا هَذَا وَهَذِهِ الْحُقَّةُ فِیهَا خَوَاتِیمُ الْأَئِمَّةِ فَأَخْرَجَهَا فَکَانَتْ کَمَا ذَکَرَ مِنْ جَوَاهِرِهَا وَنُقُوشِهَا وَعَدَدِهَا وَکَانَ فِی الْمُدَرَّجِ قُنُوتُ مَوَالِینَا الْأَئِمَّةِعلیهم السلام....

اللَّهُمَّ فَأْذَنْ بِذَلِکَ وَافْتَحْ طُرُقَاتِهِ وَسَهِّلْ خُرُوجَهُ وَوَطِّئْ مَسَالِکَهُ وَاشْرَعْ شَرَائِعَهُ وَأَیِّدْ جُنُودَهُ وَأَعْوَانَهُ وَبَادِرْ بَأْسَکَ الْقَوْمَ الظَّالِمِینَ وَابْسُطْ سَیْفَ نَقِمَتِکَ عَلَی أَعْدَائِکَ الْمُعَانِدِینَ وَخُذْ بِالثَّارِ إِنَّکَ جَوَادٌ مَکَّارٌ.

ص:186

مَعَهُ وَأَهْلَکْتَ قَوْمَهُ وَأَدْعُوکَ بِمَا دَعَاکَ بِهِ إِبْرَاهِیمُ خَلِیلُکَ حِینَ نَادَاکَ فَأَنْجَیْتَهُ وَجَعَلْتَ النَّارَ عَلَیْهِ بَرْداً وَسَلَاماً وَأَدْعُوکَ بِمَا دَعَاکَ بِهِ مُوسَی کَلِیمُکَ حِینَ نَادَاکَ فَفَرَّقْتَ لَهُ الْبَحْرَ فَأَنْجَیْتَهُ وَبَنِی إِسْرَائِیلَ وَأَغْرَقْتَ فِرْعَوْنَ وَقَوْمَهُ فِی الْیَمِّ وَأَدْعُوکَ بِمَا دَعَاکَ بِهِ عِیسَی رُوحُکَ حِینَ نَادَاکَ فَنَجَّیْتَهُ مِنْ أَعْدَائِهِ وَإِلَیْکَ رَفَعْتَهُ وَأَدْعُوکَ بِمَا دَعَاکَ بِهِ حَبِیبُکَ وَصَفِیُّکَ وَنَبِیُّکَ مُحَمَّدٌفَاسْتَجَبْتَ لَهُ وَمِنَ الْأَحْزَابِ نَجَّیْتَهُ وَعَلَی أَعْدَائِکِ نَصَرْتَهُ.

وَأَسْأَلُکَ بِاسْمِکَ الَّذِی إِذَا دُعِیتَ بِهِ أَجَبْتَ یَا مَنْ لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ یَا مَنْ أَحاطَ بِکُلِّ شَیْ ءٍ عِلْماً وَأَحْصی کُلَّ شَیْ ءٍ عَدَداً یَا مَنْ لَا تُغَیِّرُهُ الْأَیَّامُ وَاللَّیَالِی وَلَا تَتَشَابَهُ عَلَیْهِ الْأَصْوَاتُ وَلَا تَخْفَی عَلَیْهِ اللُّغَاتُ وَلَا یُبْرِمُهُ إِلْحَاحُ الْمُلِحِّینَ.

أَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ خِیَرَتِکَ مِنْ خَلْقِکَ فَصَلِّ عَلَیْهِمْ بِأَفْضَلِ صَلَوَاتِکَ وَصَلِّ عَلَی جَمِیعِ النَّبِیِّینَ وَالْمُرْسَلِینَ الَّذِینَ بَلَغُوا عَنْکَ الْهُدَی وَعَقَدُوا لَکَ الْمَوَاثِیقَ بِالطَّاعَةِ وَصَلِّ عَلَی عِبَادِکَ الصَّالِحِینَ یَا مَنْ لا یُخْلِفُ الْمِیعادَ أَنْجِزْ لِی مَا وَعَدْتَنِی وَاجْمَعْ لِی أَصْحَابِی وَصَبِّرْهُمْ وَانْصُرْنِی عَلَی أَعْدَائِکَ وَأَعْدَاءِ رَسُولِکَ وَلَا تُخَیِّبْ دَعْوَتِی فَإِنِّی عَبْدُکَ ابْنُ عَبْدِکَ ابْنُ أَمَتِکَ أَسِیرُ بَیْنَ یَدَیْکَ سَیِّدِی أَنْتَ الَّذِی مَنَنْتَ عَلَیَّ بِهَذَا الْمَقَامِ وَتَفَضَّلْتَ بِهِ عَلَیَّ دُونَ کَثِیرٍ مِنْ خَلْقِکَ.

أَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُنْجِزَ لِی مَا وَعَدْتَنِی إِنَّکَ أَنْتَ الصَّادِقُ وَلَا تُخْلِفُ الْمِیعَادَ وَأَنْتَ عَلَی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.

ص:188

تُصْبِحُ وَتُمْسِی السَّلَامُ عَلَیْکَ فِی اللَّیْلِ إِذا یَغْشی وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّی السَّلَامُ عَلَیْکَ أَیُّهَا الْإِمَامُ الْمَأْمُونُ السَّلَامُ عَلَیْکَ أَیُّهَا الْمُقَدَّمُ الْمَأْمُولُ السَّلَامُ عَلَیْکَ بِجَوَامِعِ السَّلَامِ.

أُشْهِدُکَ یَا مَوْلَایَ أَنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لَا حَبِیبَ إِلَّا هُوَ وَأَهْلُهُ وَأُشْهِدُکَ أَنَّ عَلِیّاً أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حُجَّتُهُ وَالْحَسَنَ حُجَّتُهُ وَالْحُسَیْنَ حُجَّتُهُ وَعَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ حُجَّتُهُ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ حُجَّتُهُ وَجَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَمُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ وَعَلِیَّ بْنَ مُوسَی حُجَّتُهُ وَمُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ حُجَّتُهُ وَعَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَالْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ حُجَّتُهُ وَأَشْهَدُ أَنَّکَ حُجَّةُ اللَّهِ أَنْتُمُ الْأَوَّلُ وَالآْخِرُ وَأَنَّ رَجْعَتَکُمْ حَقٌ لَا رَیْبَ فِیهَا یَوْمَ لا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمانُها لَمْ تَکُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ کَسَبَتْ فِی إِیمانِها خَیْراً وَأَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَأَنَّ نَاکِراً وَنَکِیراً حَقٌّ وَأَشْهَدُ أَنَّ النَّشْرَ وَالْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَالْمِیزَانَ وَالْحِسَابَ حَقٌّ وَالْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ وَالْوَعْدَ وَالْوَعِیدَ بِهِمَا حَقٌّ یَا مَوْلَایَ شَقِیَ مَنْ خَالَفَکُمْ وَسَعِدَ مَنْ أَطَاعَکُمْ.

فَاشْهَدْ عَلَی مَا أَشْهَدْتُکَ عَلَیْهِ وَأَنَا وَلِیٌّ لَکَ بَرِی ءٌ مِنْ عَدُوِّکَ فَالْحَقُّ مَا رَضِیتُمُوهُ وَالْبَاطِلُ مَا سَخِطْتُمُوهُ وَالْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ وَالْمُنْکَرُ مَا نَهَیْتُمْ عَنْهُ فَنَفْسِی مُؤْمِنَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ وَبِأَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَبِکُمْ یَا مَوْلَایَ أَوَّلِکُمْ وَآخِرِکُمْ وَنُصْرَتِی مُعَدَّةٌ لَکُمْ وَمَوَدَّتِی خَالِصَةٌ لَکُمْ آمِینَ آمِینَ.

وَقُوَّتِی نُورَ الْعَمَلِ وَلِسَانِی نُورَ الصِّدْقِ وَدِینِی نُورَ الْبَصَائِرِ مِنْ عِنْدِکَ وَبَصَرِی نُورَ الضِّیَاءِ وَسَمْعِی نُورَ الْحِکْمَةِ وَمَوَدَّتِی نُورَ الْمُوَالاةِ لِمُحَمَّدٍ وَآلِهِ عَلَیْهِمُ السَّلَامُ حَتَّی أَلْقَاکَ وَقَدْ وَفَیْتُ بِعَهْدِکَ وَمِیثَاقِکَ فَتَسَعَنِی رَحْمَتُکَ یَا وَلِیُّ یَا حَمِیدُ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ حُجَّتِکَ فِی أَرْضِکَ وَخَلِیفَتِکَ فِی بِلَادِکَ وَالدَّاعِی إِلَی سَبِیلِکَ وَالْقَائِمِ بِقِسْطِکَ وَالثَّائِرِ بِأَمْرِکَ وَلِیِّ الْمُؤْمِنِینَ وَبَوَارِ الْکَافِرِینَ وَمُجَلِّی الظُلْمَةِ وَمُنِیرِ الْحَقِّ وَالنَّاطِقِ بِالْحِکْمَةِ وَالصِّدْقِ وَکَلِمَتِکَ التَّامَّةِ فِی أَرْضِکَ الْمُرْتَقِبِ الْخَائِفِ وَالْوَلِیِّ النَّاصِحِ سَفِینَةِ النَّجَاةِ وَعَلَمِ الْهُدَی وَنُورِ أَبْصَارِ الْوَرَی وَخَیْرِ مَنْ تَقَمَّصَ وَارْتَدَی وَمُجَلِّی الْغَمَاءِ الَّذِی یَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً کَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی وَلِیِّکَ وَابْنِ أَوْلِیَائِکَ الَّذِینَ فَرَضْتَ طَاعَتَهُمْ وَأَوْجَبْتَ حَقَّهُمْ وَأَذْهَبْتَ عَنْهُمُ الرِّجْسَ وَطَهَّرْتَهُمْ تَطْهِیراً: اللَّهُمَّ انْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ لِدِینِکَ وَانْصُرْ بِهِ أَوْلِیَاءَکَ وَأَوْلِیَاءَهُ وَشِیعَتَهُ وَأَنْصَارَهُ وَاجْعَلْنَا مِنْهُمْ.

اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ کُلِّ بَاغٍ وَطَاغٍ وَمِنْ شَرِّ جَمِیعِ خَلْقِکَ وَاحْفَظْهُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ یَمِینِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَاحْرُسْهُ وَامْنَعْهُ مِنْ أَنْ یُوصَلَ إِلَیْهِ بِسُوءٍ وَاحْفَظْ فِیهِ رَسُولَکَ وَآلَ رَسُولِکَ وَأَظْهِرْ بِهِ الْعَدْلَ وَأَیِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَانْصُرْ نَاصِرِیهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِیهِ وَاقسم [اقْصِمْ] بِهِ جَبَابِرَةَ الْکُفْرِ وَاقْتُلْ بِهِ الْکُفَّارَ وَالْمُنَافِقِینَ وَجَمِیعَ الْمُلْحِدِینَ حَیْثُ کَانُوا مِنْ مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا بَرِّهَا وَبَحْرِهَا وَامْلَأْ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلاً وَأَظْهِرْ بِهِ دِینَ نَبِیَّکَ صلی الله علیه وآله وَاجْعَلْنِی اللَّهُمَّ مِنْ أَنْصَارِهِ وَأَعْوَانِهِ وَأَتْبَاعِهِ وَشِیعَتِهِ وَأَرِنِی فِی آلِ مُحَمَّدٍعلیه السلام مَا یَأْمَلُونَ وَفِی عَدُوِّهِمْ مَا یَحْذَرُونَ إِلَهَ الْحَق.

آمِینَ یَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِکْرَامِ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

ص:191

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

لَا لِأَمْرِ اللَّهِ تَعْقِلُونَ وَلَا مِنْ أَوْلِیَائِهِ تَقْبَلُونَ حِکْمَةٌ بالِغَةٌ فَمَا تُغْنِی الآْیَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا یُؤْمِنُونَ وَالسَّلَامُ عَلَیْنَا وَعَلَی عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِینَ فَإِذَا أَرَدْتُمُ التَّوَجُّهَ بِنَا إِلَی اللَّهِ تَعَالَی وَإِلَیْنَا فَقُولُوا کَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَی:

سَلَامٌ عَلَی آلِ یَاسِینَ.

ذَلِکَ هُوَ الْفَضْلُ الْمُبِینُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِیمِ مَنْ یَهْدِیهِ صِرَاطَهُ الْمُسْتَقِیمَ التَّوَجُّهَ..

قَدْ آتَاکُمُ اللَّهُ یَا آلَ یَاسِینَ خِلَافَتَهُ وَعَلَّمَ مَجَارِیَ أَمْرِهِ فِیمَا قَضَاهُ وَدَبَّرَهُ وَرَتَّبَهُ وَأَرَادَهُ فِی مَلَکُوتِهِ فَکَشَفَ لَکُمُ الْغِطَاءَ وَأَنْتُمْ خَزَنَتُهُ وَشُهَدَاؤُهُ وَعُلَمَاؤُهُ وَأُمَنَاؤُهُ سَاسَةُ الْعِبَادِ وَأَرْکَانُ الْبِلَادِ وَقُضَاةُ الْأَحْکَامِ وَأَبْوَابُ الْإِیمَانِ وَمِنْ تَقْدِیرِهِ مَنَائِحُ الْعَطَاءِ بِکُمْ إِنْفَاذُهُ مَحْتُوماً مَقْرُوناً فَمَا شَیْ ءٌ مِنْهُ إِلَّا وَأَنْتُمْ لَهُ السَّبَبُ وَإِلَیْهِ السَّبِیلُ خِیَارُهُ لِوَلِیِّکُمْ نِعْمَةٌ وَانْتِقَامُهُ مِنْ عَدُوِّکُمْ سَخْطَةٌ فَلَا نَجَاةَ وَلَا مَفْزَعَ إِلَّا أَنْتُمْ وَلَا مَذْهَبَ عَنْکُمْ یَا أَعْیُنَ اللَّهِ النَّاظِرَةَ وَحَمَلَةَ مَعْرِفَتِهِ وَمَسَاکِنَ تَوْحِیدِهِ فِی أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ وَأَنْتَ یَا حُجَّةَ اللَّهِ وَبَقِیَّتَهُ کَمَالُ نِعْمَتِهِ وَوَارِثُ أَنْبِیَائِهِ وَخُلَفَائِهِ مَا بَلَغْنَاهُ مِنْ دَهْرِنَا وَصَاحِبُ الرَّجْعَةِ لِوَعْدِ رَبِّنَا الَّتِی فِیهَا دَوْلَةُ الْحَقِّ وَفَرَحُنَا وَنَصْرُ اللَّهِ لَنَا وَعِزُّنَا.

السَّلَامُ عَلَیْکَ أَیُّهَا الْعَلَمُ الْمَنْصُوبُ وَالْعِلْمُ الْمَصْبُوبُ وَالْغَوْثُ وَالرَّحْمَةُ الْوَاسِعَةُ وَعْداً غَیْرَ مَکْذُوبٍ السَّلَامُ عَلَیْکَ صَاحِبَ الْمَرْأَی وَالْمَسْمَعِ الَّذِی بِعَیْنِ اللَّهِ مَوَاثِیقُهُ وَبِیَدِ اللَّهِ عُهُودُهُ وَبِقُدْرَةِ اللَّهِ سُلْطَانُهُ أَنْتَ الْحَلِیمُ الَّذِی لَا تُعَجِّلُهُ الْعَصَبِیَّةُ وَالْکَرِیمُ الَّذِی لَا تُبَخِّلُهُ الْحَفِیظَةُ وَالْعَالِمُ الَّذِی لَا تُجَهِّلُهُ الْحَمِیَّةُ مُجَاهَدَتُکَ

ص:193

فِی اللَّهِ ذَاتُ مَشِیَّةِ اللَّهِ وَمُقَارَعَتُکَ فِی اللَّهِ ذَاتُ انْتِقَامِ اللَّهِ وَصَبْرُکَ فِی اللَّهِ ذُو أَنَاةِ اللَّهِ وَشُکْرُکَ لِلَّهِ ذُو مَزِیدِ اللَّهِ وَرَحْمَتِهِ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا مَحْفُوظاً بِاللَّهِ نُورُ أَمَامِهِ وَوَرَائِهِ وَیَمِینِهِ وَشِمَالِهِ وَفَوْقِهِ وَتَحْتِهِ یَا مَحْرُوزاً فِی قُدْرَةِ اللَّهِ نُورُ سَمْعِهِ وَبَصَرِهِ وَیَا وَعْدَ اللَّهِ الَّذِی ضَمِنَهُ وَیَا مِیثَاقَ اللَّهِ الَّذِی أَخَذَهُ وَوَکَّدَهُ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا دَاعِیَ اللَّهِ وَرَبَّانِیَّ آیَاتِهِ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا بَابَ اللَّهِ وَدَیَّانَ دِینِهِ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا خَلِیفَةَ اللَّهِ وَنَاصِرَ حَقِّهِ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا حُجَّةَ اللَّهِ وَدَلِیلَ إِرَادَتِهِ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا تَالِیَ کِتَابِ اللَّهِ وَتَرْجُمَانَهُ السَّلَامُ عَلَیْکَ فِی آنَاءِ لَیْلِکَ وَأَطْرَافِ نَهَارِکَ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا بَقِیَّةَ اللَّهِ فِی أَرْضِهِ.

السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تَقُومُ السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تَقْعُدُ السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تَقْرَأُ وَتُبَیِّنُ السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تُصَلِّی وَتَقْنُتُ السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تَرْکَعُ وَتَسْجُدُ السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تَعَوَّذُ وَتُسَبِّحُ السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تُهَلِّلُ وَتُکَبِّرُ السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تَحْمَدُ وَتَسْتَغْفِرُ السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تُمَجِّدُ وَتَمْدَحُ السَّلَامُ عَلَیْکَ حِینَ تُمْسِی وَتُصْبِحُ السَّلَامُ عَلَیْکَ فِی اللَّیْلِ إِذا یَغْشی وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّی وَالْآخِرَةِ وَالْأُولَی.

السَّلَامُ عَلَیْکُمْ یَا حُجَجَ اللَّهِ وَرُعَاتَنَا وَهُدَاتَنَا وَدُعَاتَنَا وَقَادَتَنَا وَأَئِمَّتَنَا وَسَادَتَنَا وَمَوَالِیَنَا السَّلَامُ عَلَیْکُمْ أَنْتُمْ نُورُنَا وَأَنْتُمْ جَاهُنَا أَوْقَاتِ صَلَاتِنَا وَعِصْمَتُنَا بِکُمْ لِدُعَائِنَا وَصَلَاتِنَا وَصِیَامِنَا وَاسْتِغْفَارِنَا وَسَائِرِ أَعْمَالِنَا.

السَّلَامُ عَلَیْکَ أَیُّهَا الْإِمَامُ الْمَأْمُونُ السَّلَامُ عَلَیْکَ أَیُّهَا الْإِمَامُ الْمُقَدَّمُ الْمَأْمُولُ السَّلَامُ عَلَیْکَ بِجَوَامِعِ السَّلَامِ.

أُشْهِدُکَ یَا مَوْلَایَ أَنِّی أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ لَا حَبِیبَ إِلَّا هُوَ وَأَهْلُهُ وَأَنَّ

أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ حُجَّتُهُ وَأَنَّ

ص:194

الْحَسَنَ حُجَّتُهُ وَأَنَّ الْحُسَیْنَ حُجَّتُهُ وَأَنَّ عَلِیَّ بْنَ الْحُسَیْنِ حُجَّتُهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ حُجَّتُهُ وَأَنَّ جَعْفَرَ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَأَنَّ مُوسَی بْنَ جَعْفَرٍ حُجَّتُهُ وَأَنَّ عَلِیَّ بْنَ مُوسَی حُجَّتُهُ وَأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ عَلِیٍّ حُجَّتُهُ وَأَنَّ عَلِیَّ بْنَ مُحَمَّدٍ حُجَّتُهُ وَأَنَّ الْحَسَنَ بْنَ عَلِیٍّ حُجَّتُهُ وَأَنْتَ حُجَّتُهُ وَأَنَّ الْأَنْبِیَاءَ دُعَاةٌ وَهُدَاةُ رُشْدِکُمْ أَنْتُمُ الْأَوَّلُ وَالآْخِرُ وَخَاتِمَتُهُ وَأَنَّ رَجْعَتَکُمْ حَقٌ لَا شَکَّ فِیهَا یَوْمَ لَا یَنْفَعُ نَفْساً إِیمَانُهَا لَمْ تَکُنْ آمَنَتْ مِنْ قَبْلُ أَوْ کَسَبَتْ فِی إِیمَانِهَا خَیْراً وَأَنَّ الْمَوْتَ حَقٌّ وَأَشْهَدُ أَنَّ نَاکِراً وَنَکِیراً حَقٌّ وَأَنَّ النَّشْرَ وَالْبَعْثَ حَقٌّ وَأَنَّ الصِّرَاطَ حَقٌّ وَالْمِرْصَادَ حَقٌّ وَأَنَّ الْمِیزَانَ وَالْحِسَابَ حَقٌّ وَأَنَّ الْجَنَّةَ وَالنَّارَ حَقٌّ وَالْجَزَاءَ بِهِمَا لِلْوَعْدِ وَالْوَعِیدِ حَقٌّ وَأَنَّکُمْ لِلشَّفَاعَةِ حَقٌ لَا تُرَدُّونَ وَلَا تَسْبِقُونَ مَشِیَّةَ اللَّهِ وَبِأَمْرِهِ تَعْمَلُونَ وَلِلَّهِ الرَّحْمَةُ وَالْکَلِمَةُ الْعُلْیَا وَبِیَدِهِ الْحُسْنَی وَحُجَّةُ اللَّهِ النُّعْمَی [الْعُظْمَی] خَلَقَ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ لِعِبَادَتِهِ أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ عِبَادَتَهُ فَشَقِیٌّ وَسَعِیدٌ قَدْ شَقِیَ مَنْ خَالَفَکُمْ وَسَعِدَ مَنْ أَطَاعَکُمْ وَأَنْتَ یَا مَوْلَایَ فَاشْهَدْ بِمَا أَشْهَدْتُکَ عَلَیْهِ تَخْزُنُهُ وَتَحْفَظُهُ لِی عِنْدَکَ أَمُوتُ عَلَیْهِ وَأَنْشُرُ عَلَیْهِ وَأَقِفُ بِهِ وَلِیّاً لَکَ بَرِیئاً مِنْ عَدُوِّکَ مَاقِتاً لِمَنْ أَبْغَضَکُمْ وَادّاً لِمَنْ أَحَبَّکُمْ فَالْحَقُّ مَا رَضِیتُمُوهُ وَالْبَاطِلُ مَا سَخِطْتُمُوهُ وَالْمَعْرُوفُ مَا أَمَرْتُمْ بِهِ وَالْمُنْکَرُ مَا نَهَیْتُمْ عَنْهُ وَالْقَضَاءُ الْمُثْبَتُ مَا اسْتَأْثَرَتْ بِهِ مَشِیَّتُکُمْ وَالْمَمْحُوُّ مَا اسْتَأْثَرَتْ بِهِ سُنَّتُکُمْ فَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ مُحَمَّدٌ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ عَلِیٌّ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ حُجَّتُهُ الْحَسَنُ حُجَّتُهُ الْحُسَیْنُ حُجَّتُهُ عَلِیٌّ حُجَّتُهُ مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ جَعْفَرٌ حُجَّتُهُ مُوسَی حُجَّتُهُ عَلِیٌّ حُجَّتُهُ مُحَمَّدٌ حُجَّتُهُ عَلِیٌّ حُجَّتُهُ الْحَسَنُ حُجَّتُهُ أَنْتَ حُجَّتُهُ أَنْتُمْ حُجَجُهُ وَبَرَاهِینُهُ أَنَا یَا مَوْلَایَ مُسْتَبْشِرٌ بِالْبَیْعَةِ الَّتِی أَخَذَ اللَّهُ عَلَی شُرَطِهِ قِتَالاً فِی سَبِیلِهِ اشْتَرَی بِهِ أَنْفُسَ الْمُؤْمِنِینَ فَنَفْسِی مُؤْمِنَةٌ بِاللَّهِ وَحْدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ وَبِرَسُولِهِ وَبِأَمِیرِ

ص:195

الْمُؤْمِنِینَ وَبِکُمْ یَا مَوْلَایَ أَوَّلِکُمْ وَآخِرِکُمْ وَنُصْرَتِی لَکُمْ مُعَدَّةٌ وَمَوَدَّتِی خَالِصَةٌ لَکُمْ وَبَرَاءَتِی مِنْ أَعْدَائِکُمْ أَهْلِ الْحَرَدَةِ وَالْجِدَالِ ثَابِتَةٌ لِثَأْرِکُمْ أَنَا وَلِیٌّ وَحِیدٌ وَاللَّهُ إِلَهُ الْحَقِّ یَجْعَلُنِی کَذَلِکَ آمِینَ آمِینَ مَنْ لِی إِلَّا أَنْتَ فِیمَا دَنَتْ وَاعْتَصَمْتُ بِکَ فِیهِ تَحْرُسُنِی فِیمَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَیْکَ یَا وِقَایَةَ اللَّهِ وَسِتْرَهُ وَبَرَکَتَهُ أَغِثْنِی أَدْنِنِی أَعْنِی أَدْرِکْنِی صِلْنِی بِکَ وَلَا تَقْطَعْنِی.

اللَّهُمَّ إِلَیْکَ بِهِمْ تَوَسُّلِی وَتَقَرُّبِی.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصِلْنِی بِهِمْ وَلَا تَقْطَعْنِی بِحُجَّتِکَ وَاعْصِمْنِی وَسَلَامُکَ عَلَی آلِ یس.

مَوْلَایَ أَنْتَ الْجَاهُ عِنْدَ اللَّهِ رَبِّکَ وَرَبِّی إِنَّهُ حَمِیدٌ مَجِیدٌ.

ص:196

عَمَّا کَتَمْتَهُ وَلَا أُنَازِعَکَ فِی تَدْبِیرِکَ وَلَا أَقُولَ لِمَ وَکَیْفَ وَمَا بَالُ وَلِیِّ أَمْرِ اللَّهِ لَا یَظْهَرُ وَقَدِ امْتَلَأَتِ الْأَرْضُ مِنَ الْجَوْرِ وَأُفَوِّضُ أُمُورِی کُلَّهَا إِلَیْکَ.

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ أَنْ تُرِیَنِی وَلِیَّ أَمْرِکَ ظَاهِراً نَافِذاً لِأَمْرِکَ مَعَ عِلْمِی بِأَنَّ لَکَ السُّلْطَانَ وَالْقُدْرَةَ وَالْبُرْهَانَ وَالْحُجَّةَ وَالْمَشِیَّةَ وَالْإِرَادَةَ وَالْحَوْلَ وَالْقُوَّةَ فَافْعَلْ ذَلِکَ بِی وَبِجَمِیعِ الْمُؤْمِنِینَ حَتَّی نَنْظُرَ إِلَی وَلِیِّکَ ظَاهِرَ الْمَقَالَةِ وَاضِحَ الدَّلَالَةِ هَادِیاً مِنَ الضَّلَالَةِ شَافِیاً مِنَ الْجَهَالَةِ أَبْرِزْ یَا رَبِّ مَشَاهِدَهُ وَثَبِّتْ قَوَاعِدَهُ وَاجْعَلْنَا مِمَّنْ تَقَرُّ عَیْنُنُا بِرُؤْیَتِهِ وَأَقِمْنَا بِخِدْمَتِهِ وَتَوَفَّنَا عَلَی مِلَّتِهِ وَاحْشُرْنَا فِی زُمْرَتِهِ.

اللَّهُمَّ أَعِذْهُ مِنْ شَرِّ جَمِیعِ مَا خَلَقْتَ وَبَرَأْتَ وَذَرَأْتَ وَأَنْشَأْتَ وَصَوَّرْتَ وَاحْفَظْهُ مِنْ بَیْنِ یَدَیْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ وَعَنْ یَمِینِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ وَمِنْ فَوْقِهِ وَمِنْ تَحْتِهِ بِحِفْظِکَ الَّذِی لَا یَضِیعُ مَنْ حَفِظْتَهُ بِهِ وَاحْفَظْ فِیهِ رَسُولَکَ وَوَصِیَّ رَسُولِکَ.

اللَّهُمَّ وَمُدَّ فِی عُمُرِهِ وَزِدْ فِی أَجَلِهِ وَأَعِنْهُ عَلَی مَا أَوْلَیْتَهُ وَاسْتَرْعَیْتَهُ وَزِدْ فِی کَرَامَتِکَ لَهُ فَإِنَّهُ الْهَادِی الْمَهْدِیُّ الْقَائِمُ الْمُهْتَدِی الطَّاهِرُ التَّقِیُّ النَّقِیُّ الزَّکِیُّ الرَّضِیُّ الْمَرْضِیُّ الصَّابِرُ الْمُجْتَهِدُ الشَّکُورُ.

اللَّهُمَّ وَلَا تَسْلُبْنَا الْیَقِینَ لِطُولِ الْأَمَدِ فِی غَیْبَتِهِ وَانْقِطَاعِ خَبَرِهِ عَنَّا وَلَا تُنْسِنَا ذِکْرَهُ وَانْتِظَارَهُ وَالْإِیمَانَ بِهِ وَقُوَّةَ الْیَقِینِ فِی ظُهُورِهِ وَالدُّعَاءَ لَهُ وَالصَّلَاةَ عَلَیْهِ حَتَّی لَا یُقَنِّطَنَا طُولُ غَیْبَتِهِ مِنْ ظُهُورِهِ وَقِیَامِهِ وَیَکُونَ یَقِینُنَا فِی ذَلِکَ کَیَقِینِنَا فِی قِیَامِ رَسُولِ اللَّهِ صلی الله علیه وآله وَمَا جَاءَ بِهِ مِنْ وَحْیِکَ وَتَنْزِیلِکَ قَوِّ قُلُوبَنَا عَلَی الْإِیمَانِ بِهِ حَتَّی تَسْلُکَ بِنَا عَلَی یَدِهِ مِنْهَاجَ الْهُدَی وَالْمَحَجَّةَ الْعُظْمَی وَالطَّرِیقَةَ الْوُسْطَی وَقَوِّنَا عَلَی طَاعَتِهِ وَثَبِّتْنَا عَلَی مُشَایَعَتِهِ وَاجْعَلْنَا فِی حِزْبِهِ وَأَعْوَانِهِ وَأَنْصَارِهِ وَالرَّاضِینَ بِفِعْلِهِ وَلَا تَسْلُبْنَا ذَلِکَ فِی حَیَاتِنَا وَلَا عِنْدَ وَفَاتِنَا حَتَّی تَتَوَفَّانَا وَنَحْنُ عَلَی ذَلِکَ

ص:202

غَیْرُ شَاکِّینَ وَلَا نَاکِثِینَ وَلَا مُرْتَابِینَ وَلَا مُکَذِّبِینَ.

اللَّهُمَّ عَجِّلْ فَرَجَهُ وَأَیِّدْهُ بِالنَّصْرِ وَانْصُرْ نَاصِرِیهِ وَاخْذُلْ خَاذِلِیهِ وَدَمْدِمْ عَلَی مَنْ نَصَبَ لَهُ وَکَذَّبَ بِهِ وَأَظْهِرْ بِهِ الْحَقَّ وَأَمِتْ بِهِ الْجَوْرَ وَاسْتَنْقِذْ بِهِ عِبَادَکَ الْمُؤْمِنِینَ مِنَ الذُّلِّ وَانْعَشْ بِهِ الْبِلَادَ وَاقْتُلْ بِهِ الْجَبَابِرَةَ الْکَفَرَةَ وَاقْصِمْ بِهِ رُءُوسَ الضَّلَالَةِ وَذَلِّلْ بِهِ الْجَبَّارِینَ وَالْکَافِرِینَ وَأَبِرْ بِهِ الْمُنَافِقِینَ وَالنَّاکِثِینَ وَجَمِیعَ الْمُخَالِفِینَ وَالْمُلْحِدِینَ فِی مَشَارِقِ الْأَرْضِ وَمَغَارِبِهَا وَبَحْرِهَا وَبَرِّهَا وَسَهْلِهَا وَجَبَلِهَا حَتَّی لَا تَدَعَ مِنْهُمْ دَیَّاراً وَلَا تُبْقِیَ لَهُمْ آثَاراً وَتُطَهِّرَ مِنْهُمْ بِلَادَکَ وَاشْفِ مِنْهُمْ صُدُورَ عِبَادِکَ وَجَدِّدْ بِهِ مَا امْتَحَی مِنْ دِینِکَ وَأَصْلِحْ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ حُکْمِکَ وَغُیِّرَ مِنْ سُنَّتِکَ حَتَّی یَعُودَ دِینُکَ بِهِ وَعَلَی یَدِهِ غَضّاً جَدِیداً صَحِیحاًلَا عِوَجَ فِیهِ وَلَا بِدْعَةَ مَعَهُ حَتَّی تُطْفِئَ بِعَدْلِهِ نِیرَانَ الْکَافِرِینَ فَإِنَّهُ عَبْدُکَ الَّذِی اسْتَخْلَصْتَهُ لِنَفْسِکَ وَارْتَضَیْتَهُ لِنُصْرَةِ دِینِکَ وَاصْطَفَیْتَهُ بِعِلْمِکَ وَعَصَمْتَهُ مِنَ الذُّنُوبِ وَبَرَّأْتَهُ مِنَ الْعُیُوبِ وَأَطْلَعْتَهُ عَلَی الْغُیُوبِ وَأَنْعَمْتَ عَلَیْهِ وَطَهَّرْتَهُ مِنَ الرِّجْسِ وَنَقَّیْتَهُ مِنَ الدَّنَسِ.

اللَّهُمَّ فَصَلِّ عَلَیْهِ وَعَلَی آبَائِهِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِینَ وَعَلَی شِیعَتِهِمُ الْمُنْتَجَبِینَ وَبَلِّغْهُمْ مِنْ آمَالِهِمْ أَفْضَلَ مَا یَأْمُلُونَ وَاجْعَلْ ذَلِکَ مِنَّا خَالِصاً مِنْ کُلِّ شَکٍّ وَشُبْهَةٍ وَرِیَاءٍ وَسُمْعَةٍ حَتَّی لَا نُرِیدَ بِهِ غَیْرَکَ وَلَا نَطْلُبَ بِهِ إِلَّا وَجْهَکَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْکُو إِلَیْکَ فَقْدَ نَبِیِّنَا وَغَیْبَةَ وَلِیِّنَا وَشِدَّةَ الزَّمَانِ عَلَیْنَا وَوُقُوعَ الْفِتَنِ بِنَا وَتَظَاهُرَ الْأَعْدَاءِ وَکَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَقِلَّةَ عَدَدِنَا اللَّهُمَّ فَافْرُجْ ذَلِکَ بِفَتْحٍ مِنْکَ تُعَجِّلُهُ وَبِصَبْرٍ مِنْکَ تُیَسِّرُهُ وَإِمَامٍ عَدْلٍ تُظْهِرُهُ إِلَهَ الْحَقِّ رَبَّ الْعَالَمِینَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُکَ أَنْ تَأْذَنَ لِوَلِیِّکَ فِی إِظْهَارِ عَدْلِکَ فِی عِبَادِکَ وَقَتْلِ أَعْدَائِکَ فِی بِلَادِکَ حَتَّی لَا تَدَعَ لِلْجَوْرِ دِعَامَةً إِلَّا قَصَمْتَهَا وَلَا بَنِیَّةً إِلَّا أَفْنَیْتَهَا وَلَا قُوَّةً إِلَّا أَوْهَنْتَهَا وَلَا رُکْناً إِلَّا هَدَدْتَهُ وَلَا حَدّاً إِلَّا فَلَلْتَهُ وَلَا سِلَاحاً إِلَّا کَلَلْتَهُ وَلَا رَایَةً إِلَّا

ص:203

نَکَّسْتَهَا وَلَا شُجَاعاً إِلَّا قَتَلْتَهُ وَلَا حَیّاً إِلَّا خَذَلْتَهُ ارْمِهِمْ یَا رَبِّ بِحَجَرِکَ الدَّامِغِ وَاضْرِبْهُمْ بِسَیْفِکَ الْقَاطِعِ وَبِبَأْسِکَ الَّذِی لَا یُرَدُّ عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِینَ وَعَذِّبْ أَعْدَاءَکَ وَأَعْدَاءَ دِینِکَ وَأَعْدَاءَ رَسُولِکَ بِیَدِ وَلِیِّکَ وَأَیْدِی عِبَادِکَ الْمُؤْمِنِینَ.

اللَّهُمَّ اکْفِ وَلِیَّکَ وَحُجَّتَکَ فِی أَرْضِکَ هَوْلَ عَدُوِّهِ وَکِدْ مَنْ کَادَهُ وَامْکُر بِمَنْ مَکَرَ بِهِ وَاجْعَلْ دَائِرَةَ السَّوْءِ عَلَی مَنْ أَرَادَ بِهِ سُوءاً وَاقْطَعْ عَنْهُ مَادَّتَهُمْ وَأَرْعِبْ بِهِ قُلُوبَهُمْ وَزَلْزِلْ لَهُ أَقْدَامَهُمْ وَخُذْهُمْ جَهْرَةً وَبَغْتَةً شَدِّدْ عَلَیْهِمْ عِقَابَکَ وَأَخْزِهِمْ فِی عِبَادِکَ وَالْعَنْهُمْ فِی بِلَادِکَ وَأَسْکِنْهُمْ أَسْفَلَ نَارِکَ وَأَحِطْ بِهِمْ أَشَدَّ عَذَابِکَ وَأَصْلِهِمْ نَاراً وَاحْشُ قُبُورَ مَوْتَاهُمْ نَاراً وَأَصْلِهِمْ حَرَّ نَارِکَ فَإِنَّهُمْ أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ وَأَذِلُّوا عِبَادَکَ.

اللَّهُمَّ وَأَحْیِ بِوَلِیِّکَ الْقُرْآنَ وَأَرِنَا نُورَهُ سَرْمَداًلَا ظُلْمَةَ فِیهِ وَأَحْیِ بِهِ الْقُلُوبَ الْمَیِّتَةَ وَاشْفِ بِهِ الصُّدُورَ الْوَغِرَةَ وَاجْمَعْ بِهِ الْأَهْوَاءَ الْمُخْتَلِفَةَ عَلَی الْحَقِّ وَأَقِمْ بِهِ الْحُدُودَ الْمُعَطَّلَةَ وَالْأَحْکَامَ الْمُهْمَلَةَ حَتَّی لَا یَبْقَی حَقٌّ إِلَّا ظَهَرَ وَلَا عَدْلٌ إِلَّا زَهَرَ وَاجْعَلْنَا یَا رَبِّ مِنْ أَعْوَانِهِ وَمِمَّنْ یُقَوِّی سُلْطَانَهُ وَالْمُؤْتَمِرِینَ لِأَمْرِهِ وَالرَّاضِینَ بِفِعْلِهِ وَالْمُسَلِّمِینَ لِأَحْکَامِهِ وَمِمَّنْ لَا حَاجَةَ بِهِ إِلَی التَّقِیَّةِ مِنْ خَلْقِکَ أَنْتَ یَا رَبِّ الَّذِی تَکْشِفُ السُّوءَ وَتُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاکَ وَتُنَجِّی مِنَ الْکَرْبِ الْعَظِیمِ فَاکْشِفِ الضُّرَّ عَنْ وَلِیِّکَ وَاجْعَلْهُ خَلِیفَتَکَ فِی أَرْضِکَ کَمَا ضَمِنْتَ لَهُ.

اللَّهُمَّ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ خُصَمَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ وَلَا تَجْعَلْنَا مِنْ أَعْدَاءِ آلِ مُحَمَّدٍ وَلَا تَجْعَلْنِی مِنْ أَهْلِ الْحَنَقِ وَالْغَیْظِ عَلَی آلِ مُحَمَّدٍ فَإِنِّی أَعُوذُ بِکَ مِنْ ذَلِکَ فَأَعِذْنِی وَأَسْتَجِیرُ بِکَ فَأَجِرْنِی.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاجْعَلْنِی بِهِمْ فَائِزاً عِنْدَکَ فِی الدُّنْیا وَالْآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِینَ.

ص:204

السَّلَامُ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ عَلِیِّ بْنِ أَبِی طَالِبٍ الْمَخْصُوصِ بِأُخُوَّتِهِ.

السَّلَامُ عَلَی فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ ابْنَتِهِ.

السَّلَامُ عَلَی أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ وَصِیِّ أَبِیهِ وَخَلِیفَتِهِ.

السَّلَامُ عَلَی الْحُسَیْنِ الَّذِی سَمَحَتْ نَفْسُهُ بِمُهْجَتِهِ.

السَّلَامُ عَلَی مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فِی سِرِّهِ وَعَلَانِیَتِهِ السَّلَامُ عَلَی مَنْ جَعَلَ اللَّهُ الشِّفَاءَ فِی تُرْبَتِهِ السَّلَامُ عَلَی مَنِ الْإِجَابَةُ تَحْتَ قُبَّتِهِ السَّلَامُ عَلَی مَنِ الْأَئِمَّةُ مِنْ ذُرِّیَّتِهِ السَّلَامُ عَلَی ابْنِ خَاتَمِ الْأَنْبِیَاءِ السَّلَامُ عَلَی ابْنِ سَیِّدِ الْأَوْصِیاءِ السَّلَامُ عَلَی ابْنِ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ السَّلَامُ عَلَی ابْنِ خَدِیجَةَ الْکُبْرَی.

السَّلَامُ عَلَی ابْنِ سِدْرَةِ الْمُنْتَهَی السَّلَامُ عَلَی ابْنِ جَنَّةِ الْمَأْوَی السَّلَامُ عَلَی ابْنِ زَمْزَمَ وَالصَّفَا السَّلَامُ عَلَی الْمُرَمَّلِ بِالدِّمَاءِ السَّلَامُ عَلَی الْمَهْتُوکِ الْخِبَاءِ السَّلَامُ عَلَی خَامِسِ أَصْحَابِ أَهْلِ الْکِسَاءِ.

السَّلَامُ عَلَی غَرِیبِ الْغُرَبَاءِ السَّلَامُ عَلَی شَهِیدِ الشُّهَدَاءِ السَّلَامُ عَلَی قَتِیلِ الْأَدْعِیَاءِ السَّلَامُ عَلَی سَاکِنِ کَرْبَلَاءَ السَّلَامُ عَلَی مَنْ بَکَتْهُ مَلَائِکَةُ السَّمَاءِ السَّلَامُ عَلَی مَنْ ذُرِّیَّتُهُ الْأَزْکِیَاءُ السَّلَامُ عَلَی یَعْسُوبِ الدِّینِ السَّلَامُ عَلَی مَنَازِلِ الْبَرَاهِینِ السَّلَامُ عَلَی الْأَئِمَّةِ السَّادَاتِ السَّلَامُ عَلَی الْجُیُوبِ الْمُضَرَّجَاتِ السَّلَامُ عَلَی الشِّفَاهِ الذَّابِلَاتِ السَّلَامُ عَلَی النُّفُوسِ الْمُصْطَلَمَاتِ السَّلَامُ عَلَی الْأَرْوَاحِ الْمُخْتَلَسَاتِ السَّلَامُ عَلَی الْأَجْسَادِ الْعَارِیَاتِ السَّلَامُ عَلَی الْجُسُومِ الشَّاحِبَاتِ السَّلَامُ عَلَی الدِّمَاءِ السَّائِلَاتِ السَّلَامُ عَلَی الْأَعْضَاءِ الْمُقَطَّعَاتِ السَّلَامُ عَلَی الرُّءُوسِ الْمُشَالَاتِ السَّلَامُ عَلَی النِّسْوَةِ الْبَارِزَاتِ السَّلَامُ عَلَی حُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ السَّلَامُ عَلَیْکَ وَعَلَی آبَائِکَ الطَّاهِرِینَ السَّلَامُ عَلَیْکَ وَعَلَی أَبْنَائِکَ

ص:207

الْمُسْتَشْهَدِینَ السَّلَامُ عَلَیْکَ وَعَلَی ذُرِّیَّتِکَ النَّاصِرِینَ السَّلَامُ عَلَیْکَ وَعَلَی الْمَلَائِکَةِ الْمُضَاجِعِینَ.

السَّلَامُ عَلَی الْقَتِیلِ الْمَظْلُومِ السَّلَامُ عَلَی أَخِیهِ الْمَسْمُومِ السَّلَامُ عَلَی عَلِیٍّ الْکَبِیرِ السَّلَامُ عَلَی الرَّضِیعِ الصَّغِیرِ السَّلَامُ عَلَی الْأَبْدَانِ السَّلِیبَةِ السَّلَامُ عَلَی الْعِتْرَةِ الْقَرِیبَةِ السَّلَامُ عَلَی الْمُجَدَّلِین فِی الْفَلَوَاتِ السَّلَامُ عَلَی النَّازِحِینَ عَنِ الْأَوْطَانِ السَّلَامُ عَلَی الْمَدْفُونِینَ بِلَا أَکْفَانٍ السَّلَامُ عَلَی الرُّءُوسِ الْمُفَرَّقَةِ عَنِ الْأَبْدَانِ السَّلَامُ عَلَی الْمُحْتَسِبِ الصَّابِرِ السَّلَامُ عَلَی الْمَظْلُومِ بِلَا نَاصِرٍ السَّلَامُ عَلَی سَاکِنِ التُّرْبَةِ الزَّاکِیَةِ السَّلَامُ عَلَی صَاحِبِ الْقُبَّةِ السَّامِیَةِ السَّلَامُ عَلَی مَنْ طَهَّرَهُ الْجَلِیلُ السَّلَامُ عَلَی مَنِ افْتَخَرَ بِهِ جَبْرَئِیلُ السَّلَامُ عَلَی مَنْ نَاغَاهُ فِی الْمَهْدِ مِیکَائِیلُ السَّلَامُ عَلَی مَنْ نُکِثَتْ ذِمَّتُهُ السَّلَامُ عَلَی مَنْ هُتِکَتْ حُرْمَتُهُ السَّلَامُ عَلَی مَنْ أُرِیقَ بِالظُّلْمِ دَمُهُ السَّلَامُ عَلَی الْمُغَسَّلِ بِدَمِ الْجِرَاحِ السَّلَامُ عَلَی الْمُجَرَّعِ بِکَاسَاتِ الرِّمَاحِ السَّلَامُ عَلَی الْمُضَامِ الْمُسْتَبَاحِ السَّلَامُ عَلَی الْمَنْحُورِ فِی الْوَرَی السَّلَامُ عَلَی مَنْ دَفَنَهُ أَهْلُ الْقُرَی السَّلَامُ عَلَی الْمَقْطُوعِ الْوَتِینِ السَّلَامُ عَلَی الْمُحَامِی بِلَا مُعِینٍ السَّلَامُ عَلَی الشَّیْبِ الْخَضِیبِ السَّلَامُ عَلَی الْخَدِّ التَّرِیبِ السَّلَامُ عَلَی الْبَدَنِ السَّلِیبِ السَّلَامُ عَلَی الثَّغْرِ الْمَقْرُوعِ بِالْقَضِیبِ السَّلَامُ عَلَی الرَّأْسِ الْمَرْفُوعِ السَّلَامُ عَلَی الْأَجْسَامِ الْعَارِیَةِ فِی الْفَلَوَاتِ تَنْهَشُهَا الذِّئَابُ الْعَادِیَاتُ وَتَخْتَلِفُ إِلَیْهَا السِّبَاعُ الضَّارِیَاتُ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا مَوْلَایَ وَعَلَی الْمَلَائِکَةِ الْمَرْفُوفِینَ حَوْلَ قُبَّتِکَ الْحَافِّینَ بِتُرْبَتِکَ الطَّائِفِینَ بِعَرْصَتِکَ الْوَارِدِینَ لِزِیَارَتِکَ.

السَّلَامُ عَلَیْکَ فَإِنِّی قَصَدْتُ إِلَیْکَ وَرَجَوْتُ الْفَوْزَ لَدَیْکَ.

السَّلَامُ عَلَیْکَ سَلَامَ الْعَارِفِ بِحُرْمَتِکَ الْمُخْلِصِ فِی وَلَایَتِکَ الْمُتَقَرِّبِ إِلَی اللَّهِ

ص:208

بِمَحَبَّتِکَ الْبَرِی ءِ مِنْ أَعْدَائِکَ.

سَلَامَ مَنْ قَلْبُهُ بِمُصَابِکَ مَقْرُوحٌ وَدَمْعُهُ عِنْدَ ذِکْرِکَ مَسْفُوحٌ.

سَلَامَ الْمَفْجُوعِ الْحَزِینِ الْوَالِهِ الْمُسْتَکِینِ سَلَامَ مَنْ لَوْ کَانَ مَعَکَ بِالطُّفُوفِ لَوَقَاکَ بِنَفْسِهِ حَدَّ السُّیُوفِ وَبَذَلَ حُشَاشَتَهُ دُونَکَ لِلْحُتُوفِ وَجَاهَدَ بَیْنَ یَدَیْکَ وَنَصَرَکَ عَلَی مَنْ بَغَی عَلَیْکَ وَفَدَاکَ بِرُوحِهِ وَجَسَدِهِ وَمَالِهِ وَوَلَدِهِ وَرُوحُهُ لِرُوحِکَ فِدَاءٌ وَأَهْلُهُ لِأَهْلِکَ وِقَاءٌ فَلَئِنْ أَخَّرَتْنِی الدُّهُورُ وَعَاقَنِی عَنْ نَصْرِکَ الْمَقْدُورُ وَلَمْ أَکُنْ لِمَنْ حَارَبَکَ مُحَارِباً وَلِمَنْ نَصَبَ لَکَ الْعَدَاوَةَ مُنَاصِباً فَلَأَنْدُبَنَّکَ صَبَاحاً وَمَسَاءً وَلَأَبْکِیَنَّ لَکَ بَدَلَ الدُّمُوعِ دَماً حَسْرَةً عَلَیْکَ وَتَأَسُّفاً عَلَی مَا دَهَاکَ وَتَلَهُّفاً حَتَّی أَمُوتَ بِلَوْعَةِ الْمُصَابِ وَغُصَّةِ الِاکْتِیَابِ.

أَشْهَدُ أَنَّکَ قَدْ أَقَمْتَ الصَّلَاةَ وَآتَیْتَ الزَّکَاةَ وَأَمَرْتَ بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَیْتَ عَنِ الْمُنْکَرِ وَالْعُدْوَانِ وَأَطَعْتَ اللَّهَ وَمَا عَصَیْتَهُ وَتَمَسَّکْتَ بِهِ وَبِحَبْلِهِ فَأَرْضَیْتَهُ وَخَشِیتَهُ وَرَاقَبْتَهُ وَاسْتَجَبْتَهُ وَسَنَنْتَ السُّنَنَ وَأَطْفَأْتَ الْفِتَنَ وَدَعَوْتَ إِلَی الرَّشَادِ وَأَوْضَحْتَ سُبُلَ السَّدَادِ وَجَاهَدْتَ فِی اللَّهِ حَقَّ الْجِهَادِ وَکُنْتَ لِلَّهِ طَائِعاً وَلِجَدِّکَ مُحَمَّدٍصلی الله علیه وآله تَابِعاً وَلِقَوْلِ أَبِیکَ سَامِعاً وَإِلَی وَصِیَّةِ أَخِیکَ مُسَارِعاً وَلِعِمَادِ الدِّینِ رَافِعاً وَلِلطُّغْیَانِ قَامِعاً وَلِلطُّغَاةِ مُقَارِعاً وَلِلْأُمَّةِ نَاصِحاً وَفِی غَمَرَاتِ الْمَوْتِ سَابِحاً وَلِلْفُسَّاقِ مُکَافِحاً وَبِحُجَجِ اللَّهِ قَائِماً وَللِاِْسْلَام وَالْمُسْلِمِینَ رَاحِماً وَلِلْحَقِّ نَاصِراً وَعِنْدَ الْبَلَاءِ صَابِراً وَلِلدِّینِ کَالِئاً وَعَنْ حَوْزَتِهِ مُرَامِیاً تَحُوطُ الْهُدَی وَتَنْصُرُهُ وَتَبْسُطُ الْعَدْلَ وَتَنْشُرُهُ وَتَنْصُرُ الدِّینَ وَتُظْهِرُهُ وَتَکُفُّ الْعَابِثَ وَتَزْجُرُهُ وَتَأْخُذُ لِلدَّنِیِّ مِنَ الشَّرِیفِ وَتُسَاوِی فِی الْحُکْمِ بَیْنَ الْقَوِیِّ وَالضَّعِیفِ کُنْتَ رَبِیعَ الْأَیْتَامِ وَعِصْمَةَ الْأَنَامِ وَعِزَّ الْإسْلَامِ و مَعْدِنَ الْأَحْکَامِ وَحَلِیفَ الْإِنْعَامِ سَالِکاً طَرَائِقَ جَدِّکَ وَأَبِیکَ

ص:209

مُشَبَّهاً فِی الْوَصِیَّةِ لِأَخِیکَ وَفِیَّ الذِّمَمِ رَضِیَّ الشِّیَمِ ظَاهِرَ الْکَرَمِ مُتَهَجِّداً فِی الظُّلَمِ قَوِیمَ الطَّرَائِقِ کَرِیمَ الْخَلَائِقِ عَظِیمَ السَّوَابِقِ شَرِیفَ النَّسَبِ مُنِیفَ الْحَسَبِ رَفِیعَ الرُّتَبِ کَثِیرَ الْمَنَاقِبِ مَحْمُودَ الضَّرَائِبِ جَزِیلَ الْمَوَاهِبِ حَلِیمٌ رَشِیدٌ مُنِیبٌ جَوَادٌ عَلِیمٌ شَدِیدٌ إِمَامٌ شَهِیدٌ أَوَّاهٌ مُنِیبٌ حَبِیبٌ مَهِیبٌ کُنْتَ لِلرَّسُولِ صلی الله علیه وآله وَلَداً وَلِلْقُرْآنِ مُنْقِداً وَلِلْأُمَّةِ عَضُداً وَفِی الطَّاعَةِ مُجْتَهِداً حَافِظاً لِلْعَهْدِ وَالْمِیثَاقِ نَاکِباً عَنِ سُبُلِ الْفُسَّاقِ وَبَاذِلاً لِلْمَجْهُودِ طَوِیلَ الرُّکُوعِ وَالسُّجُودِ زَاهِداً فِی الدُّنْیَا زُهْدَ الرَّاحِلِ عَنْهَا نَاظِراً إِلَیْهَا بِعَیْنِ الْمُسْتَوْحِشِینَ مِنْهَا آمَالُکَ عَنْهَا مَکْفُوفَةٌ وَهِمَّتُکَ عَنْ زِینَتِهَا مَصْرُوفَةٌ وَإِلْحَاظُکَ عَنْ بَهْجَتِهَا مَطْرُوفَةٌ وَرَغْبَتُکَ فِی الْآخِرَةِ مَعْرُوفَةٌ حَتَّی إِذَا الْجَوْرُ مَدَّ بَاعَهُ وَأَسْفَرَ الظُّلْمُ قِنَاعَهُ وَدَعَا الْغَیُّ أَتْبَاعَهُ وَأَنْتَ فِی حَرَمِ جَدِّکَ قَاطِنٌ وَلِلظَّالِمِینَ مُبَایِنٌ جَلِیسُ الْبَیْتِ وَالْمِحْرَابِ مُعْتَزِلٌ عَنِ اللَّذَّاتِ وَالشَّهَوَاتِ تُنْکِرُ الْمُنْکَرَ بِقَلْبِکَ وَلِسَانِکَ عَلَی حَسَبِ طَاقَتِکَ وَإِمْکَانِکَ ثُمَّ اقْتَضَاکَ الْعِلْمُ لِلْإِنْکَارِ وَلَزِمَکَ أَنْ تُجَاهِدَ الْفُجَّارَ فَسِرْتَ فِی أَوْلَادِکَ وَأَهَالِیکَ وَشِیعَتِکَ وَمَوَالِیکَ وَصَدَعْتَ بِالْحَقِّ وَالْبَیِّنَةِ وَدَعَوْتَ إِلَی اللَّهِ بِالْحِکْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَأَمَرْتَ بِإِقَامَةِ الْحُدُودِ وَالطَّاعَةِ لِلْمَعْبُودِ وَنَهَیْتَ عَنِ الْخَبَائِثِ وَالطُّغْیَانِ وَوَاجَهُوکَ بِالظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ فَجَاهَدْتَهُمْ بَعْدَ الْإِیعَازِ لَهُمْ وَتَأْکِیدِ الْحُجَّةِ عَلَیْهِمْ.

فَنَکَثُوا ذِمَامَکَ وَبَیْعَتَکَ وَأَسْخَطُوا رَبَّکَ وَجَدَّکَ وَبَدَءُوکَ بِالْحَرْبِ فَثَبَتَّ لِلطَّعْنِ وَالضَّرْبِ وَطَحَنْتَ جُنُودَ الْفُجَّارِ وَاقْتَحَمْتَ قَسْطَلَ الْغُبَارِ مُجَالِداً بِذِی الْفَقَارِ کَأَنَّکَ عَلِیٌّ الْمُخْتَارُ فَلَمَّا رَأَوْکَ ثَابِتَ الْجَأْشِ غَیْرَ خَائِفٍ وَلَا خَاشٍ نَصَبُوا لَکَ غَوَائِلَ مَکْرِهِمْ وَقَاتَلُوکَ بِکَیْدِهِمْ وَشَرِّهِمْ وَأَمَرَ اللَّعِینُ جُنُودَهُ فَمَنَعُوکَ الْمَاءَ وَوُرُودَهُ وَنَاجَزُوکَ الْفُتَّالُ وَعَاجَلُوکَ النُّزَّالُ وَرَشَقُوکَ بِالسِّهَامِ وَالنِّبَالِ وَبَسَطُوا إِلَیْکَ أَکُفَّ

ص:210

الِاصْطِلَامِ وَلَمْ یَرْعَوْا لَکَ ذِمَاماً وَلَا رَاقَبُوا فِیکَ أَثَاماً فِی قَتْلِهِمْ أَوْلِیَاءَکَ وَنَهْبِهِمْ رِحَالَکَ وَأَنْتَ مُقَدَّمٌ فِی الْهَبَوَاتِ وَمُحْتَمِلٌ لِلْأَذِیَّاتِ قَدْ عَجِبَتْ مِنْ صَبْرِکَ مَلَائِکَةُ السَّمَاوَاتِ فَأَحْدَقُوا بِکَ مِنْ کُلِّ الْجِهَاتِ وَأَثْخَنُوکَ بِالْجِرَاحِ وَحَالُوا بَیْنَکَ وَبَیْنَ الرَّوَاحِ وَلَمْ یَبْقَ لَکَ نَاصِرٌ وَأَنْتَ مُحْتَسِبٌ صَابِرٌ تَذُبُّ عَنْ نِسْوَتِکَ وَأَوْلَادِکَ حَتَّی نَکَسُوکَ عَنْ جَوَادِکَ فَهَوَیْتَ إِلَی الْأَرْضِ جَرِیحاً تَطَئُوکَ الْخُیُولُ بِحَوَافِرِهَا أَوْ تَعْلُوکَ الطُّغَاةُ بِبَوَاتِرِهَا قَدْ رَشَحَ لِلْمَوْتِ جَبِینُکَ وَاخْتَلَفَتْ بِالِانْقِبَاضِ وَالِانْبِسَاطِ شِمَالُکَ وَیَمِینُکَ تُدِیرُ طَرْفاً خَفِیّاً إِلَی رَحْلِکَ وَبَیْتِکَ وَقَدْ شُغِلْتَ بِنَفْسِکَ عَنْ وُلْدِکَ وَأَهَالِیکَ وَأَسْرَعَ فَرَسُکَ شَارِداً إِلَی خِیَامِکَ قَاصِداً مُحَمْحِماً بَاکِیاً فَلَمَّا رَأَیْنَ النِّسَاءُ جَوَادَکَ مَخْزِیاً وَنَظَرْنَ سَرْجَکَ عَلَیْهِ مَلْوِیّاً بَرَزْنَ مِنَ الْخُدُورِ نَاشِرَاتِ الشُّعُورِ عَلَی الْخُدُودِ لَاطِمَاتٍ لِلْوُجُوهِ سَافِراتٍ وَبِالْعَوِیلِ دَاعِیَاتٍ وَبَعْدَ الْعِزِّ مُذَلَّلَاتٍ وَإِلَی مَصْرَعِکَ مِبَادِرَاتٍ وَالشِّمْرُ جَالِسٌ عَلَی صَدْرِکَ وَمُولِغٌ سَیْفَهُ عَلَی نَحْرِکَ قَابِضٌ عَلَی شَیْبَتِکَ بِیَدِهِ ذَابِحٌ لَکَ بِمُهَنَّدِهِ قَدْ سَکَنَتْ حَوَاسُّکَ وَخَفِیَتْ أَنْفَاسُکَ وَرُفِعَ عَلَی الْقَنَاةِ رَأْسُکَ وَسُبِیَ أَهْلُکَ کاَلْعَبِیدِ وَصُفِّدُوا فِی الْحَدِیدِ فَوْقَ أَقْتَابِ الْمَطِیَّاتِ تَلْفَحُ وُجُوهَهُمْ حَرُّ الْهَاجِرَاتِ یُسَاقُونَ فِی الْبَرَارِی وَالْفَلَوَاتِ أَیْدِیهِمْ مَغْلُولَةٌ إِلَی الْأَعْنَاقِ یُطَافُ بِهِمْ فِی الْأَسْوَاقِ فَالْوَیْلُ لِلْعُصَاةِ الْفُسَّاقِ.

لَقَدْ قَتَلُوا بِقَتْلِکَ الْإِسْلَامَ وَعَطَّلُوا الصَّلَاةَ وَالصِّیَامَ وَنَقَضُوا السُّنَنَ وَالْأَحْکَامَ وَهَدَمُوا قَوَاعِدَ الْإِیمَانِ وَحَرَّفُوا آیَاتِ الْقُرْآنِ وَهَمْلَجُوا فِی الْبَغْیِ وَالْعُدْوَانِ لَقَدْ أَصْبَحَ رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه وآله مَوْتُوراً وَعَادَ کِتَابُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مَهْجُوراً وَغُودِرَ الْحَقُّ إِذْ قُهِرْتَ مَقْهُوراً وَفُقِدَ بِفَقْدِکَ التَّکْبِیرُ وَالتَّهْلِیلُ وَالتَّحْرِیمُ وَالتَّحْلِیل وَالتَّنْزِیلُ وَالتَّأْوِیلُ وَظَهَرَ بَعْدَکَ التَّغْیِیرُ وَالتَّبْدِیلُ وَالْإِلْحَادُ وَالتَّعْطِیلُ وَالْأَهْوَاءُ وَالْأَضَالِیلُ

ص:211

وَالْفِتَنُ وَالْأَبَاطِیلُ فَقَامَ نَاعِیکَ عِنْدَ قَبْرِ جَدِّکَ الرَّسُولِ صلی الله علیه وآله فَنَعَاکَ إِلَیْهِ بِالدَّمْعِ الْهَطُولِ قَائِلًا یَا رَسُولَ اللَّهِ قُتِلَ سِبْطُکَ وَفَتَاکَ وَاسْتُبِیحَ أَهْلُکَ وَحَمَاکَ وَسُبِیَتْ بَعْدَکَ ذَرَارِیکَ وَوَقَعَ الْمَحْذُورُ بِعِتْرَتِکَ وَذَوِیکَ فَانْزَعَجَ الرَّسُولُ وَبَکَی قَلْبُهُ الْمَهُولُ وَعَزَّاهُ بِکَ الْمَلَائِکَةُ وَالْأَنْبِیَاءُ وَفُجِعَتْ بِکَ أُمُّکَ الزَّهْرَاءُ وَاخْتَلَفَ جُنُودُ الْمَلَائِکَةِ الْمُقَرَّبِینَ تُعَزِّی أَبَاکَ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ وَأُقِیمَتْ لَکَ الْمَأْتَمُ فِی أَعْلَی عِلِّیِّینَ وَلَطَمَتْ عَلَیْکَ الْحُورُ الْعِینُ وَبَکَتِ السَّمَاءُ وَسُکَّانُهَا وَالْجِنَانُ وَخُزَّانُهَا وَالْهِضَابُ وَأَقْطَارُهَا وَالْبِحَارُ وَحِیتَانُهَا وَالْجِنَانُ وَوِلْدَانُهَا وَالْبَیْتُ وَالْمَقَامُ وَالْمَشْعَرُ الْحَرَامُ وَالْحِلُّ وَالْإِحْرَامُ.

اللَّهُمَّ فَبِحُرْمَةِ هَذَا الْمَکَانِ الْمُنِیفِ صَلِّ [عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاحْشُرْنِی فِی زُمْرَتِهِمْ وَأَدْخِلْنِی الْجَنَّةَ بِشَفَاعَتِهِمْ اللَّهُمَّ إِنِّی أَتَوَسَّلُ إِلَیْکَ یَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِینَ وَیَا أَکْرَمَ الْأَکْرَمِینَ وَیَا أَحْکَمَ الْحَاکِمِینَ بِمُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ رَسُولِکَ إِلَی الْعَالَمِینَ أَجْمَعِینَ وَبِأَخِیهِ وَابْنِ عَمِّهِ الْأَنْزَعِ الْبَطِینِ الْعَالِمِ الْمَکِینِ عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَبِفَاطِمَةَ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَبِالْحَسَنِ الزَّکِیِّ عِصْمَةِ الْمُتَّقِینَ وَبِأَبِی عَبْدِ اللَّهِ الْحُسَیْنِ أَکْرَمِ الْمُسْتَشْهَدِینَ وَبِأَوْلَادِهِ الْمَقْتُولِینَ وَبِعِتْرَتِهِ الْمَظْلُومِینَ وَبِعَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ زَیْنِ الْعَابِدِینَ وَبِمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ قِبْلَةِ الْأَوَّابِینَ وَجَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ أَصْدَقِ الصَّادِقِینَ وَمُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ مُظْهِرِ الْبَرَاهِینِ وَعَلِیِّ بْنِ مُوسَی نَاصِرِ الدِّینِ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ قُدْوَةِ الْمُهْتَدِینَ وَعَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ أَزْهَدِ الزَّاهِدِینَ وَالْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ وَارِثِ الْمُسْتَخْلَفِینَ وَالْحُجَّةِ عَلَی الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِینَ الْأَبَرِّینَ آلِ طَهَ وَیس وَأَنْ تَجْعَلَنِی فِی الْقِیَامَةِ مِنَ الآْمِنِینَ الْمُطْمَئِنِّینَ الْفَائِزِینَ الْفَرِحِینَ الْمُسْتَبْشِرِینَ اللَّهُمَّ اکْتُبْنِی فِی الْمُسَلِّمِینَ وَأَلْحِقْنِی

ص:212

بِالصَّالِحِینَ وَاجْعَلْ لِی لِسانَ صِدْقٍ فِی الآْخِرِینَ وَانْصُرْنِی عَلَی الْبَاغِینَ وَاکْفِنِی کَیْدَ الْحَاسِدِینَ وَاصْرِفْ عَنِّی مَکْرَ الْمَاکِرِینَ وَاقْبِضْ عَنِّی أَیْدِیَ الظَّالِمِینَ وَاجْمَعْ بَیْنِی وَبَیْنَ السَّادَةِ الْمَیَامِینِ فِی أَعْلَی عِلِّیِّینَ مَعَ الَّذِینَ أَنْعَمْتَ عَلَیْهِمْ مِنَ النَّبِیِّینَ وَالصِّدِّیقِینَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِینَ بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

اللَّهُمَّ إِنِّی أُقْسِمُ عَلَیْکَ بِنَبِیِّکَ الْمَعْصُومِ وَبِحُکْمِکَ الْمَحْتُومِ وَنَهْیِکَ الْمَکْتُومِ وَبِهَذَا الْقَبْرِ الْمَلْمُومِ الْمُوَسَّدِ فِی کَنَفِهِ الْإِمَامُ الْمَعْصُومُ الْمَقْتُولُ الْمَظْلُومُ أَنْ تَکْشِفَ مَا بِی مِنَ الْغُمُومِ وَتَصْرِفَ عَنِّی شَرَّ الْقَدَرِ الْمَحْتُومِ وَتُجِیرَنِی مِنَ النَّارِ ذَاتِ السَّمُومِ اللَّهُمَّ جَلِّلْنِی بِنِعْمَتِکَ وَرَضِّنِی بِقِسْمِکَ وَتَغَمَّدْنِی بِجُودِکَ وَکَرَمِکَ وَبَاعِدْنِی مِنْ مَکْرِکَ وَنَقِمَتِکَ.

اللَّهُمَّ اعْصِمْنِی مِنَ الزَّلَلِ وَسَدِّدْنِی فِی الْقَوْلِ وَالْعَمَلِ وَافْسَحْ لِی فِی مُدَّةِ الْأَجَلِ وَأَعْفِنِی مِنَ الْأَوْجَاعِ وَالْعِلَلِ وَبَلِّغْنِی بِمَوَالِیَّ وَبِفَضْلِکَ أَفْضَلَ الْأَمَلِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاقْبَلْ تَوْبَتِی وَارْحَمْ عَبْرَتِی وَأَقِلْنِی عَثْرَتِی وَنَفِّسْ کُرْبَتِی وَاغْفِرْ لِی خَطِیئَتِی وَأَصْلِحْ لِی فِی ذُرِّیَّتِی اللَّهُمَ لَا تَدَعْ لِی فِی هَذَا الْمَشْهَدِ الْمُعَظَّمِ وَالْمَحَلِّ الْمُکَرَّمِ ذَنْباً إِلَّا غَفَرْتَهُ وَلَا عَیْباً إِلَّا سَتَرْتَهُ وَلَا غَمّاً إِلَّا کَشَفْتَهُ وَلَا رِزْقاً إِلَّا بَسَطْتَهُ وَلَا جَاهاً إِلَّا عَمَرْتَهُ وَلَا فَسَاداً إِلَّا أَصْلَحْتَهُ وَلَا أَمَلًا إِلَّا بَلَّغْتَهُ وَلَا دُعَاءً إِلَّا أَجَبْتَهُ وَلَا مُضَیَّقاً إِلَّا فَرَّجْتَهُ وَلَا شَمْلًا إِلَّا جَمَعْتَهُ وَلَا أَمْراً إِلَّا أَتْمَمْتَهُ وَلَا مَالاً إِلَّا کَثَّرْتَهُ وَلَا خُلُقاً إِلَّا حَسَّنْتَهُ وَلَا إِنْفَاقاً إِلَّا أَخْلَفْتَهُ وَلَا حَالاً إِلَّا عَمَّرْتَهُ وَلَا حَسُوداً إِلَّا قَمَعْتَهُ وَلَا عَدُوّاً إِلَّا أَرْدَیْتَهُ وَلَا شَرّاً إِلَّا کَفَیْتَهُ وَلَا مَرَضاً إِلَّا شَفَیْتَهُ وَلَا بَعِیداً إِلَّا أَدْنَیْتَهُ وَلَا شَعِثاً إِلَّا لَمَمْتَهُ وَلَا سُؤَالاً إِلَّا أَعْطَیْتَهُ.

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ خَیْرَ الْعَاجِلَةِ وَثَوَابَ الآْجِلَةِ اللَّهُمَّ أَغْنِنِی بِحَلَالِکَ عَنِ الْحَرَامِ وَبِفَضْلِکَ عَنْ جَمِیعِ الْأَنَامِ.

ص:213

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ عِلْماً نَافِعاً وَقَلْباً خَاشِعاً وَیَقِیناً شَافِیاً وَعَمَلًا زَاکِیاً وَصَبْراً جَمِیلًا وَأَجْراً جَزِیلاً.

اللَّهُمَّ ارْزُقْنِی شُکْرَ نِعْمَتِکَ عَلَیَّ وَزِدْ فِی إِحْسَانِکَ وَکَرَمِکَ إِلَیَّ وَاجْعَل قَوْلِی فِی النَّاسِ مَسْمُوعاً وَعَمَلِی عِنْدَکَ مَرْفُوعاً وَأَثَرِی فِی الْخَیْرَاتِ مَتْبُوعاً وَعَدُوِّی مَقْمُوعاً.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ الْأَخْیَارِ فِی آنَاءِ اللَّیْلِ وَأَطْرَافِ النَّهَارِ وَاکْفِنِی شَرَّ الْأَشْرَارِ وَطَهِّرْنِی مِنَ الذُّنُوبِ وَالْأَوْزَارِ وَأَجِرْنِی مِنَ النَّارِ وَأَحِلَّنِی دَارَ الْقَرَارِ وَاغْفِرْ لِی وَلِجَمِیعِ إِخْوَانِی فِیکَ وَأَخَوَاتِیَ الْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

ثُمَّ تَوَجَّهْ إِلَی الْقِبْلَةِ وَصَلِّ رَکْعَتَیْنِ.

وَاقْرَأْ فِی الْأُولَی سُورَةَ الْأَنْبِیَاءِ.

وَفِی الثَّانِیَةِ الْحَشْرَ.

وَاقْنُتْ وَقُلْ:

لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْحَلِیمُ الْکَرِیمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ الْعَلِیُّ الْعَظِیمُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَالْأَرَضِینَ السَّبْعِ وَمَا فِیهِنَّ وَمَا بَیْنَهُنَّ خِلَافاً لِأَعْدَائِهِ وَتَکْذِیباً لِمَنْ عَدَلَ بِهِ وَإِقْرَاراً لِرُبُوبِیَّتِهِ وَخُضُوعاً لِعِزَّتِهِ الْأَوَّلُ بِغَیْرِ أَوَّلٍ وَالآْخِرُ إِلَی غَیْرِ آخِرٍ الظَّاهِرُ عَلَی کُلِّ شَیْ ءٍ بِقُدْرَتِهِ الْبَاطِنُ دُونَ کُلِّ شَیْ ءٍ بِعِلْمِهِ وَلُطْفِهِ لَا تَقِفُ الْعُقُولُ عَلَی کُنْهِ عَظَمَتِهِ وَلَا تُدْرِکُ الْأَوْهَامُ حَقِیقَةَ مَاهِیَّتِهِ وَلَا تَتَصَوَّرُ الْأَنْفُسُ مَعَانِیَ کَیْفِیَّتِهِ مُطَّلِعاً عَلَی الضَّمَائِرِ عَارِفاً بِالسَّرَائِرِ یَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْیُنِ وَمَا تُخْفِی الصُّدُورُ.

ص:214

اللَّهُمَّ إِنِّی أُشْهِدُکَ عَلَی تَصْدِیقِی رَسُولَکَ صلی الله علیه وآله وَإِیمَانِی بِهِ وَعِلْمِی بِمَنْزِلَتِهِ وَإِنِّی أَشْهَدُ أَنَّهُ النَّبِیُّ الَّذِی نَطَقَتِ الْحِکْمَةُ بِفَضْلِهِ وَبَشَّرَتِ الْأَنْبِیَاءُ بِهِ وَدَعَتْ إِلَی الْإِقْرَارِ بِمَا جَاءَ بِهِ وَحَثَّتْ عَلَی تَصْدِیقِهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَی الَّذِی یَجِدُونَهُ مَکْتُوباً عِنْدَهُمْ فِی التَّوْراةِ وَالْإِنْجِیلِ یَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَیَنْهاهُمْ عَنِ الْمُنْکَرِ وَیُحِلُّ لَهُمُ الطَّیِّباتِ وَیُحَرِّمُ عَلَیْهِمُ الْخَبائِثَ وَیَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلالَ الَّتِی کانَتْ عَلَیْهِمْ.

فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ رَسُولِکَ إِلَی الثَّقَلَیْنِ وَسَیِّدِ الْأَنْبِیَاءِ الْمُصْطَفَیْنَ وَعَلَی أَخِیهِ وَابْنِ عَمِّهِ الَّذِینَ لَمْ یُشْرِکَا بِکَ طَرْفَةَ عَیْنٍ أَبَداً وَعَلَی فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَعَلَی سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ الْحَسَنِ وَالْحُسَیْنِ صَلَاةً خَالِدَةَ الدَّوَامِ عَدَدَ قَطْرِ الرِّهَامِ وَزِنَةَ الْجِبَالِ وَالآْکَامِ وَمَا أَوْرَقَ السَّلَامُ وَاخْتَلَفَ الضِّیَاءُ وَالظَّلَامُ وَعَلَی آلِهِ الطَّاهِرِینَ الْأَئِمَّةِ الْمُهْتَدِینَ الذَّائِدِینَ عَنِ الدِّینِ عَلِیٍّ وَمُحَمَّدٍ وَجَعْفَرٍ وَمُوسَی وَعَلِیٍّ وَمُحَمَّدٍ وَعَلِیٍّ وَالْحَسَنِ وَالْحُجَّةِ الْقُوَّامِ بِالْقِسْطِ وَسُلَالَةِ السِّبْطِ.

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ بِحَقِّ هَذَا الْإِمَامِ فَرَجاً قَرِیباً وَصَبْراً جَمِیلًا وَنَصْراً عَزِیزاً وَغِنًی عَنِ الْخَلْقِ وَثَبَاتاً فِی الْهُدَی وَالتَّوْفِیقِ لِمَا تُحِبُّ وَتَرْضَی وَرِزْقاً وَاسِعاً حَلَالاً طَیِّباً مَرِیئاً دَاراً سَائِغاً فَاضِلًا مُفْضِلًا صَبّاً صَبّاً مِنْ غَیْرِ کَدٍّ وَلَا نَکَدٍ وَلَا مِنَّةٍ مِنْ أَحَدٍ وَعَافِیَةً مِنْ کُلِّ بَلَاءٍ وَسُقْمٍ وَمَرَضٍ وَالشُّکْرَ عَلَی الْعَافِیَةِ وَالنَّعْمَاءِ وَإِذَا جَاءَ الْمَوْتُ فَاقْبِضْنَا عَلَی أَحْسَنِ مَا یَکُونُ لَکَ طَاعَةً عَلَی مَا أَمَرْتَنَا مُحَافِظِینَ حَتَّی تُؤَدِّیَنَا إِلَی جَنَّاتِ النَّعِیمِ بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَوْحِشْنِی مِنَ الدُّنْیَا وَآنِسْنِی بِالآْخِرَةِ فَإِنَّهُ لَا یُوحِشُ مِنَ الدُّنْیَا إِلَّا خَوْفُکَ وَلَا یُؤْنِسُ بِالآْخِرَةِ إِلَّا رَجَاؤُکَ.

اللَّهُمَّ لَکَ الْحُجَّةُلَا عَلَیْکَ وَإِلَیْکَ الْمُشْتَکَی لَا مِنْکَ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ

ص:215

وَأَعِنِّی عَلَی نَفْسِیَ الظَّالِمَةِ الْعَاصِیَةِ وَشَهْوَتِیَ الْغَالِبَةِ وَاخْتِمْ بِالْعَافِیَةِ.

اللَّهُمَّ إِنَّ اسْتِغْفَارِی إِیَّاکَ وَأَنَا مُصِرٌّ عَلَی مَا نُهِیتُ قِلَّةُ حَیَاءٍ وَتَرْکِیَ الِاسْتِغْفَارَ مَعَ عِلْمِی بِسَعَةِ حِلْمِکَ تَضْیِیعٌ لِحَقِّ الرَّجَاءِ.

اللَّهُمَّ إِنَّ ذُنُوبِی تُؤْیِسُنِی أَنْ أَرْجُوَکَ وَإِنَّ عِلْمِی بِسَعَةِ رَحْمَتِکَ یَمْنَعُنِی أَنْ أَخْشَاکَ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَصَدِّقْ رَجَائِی لَکَ وَکَذِّبْ خَوْفِی مِنْکَ وَکُنْ لِی عِنْدَ أَحْسَنِ ظَنِّی بِکَ یَا أَکْرَمَ الْأَکْرَمِینَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَیِّدْنِی بِالْعِصْمَةِ وَأَنْطِقْ لِسَانِی بِالْحِکْمَةِ وَاجْعَلْنِی مِمَّنْ یَنْدَمُ عَلَی مَا ضَیَّعَهُ فِی أَمْسِهِ وَلَا یَغْبَنُ حَظَّهُ فِی یَوْمِهِ وَلَا یَهُمُّ لِرِزْقِ غَدِهِ.

اللَّهُمَّ إِنَّ الْغَنِیَّ مَنِ اسْتَغْنَی بِکَ وَافْتَقَرَ إِلَیْکَ وَالْفَقِیرُ مَنِ اسْتَغْنَی بِخَلْقِکَ عَنْکَ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَغْنِنِی عَنْ خَلْقِکَ بِکَ وَاجْعَلْنِی مِمَّنْ یَبْسُطُ کَفّاً إِلَّا إِلَیْک.

اللَّهُمَّ إِنَّ الشَّقِیَّ مَنْ قَنَطَ وَأَمَامَهُ التَّوْبَةُ وَوَرَاءَهُ الرَّحْمَةُ وَإِنْ کُنْتُ ضَعِیفَ الْعَمَلِ فَإِنِّی فِی رَحْمَتِکَ قَوِیُّ الْأَمَلِ فَهَبْ لِی ضَعْفَ عَمَلِی لِقُوَّةِ أَمَلِی.

اللَّهُمَّ إِنْ کُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ مَا فِی عِبَادِکَ مَنْ هُوَ أَقْسَی قَلْباً مِنِّی وَأَعْظَمُ مِنِّی ذَنْباً فَإِنِّی أَعْلَمُ أَنَّهُ لَا مَوْلَی أَعْظَمُ مِنْکَ طَوْلاً وَأَوْسَعُ رَحْمَةً وَعَفْواً فَیَا مَنْ هُوَ أَوْحَدُ فِی رَحْمَتِهِ اغْفِرْ لِمَنْ لَیْسَ بِأَوْحَدَ فِی خَطِیئَتِهِ.

اللَّهُمَّ إِنَّکَ أَمَرْتَنَا فَعَصَیْنَا وَنَهَیْتَ فَمَا انْتَهَیْنَا وَذَکَرْتَ فَتَنَاسَیْنَا وَبَصَّرْتَ فَتَعَامَیْنَا وَحَذَّرْتَ فَتَعَدَّیْنَا وَمَا کَانَ ذَلِکَ جَزَاءَ إِحْسَانِکَ إِلَیْنَا وَأَنْتَ أَعْلَمُ بِمَا أَعْلَنَّا وَأَخْفَیْنَا وَأَخْبَرُ بِمَا نَأْتِی وَمَا أَتَیْنَا فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَلَا تُؤَاخِذْنَا بِمَا

ص:216

أَخْطَأْنَا وَنَسِینَا وَهَبْ لَنَا حُقُوقَکَ لَدَیْنَا وَأَتِمَّ إِحْسَانَکَ إِلَیْنَا وَأَسْبِلْ رَحْمَتَکَ عَلَیْنَا.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَتَوَسَّلُ إِلَیْکَ بِهَذَا الصِّدِّیقِ الْإِمَامِ وَنَسْأَلُکَ بِالْحَقِّ الَّذِی جَعَلْتَهُ لَهُ وَلِجَدِّهِ رَسُولِکَ وَلِأَبَوَیْهِ عَلِیٍّ وَفَاطِمَةَ أَهْلِ بَیْتِ الرَّحْمَةِ إِدْرَارَ الرِّزْقِ الَّذِی بِهِ قِوَامُ حَیَاتِنَا وَصَلَاحُ أَحْوَالِ عِیَالِنَا فَأَنْتَ الْکَرِیمُ الَّذِی تُعْطِی مِنْ سَعَةٍ وَتَمْنَعُ مِنْ قُدْرَةٍ وَنَحْنُ نَسْأَلُکَ مِنَ الرِّزْقِ مَا یَکُونُ صَلَاحاً لِلدُّنْیَا وَبَلَاغاً لِلآْخِرَةِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَاغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدَیْنَا وَلِجَمِیعِ الْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِینَ وَالْمُسْلِمَاتِ الْأَحْیَاءِ مِنْهُمْ وَالْأَمْوَاتِ وَآتِنا فِی الدُّنْیا حَسَنَةً وَفِی الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنا عَذابَ النَّارِ.

ثُمَّ تَرْکَعُ وَتَسْجُدُ وَتَجْلِسُ وَتَتَشَهَّدُ وَتُسَلِّمُ.

فَإِذَا سَبَّحْتَ فَعَفِّرْ خَدَّیْکَ وَقُلْ:

سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَکْبَرُ أَرْبَعِینَ مَرَّةً.

وَاسْأَلِ اللَّهَ الْعِصْمَةَ وَالنَّجَاةَ وَالْمَغْفِرَةَ وَالتَّوْفِیقَ بِحُسْنِ الْعَمَلِ وَالْقَبُولَ لِمَا تَتَقَرَّبُ بِهِ إِلَیْهِ وَتَبْتَغِی بِهِ وَجْهَهُ س.

وَقِفْ عِنْدَ الرَّأْسِ ثُمَّ صَلِّ رَکْعَتَیْنِ عَلَی مَا تَقَدَّمَ ثُمَّ انْکَبَّ عَلَی الْقَبْرِ وَقَبِّلْهُ وَقُلْ:

زَادَ اللَّهُ فِی شَرَفِکُمْ وَالسَّلَامُ عَلَیْکُمْ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَکَاتُهُ وَادْعُ لِنَفْسِکَ وَلِوَالِدَیْکَ وَلِمَنْ أَرَدْت.

ص:217

حَتَّی قَضَیْتَ نَحْبَکَ وَلَقِیتَ رَبَّکَ.

أَشْهَدُ أَنَّکَ أَوْلَی بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَنَّکَ ابْنُ رَسُولِهِ وَابْنُ حُجَّتِهِ وَأَمِینِهِ حَکَمَ اللَّهُ لَکَ عَلَی قَاتِلِکَ مُرَّةَ بْنِ مُنْقِذِ بْنِ النُّعْمَانِ الْعَبْدِیِّ لَعَنَهُ اللَّهُ وَأَخْزَاهُ وَمَنْ شَرِکَهُ فِی قَتْلِکَ وَکَانُوا عَلَیْکَ ظَهِیراً وَأَصْلَاهُمُ اللَّهُ جَهَنَّمَ.

ص:219

فَقَالَ یَا أَبَا الْحُسَیْنِ بْنَ أَبِی الْبَغْلِ أَیْنَ أَنْتَ عَنْ دُعَاءِ الْفَرَجِ فَقُلْتُ وَمَا هُوَ یَا سَیِّدِی فَقَالَ:

تُصَلِّی رَکْعَتَیْنِ وَتَقُولُ:

یَا مَنْ أَظْهَرَ الْجَمِیلَ وَسَتَرَ الْقَبِیحَ یَا مَنْ لَمْ یُؤَاخِذْ بِالْجَرِیرَةِ وَلَمْ یَهْتِکِ السِّتْرَ یَا عَظِیمَ الْمَنِّ یَا کَرِیمَ الصَّفْحِ یَا حَسَنَ التَّجَاوُزِ یَا وَاسِعَ الْمَغْفِرَةِ یَا بَاسِطَ الْیَدَیْنِ بِالرَّحْمَةِ یَا مُنْتَهَی کُلِّ نَجْوَی وَیَا غَایَةَ کُلِّ شَکْوَی یَا عَوْنَ کُلِّ مُسْتَعِینٍ یَا مُبْتَدِئاً بِالنِّعَمِ قَبْلَ اسْتِحْقَاقِهَا.

یَا رَبَّاهْ عَشْرَ مَرَّاتٍ.

یَا سَیِّدَاهْ عَشْرَ مَرَّاتٍ.

یَا مَوْلَیَاهْ عَشْرَ مَرَّاتٍ.

یَا غَایَتَاهْ عَشْرَ مَرَّاتٍ.

یَا مُنْتَهَی غَایَةِ رَغْبَتَاهْ عَشْرَ مَرَّاتٍ.

أَسْأَلُکَ بِحَقِّ هَذِهِ الْأَسْمَاءِ وَبِحَقِّ مُحَمَّدٍ وَآلِهِ الطَّاهِرِینَ علیه السلام إِلَّا مَا کَشَفْتَ کَرْبِی وَنَفَّسْتَ هَمِّی وَفَرَّجْتَ غَمِّی وَأَصْلَحْتَ حَالِی.

وَتَدْعُو بَعْدَ ذَلِکَ مَا شِئْتَ وَتَسْأَلُ حَاجَتَکَ.

ثُمَّ تَضَعُ خَدَّکَ الْأَیْمَنَ عَلَی الْأَرْضِ وَتَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ فِی سُجُودِکَ یَا مُحَمَّدُ یَا عَلِیُّ یَا عَلِیُّ یَا مُحَمَّدُ اکْفِیَانِی فَإِنَّکُمَا کَافِیَایَ وَانْصُرَانِی فَإِنَّکُمَا نَاصِرَایَ.

وَتَضَعُ خَدَّکَ الْأَیْسَرَ عَلَی الْأَرْضِ وَتَقُولُ مِائَةَ مَرَّةٍ أَدْرِکْنِی وَتُکَرِّرُهَا کَثِیراً وَتَقُولُ الْغَوْثَ الْغَوْثَ الْغَوْثَ حَتَّی یَنْقَطِعَ النَّفَسُ وَتَرْفَعُ رَأْسَکَ.

فَإِنَّ اللَّهَ بِکَرَمِهِ یَقْضِی حَاجَتَکَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.

ص:222

فَلَمَّا شَغَلْتُ بِالصَّلَاةِ وَالدُّعَاءِ خَرَجَ فَلَمَّا فَرَغْتُ خَرَجْتُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ لِأَسْأَلَهُ عَنِ الرَّجُلِ وَکَیْفَ دَخَلَ فَرَأَیْتُ الْأَبْوَابَ عَلَی حَالِهَا مُغَلَّقَةً مُقَفَّلَةً فَعَجِبْتُ مِنْ ذَلِکَ وَقُلْتُ لَعَلَّهُ بَاتَ هَاهُنَا وَلَمْ أَعْلَمْ فَانْتَهَیْتُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ الْقَیِّمِ فَخَرَجَ إِلَی عِنْدِی مِنْ بَیْتِ الزَّیْتِ فَسَأَلْتُهُ عَنِ الرَّجُلِ وَدُخُولِهِ فَقَالَ الْأَبْوَابُ مُقَفَّلَةٌ کَمَا تَرَی مَا فَتَحْتُهَا فَحَدَّثْتُهُ بِالْحَدِیثِ فَقَالَ هَذَا مَوْلَانَا صَاحِبُ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَقَدْ شَاهَدْتُهُ مِرَاراً فِی مِثْلِ هَذِهِ اللَّیْلَةِ عِنْدَ خُلُوِّهَا مِنَ النَّاسِ فَتَأَسَّفْتُ عَلَی مَا فَاتَنِی مِنْهُ وَخَرَجْتُ عِنْدَ قُرْبِ الْفَجْرِ وَقَصَدْتُ الْکَرْخَ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی کُنْتُ مُسْتَتِراً فِیهِ فَمَا أَضْحَی النَّهَارَ إِلَّا وَأَصْحَابُ ابْنِ الصَّالِحَانِ یَلْتَمِسُونَ لِقَائِی وَیَسْأَلُونَ عَنِّی أَصْدِقَائِی وَمَعَهُمْ أَمَانٌ مِنَ الْوَزِیرِ وَرُقْعَةٌ بِخَطِّهِ فِیهَا کُلُّ جَمِیلٍ فَحَضَرْتُهُ مَعَ ثِقَةٍ مِنْ أَصْدِقَائِی عِنْدَهُ فَقَامَ وَالْتَزَمَنِی وَعَامَلَنِی بِمَا لَمْ أَعْهَدْهُ مِنْهُ.

وَقَالَ انْتَهَتْ بِکَ الْحَالُ إِلَی أَنْ تَشْکُوَنِی إِلَی صَاحِبِ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَقُلْتُ قَدْ کَانَ مِنِّی دُعَاءٌ وَمَسْأَلَةٌ فَقَالَ وَیْحَکَ رَأَیْتُ الْبَارِحَةَ مَوْلَایَ صَاحِبَ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فِی النَّوْمِ یَعْنِی لَیْلَةَ الْجُمُعَةِ وَهُوَ یَأْمُرُنِی بِکُلِّ جَمِیلٍ وَیَجْفُو عَلَیَّ فِی ذَلِکَ جَفْوَةً خِفْتُهَا فَقُلْتُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ أَشْهَدُ أَنَّهُمُ الْحَقُّ وَمُنْتَهَی الْحَقِّ رَأَیْتُ الْبَارِحَةَ مَوْلَانَا فِی الْیَقَظَةِ وَقَالَ کَذَا وَکَذَا وَشَرَحْتُ مَا رَأَیْتُهُ فِی الْمَشْهَدِ فَعَجِبَ مِنْ ذَلِکَ وَجَرَتْ مِنْهُ أُمُورٌ عِظَامٌ حِسَانٌ فِی هَذَا الْمَعْنَی وَبَلَغْتُ مِنْهُ غَایَةَ مَا لَمْ أَظُنَّهُ بِبَرَکَةِ مَوْلَانَا صَاحِبِ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْه.

ص:223

وَلَا الْجُحُودِ بِرُبُوبِیَّتِکَ وَلَکِنْ أَطَعْتُ هَوَایَ وَأَزَلَّنِی الشَّیْطَانُ فَلَکَ الْحُجَّةُ عَلَیَّ وَالْبَیَانُ فَإِنْ تُعَذِّبْنِی فَبِذُنُوبِی غَیْرِ ظَالِمٍ وَإِنْ تَغْفِرْ لِی وَتَرْحَمْنِی فَإِنَّکَ جَوَادٌ کَرِیمٌ یَا کَرِیمُ حَتَّی یَنْقَطِعَ النَّفَسُ ثُمَّ یَقُولُ یَا آمِناً مِنْ کُلِّ شَیْ ءٍ وَکُلُّ شَیْ ءٍ مِنْکَ خَائِفٌ حَذِرٌ أَسْأَلُکَ بِأَمْنِکَ مِنْ کُلِّ شَیْ ءٍ وَخَوْفِ کُلِّ شَیْ ءٍ مِنْکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تُعْطِیَنِی أَمَاناً لِنَفْسِی وَأَهْلِی وَوُلْدِی وَسَائِرِ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَیَّ حَتَّی لَا أَخَافَ أَحَداً وَلَا أَحْذَرَ مِنْ شَیْ ءٍ أَبَداً إِنَّکَ عَلَی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ وَحَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَکِیلُ یَا کَافِیَ إِبْرَاهِیمَ نُمْرُودَ وَیَا کَافِیَ مُوسَی فِرْعَوْنَ وَیَا کَافِیَ مُحَمَّدٍصلی الله علیه وآله الْأَحْزَابَ.

أَسْأَلُکَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَنْ تَکْفِیَنِی شَرَّ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ فَیَسْتَکْفِی شَرَّ مَنْ یَخَافُ شَرَّهُ.

فَإِنَّهُ یُکْفَی شَرَّهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَی.

ثُمَّ یَسْجُدُ وَیَسْأَلُ حَاجَتَهُ وَیَتَضَرَّعُ إِلَی اللَّهِ تَعَالَی فَإِنَّهُ مَا مِنْ مُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ صَلَّی هَذِهِ الصَّلَاةَ وَدَعَا بِهَذَا الدُّعَاءِ إِلَّا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوَابُ السَّمَاءِ لِلْإِجَابَةِ وَیُجَابُ فِی وَقْتِهِ وَلَیْلَتِهِ کَائِناً مَا کَانَ وَذَلِکَ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ عَلَیْنَا وَعَلَی النَّاسِ.

ص:225

لَکُمُ الْغِطَاءَ وَأَنْتُمْ خَزَنَتُهُ وَشُهَدَاؤُهُ وَعُلَمَاؤُهُ وَأُمَنَاؤُهُ سَاسَةُ الْعِبَادِ وَأَرْکَانُ الْبِلَادِ وَقُضَاةُ الْأَحْکَامِ وَأَبْوَابُ الْإِیمَانِ وَمِنْ تَقْدِیرِهِ مَنَائِحُ الْعَطَاءِ بِکُمْ إِنْفَاذُهُ مَحْتُوماً مَقْرُوناً فَمَا شَیْ ءٌ مِنْهُ إِلَّا وَأَنْتُمْ لَهُ السَّبَبُ وَإِلَیْهِ السَّبِیلُ خِیَارُهُ لِوَلِیِّکُمْ نِعْمَةٌ وَانْتِقَامُهُ مِنْ عَدُوِّکُمْ سَخْطَةٌ فَلَا نَجَاةَ وَلَا مَفْزَعَ إِلَّا أَنْتُمْ وَلَا مَذْهَبَ عَنْکُمْ یَا أَعْیُنَ اللَّهِ النَّاظِرَةَ وَحَمَلَةَ مَعْرِفَتِهِ وَمَسَاکِنَ تَوْحِیدِهِ فِی أَرْضِهِ وَسَمَائِهِ وَأَنْتَ یَا حُجَّةَ اللَّهِ وَبَقِیَّتَهُ کَمَالُ نِعْمَتِهِ وَوَارِثُ أَنْبِیَائِهِ وَخُلَفَائِهِ مَا بَلَغْنَاهُ مِنْ دَهْرِنَا وَصَاحِبُ الرَّجْعَةِ لِوَعْدِ رَبِّنَا الَّتِی فِیهَا دَوْلَةُ الْحَقِّ وَفَرَحُنَا.......... کما جاء فی الزیارة الاخری لآل یاسین و دعاء عقبه.

ص:227

أبی طالب قولی له إن لم یخل عنه لأخربن بیته.

فشاع هذا النوم للسلطان فقال ما أعلم ذلک و طلب نوابه فقال من عندکم مأخوذ فقالوا الشیخ العلوی أمرت بأخذه فقال خلوا سبیله و أعطوه فرسا یرکبها و دلوه علی الطریق فمضی إلی بیته انتهی.

وقال السید الأجل علی بن طاوس فی آخر مهج الدعوات و من ذلک ما حدثنی به صدیقی و المواخی لی محمد بن محمد القاضی الآوی ضاعف الله جل جلاله سعادته و شرف خاتمته و ذکر له حدیثا عجیبا و سببا غریبا و هو أنه کان قد حدث له حادثة فوجد هذا الدعاء فی أوراق لم یجعله فیها بین کتبه فنسخ منه نسخة فلما نسخه فقد الأصل الذی کان قد وجده إلی أن ذکر الدعاء و ذکر له نسخة أخری من طریق آخر تخالفه.

نَحْنُ نَذْکُرُ النُّسْخَةَ الْأَوْلَی تَیَمُّناً بِلَفْظِ السَّیِّدِ فَإِنَّ بَیْنَ مَا ذَکَرَهُ وَنَقَلَ الْعَلَّامَةُ أَیْضاً اخْتِلَافاً شَدِیداً وَهِیَ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ یَا رَاحِمَ الْعَبَرَاتِ وَیَا کَاشِفَ الْکُرُبَاتِ أَنْتَ الَّذِی تَقْشَعُ سَحَائِبَ الْمِحَنِ وَقَدْ أَمْسَتْ ثِقَالاً وَتَجْلُو ضَبَابَ الْإِحَنِ وَقَدْ سَحَبَتْ أَذْیَالاً وَتَجْعَلُ زَرْعَهَا هَشِیماً وَعِظَامَهَا رَمِیماً وَتَرُدُّ الْمَغْلُوبَ غَالِباً وَالْمَطْلُوبَ طَالِباً.

إِلَهِی فَکَمْ مِنْ عَبْدٍ نَادَاکَ أَنِّی مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْتَ لَهُ مِنْ نَصْرِکَ أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْتَ لَهُ مِنْ عَوْنِکَ عُیُوناً فَالْتَقَی مَاءُ فَرَجِهِ عَلَی أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَحَمَلْتَهُ مِنْ کِفَایَتِکَ عَلَی ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ.

یَا رَبِّ إِنِّی مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ یَا رَبِّ إِنِّی مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ یَا رَبِّ إِنِّی مَغْلُوبٌ

ص:230

فَانْتَصِرْ فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَافْتَحْ لِی مِنْ نَصْرِکَ أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجِّرْ لِی مِنْ عَوْنِکَ عُیُوناً لِیَلْتَقِیَ مَاءُ فَرَجِی عَلی أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ وَاحْمِلْنِی.

یَا رَبِّ مِنْ کِفَایَتِکَ عَلی ذاتِ أَلْواحٍ وَدُسُرٍ یَا مَنْ إِذَا وَلَجَ الْعَبْدُ فِی لَیْلٍ مِنْ حَیْرَتِهِ یَهِیمُ فَلَمْ یَجِدْ لَهُ صَرِیخاً یُصْرِخُهُ مِنْ وَلِیٍّ وَلَا حَمِیمٍ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَجُدْ یَا رَبِّ مِنْ مَعُونَتِکَ صَرِیخاً مُعِیناً وَوَلِیّاً یَطْلُبُهُ حَثِیثاً یُنَجِّیهِ مِنْ ضَیْقِ أَمْرِهِ وَحَرَجِهِ وَیُظْهِرُ لَهُ الْمُهِمَّ مِنْ أَعْلَامِ فَرَجِهِ.

اللَّهُمَّ فَیَا مَنْ قُدْرَتُهُ قَاهِرَةٌ وَآیَاتُهُ بَاهِرَةٌ وَنَقِمَاتُهُ قَاصِمَةٌ لِکُلِّ جُبَارٍ دَامِغَةٌ لِکُلِّ کَفُورٍ خَتَّارٍ صَلِّ یَا رَبِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَانْظُرْ إِلَیَّ یَا رَبِّ نَظْرَةً مِنْ نَظَرَاتِکَ رَحِیمَةً تَجْلُو بِهَا عَنِّی ظُلْمَةً وَاقِفَةً مُقِیمَةً مِنْ عَاهَةٍ جَفَّتْ مِنْهَا الضُّرُوعُ وَقَلَفَتْ مِنْهَا الزُّرُوعُ وَاشْتَمَلَ بِهَا عَلَی الْقُلُوبِ الْیَأْسُ وَجَرَتْ بِسَبَبِهَا الْأَنْفَاسُ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَحِفْظاً حِفْظاً لِغَرَائِسَ غَرَسَتْهَا یَدُ الرَّحْمَنِ وَشَرَّبَهَا مِنْ مَاءِ الْحَیَوَانِ أَنْ تَکُونَ بِیَدِ الشَّیْطَانِ تُجَزُّ وَبِفَأْسِهِ تُقْطَعُ وَتُحَزُّ إِلَهِی مَنْ أَوْلَی مِنْکَ أَنْ یَکُونَ عَنْ حَمَاکَ حَارِساً وَمَانِعاً إِلَهِی إِنَّ الْأَمْرَ قَدْ هَالَ فَهَوِّنْهُ وَخَشُنَ فَأَلِنْهُ وَإِنَّ الْقُلُوبَ کَاعَتْ فَطَنِّهَا وَالنُّفُوسُ ارْتَاعَتْ فَسَکِّنْهَا.

إِلَهِی تَدَارَکْ أَقْدَاماً قَدْ زَلَّتْ وَأَفْهَاماً فِی مَهَامِهِ الْحَیْرَةِ ضَلَّتْ أَجْحَفَ الضُّرُّ بِالْمَضْرُورِ فِی دَاعِیَةِ الْوَیْلِ وَالثُّبُورِ فَهَلْ یَحْسُنُ مِنْ فَضْلِکَ أَنْ تَجْعَلَهُ فَرِیسَةً لِلْبَلَاءِ وَهُوَ لَکَ رَاجٍ أَمْ هَلْ یُحْمَلُ مِنْ عَدْلِکَ أَنْ یَخُوضَ لُجَّةَ الْغَمَّاءِ وَهُوَ إِلَیْکَ لَاجٍ مَوْلَایَ لَئِنْ کُنْتُ لَا أَشُقُّ عَلَی نَفْسِی فِی التُّقَی وَلَا أَبْلُغُ فِی حَمْلِ أَعْبَاءِ الطَّاعَةِ مَبْلَغَ الرِّضَا وَلَا أَنْتَظِمُ فِی سِلْکِ قَوْمٍ رَفَضُوا الدُّنْیَا فَهُمْ خُمُصُ الْبُطُونِ عُمْشُ الْعُیُونِ مِنَ الْبُکَاءِ بَلْ أَتَیْتُکَ یَا رَبِّ بِضَعْفٍ مِنَ الْعَمَلِ وَظَهْرٍ ثَقِیلٍ بِالْخَطَاءِ وَالزَّلَلِ وَنَفَسٍ

ص:231

لِلرَّاحَةِ مُعْتَادَةٍ وَلِدَوَاعِی التَّسْوِیفِ مُنْقَادَةٍ أَ مَا یَکْفِیکَ یَا رَبِّ وَسِیلَةً إِلَیْکَ وَذَرِیعَةً لَدَیْکَ أَنِّی لِأَوْلِیَائِکَ مُوَالٍ وَفِی مَحَبَّتِکَ مُغَالٍ أَ مَا یَکْفِینِی أَنْ أَرُوحَ فِیهِمْ مَظْلُوماً وَأَغْدُوَمَکْظُوماً وَأَقْضِیَ بَعْدَ هُمُومٍ هُمُوماً وَبَعْدَ رُجُومٍ رُجُوماً أَ مَا عِنْدَکَ یَا رَبِّ بِهَذِهِ حُرْمَةٌلَا تُضَیَّعُ وَذِمَّةٌ بِأَدْنَاهَا یُقْتَنَعُ فَلِمَ لَا یَمْنَعُنِی یَا رَبِّ وَهَا أَنَا ذَا غَرِیقٌ وَتَدَعُنِی بِنَارِ عَدُوِّکَ حَرِیقٌ أَ تَجْعَلُ أَوْلِیَاءَکَ لِأَعْدَائِکَ مَصَائِدَ وَتُقَلِّدُهُمْ مِنْ خَسْفِهِمْ قَلَائِدَ وَأَنْتَ مَالِکُ نُفُوسِهِمْ لَوْ قَبَضْتَهَا جَمَدُوا وَفِی قَبْضَتِکَ مَوَادُّ أَنْفَاسِهِمْ لَوْ قَطَعْتَهَا خَمَدُوا وَمَا یَمْنَعُکَ یَا رَبِّ أَنْ تَکُفَّ بَأْسَهُمْ وَتَنْزِعَ عَنْهُمْ مِنْ حِفْظِکَ لِبَاسَهُمْ وَتُعْرِیَهُمْ مِنْ سَلَامَةٍ بِهَا فِی أَرْضِکَ یَسْرَحُونَ وَفِی مَیَدَانِ الْبَغْیِ عَلَی عِبَادِکَ یَمْرَحُونَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَدْرِکْنِی وَلَمَّا یُدْرِکْنِی الْغَرَقُ وَتَدَارَکْنِی وَلَمَّا غُیِّبَ شَمْسِی لِلشَّفَقِ إِلَهِی کَمْ مِنْ خَائِفٍ الْتَجَأَ إِلَی سُلْطَانٍ فَ آبَ عَنْهُ مَحْفُوفاً بِأَمْنٍ وَأَمَانٍ أَ فَأَقْصِدُ یَا رَبِّ بِأَعْظَمَ مِنْ سُلْطَانِکَ سُلْطَاناً أَمْ أَوْسَعَ مِنْ إِحْسَانِکَ إِحْسَاناً أَمْ أَکْثَرَ مِنِ اقْتِدَارِکَ اقْتِدَاراً أَمْ أَکْرَمَ مِنِ انْتِصَارِکَ انْتِصَاراً.

اللَّهُمَّ أَیْنَ کِفَایَتُکَ الَّتِی هِیَ نُصْرَةُ الْمُسْتَغِیثِینَ مِنَ الْأَنَامِ وَأَیْنَ عِنَایَتُکَ الَّتِی هِیَ جُنَّةُ الْمُسْتَهْدَفِینَ لِجَوْرِ الْأَیَّامِ إِلَیَّ إِلَیَّ بِهَا یَا رَبِّ نَجِّنِی مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ إِنِّی مَسَّنِیَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِینَ.

مَوْلَایَ تَرَی تَحَیُّرِی فِی أَمْرِی وَتَقَلُّبِی فِی ضُرِّی وَانْطِوَایَ عَلَی حُرْقَةِ قَلْبِی وَحَرَارَةِ صَدْرِی فَصَلِّ یَا رَبِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَجُدْ لِی یَا رَبِّ بِمَا أَنْتَ أَهْلُهُ فَرَجاً وَمَخْرَجاً وَیَسِّرْ لِی یَا رَبِّ نَحْوَ الْیُسْرَی مَنْهَجاً وَاجْعَلْ لِی یَا رَبِّ مَنْ نَصَبَ حِبَالاً لِی لِیَصْرَعَنِی بِهَا صَرِیعَ مَا مَکَرَهُ وَمَنْ حَفَرَ لِیَ الْبِئْرَ لِیُوقِعَنِی فِیهَا

ص:232

وَاقِعاً فِیمَا حَفَرَهُ وَاصْرِفِ.

اللَّهُمَّ عَنِّی شَرَّهُ وَمَکْرَهُ وَفَسَادَهُ وَضَرَّهُ مَا تَصْرِفُهُ عَمَّنْ قَادَ نَفْسَهُ لِدِینِ الدَّیَّانِ وَمُنَادٍ یُنَادِی لِلْإِیمَانِ إِلَهِی عَبْدُکَ عَبْدُکَ أَجِبْ دَعْوَتَهُ وَضَعِیفُکَ ضَعِیفُکَ فَرِّجْ غُمَّتَهُ فَقَدِ انْقَطَعَ کُلُّ حَبْلٍ إِلَّا حَبْلُکَ وَتَقَلَّصَ کُلُّ ظِلٍّ إِلَّا ظِلُّکَ.

مَوْلَایَ دَعْوَتِی هَذِهِ إِنْ رَدَدْتَهَا أَیْنَ تُصَادِفُ مَوْضِعَ الْإِجَابَةِ وَیجعلنی (مَخِیلَتِی) إِن کَذَّبْتَهَا أَیْنَ تُلَاقِی مَوْضِعَ الْإِجَابَةِ فَلَا تَرُدَّ عَنْ بَابِکَ مَنْ لَا یَعْرِفُ غَیْرَهُ بَاباً وَلَا یَمْتَنِعُ دُونَ جِنَابِکَ مَنْ لَا یَعْرِفُ سِوَاهُ جِنَاباً.

وَیَسْجُدُ وَیَقُولُ:

إِلَهِی إِنَّ وَجْهاً إِلَیْکَ بِرَغْبَتِهِ تَوَجَّهَ فَالرَّاغِبُ خَلِیقٌ بِأَنْ تُجِیبَهُ وَإِنَّ جَبِیناً لَکَ بِابْتِهَالِهِ سَجَدَ حَقِیقٌ أَنْ یَبْلُغَ مَا قَصَدَ وَإِنَّ خَدّاً إِلَیْکَ بِمَسْأَلَتِهِ یُعَفِّرُ جَدِیرٌ بِأَنْ یَفُوزَ بِمُرَادِهِ وَیَظْفَرَ وَهَا أَنَا ذَا یَا إِلَهِی قَدْ تَرَی تَعْفِیرَ خَدِّی وَابْتِهَالِی وَاجْتِهَادِی فِی مَسْأَلَتِکَ وَجِدِّی فَتَلَقَّ یَا رَبِّ رَغَبَاتِی بِرَأْفَتِکَ قَبُولاً وَسَهِّلْ إِلَیَّ طَلِبَاتِی بِرَأْفَتِکَ وُصُولاً وَذَلِّلْ لِی قُطُوفَ ثَمَرَاتِ إِجَابَتِکَ تَذْلِیلاً.

إِلَهِی لَا رُکْنَ أَشَدُّ مِنْکَ فَ آوِی إِلی رُکْنٍ شَدِیدٍ وَقَدْ أَوَیْتُ إِلَیْکَ وَعَوَّلْتُ فِی قَضَاءِ حَوَائِجِی عَلَیْکَ وَلَا قَوْلَ أَسَدُّ مِنْ دُعَائِکَ فَأَسْتَظْهِرَ بِقَوْلٍ سَدِیدٍ وَقَدْ دَعَوْتُکَ کَمَا أَمَرْتَ فَاسْتَجِبْ لِی بِفَضْلِکَ کَمَا وَعَدْتَ فَهَلْ بَقِیَ یَا رَبِّ إِلَّا أَنْ تُجِیبَ وَتَرْحَمَ مِنِّی الْبُکَاءَ وَالنَّحِیبَ یَا مَنْ لَا إِلَهَ سِوَاهُ وَیَا مَنْ یُجِیبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ رَبِّ انْصُرْنِی عَلَی الْقَوْمِ الظَّالِمِینَ وَافْتَحْ لِی وَأَنْتَ خَیْرُ الْفاتِحِینَ وَالْطُفْ بِی یَا رَبِّ وَبِجَمِیعِ الْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

ص:233

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

رَبِّ أَسْأَلُکَ مَدَداً رُوحَانِیّاً تُقَوِّی بِهِ قُوَی الْکُلِّیَّةِ وَالْجُزْئِیَّةِ حَتَّی أَقْهِرَ عبادی نَفْسِی کل نفس قاهرة فَتَنْقَبِضَ لِی إِشَارَةُ رَقَائِقِهَا انْقِبَاضاً تَسْقُطُ بِهِ قُوَاهَا حَتَّی یَبْقَی فِی الْکَوْنِ ذُو رُوحٍ إِلَّا وَنَارُ قَهْرِی قَدْ أَحْرَقَتْ ظُهُورَهُ یَا شَدِیدُ یَا شَدِیدُ یَا ذَا الْبَطْشِ الشَّدِیدِ یَا قَهَّارُ أَسْأَلُکَ بِمَا أَوْدَعْتَهُ عِزْرَائِیلَ مِنْ أَسْمَائِکَ الْقَهْرِیَّةِ فَانْفَعَلَتْ لَهُ النُّفُوسُ بِالْقَهْرِ أَنْ تُودِعَنِی هَذَا السِّرَّ فِی هَذِهِ السَّاعَةِ حَتَّی أُلَیِّنَ بِهِ کُلَّ صَعْبٍ وَأُذَلِّلَ بِهِ کُلَّ مَنِیعٍ بِقُوَّتِکَ یَا ذَا الْقُوَّةِ الْمَتِینَ.

تَقْرَأُ ذَلِکَ سَحَراً ثَلَاثاً إِنْ أَمْکَنَ.

وَفِی الصُّبْحِ ثَلَاثاً.

وَفِی الْمَسَاءِ ثَلَاثاً.

فَإِذَا اشْتَدَّتِ الْأَمْرُ عَلَی مَنْ یَقْرَأُهُ یَقُولُ بَعْدَ قِرَاءَتِهِ ثَلَاثِینَ مَرَّةً یَا رَحْمَانُ یَا رَحِیمُ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ أَسْأَلُکَ اللُّطْفَ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْمَقَادِیرُ.

ص:235

الضَّوْءَ الَّذِی رَأَیْتُهُ یُضِی ءُ فِی الرِّوَاقِ عَلَی الدَّرَجَةِ عِنْدَ صُعُودِ الرَّجُلِ إِلَی الْغُرْفَةِ الَّتِی یَصْعَدُهَا ثُمَّ أَرَاهُ فِی الْغُرْفَةِ مِنْ غَیْرِ أَنْ أَرَی السِّرَاجَ بِعَیْنِهِ وَکَانَ الَّذِی مَعِی یَرَوْنَ مِثْلَ مَا أَرَی فَتَوَهَّمُوا أَنَّ هَذَا الرَّجُلَ یَخْتَلِفُ إِلَی ابْنَةِ الْعَجُوزِ وَأَنْ یَکُونَ قَدْ تَمَتَّعَ بِهَا فَقَالُوا هَؤُلَاءِ الْعَلَوِیَّةُ یَرَوْنَ الْمُتْعَةَ وَهَذَا حَرَامٌ یَحِلُّ فِیمَا زَعَمُوا وَکُنَّا نَرَاهُ یَدْخُلُ وَیَخْرُجُ وَنَجِی ءُ إِلَی الْبَابِ وَإِذَا الْحَجَرُ عَلَی حَالِهِ الَّتِی تَرَکْنَاهُ وَکُنَّا نُغْلِقُ هَذَا الْبَابَ خَوْفاً عَلَی مَتَاعِنَا وَکُنَّالَا نَرَی أَحَداً یَفْتَحُهُ وَلَا یُغْلِقُهُ وَالرَّجُلُ یَدْخُلُ وَیَخْرُجُ وَالْحَجَرُ خَلْفَ الْبَابِ إِلَی وَقْتٍ نُنَحِّیهِ إِذَا خَرَجْنَا.

فَلَمَّا رَأَیْتُ هَذِهِ الْأَسْبَابَ ضُرِبَ عَلَی قَلْبِی وَوَقَعَتْ فِی قَلْبِی فِتْنَةٌ فَتَلَطَّفْتُ الْعَجُوزَ وَأَحْبَبْتُ أَنْ أَقِفَ عَلَی خَبَرِ الرَّجُلِ فَقُلْتُ لَهَا یَا فُلَانَةُ إِنِّی أُحِبُّ أَنْ أَسْأَلَکِ وَأُفَاوِضَکِ مِنْ غَیْرِ حُضُورِ مَنْ مَعِی فَلَا أَقْدِرُ عَلَیْهِ فَأَنَا أُحِبُّ إِذَا رَأَیْتِنِی فِی الدَّارِ وَحْدِی أَنْ تَنْزِلِی إِلَیَّ لِأَسْأَلَکِ عَنْ أَمْرٍ فَقَالَتْ لِی مُسْرِعَةً وَأَنَا أُرِیدُ أَنْ أُسِرَّ إِلَیْکَ شَیْئاً فَلَمْ یَتَهَیَّأْ لِی ذَلِکَ مِنْ أَجْلِ مَنْ مَعَکَ فَقُلْتُ مَا أَرَدْتِ أَنْ تَقُولِی فَقَالَتْ یَقُولُ لَکَ وَلَمْ تَذْکُرْ أَحَداًلَا تُحَاشِنْ أَصْحَابَکَ وَشُرَکَاءَکَ وَلَا تُلَاحِهِمْ فَإِنَّهُمْ أَعْدَاؤُکَ وَدَارِهِمْ فَقُلْتُ لَهَا مَنْ یَقُولُ فَقَالَتْ أَنَا أَقُولُ فَلَمْ أَجْسُرْ لِمَا دَخَلَ قَلْبِی مِنَ الْهَیْبَةِ أَنْ أُرَاجِعَهَا فَقُلْتُ أَیَّ أَصْحَابِی تَعْنِینَ وَظَنَنْتُ أَنَّهَا تَعْنِی رُفَقَائِیَ الَّذِینَ کَانُوا حُجَّاجاً مَعِی قَالَتْ شُرَکَاءَکَ الَّذِینَ فِی بَلَدِکَ وَفِی الدَّارِ مَعَکَ وَکَانَ جَرَی بَیْنِی وَبَیْنَ الَّذِینَ مَعِی فِی الدَّارِ عَنَتٌ فِی الدِّینِ فَسَعَوْا بِی حَتَّی هَرَبْتُ وَاسْتَتَرْتُ بِذَلِکَ السَّبَبِ فَوَقَفْتُ عَلَی أَنَّهَا عَنَتْ أُولَئِکَ.

فَقُلْتُ لَهَا مَا تَکُونِینَ أَنْتِ مِنَ الرِّضَا فَقَالَتْ کُنْتُ خَادِمَةً لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍ علیه السلام فَلَمَّا اسْتَیْقَنْتُ ذَلِکَ قُلْتُ لَأَسْأَلُهَا عَنِ الْغَائِبِ فَقُلْتُ بِاللَّهِ عَلَیْکِ رَأَیْتِهِ بِعَیْنِکِ فَقَالَتْ ی

ص:237

َا أَخِی لَمْ أَرَهُ بِعَیْنِی فَإِنِّی خَرَجْتُ وَأُخْتِی حُبْلَی وَبَشَّرَنِیَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍ علیه السلام بِأَنِّی سَوْفَ أَرَاهُ فِی آخِرِ عُمُرِی وَقَالَ لِی تَکُونِینَ لَهُ کَمَا کُنْتِ لِی وَأَنَا الْیَوْمَ مُنْذُ کَذَا بِمِصْرَ وَإِنَّمَا قَدِمْتُ الآْنَ بِکِتَابَةٍ وَنَفَقَةٍ وَجَّهَ بِهَا إِلَیَّ عَلَی یَدِ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ یُفْصِحُ بِالْعَرَبِیَّةِ وَهِیَ ثَلَاثُونَ دِینَاراً وَأَمَرَنِی أَنْ أَحُجَّ سَنَتِی هَذِهِ فَخَرَجْتُ رَغْبَةً مِنِّی فِی أَنْ أَرَاهُ فَوَقَعَ فِی قَلْبِی أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِی کُنْتُ أَرَاهُ هُوَ هُوَ فَأَخَذْتُ عَشَرَةَ دَرَاهِمَ صِحَاحاً فِیهَا سِتَّةٌ رَضَوِیَّةٌ مِنْ ضَرْبِ الرِّضَاعلیه السلام قَدْ کُنْتُ خَبَأْتُهَا لِأُلْقِیَهَا فِی مَقَامِ إِبْرَاهِیمَ علیه السلام وَکُنْتُ نَذَرْتُ وَنَوَیْتُ ذَلِکَ فَدَفَعْتُهَا إِلَیْهَا وَقُلْتُ فِی نَفْسِی أَدْفَعُهَا إِلَی قَوْمٍ مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَعلیها السلام أَفْضَلُ مِمَّا أُلْقِیهَا فِی الْمَقَامِ وَأَعْظَمُ ثَوَاباً فَقُلْتُ لَهَا ادْفَعِی هَذِهِ الدَّرَاهِمَ إِلَی مَنْ یَسْتَحِقُّهَا مِنْ وُلْدِ فَاطِمَةَعلیها السلام وَکَانَ فِی نِیَّتِی أَنَّ الَّذِی رَأَیْتُهُ هُوَ الرَّجُلُ وَإِنَّمَا تَدْفَعُهَا إِلَیْهِ فَأَخَذَتِ الدَّرَاهِمَ وَصَعِدَتْ وَبَقِیَتْ سَاعَةً ثُمَّ نَزَلَتْ فَقَالَتْ یَقُولُ لَکَ لَیْسَ لَنَا فِیهَا حَقٌّ اجْعَلْهَا فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی نَوَیْتَ وَلَکِنْ هَذِهِ الرَّضَوِیَّةُ خُذْ مِنَّا بَدَلَهَا وَأَلْقِهَا فِی الْمَوْضِعِ الَّذِی نَوَیْتَ فَفَعَلْتُ وَقُلْتُ فِی نَفْسِی الَّذِی أُمِرْتُ بِهِ عَنِ الرَّجُلِ.

ثُمَّ کَانَ مَعِی نُسْخَةُ تَوْقِیعٍ خَرَجَ إِلَی الْقَاسِمِ بْنِ الْعَلَاءِ بِأَذْرَبِیجَانَ فَقُلْتُ لَهَا تَعْرِضِینَ هَذِهِ النُّسْخَةَ عَلَی إِنْسَانٍ قَدْ رَأَی تَوْقِیعَاتِ الْغَائِبِ فَقَالَتْ نَاوِلْنِی فَإِنِّی أَعْرِفُهُ فَأَرَیْتُهَا النُّسْخَةَ وَظَنَنْتُ أَنَّ الْمَرْأَةَ تُحْسِنُ أَنْ تَقْرَأَ فَقَالَ لَا یُمْکِنُنِی أَنْ أَقْرَأَهُ فِی هَذَا الْمَکَانِ فَصَعِدَتِ الْغُرْفَةَ ثُمَّ أَنْزَلَتْهُ فَقَالَتْ صَحِیحٌ وَفِی التَّوْقِیعِ أُبَشِّرُکُمْ بِبُشْرَی مَا بَشَّرْتُهُ بِهِ [إِیَّاهُ] وَغَیْرَهُ.

ثُمَّ قَالَتْ یَقُولُ لَکَ إِذَا صَلَّیْتَ عَلَی نَبِیَّکَ کَیْفَ تُصَلِّی فَقُلْتُ أَقُولُ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَبَارِکْ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ کَأَفْضَلِ مَا صَلَّیْتَ وَبَارَکْتَ

ص:238

وَتَرَحَّمْتَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ وَآلِ إِبْرَاهِیمَ إِنَّکَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ فَقَالَتْ لَا إِذَا صَلَّیْتَ عَلَیْهِمْ فَصَلِّ عَلَیْهِمْ کُلِّهِمْ وَسَمِّهِمْ فَقُلْتُ نَعَمْ فَلَمَّا کَانَتْ مِنَ الْغَدِ نَزَلَتْ وَمَعَهَا دَفْتَرٌ صَغِیرٌ فَقَالَتْ یَقُولُ لَکَ إِذَا صَلَّیْتَ عَلَی النَّبِیِّ فَصَلِّ عَلَیْهِ وَعَلَی أَوْصِیَائِهِ عَلَی هَذِهِ النُّسْخَةِ فَأَخَذْتُهَا وَکُنْتُ أَعْمَلُ بِهَا وَرَأَیْتُ عِدَّةَ لَیَالٍ قَدْ نَزَلَ مِنَ الْغُرْفَةِ وَضَوْءُ السِّرَاجِ قَائِمٌ وَکُنْتُ أَفْتَحُ الْبَابَ وَأَخْرُجُ عَلَی أَثَرِ الضَّوْءِ وَأَنَا أَرَاه أَعْنَی الضَّوْءَ وَلَا أَرَی أَحَداً حَتَّی یَدْخُلُ الْمَسْجِدَ وَأَرَی جَمَاعَةً مِنَ الرِّجَالِ مِنْ بُلْدَانٍ شَتَّی یَأْتُونَ بَابَ هَذِهِ الدَّارِ فَبَعْضُهُمْ یَدْفَعُونَ إِلَی الْعَجُوزِ رِقَاعاً مَعَهُمْ وَرَأَیْتُ الْعَجُوزَ قَدْ دَفَعَتْ إِلَیْهِمْ کَذَلِکَ الرِّقَاعَ فَیُکَلِّمُونَهَا وَتُکَلِّمُهُمْ وَلَا أَفْهَمُ عَیْنَهُمْ وَرَأَیْتُ مِنْهُمْ فِی مُنْصَرَفِنَا جَمَاعَةً فِی طَرِیقِی إِلَی أَنْ قَدِمْتُ بَغْدَادَ نُسْخَةُ الدَّفْتَرِ الَّذِی خَرَجَ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ سَیِّدِ الْمُرْسَلِینَ وَخَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ الْمُنْتَجَبِ فِی الْمِیثَاقِ الْمُصْطَفَی فِی الظِّلَالِ الْمُطَهَّرِ مِنْ کُلِّ آفَةٍ الْبَرِی ءِ مِنْ کُلِّ عَیْبٍ الْمُؤَمَّلِ لِلنَّجَاةِ الْمُرْتَجَی لِلشَّفَاعَةِ الْمُفَوَّضِ إِلَیْهِ دِینُ اللَّهِ.

اللَّهُمَّ شَرِّفْ بُنْیَانَهُ وَعَظِّمْ بُرْهَانَهُ وَأَفْلِحْ حُجَّتَهُ وَارْفَعْ دَرَجَتَهُ وَأَضِئْ نُورَهُ وَبَیِّضْ وَجْهَهُ وَأَعْطِهِ الْفَضْلَ وَالْفَضِیلَةَ وَالدَّرَجَةَ وَالْوَسِیلَةَ الرَّفِیعَةَ [وَالْوَسِیلَةَ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِیعَةَ] وَابْعَثْهُ مَقَاماً مَحْمُوداً یَغْبِطُهُ بِهِ الْأَوَّلُونَ وَالآْخِرُونَ.

وَصَلِّ عَلَی أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَقَائِدِ الْغُرِّ الْمُحَجَّلِینَ وَسَیِّدِ الْوَصِیِّینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

ص:239

وَصَلِّ عَلَی الْحُسَیْنِ بْنِ عَلِیٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی عَلِیِّ بْنِ الْحُسَیْنِ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی مُوسَی بْنِ جَعْفَرٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی عَلِیِّ بْنِ مُوسَی إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی عَلِیِّ بْنِ مُحَمَّدٍ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

وَصَلِّ عَلَی الْخَلَفِ الصَّالِحِ الْهَادِی الْمَهْدِیِّ إِمَامِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَارِثِ الْمُرْسَلِینَ وَحُجَّةِ رَبِّ الْعَالَمِینَ.

ص:240

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَأَهْلِ بَیْتِهِ الْأَئِمَّةِ الْهَادِینَ الْمَهْدِیِّینَ الْعُلَمَاءِ الصَّادِقِینَ الْأَبْرَارِ الْمُتَّقِینَ دَعَائِمِ دِینِکَ وَأَرْکَانِ تَوْحِیدِکَ وَتَرَاجِمَةِ وَحْیِکَ وَحُجَجِکَ عَلَی خَلْقِکَ وَخُلَفَائِکَ فِی أَرْضِکَ الَّذِینَ اخْتَرْتَهُمْ لِنَفْسِکَ وَاصْطَفَیْتَهُمْ عَلَی عِبَادِکَ وَارْتَضَیْتَهُمْ لِدِینِکَ وَخَصَصْتَهُمْ بِمَعْرِفَتِکَ وَجَلَّلْتَهُمْ بِکَرَامَتِکَ وَغَشَّیْتَهُمْ بِرَحْمَتِکَ وَرَبَّیْتَهُمْ بِنِعْمَتِکَ وَغَذَّیْتَهُمْ بِحِکْمَتِکَ وَأَلْبَسْتَهُمْ مِنْ نُورِکَ وَرَفَعْتَهُمْ فِی مَلَکُوتِکَ وَحَفَفْتَهُمْ بِمَلَائِکَتِکَ وَشَرَّفْتَهُمْ بِنَبِیِّکَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَعَلَیْهِمْ صَلَاةً کَثِیرَةً دَائِمَةً طَیِّبَةًلَا یُحِیطُ بِهَا إِلَّا أَنْتَ وَلَا یَسَعُهَا إِلَّا عِلْمُکَ وَلَا یُحْصِیهَا أَحَدٌ غَیْرُکَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی وَلِیِّکَ الْمُحْیِی سُنَّتَکَ الْقَائِمِ بِأَمْرِکَ الدَّاعِی إِلَیْکَ الدَّلِیلِ عَلَیْکَ وَحُجَّتِکَ عَلَی خَلْقِکَ وَخَلِیفَتِکَ فِی أَرْضِکَ وَشَاهِدِکَ عَلَی عِبَادِکَ.

اللَّهُمَّ أَعِزَّ نَصْرَهُ وَمُدَّ فِی عُمُرِهِ وَزَیِّنِ الْأَرْضَ بِطُولِ بَقَائِهِ.

اللَّهُمَّ اکْفِه بَغْیَ الْحَاسِدِینَ وَأَعِذْهُ مِنْ شَرِّ الْکَائِدِینَ وَازْجُرْ عَنْهُ إِرَادَةَ الظَّالِمِینَ وَخَلِّصْهُ مِنْ أَیْدِی الْجَبَّارِینَ.

اللَّهُمَّ أَعْطِهِ فِی نَفْسِهِ وَذُرِّیَّتِهِ وَشِیعَتِهِ وَرَعِیَّتِهِ وَخَاصَّتِهِ وَعَامَّتِهِ وَعَدُوِّهِ وَجَمِیعِ أَهْلِ الدُّنْیَا مَا تُقِرُّ بِهِ عَیْنَهُ وَتَسُرُّ بِهِ نَفْسَهُ وَبَلِّغْهُ أَفْضَلَ أَمَلِهِ فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.

اللَّهُمَّ جَدِّدْ بِهِ مَا مُحِیَ مِنْ دِینِکَ وَأَحْیِ بِهِ مَا بُدِّلَ مِنْ کِتَابِکَ وَأَظْهِرْ بِهِ مَا غُیِّرَ مِنْ حُکْمِکَ حَتَّی یَعُودَ دِینُکَ بِهِ وَعَلَی یَدَیْهِ غَضّاً جَدِیداً خَالِصاً مُخْلَصاً شَکَّ فِیهِ وَلَا شُبْهَةَ مَعَهُ وَلَا بَاطِلَ عِنْدَهُ وَلَا بِدْعَةَ لَدَیْهِ.

اللَّهُمَّ نَوِّرْ بِنُورِهِ کُلَّ ظُلْمَةٍ وَهُدَّ بِرُکْنِهِ کُلَّ بِدْعَةٍ وَاهْدِمْ بِعِزَّتِهِ کُلَّ ضَلَالَةٍ وَاقْصِمْ

ص:241

بِهِ کُلَّ جَبَّارٍ وَأَخْمِدْ بِسَیْفِهِ کُلَّ نَارٍ وَأَهْلِکْ بِعَدْلِهِ کُلَّ جَائِرٍ وَأَجْرِ حُکْمَهُ عَلَی کُلِّ حُکْمٍ وَأَذِلَّ بِسُلْطَانِهِ کُلَّ سُلْطَانٍ.

اللَّهُمَّ أَذِلَّ کُلَّ مَنْ نَاوَاهُ وَأَهْلِکْ کُلَّ مَنْ عَادَاهُ وَامْکُرْ بِمَنْ کَادَهُ وَاسْتَأْصِلْ بِمَنْ جَحَدَ حَقَّهُ وَاسْتَهَانَ بِأَمْرِهِ وَسَعَی فِی إِطْفَاءِ نُورِهِ وَأَرَادَ إِخْمَادَ ذِکْرِهِ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ الْمُصْطَفَی وَعَلِیٍّ الْمُرْتَضَی وَفَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ [وَ] الْحَسَنِ الرِّضَا وَالْحُسَیْنِ الْمُصْطَفَی وَجَمِیعِ الْأَوْصِیاءِ وَمَصَابِیحِ الدُّجَی وَأَعْلَامِ الْهُدَی وَمَنَارِ التُّقَی وَالْعُرْوَةِ الْوُثْقَی وَالْحَبْلِ الْمَتِینِ وَالصِّرَاطِ الْمُسْتَقِیمِ.

وَصَلِّ عَلَی وَلِیِّکَ وَوُلَاةِ عَهْدِهِ وَالْأَئِمَّةِ مِنْ وُلْدِهِ وَمُدَّ فِی أَعْمَارِهِمْ وَزِدْ فِی آجَالِهِمْ وَبَلِّغْهُمْ أَقْصَی آمَالِهِمْ دِیناً وَدُنْیَا وَآخِرَةً إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.

ص:242

قلت و یوجد فی غیر واحد من مؤلفات جملة من المتأخرین الذین قاربنا عصرهم و المعاصرین هذه الحکایة بعبارة تخالف العبارة الأولی و هی هکذا:

اَلَّلهُمَّ إِنَّ شِیعَتِنَا مِنَّا خُلِقُوا مِنْ فَاضِلِ طِینَتِنَا وَعُجِنُوا بِمَاءِ وَلَایَتِنَا.

اَلَّلهُمَّ اِغْفِرْ لَهُمْ مِنَ الذُّنُوبِ مَا فَعَلُوهُ اِتَّکالاً عَلی حُبُّنَا وَوِلَائِنَا یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَلَا تُؤَاخِذَهُمْ بِمَا اقْتَرَفُوه مِنَ السَّیِئَاتِ إِکْرَاماً لَنَا وَلَا تُقَاصِّهِمْ یَوْمَ الْقِیَامَةِ مُقَابِلَ أَعْداَئَنِا فَإِنَّ خَفَّفَتْ مَوَازِینَهُمْ فَثَقِّلْهَا بِفَاضِلِ حَسَنَاتِنَا.

ص:246

سَلَامُ اللَّهِ الْکَامِلُ التَّامُّ الشَّامِلُ الْعَامُّ وَصَلَوَاتُهُ الدَّائِمَةُ وَبَرَکَاتُهُ الْقَائِمَةُ عَلَی حُجَّةِ اللَّهِ وَوَلِیِّهِ فِی أَرْضِهِ وَبِلَادِهِ وَخَلِیفَتِهِ عَلَی خَلْقِهِ وَعِبَادِهِ سُلَالَةِ النُّبُوَّةِ وَبَقِیَّةِ الْعِتْرَةِ وَالصَّفْوَةِ صَاحِبِ الزَّمَانِ وَمُظْهِرِ الْإِیمَانِ وَمُعْلِنِ أَحْکَامِ الْقُرْآنِ مُطَهِّرِ الْأَرْضِ وَنَاشِرِ الْعَدْلِ فِی الطُّولِ وَالْعَرْضِ الْحُجَّةِ الْقَائِمِ الْمَهْدِیِّ وَالْإِمَامِ الْمُنْتَظَرِ الْمَرْضِیِّ الطَّاهِرِ ابْنِ الْأَئِمَّةِ الطَّاهِرِینَ الْوَصِیِّ أَوْلَادِ الْأَوْصِیاءِ الْمَرْضِیِّینَ الْهَادِی الْمَعْصُومِ ابْنِ الْهُدَاةِ الْمَعْصُومِینَ.

السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا إِمَامَ الْمُسْلِمِینَ وَالْمُؤْمِنِینَ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا وَارِثَ عِلْمِ النَّبِیِّینَ وَمُسْتَوْدَعِ حِکْمَةِ الْوَصِیِّینَ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا عِصْمَةَ الدِّینِ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا مُعِزَّ الْمُؤْمِنِینَ الْمُسْتَضْعَفِینَ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا مُذِلَّ الْکَافِرِینَ الْمُتَکَبِّرِینَ الظَّالِمِینَ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا مَوْلَایَ یَا صَاحِبَ الزَّمَانِ یَا ابْنَ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَابْنَ فَاطِمَةَ الزَّهْرَاءِ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ السَّلَامُ عَلَیْکُمْ یَا ابْنَ الْأَئِمَّةِ الْحُجَجِ عَلَی الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ السَّلَامُ عَلَیْکَ یَا مَوْلَایَ سَلَامَ مُخْلِصٍ لَکَ فِی الْوَلَاءِ.

أَشْهَدُ أَنَّکَ الْإِمَامُ الْمَهْدِیُّ قَوْلاً وَفِعْلًا وَأَنَّکَ الَّذِی تَمْلَأُ الْأَرْضَ قِسْطاً وَعَدْلاً فَعَجَّلَ اللَّهُ فَرَجَکَ وَسَهَّلَ مَخْرَجَکَ وَقَرَّبَ زَمَانَکَ وَأَکْثَرَ أَنْصَارَکَ وَأَعْوَانَکَ وَأَنْجَزَ لَکَ مَوْعِدَکَ وَهُوَ أَصْدَقُ الْقَائِلِینَ وَنُرِیدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَی الَّذِینَ اسْتُضْعِفُوا فِی الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوارِثِینَ.

یَا مَوْلَایَ حَاجَتِی کَذَا وَکَذَا - یقول حاجتها فی هذا الموضع - فَاشْفَعْ لِی فِی نَجَاحِهَا وَتَدْعُو بِمَا أَحْبَبْتَ.

قَالَ فَانْتَبَهْتُ وَأَنَا مُوقِنٌ بِالرَّوْحِ وَالْفَرَجِ وَکَانَ عَلَیَّ بَقِیَّةٌ مِنْ لَیْلِی وَاسِعَةٌ فَقُمْتُ فَبَادَرْتُ فَکَتَبْتُ مَا عَلَّمَنِیهِ خَوْفاً أَنْ أَنْسَاهُ ثُمَّ تَطَهَّرْتُ وَبَرَزْتُ تَحْتَ

ص:248

السَّمَاءِ وَصَلَّیْتُ رَکْعَتَیْنِ قَرَأْتُ فِی الْأُولَی بَعْدَ الْحَمْدِ کَمَا عُیِّنَ لِی إِنَّا فَتَحْنَا لَکَ فَتْحاً مُبِیناً وَفِی الثَّانِیَةِ بَعْدَ الْحَمْدِ إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَأَحْسَنْتُ صَلَاتَهُمَا فَلَمَّا سَلَّمْتُ قُمْتُ وَأَنَا مُسْتَقْبِلُ الْقِبْلَةِ وَزُرْتُ ثُمَّ دَعَوْتُ بِحَاجَتِی وَاسْتَغَثْتُ بِمَوْلَایَ صَاحِبِ الزَّمَانِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ ثُمَّ سَجَدْتُ سَجْدَةَ الشُّکْرِ وَأَطَلْتُ فِیهَا الدُّعَاءَ حَتَّی خِفْتُ فَوَاتَ صَلَاةِ اللَّیْلِ ثُمَّ قُمْتُ وَصَلَّیْتُ وَعَقَّبْتُ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِفَرِیضَةِ الْغَدَاةِ وَجَلَسْتُ فِی مِحْرَابِی أَدْعُو فَلَا وَاللَّهِ مَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ حَتَّی جَاءَنِی الْفَرَجُ مِمَّا کُنْتُ فِیهِ وَلَمْ یَعُدْ إِلَیَّ مِثْلُ ذَلِکَ بَقِیَّةَ عُمُرِی وَلَمْ یَعْلَمْ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ مَا کَانَ ذَلِکَ الْأَمْرُ الَّذِی أَهَمَّنِی وَإِلَی یَوْمِی هَذَا وَالْمِنَّةُ لِلَّهِ وَلَهُ الْحَمْدُ کَثِیراً.

ص:249

أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَنْ تَزِیدَنِی إِیمَاناً وَتَثْبِیتاً یَا بَاطِناً فِی ظُهُورِهِ وَیَا ظَاهِراً فِی بُطُونِهِ وَمَکْنُونِهِ یَا مُفَرِّقاً بَیْنَ النُّورِ وَالدَّیْجُورِ یَا مَوْصُوفاً بِغَیْرِ کُنْهٍ وَمَعْرُوفاً بِغَیْرِ شِبْهٍ حَادَّ کُلِّ مَحْدُودٍ وَشَاهِدَ کُلِّ مَشْهُودٍ وَمُوجِدَ کُلِّ مَوْجُودٍ وَمُحْصِیَ کُلِّ مَعْدُودٍ وَفَاقِدَ کُلِّ مَفْقُودٍ لَیْسَ دُونَکَ مِنْ مَعْبُودٍ أَهْلَ الْکِبْرِیَاءِ وَالْجُودِ یَا مَنْ لَا یُکَیَّفُ بِکَیْفٍ وَلَا یُؤَیَّنُ بِأَیْنٍ یَا مُحْتَجِباً عَنْ کُلِّ عَیْنٍ یَا دَیْمُومُ یَا قَیُّومُ وَعَالِمَ کُلِّ مَعْلُومٍ صَلِّ عَلَی عِبَادِکَ الْمُنْتَجَبِینَ وَبَشَرِکَ الْمُحْتَجِبِینَ وَمَلَائِکَتِکَ الْمُقَرَّبِینَ وَبُهْمِ (بُهَمِ) الصَّافِّینَ الْحَافِّینَ وَبَارِکْ لَنَا فِی شَهْرِنَا هَذَا الرَّجَبِ الْمُکَرَّمِ وَمَا بَعْدَهُ مِنْ أَشْهُرِ الْحُرُمِ وَأَسْبِغْ عَلَیْنَا فِیهِ النِّعَمَ وَأَجْزِلْ لَنَا فِیهِ الْقِسَمَ وَأَبْرِرْ لَنَا فِیهِ الْقَسَمَ بِاسْمِکَ الْأَعْظَمِ الْأَجَلِّ الْأَکْرَمِ الَّذِی وَضَعْتَهُ عَلَی النَّهَارِ فَأَضَاءَ وَعَلَی اللَّیْلِ فَأَظْلَمَ وَاغْفِرْ لَنَا مَا تَعْلَمُ مِنَّا وَلَا نَعْلَمُ وَاعْصِمْنَا مِنَ الذُّنُوبِ خَیْرَ الْعِصَمِ وَاکْفِنَا کَوَافِیَ قَدَرِکَ وَامْنُنْ عَلَیْنَا بِحُسْنِ نَظَرِکَ وَلَا تَکِلْنَا إِلَی غَیْرِکَ وَلَا تَمْنَعْنَا مِنْ خَیْرِکَ وَبَارِکْ لَنَا فِیمَا کَتَبْتَهُ لَنَا مِنْ أَعْمَارِنَا وَأَصْلِحْ لَنَا خَبِیئَةَ أَسْرَارِنَا وَأَعْطِنَا مِنْکَ الْأَمَانَ وَاسْتَعْمِلْنَا بِحُسْنِ الْإِیمَانِ وَبَلِّغْنَا شَهْرَ الصِّیَامِ وَمَا بَعْدَهُ مِنَ الْأَیَّامِ وَالْأَعْوَامِ یَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِکْرَامِ.

ص:251

وَابْتَدَعَ فَشَرَعَ وَعَلَا فَارْتَفَعَ وَقَدَّرَ فَأَحْسَنَ وَصَوَّرَ فَأَتْقَنَ وَاحْتَجَّ فَأَبْلَغَ وَأَنْعَمَ فَأَسْبَغَ وَأَعْطَی فَأَجْزَلَ وَمَنَحَ فَأَفْضَلَ یَا مَنْ سَمَا فِی الْعِزِّ فَفَاتَ خَوَاطِرَ الْأَبْصَارِ وَدَنَا فِی اللُّطْفِ فَجَازَ هَوَاجِسَ الْأَفْکَارِ یَا مَنْ تَوَحَّدَ بِالْمُلْکِ فَلَا نِدَّ لَهُ فِی مَلَکُوتِ سُلْطَانِهِ وَتَفَرَّدَ بِالْکِبْرِیَاءِ وَالآْلَاءِ فَلَا ضِدَّ لَهُ فِی جَبَرُوتِ شَأْنِهِ یَا مَنْ حَارَتْ فِی کِبْرِیَاءِ هَیْبَتِهِ دَقَائِقُ لَطَائِفِ الْأَوْهَامِ وَانْحَسَرَتْ دُونَ إِدْرَاکِ عَظَمَتِهِ خَطَائِفُ أَبْصَارِ الْأَنَامِ یَا مَنْ عَنَتِ الْوُجُوهُ لِهَیْبَتِهِ وَخَضَعَتِ الرِّقَابُ لِعَظَمَتِهِ وَوَجِلَتِ الْقُلُوبُ مِنْ خِیفَتِهِ.

أَسْأَلُکَ بِهَذِهِ الْمِدْحَةِ الَّتِی لَا تَنْبَغِی إِلَّا لَکَ وَبِمَا وَأَیْتَ بِهِ عَلَی نَفْسِکَ لِدَاعِیکَ مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَبِمَا ضَمِنْتَ الْإِجَابَةَ فِیهِ عَلَی نَفْسِکَ لِلدَّاعِینَ یَا أَسْمَعَ السَّامِعِینَ وَیَا أَبْصَرَ الْمُبْصِرِینَ وَیَا أَنْظَرَ النَّاظِرِینَ وَیَا أَسْرَعَ الْحَاسِبِینَ وَیَا أَحْکَمَ الْحَاکِمِینَ وَیَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ وَعَلَی أَهْلِ بَیْتِهِ الطَّاهِرِینَ الْأَخْیَارِ وَأَنْ تَقْسِمَ لِی فِی شَهْرِنَا هَذَا خَیْرَ مَا قَسَمْتَ وَأَنْ تَحْتِمَ لِی فِی قَضَائِکَ خَیْرَ مَا حَتَمْتَ وَتَخْتِمَ لِی بِالسَّعَادَةِ فِیمَنْ خَتَمْتَ وَأَحْیِنِی مَا أَحْیَیْتَنِی مَوْفُوراً وَأَمِتْنِی مَسْرُوراً وَمَغْفُوراً وَتَوَلَّ أَنْتَ نَجَاتِی مِنْ مُسَاءَلَةِ الْبَرْزَخِ وَادْرَأْ عَنِّی مُنْکَراً وَنَکِیراً وَأَرِ عَیْنِی مُبَشِّراً وَبَشِیراً وَاجْعَلْ لِی إِلَی رِضْوَانِکَ وَجِنَانِکَ مَصِیراً وَعَیْشاً قَرِیراً وَمُلْکاً کَبِیراً وَصَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ بُکْرَةً وَأَصِیلًا یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

ثُمَّ تَقُولُ:

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ بِعَقْدِ عِزِّکَ عَلَی أَرْکَانِ عَرْشِکَ وَمُنْتَهَی رَحْمَتِکَ مِنْ کِتَابِکَ وَاسْمِکَ الْأَعْظَمِ الْأَعْظَمِ وَذِکْرِکَ الْأَعْلَی الْأَعْلَی وَکَلِمَاتِکَ التَّامَّاتِ کُلِّهَا أَنْ

ص:254

تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَأَسْأَلُکَ مَا کَانَ أَوْفَی بِعَهْدِکَ وَأَقْضَی لِحَقِّکَ وَأَرْضَی لِنَفْسِکَ وَخَیْراً لِی فِی الْمَعَادِ عِنْدَکَ وَالْمَعَادِ إِلَیْکَ أَنْ تُعْطِیَنِی جَمِیعَ مَا أُحِبُّ وَتَصْرِفَ عَنِّی جَمِیعَ مَا أَکْرَهُ إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

ص:255

وَ خَفْضٍ مُوَسَّعٍ وَ دَعَةٍ وَ مَهَلٍ إِلَی حِینِ الْأَجَلِ وَ خَیْرِ مَصِیرٍ وَ مَحَلٍّ فِی النَّعِیمِ الْأَزَلِ وَ الْعَیْشِ الْمُقْتَبَلِ وَ دَوَامِ الْأُکُلِ وَ شُرْبِ الرَّحِیقِ وَ السَّلْسَلِ وَ عَلٍّ وَ نَهَلٍ لَا سَأَمَ مِنْهُ وَ لَا مَلَلَ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَکَاتُهُ وَ تَحِیَّاتُهُ حَتَّی الْعَوْدِ إِلَی حَضْرَتِکُمْ وَ الْفَوْزِ فِی کَرَّتِکُمْ وَ الْحَشْرِ فِی زُمْرَتِکُمْ.

وَ السَّلَامُ عَلَیْکُمْ وَ رَحْمَةُ اللَّهِ وَ بَرَکَاتُهُ وَ صَلَوَاتُهُ وَ تَحِیَّاتُهُ.

وَ هُوَ حَسْبُنَا وَ نِعْمَ الْوَکِیلُ.

ص:257

لَمْ یَتَّخِذْ صَاحِبَةً وَلَا وَلَداً وَلَمْ یَکُنْ لَهُ شَرِیکٌ فِی الْمُلْکِ وَلَمْ یَکُنْ لَهُ وَلِیٌّ مِنَ الذُّلِّ وَکَبِّرْهُ تَکْبِیراً.

الْحَمْدُ لِلَّهِ بِجَمِیعِ مَحَامِدِهِ کُلِّهَا عَلَی جَمِیعِ نِعَمِهِ کُلِّهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مُضَادَّ لَهُ فِی مُلْکِهِ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِی أَمْرِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا شَرِیکَ لَهُ فِی خَلْقِهِ وَلَا شَبِیهَ لَهُ فِی عَظَمَتِهِ الْحَمْدُ لِلَّهِ الْفَاشِی فِی الْخَلْقِ أَمْرُهُ وَحَمْدُهُ الظَّاهِرِ بِالْکَرَمِ مَجْدُهُ الْبَاسِطِ بِالْجُودِ یَدَهُ الَّذِی لَا تَنْقُصُ خَزَائِنُهُ وَلَا یَبِیدُ مُلْکُهُ وَلَا تَزِیدُهُ کَثْرَةُ الْعَطَاءِ إِلَّا جُوداً وَکَرَماً إِنَّهُ هُوَ الْعَزِیزُ الْوَهَّابُ.

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ قَلِیلًا مِنْ کَثِیرٍ مَعَ حَاجَةٍ بِی إِلَیْهِ عَظِیمَةٍ وَغِنَاکَ عَنْهُ قَدِیمٌ وَهُوَ عِنْدِی کَثِیرٌ وَهُوَ عَلَیْکَ سَهْلٌ یَسِیرٌ.

اللَّهُمَّ إِنَّ عَفْوَکَ عَنْ ذَنْبِی وَتَجَاوُزَکَ عَنْ خَطِیئَتِی وَصَفْحَکَ عَنْ ظُلْمِی وَسَتْرَکَ عَلَی قَبِیحِ عَمَلِی وَحِلْمَکَ عَنْ کَثِیرِ جُرْمِی عِنْدَ مَا کَانَ مِنْ خَطَئِی وَعَمْدِی أَطْمَعَنِی فِی أَنْ أَسْأَلَکَ مَالَا أَسْتَوْجِبُهُ مِنْکَ الَّذِی رَزَقْتَنِی مِنْ رَحْمَتِکَ وَأَرَیْتَنِی مِنْ قُدْرَتِکَ وَعَرَّفْتَنِی مِنْ إِجَابَتِکَ فَصِرْتُ أَدْعُوکَ آمِناً وَأَسْأَلُکَ مُسْتَأْنِساًلَا خَائِفاً وَلَا وَجِلًا مُدِلًّا عَلَیْکَ فِیمَا قَصَدْتُ فِیهِ إِلَیْکَ فَإِنْ أَبْطَأَ عَنِّی عَتَبْتُ بِجَهْلِی عَلَیْکَ وَلَعَلَّ الَّذِی أَبْطَأَ عَنِّی هُوَ خَیْرٌ لِی لِعِلْمِکَ بِعَاقِبَةِ الْأُمُورِ فَلَمْ أَرَ مَوْلًی کَرِیماً أَصْبَرَ عَلَی عَبْدٍ لَئِیمٍ مِنْکَ عَلَیَّ.

یَا رَبِّ إِنَّکَ تَدْعُونِی فَأُوَلِّی عَنْکَ وَتَتَحَبَّبُ إِلَیَّ فَأَتَبَغَّضُ إِلَیْکَ وَتَتَوَدَّدُ إِلَیَّ فَلَا أَقْبَلُ مِنْکَ کَأَنَّ لِیَ التَّطَوُّلَ عَلَیْکَ فَلَمْ یَمْنَعْکَ ذَلِکَ مِنَ الرَّحْمَةِ بِی وَالْإِحْسَانِ إِلَیَّ وَالتَّفَضُّلِ عَلَیَّ بِجُودِکَ وَکَرَمِکَ فَارْحَمْ عَبْدَکَ الْجَاهِلَ وَجُدْ عَلَیْهِ بِفَضْلِ إِحْسَانِکَ إِنَّکَ جَوَادٌ کَرِیمٌ.

ص:259

الْحَمْدُ لِلَّهِ مَالِکِ الْمُلْکِ مُجْرِی الْفُلْکِ مُسَخِّرِ الرِّیَاحِ فَالِقِ الْإِصْبَاحِ دَیَّانِ الدِّینِ رَبِّ الْعَالَمِینَ الْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی حِلْمِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی عَفْوِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَی طُولِ أَنَاتِهِ فِی غَضَبِهِ وَهُوَ الْقَادِرُ عَلَی مَا یُرِیدُ الْحَمْدُ لِلَّهِ خَالِقِ الْخَلْقِ وَبَاسِطِ الرِّزْقِ ذِی الْجَلَالِ وَالْإِکْرَامِ وَالْفَضْلِ وَالْإِنْعَامِ الَّذِی بَعُدَ فَلَا یُرَی وَقَرُبَ فَشَهِدَ النَّجْوَی تَبَارَکَ وَتَعَالَی الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَیْسَ لَهُ مُنَازِعٌ یُعَادِلُهُ وَلَا شَبِیهٌ یُشَاکِلُهُ وَلَا ظَهِیرٌ یُعَاضِدُهُ قَهَرَ بِعِزَّتِهِ الْأَعِزَّاءَ وَتَوَاضَعَ لِعَظَمَتِهِ الْعُظَمَاءُ فَبَلَغَ بِقُدْرَتِهِ مَا یَشَاءُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یُجِیبُنِی حِینَ أُنَادِیهِ وَیَسْتُرُ عَلَیَّ کُلَّ عَوْرَةٍ وَأَنَا أَعْصِیهِ وَیُعَظِّمُ النِّعْمَةَ عَلَیَّ فَلَا أُجَازِیهِ فَکَمْ مِنْ مَوْهِبَةٍ هَنِیئَةٍ قَدْ أَعْطَانِی وَعَظِیمَةٍ مَخُوفَةٍ قَدْ کَفَانِی وَبَهْجَةٍ مُونِقَةٍ قَدْ أَرَانِی فَأُثْنِی عَلَیْهِ حَامِداً وَأَذْکُرُهُ مُسَبِّحاً الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی لَا یُهْتَکُ حِجَابُهُ وَلَا یُغْلَقُ بَابُهُ وَلَا یُرَدُّ سَائِلُهُ وَلَا یُخَیَّبُ آمِلُهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یُؤْمِنُ الْخَائِفِینَ وَیُنَجِّی الصَّادِقِینَ وَیَرْفَعُ الْمُسْتَضْعَفِینَ وَیَضَعُ الْمُسْتَکْبِرِینَ وَیُهْلِکُ مُلُوکاً وَیَسْتَخْلِفُ آخَرِینَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَاصِمِ الْجَبَّارِینَ مُبِیرِ الظَّلَمَةِ مُدْرِکِ الْهَارِبِینَ نَکَالِ الظَّالِمِینَ صَرِیخِ الْمُسْتَصْرِخِینَ مَوْضِعِ حَاجَاتِ الطَّالِبِینَ مُعْتَمَدِ الْمُؤْمِنِینَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مِنْ خَشْیَتِهِ تَرْعُدُ السَّمَاءُ وَسُکَّانُهَا وَتَرْجُفُ الْأَرْضُ وَعُمَّارُهَا وَتَمُوجُ الْبِحَارُ وَمَنْ یَسْبَحُ فِی غَمَرَاتِهَا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی یَخْلُقُ وَلَمْ یُخْلَقْ وَیَرْزُقُ وَلَا یُرْزَقُ وَیُطْعِمُ وَلَا یُطْعَمُ وَیُمِیتُ الْأَحْیَاءَ وَیُحْیِی الْمَوْتَی وَهُوَ حَیٌ لَا یَمُوتُ بِیَدِهِ الْخَیْرُ وَهُوَ عَلَی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ عَبْدِکَ وَرَسُولِکَ وَأَمِینِکَ وَصَفِیِّکَ وَحَبِیبِکَ وَخِیَرَتِکَ مِنْ خَلْقِکَ وَحَافِظِ سِرِّکَ وَمُبَلِّغِ رِسَالَاتِکَ أَفْضَلَ وَأَحْسَنَ وَأَکْمَلَ وَأَجْمَلَ وَأَزْکَی وَأَنْمَی وَأَطْیَبَ وَأَطْهَرَ وَأَسْنَی وَأَکْثَرَ مَا صَلَّیْتَ وَبَارَکْتَ وَتَرَحَّمْتَ وَتَحَنَّنْتَ

ص:260

وَسَلَّمْتَ عَلَی أَحَدٍ مِنْ عِبَادِکَ وَأَنْبِیَائِکَ وَرُسُلِکَ وَصَفْوَتِکَ وَأَهْلِ الْکَرَامَةِ عَلَیْکَ مِنْ خَلْقِکَ.

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَی عَلِیٍّ أَمِیرِ الْمُؤْمِنِینَ وَوَصِیِّ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِینَ وَعَلَی الصِّدِّیقَةِ الطَّاهِرَةِ فَاطِمَةَ سَیِّدَةِ نِسَاءِ الْعَالَمِینَ وَصَلِّ عَلَی سِبْطَیِ الرَّحْمَةِ وَإِمَامَیِ الْهُدَی الْحَسَنِ وَالْحُسَیْنِ سَیِّدَیْ شَبَابِ أَهْلِ الْجَنَّةِ مِنَ الْخَلْقِ أَجْمَعِینَ وَصَلِّ عَلَی أَئِمَّةِ الْمُسْلِمِینَ حُجَجِکَ عَلَی عِبَادِکَ وَأُمَنَائِکَ فِی بِلَادِکَ صَلَاةً کَثِیرَةً دَائِمَةً.

اللَّهُمَّ وَصَلِّ عَلَی وَلِیِّ أَمْرِکَ الْقَائِمِ الْمُؤَمِّلِ وَالْعَدْلِ الْمُنْتَظَرِ احْفُفْهُ بِمَلَائِکَتِکَ الْمُقَرَّبِینَ وَأَیِّدْهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ یَا رَبَّ الْعَالَمِینَ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْهُ الدَّاعِیَ إِلَی کِتَابِکَ وَالْقَائِمَ بِدِینِک اسْتَخْلِفْهُ فِی الْأَرْضِ کَمَا اسْتَخْلَفْتَ الَّذِینَ مِنْ قَبْلِهِ مَکِّنْ لَهُ دِینَهُ الَّذِی ارْتَضَیْتَهُ لَهُ أَبْدِلْهُ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِ أَمْناً یَعْبُدُکَ لَا یُشْرِکُ بِکَ شَیْئاً.

اللَّهُمَّ أَعِزَّهُ وَأَعْزِزْ بِهِ وَانْصُرْهُ وَانْتَصِرْ بِهِ وَانْصُرْهُ نَصْراً عَزِیزاً وَافْتَحْ لَهُ فَتْحاً عَظِیماً.

اللَّهُمَّ أَظْهِرْ بِهِ دِینَکَ وَمِلَّةَ نَبِیَّکَ حَتَّی لَا یَسْتَخْفِیَ بِشَیْ ءٍ مِنَ الْحَقِّ مَخَافَةَ أَحَدٍ مِنَ الْخَلْقِ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَرْغَبُ إِلَیْکَ فِی دَوْلَةٍ کَرِیمَةٍ تُعِزُّ بِهَا الْإِسْلَامَ وَأَهْلَهُ وَتُذِلُّ بِهَا النِّفَاقَ وَأَهْلَهُ وَتَجْعَلُنَا فِیهَا مِنَ الدُّعَاةِ إِلَی طَاعَتِکَ وَالْقَادَةِ إِلَی سَبِیلِکَ وَتَرْزُقُنَا بِهَا کَرَامَةَ الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ.

اللَّهُمَّ مَا عَرَّفْتَنَا مِنَ الْحَقِّ فَحَمِّلْنَاهُ وَمَا قَصُرْنَا عَنْهُ فَبَلِّغْنَاهُ.

اللَّهُمَّ الْمُمْ بِهِ شَعْثَنَا وَاشْعَبْ بِهِ صَدْعَنَا وَارْتُقْ بِهِ فَتْقَنَا وَکَثِّرْ بِهِ قِلَّتَنَا وَأَعِزَّ بِهِ

ص:261

ذِلَّتَنَا وَأَغْنِ بِهِ عَائِلَنَا وَاقْضِ بِهِ عَنْ مَغْرَمِنَا وَاجْبُرْ بِهِ فَقْرَنَا وَسُدَّ بِهِ خَلَّتَنَا وَیَسِّرْ بِهِ عُسْرَنَا وَبَیِّضْ بِهِ وُجُوهَنَا وَفُکَّ بِهِ أَسْرَنَا وَأَنْجِحْ بِهِ طَلِبَتَنَا وَأَنْجِزْ بِهِ مَوَاعِیدَنَا وَاسْتَجِبْ بِهِ دَعْوَتَنَا وَأَعْطِنَا بِهِ فَوْقَ رَغْبَتِنَا یَا خَیْرَ الْمَسْئُولِینَ وَأَوْسَعَ الْمُعْطِینَ اشْفِ بِهِ صُدُورَنَا وَأَذْهِبْ بِهِ غَیْظَ قُلُوبِنَا وَاهْدِنَا بِهِ لِمَا اخْتُلِفَ فِیهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِکَ إِنَّکَ تَهْدِی مَنْ تَشَاءُ إِلَی صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ وَانْصُرْنَا عَلَی عَدُوِّکَ وَعَدُوِّنَا إِلَهَ الْحَقِّ آمِینَ.

اللَّهُمَّ إِنَّا نَشْکُو إِلَیْکَ فَقْدَ نَبِیِّنَا وَغَیْبَةَ إِمَامِنَا وَکَثْرَةَ عَدُوِّنَا وَشِدَّةَ الْفِتَنِ بِنَا وَتَظَاهُرَ الزَّمَانِ عَلَیْنَا فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ وَأَعِنَّا عَلَی ذَلِکَ بِفَتْحٍ مِنْکَ تُعَجِّلُهُ وَبِضُرٍّ تَکْشِفُهُ وَنَصْرٍ تُعِزُّهُ وَسُلْطَانِ حَقٍّ تُظْهِرُهُ وَرَحْمَةٍ مِنْکَ تُجَلِّلُنَاهَا وَعَافِیَةٍ مِنْکَ تُلْبِسُنَاهَا.

بِرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

ص:262

وَ خَصَصْتَهُ وَ عَظَّمْتَهِ بِتَصْیِیرِکَ فِیهِ لَیْلَةَ الْقَدْرِ فَقُلْتَ لَیْلَةُ الْقَدْرِ خَیْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ تَنَزَّلُ الْمَلائِکَةُ وَ الرُّوحُ فِیها بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ کُلِّ أَمْرٍ سَلامٌ هِیَ حَتَّی مَطْلَعِ الْفَجْرِ.

اللَّهُمَّ وَ هَذِهِ أَیَّامُ شَهْرِ رَمَضَانَ قَدِ انْقَضَتْ وَ لَیَالِیهِ قَدْ تَصَرَّمَتْ وَ قَدْ صِرْتُ مِنْهُ یَا إِلَهِی إِلَی مَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّی وَ أَحْصَی لِعَدَدِهِ مِنْ عَدَدِی فَأَسْأَلُکَ یَا إِلَهِی بِمَا سَأَلَکَ بِهِ عِبَادُکَ الصَّالِحُونَ أَنْ تُصَلِّیَ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ أَهْلِ بَیْتِ مُحَمَّدٍ وَ أَنْ تَتَقَبَّلَ مِنِّی مَا تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَیْکَ وَ تَتَفَضَّلَ عَلَیَّ بِتَضْعِیفِ عَمَلِی وَ قَبُولِ تَقَرُّبِی وَ قُرُبَاتِی وَ اسْتِجَابَةِ دُعَائِی وَ هَبْ لِی مِنْکَ عِتْقَ رَقَبَتِی مِنَ النَّارِ وَ مُنَّ عَلَیَّ بِالْفَوْزِ بِالْجَنَّةِ وَ الْأَمْنَ یَوْمَ الْخَوْفِ مِنْ کُلِّ فَزَعٍ وَ مِنْ کُلِّ هَوْلٍ أَعْدَدْتَهُ لِیَوْمِ الْقِیَامَةِ أَعُوذُ بِحُرْمَةِ وَجْهِکَ الْکَرِیمِ وَ حُرْمَةِ نَبِیِّکَ وَ حُرْمَةِ الصَّالِحِینَ أَنْ یَنْصَرِمَ هَذَا الْیَوْمُ وَ لَکَ قِبَلِی تَبِعَةٌ تُرِیدُ أَنْ تُؤَاخِذَنِی بِهَا أَوْ ذَنْبٌ تُرِیدُ أَنْ تُقَایِسَنِی بِهِ وَ تُشْقِیَنِی وَ تَفْضَحَنِی بِهِ أَوْ خَطِیئَةٌ تُرِیدُ أَنْ تُقَایِسَنِی بِهَا وَ تَقْتَصَّهَا مِنِّی لَمْ تَغْفِرْهَا لِی وَ أَسْأَلُکَ بِحُرْمَةِ وَجْهِکَ الْکَرِیمِ الْفَعَّالِ لِمَا یُرِیدُ الَّذِی یَقُولُ لِلشَّیْ ءِ کُنْ فَیَکُونُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ.

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ بِلَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ إِنْ کُنْتَ رَضِیتَ عَنِّی فِی هَذَا الشَّهْرِ أَنْ تَزِیدَنِی فِیمَا بَقِیَ مِنْ عُمُرِی رِضًا وَ إِنْ کُنْتَ لَمْ تَرْضَ عَنِّی فِی هَذَا الشَّهْرِ فَمِنَ الآْنَ فَارْضَ عَنِّی السَّاعَةَ السَّاعَةَ السَّاعَةَ وَ اجْعَلْنِی فِی هَذِهِ السَّاعَةِ وَ فِی هَذَا الْمَجْلِسِ مِنْ عُتَقَائِکَ مِنَ النَّارِ وَ طُلَقَائِکَ مِنْ جَهَنَّمَ وَ سُعَدَاءِ خَلْقِکَ بِمَغْفِرَتِکَ وَرَحْمَتِکَ یَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِینَ.

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ بِحُرْمَةِ وَجْهِکَ الْکَرِیمِ أَنْ تَجْعَلَ شَهْرَیْ هَذَا خَیْرَ شَهْرِ رَمَضَانَ عَبَدْتُکَ فِیهِ وَ صُمْتُهُ لَکَ وَ تَقَرَّبْتُ بِهِ إِلَیْکَ مُنْذُ أَسْکَنْتَنِی الْأَرْضَ أَعْظَمَهُ

ص:265

أَجْراً وَ أَتَمَّهُ نِعْمَةً وَ أَعَمَّهُ عَافِیَةً وَ أَوْسَعَهُ رِزْقاً وَ أَفْضَلَهُ عِتْقاً مِنَ النَّارِ وَ أَوْجَبَهُ رَحْمَةً وَ أَعْظَمَهُ مَغْفِرَةً وَ أَکْمَلَهُ رِضْوَاناً وَ أَقْرَبَهُ إِلَی مَا تُحِبُّ وَ تَرْضَی.

اللَّهُمَّ لَا تَجْعَلْهُ آخِرَ شَهْرِ رَمَضَانَ صُمْتُهُ لَکَ وَ ارْزُقْنِی الْعَوْدَ ثُمَّ الْعَوْدَ حَتَّی تَرْضَی وَ بَعْدَ الرِّضَا وَ حَتَّی تُخْرِجَنِی مِنَ الدُّنْیَا سَالِماً وَ أَنْتَ عَنِّی رَاضٍ وَ أَنَا لَکَ مَرْضِیٌّ.

اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِیمَا تَقْضِی وَ تُقَدِّرُ مِنَ الْأَمْرِ الْمَحْتُومِ الَّذِی لَا یُرَدُّ وَ لَا یُبَدَّلُ أَنْ تَکْتُبَنِی مِنْ حُجَّاجِ بَیْتِکَ الْحَرَامِ فِی هَذَا الْعَامِ وَ فِی کُلِّ عَامٍ الْمَبْرُورِ حَجُّهُمُ الْمَشْکُورِ سَعْیُهُمُ الْمَغْفُورِ ذُنُوبُهُمُ الْمُتَقَبِّلِ عَنْهُمْ مَنَاسِکُهُمُ الْمُعَافَیْنَ عَلَی أَسْفَارِهِمُ الْمُقْبِلِینَ عَلَی نُسُکِهِمُ الْمَحْفُوظِینَ فِی أَنْفُسِهِمْ وَ أَمْوَالِهِمْ وَ ذَرَارِیِّهِمْ وَ کُلِّ مَا أَنْعَمْتَ بِهِ عَلَیْهِمْ اللَّهُمَّ اقْبَلْنِی مِنْ مَجْلِسِی هَذَا فِی شَهْرِی هَذَا فِی یَوْمِی هَذَا فِی سَاعَتِی هَذِهِ مُفْلِحاً مُنْجِحاً مُسْتَجَاباً لِی مَغْفُوراً ذَنْبِی مُعَافًی مِنَ النَّارِ وَ مُعْتَقاً مِنْهَا عِتْقاً لَا رِقَّ بَعْدَهُ أَبَداً وَ لَا رَهْبَةً یَا رَبَّ الْأَرْبَابِ.

اللَّهُمَّ إِنِّی أَسْأَلُکَ أَنْ تَجْعَلَ فِیمَا شِئْتَ وَ أَرَدْتَ وَ قَضَیْتَ وَ قَدَّرْتَ وَ حَتَمْتَ وَ أَنْفَذْتَ أَنْ تُطِیلَ عُمُرِی وَ تُنْسِئَ فِی أَجَلِی وَ أَنْ تُقَوِّیَ ضَعْفِی وَ أَنْ تُغْنِیَ فَقْرِی وَ أَنْ تَجْبُرَ فَاقَتِی وَ أَنْ تَرْحَمَ مَسْکَنَتِی وَ أَنْ تُعِزَّ ذُلِّی وَ أَنْ تَرْفَعَ ضَعَتِی وَ أَنْ تُغْنِیَ عَائِلَتِی وَ أَنْ تُونِسَ وَحْشَتِی وَ أَنْ تُکْثِرَ قِلَّتِی وَ أَنْ تُدِرَّ رِزْقِی فِی عَافِیَةٍ وَ یُسْرٍ وَ خَفْضٍ وَ أَنْ تَکْفِیَنِی مَا أَهَمَّنِی مِنْ أَمْرِ دُنْیَایَ وَ آخِرَتِی وَ لَا تَکِلَنِی إِلَی نَفْسِی فَأَعْجِزَ عَنْهَا وَ لَا إِلَی النَّاسِ فَیَرْفُضُونِی وَ أَنْ تُعَافِیَنِی فِی دِینِی وَ بَدَنِی وَ جَسَدِی و رُوحِی وَ وُلْدِی وَ أَهْلِی وَ أَهْلِ مَوَدَّتِی وَ إِخْوَانِی وَ جِیرَانِی مِنَ الْمُؤْمِنِینَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَ الْمُسْلِمِینَ وَ الْمُسْلِمَاتِ الْأَحْیَاءِ مِنْهُمْ وَ الْأَمْوَاتِ وَ أَنْ تَمُنَّ عَلَیَّ

ص:266

بِالْأَمْنِ وَ الْإِیمَانِ مَا أَبْقَیْتَنِی فَإِنَّکَ وَلِیِّی وَ مَوْلَایَ وَ ثِقَتِی وَ رَجَائِی وَ مَعْدِنُ مَسْأَلَتِی وَ مَوْضِعُ شَکْوَایَ وَ مُنْتَهَی رَغْبَتِی فَلَا تُخَیِّبْنِی فِی رَجَائِی یَا سَیِّدِی وَمَوْلَایَ وَ لَا تُبْطِلْ طَمَعِی وَ رَجَائِی.

فَقَدْ تَوَجَّهْتُ إِلَیْکَ بِمُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ وَ قَدَّمْتُهُمْ إِلَیْکَ أَمَامِی وَ أَمَامَ حَاجَتِی وَ طَلِبَتِی وَ تَضَرُّعِی وَ مَسْأَلَتِی فَاجْعَلْنِی بِهِمْ وَجِیهاً فِی الدُّنْیا وَ الآْخِرَةِ وَ مِنَ الْمُقَرَّبِینَ فَإِنَّکَ مَنَنْتَ عَلَیَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ فَاخْتِمْ لِی بِهِمُ السَّعَادَةَ إِنَّکَ عَلی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ زِیَادَةٌ فِیهِ مَنَنْتَ عَلَیَّ بِهِمْ فَاخْتِمْ لِی بِالسَّعَادَةِ وَ السَّلَامَةِ وَ الْأَمْنِ وَ الْإِیمَانِ وَ الْمَغْفِرَةِ وَ الرِّضْوَانِ وَ السَّعَادَةِ وَ الْحِفْظِ یَا اللَّهُ أَنْتَ لِکُلِّ حَاجَةٍ لَنَا.

فَصَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِهِ وَ عَافِنَا وَ لَا تُسَلِّطْ عَلَیْنَا أَحَداً مِنْ خَلْقِکَ لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَ اکْفِنَا کُلَّ أَمْرٍ مِنْ أَمْرِ الدُّنْیَا وَ الآْخِرَةِ یَا ذَا الْجَلَالِ وَ الْإِکْرَامِ صَلِّ عَلَی مُحَمَّدٍ وَ آلِ مُحَمَّدٍ کَأَفْضَلِ مَا صَلَّیْتَ وَ بَارَکْتَ وَ تَرَحَّمْتَ وَ تَحَنَّنْتَ عَلَی إِبْرَاهِیمَ وَ آلِ إِبْرَاهِیمَ إِنَّکَ حَمِیدٌ مَجِیدٌ.

ص:267

حَیْثُ لَا أَحْتَسِبُ رِزْقاً وَاسِعاً حَلَالاً طَیِّباً.

وَ أَنْ تُفَرِّجَ عَنِّی کُلَّ غَمٍّ وَ کُلَّ هَمٍّ وَ أَنْ تُعْطِیَنِی مَا أَرْجُوهُ وَ آمُلُهُ.

إِنَّکَ عَلَی کُلِّ شَیْ ءٍ قَدِیرٌ

ص:270

سَیِّدِی لَعَلَّکَ هَوِیتَهَا فَأُرْسِلُهَا إِلَیْکَ فَقَالَ لَا یَا عَمَّةُ لَکِنِّی أَتَعَجَّبُ مِنْهَا فَقُلْتُ وَمَا أَعْجَبَکَ فَقَالَ علیه السلام سَیَخْرُجُ مِنْهَا وَلَدٌ کَرِیمٌ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِی یَمْلَأُ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً کَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً فَقُلْتُ فَأُرْسِلُهَا إِلَیْکَ یَا سَیِّدِی فَقَالَ اسْتَأْذِنِی فِی ذَلِکَ أَبِی قَالَتْ فَلَبِسْتُ ثِیَابِی وَأَتَیْتُ مَنْزِلَ أَبِی الْحَسَنِ فَسَلَّمْتُ وَجَلَسْتُ فَبَدَأَنِی علیه السلام وَقَالَ یَا حَکِیمَةُ ابْعَثِی بِنَرْجِسَ إِلَی ابْنِی أَبِی مُحَمَّدٍ قَالَتْ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی عَلَی هَذَا قَصَدْتُکَ أَنْ أَسْتَأْذِنَکَ فِی ذَلِکَ فَقَالَ یَا مُبَارَکَةُ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَتَعَالَی أَحَبَّ أَنْ یَشْرَکَکِ فِی الْأَجْرِ وَیَجْعَلَ لَکِ فِی الْخَیْرِ نَصِیباً قَالَتْ حَکِیمَةُ فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ رَجَعْتُ إِلَی مَنْزِلِی وَزَیَّنْتُهَا وَوَهَبْتُهَا لِأَبِی مُحَمَّدٍ وَجَمَعْتُ بَیْنَهُ وَبَیْنَهَا فِی مَنْزِلِی فَأَقَامَ عِنْدِی أَیَّاماً ثُمَّ مَضَی إِلَی وَالِدِهِ وَوَجَّهْتُ بِهَا مَعَهُ قَالَتْ حَکِیمَةُ فَمَضَی أَبُو الْحَسَنِ علیه السلام وَجَلَسَ أَبُو مُحَمَّدٍعلیه السلام مَکَانَ وَالِدِهِ وَکُنْتُ أَزُورُهُ کَمَا کُنْتُ أَزُورُ وَالِدَهُ فَجَاءَتْنِی نَرْجِسُ یَوْماً تَخْلَعُ خُفِّی وَقَالَتْ یَا مَوْلَاتِی نَاوِلْنِی خُفَّکِ فَقُلْتُ بَلْ أَنْتِ سَیِّدَتِی وَمَوْلَاتِی وَاللَّهِ لَا دَفَعْتُ إِلَیْکِ خُفِّی لِتَخْلَعِیهِ وَلَا خَدَمْتِینِی بَلْ أَخْدُمُکِ عَلَی بَصَرِی فَسَمِعَ أَبُو مُحَمَّدٍعلیه السلام ذَلِکَ فَقَالَ جَزَاکِ اللَّهُ خَیْراً یَا عَمَّةُ فَجَلَسْتُ عِنْدَهُ إِلَی وَقْتِ غُرُوبِ الشَّمْسِ فَصِحْتُ بِالْجَارِیَةِ وَقُلْتُ نَاوِلِینِی ثِیَابِی لِأَنْصَرِفَ فَقَالَ علیه السلام یَا عَمَّتَاهُ بِیتِیَ اللَّیْلَةَ عِنْدَنَا فَإِنَّهُ سَیُولَدُ اللَّیْلَةَ الْمَوْلُودُ الْکَرِیمُ عَلَی اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ الَّذِی یُحْیِی اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا قُلْتُ مِمَّنْ یَا سَیِّدِی وَلَسْتُ أَرَی بِنَرْجِسَ شَیْئاً مِنْ أَثَرِ الْحَمْلِ فَقَالَ مِنْ نَرْجِسَ لَا مِنْ غَیْرِهَا قَالَتْ فَوَثَبْتُ إِلَی نَرْجِسَ فَقَلَبْتُهَا ظَهْراً لِبَطْنٍ فَلَمْ أَرَ بِهَا أَثَراً مِنْ حَبَلٍ فَعُدْتُ إِلَیْهِ فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا فَعَلْتُ فَتَبَسَّمَ ثُمَّ قَالَ لِی إِذَا کَانَ وَقْتُ الْفَجْرِ یَظْهَرُ لَکِ بِهَا الْحَبَلُ ل

ص:274

ِأَنَّ مَثَلَهَا مَثَلُ أُمِّ مُوسَی لَمْ یَظْهَرْ بِهَا الْحَبَلُ وَلَمْ یَعْلَمْ بِهَا أَحَدٌ إِلَی وَقْتِ وِلَادَتِهَا لِأَنَّ فِرْعَوْنَ کَانَ یَشُقُّ بُطُونَ الْحَبَالَی فِی طَلَبِ مُوسَی وَهَذَا نَظِیرُ مُوسَی علیه السلام.

قَالَتْ حَکِیمَةُ فَلَمْ أَزَلْ أَرْقُبُهَا إِلَی وَقْتِ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَهِیَ نَائِمَةٌ بَیْنَ یَدَیَ تَقْلِبُ جَنْباً إِلَی جَنْبٍ حَتَّی إِذَا کَانَ فِی آخِرِ اللَّیْلِ وَقْتَ طُلُوعِ الْفَجْرِ وَثَبَتْ فَزِعَةً فَضَمَمْتُهَا إِلَی صَدْرِی وَسَمَّیْتُ عَلَیْهَا.

فَصَاحَ أَبُو مُحَمَّدٍعلیه السلام وَقَالَ اقْرَئِی عَلَیْهَا إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ فَأَقْبَلْتُ أَقْرَأُ عَلَیْهَا وَقُلْتُ لَهَا مَا حَالُکِ قَالَتْ ظَهَرَ الْأَمْرُ الَّذِی أَخْبَرَکِ بِهِ مَوْلَایَ.

فَأَقْبَلْتُ أَقْرَأُ عَلَیْهَا کَمَا أَمَرَنِی فَأَجَابَنِی الْجَنِینُ مِنْ بَطْنِهَا یَقْرَأُ کَمَا أَقْرَأُ وَسَلَّمَ عَلَیَّ قَالَتْ حَکِیمَةُ فَفَزِعْتُ لِمَا سَمِعْتُ فَصَاحَ بِی أَبُو مُحَمَّدٍعلیه السلام لَا تَعْجَبِی مِنْ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ إِنَّ اللَّهَ تَبَارَکَ وَتَعَالَی یُنْطِقُنَا بِالْحِکْمَةِ صِغَاراً وَیَجْعَلُنَا حُجَّةً فِی أَرْضِهِ کِبَاراً فَلَمْ یَسْتَتِمَّ الْکَلَامَ حَتَّی غِیبَتْ عَنِّی نَرْجِسُ فَلَمْ أَرَهَا کَأَنَّهُ ضُرِبَ بَیْنِی وَبَیْنَهَا حِجَابٌ فَعَدَوْتُ نَحْوَ أَبِی مُحَمَّدٍعلیه السلام وَأَنَا صَارِخَةٌ فَقَالَ لِی ارْجِعِی یَا عَمَّةُ فَإِنَّکِ سَتَجِدِیهَا فِی مَکَانِهَا قَالَتْ فَرَجَعْتُ.

فَلَمْ أَلْبَثْ أَنْ کُشِفَ الْحِجَابُ بَیْنِی وَبَیْنَهَا وَإِذَا أَنَا بِهَا وَعَلَیْهَا مِنْ أَثَرِ النُّورِ مَا غَشِیَ بَصَرِی وَإِذَا أَنَا بِالصَّبِیِ علیه السلام سَاجِداً عَلَی وَجْهِهِ جَاثِیاً عَلَی رُکْبَتَیْهِ رَافِعاً سَبَّابَتَیْهِ نَحْوَ السَّمَاءِ وَهُوَ یَقُولُ:

أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِیکَ لَهُ وَأَنَّ جَدِّی رَسُولُ اللَّهِ صلی الله علیه وآله وَأَنَّ أَبِی أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ ثُمَّ عَدَّ إِمَاماً إِمَاماً إِلَی أَنْ بَلَغَ إِلَی نَفْسِهِ فَقَالَ علیه السلام:

اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لِی وَعْدِی وَأَتْمِمْ لِی أَمْرِی وَثَبِّتْ وَطْأَتِی وَامْلَأِ الْأَرْضَ بِی عَدْلاً وَقِسْطاً.

ص:275

فَصَاحَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ علیه السلام فَقَالَ یَا عَمَّةُ تَنَاوَلِیهِ فَهَاتِیهِ فَتَنَاوَلْتُهُ وَأَتَیْتُ بِهِ نَحْوَهُ فَلَمَّا مَثَلْتُ بَیْنَ یَدَیْ أَبِیهِ وَهُوَ عَلَی یَدَیَّ سَلَّمَ عَلَی أَبِیهِ فَتَنَاوَلَهُ الْحَسَنُ علیه السلام وَالطَّیْرُ تُرَفْرِفُ عَلَی رَأْسِهِ فَصَاحَ بِطَیْرٍ مِنْهَا فَقَالَ لَهُ احْمِلْهُ وَاحْفَظْهُ وَرُدَّهُ إِلَیْنَا فِی کُلِّ أَرْبَعِینَ یَوْماً فَتَنَاوَلَهُ الطَّائِرُ وَطَارَ بِهِ فِی جَوِّ السَّمَاءِ وَأَتْبَعَهُ سَائِرُ الطَّیْرِ فَسَمِعْتُ أَبَا مُحَمَّدٍ یَقُولُ أَسْتَوْدِعُکَ الَّذِی اسْتَوْدَعَتْهُ أُمُّ مُوسَی فَبَکَتْ نَرْجِسُ فَقَالَ لَهَا اسْکُتِی فَإِنَّ الرَّضَاعَ مُحَرَّمٌ عَلَیْهِ إِلَّا مِنْ ثَدْیِکِ وَسَیُعَادُ إِلَیْکِ کَمَا رُدَّ مُوسَی إِلَی أُمِّهِ وَذَلِکِ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ فَرَدَدْناهُ إِلی أُمِّهِ کَیْ تَقَرَّ عَیْنُها وَلا تَحْزَنَ.

قَالَتْ حَکِیمَةُ فَقُلْتُ مَا هَذَا الطَّائِرُ قَالَ هَذَا رُوحُ الْقُدُسِ الْمُوَکَّلُ بِالْأَئِمَّةِعلیه السلام یُوَفِّقُهُمْ وَیُسَدِّدُهُمْ وَیُرَبِّیهِمْ بِالْعِلْمِ قَالَتْ حَکِیمَةُ فَلَمَّا أَنْ کَانَ بَعْدَ أَرْبَعِینَ یَوْماً رُدَّ الْغُلَامُ وَوَجَّهَ إِلَیَّ ابْنُ أَخِی علیه السلام فَدَعَانِی فَدَخَلْتُ عَلَیْهِ فَإِذَا أَنَا بِصَبِیٍّ مُتَحَرِّکٌ یَمْشِی بَیْنَ یَدَیْهِ فَقُلْتُ سَیِّدِی هَذَا ابْنُ سَنَتَیْنِ فَتَبَسَّمَ علیه السلام ثُمَّ قَالَ إِنَّ أَوْلَادَ الْأَنْبِیَاءِ وَالْأَوْصِیاءِ إِذَا کَانُوا أَئِمَّةً یَنْشَئُونَ بِخِلَافِ مَا یَنْشَأُ غَیْرُهُمْ وَإِنَّ الصَّبِیَّ مِنَّا إِذَا أَتَی عَلَیْهِ شَهْرٌ کَانَ کَمَنْ یَأْتِی عَلَیْهِ سَنَةٌ وَإِنَّ الصَّبِیَّ مِنَّا لَیَتَکَلَّمُ فِی بَطْنِ أُمِّهِ وَیَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَیَعْبُدُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَعِنْدَ الرَّضَاعِ تُطِیعُهُ الْمَلَائِکَةُ وَتَنْزِلُ عَلَیْهِ کُلَّ صَبَاحٍ وَمَسَاءٍ.

قَالَتْ حَکِیمَةُ فَلَمْ أَزَلْ أَرَی ذَلِکَ الصَّبِیَّ کُلَّ أَرْبَعِینَ یَوْماً إِلَی أَنْ رَأَیْتُهُ رَجُلًا قَبْلَ مُضِیِّ أَبِی مُحَمَّدٍعلیه السلام بِأَیَّامٍ قَلَائِلَ فَلَمْ أَعْرِفْهُ فَقُلْتُ لِأَبِی مُحَمَّدٍمَنْ هَذَا الَّذِی تَأْمُرُنِی أَنْ أَجْلِسَ بَیْنَ یَدَیْهِ فَقَالَ ابْنُ نَرْجِسَ وَهُوَ خَلِیفَتِی مِنْ بَعْدِی وَعَنْ قَلِیلٍ تَفْقِدُونِّی فَاسْمَعِی لَهُ وَأَطِیعِی.

ص:276

قَالَتْ حَکِیمَةُ فَمَضَی أَبُو مُحَمَّدٍعلیه السلام بِأَیَّامٍ قَلَائِلَ وَافْتَرَقَ النَّاسُ کَمَا تَرَی وَوَاللَّهِ إِنِّی لَأَرَاهُ صَبَاحاً وَمَسَاءً وَإِنَّهُ لَیُنْبِئُنِی عَمَّا تَسْأَلُونِّی عَنْهُ فَأُخْبِرُکُمْ وَوَاللَّهِ إِنِّی لَأُرِیدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنِ الشَّیْ ءِ فَیَبْدَأُنِی بِهِ وَإِنَّهُ لَیَرُدُّ عَلَیَّ الْأَمْرَ فَیَخْرُجُ إِلَیَّ مِنْهُ جَوَابُهُ مِنْ سَاعَتِهِ مِنْ غَیْرِ مَسْأَلَتِی وَقَدْ أَخْبَرَنِی الْبَارِحَةَ بِمَجِیئِکَ إِلَیَّ وَأَمَرَنِی أَنْ أُخْبِرَکَ بِالْحَقِّ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ فَوَ اللَّهِ لَقَدْ أَخْبَرَتْنِی حَکِیمَةُ بِأَشْیَاءَ لَمْ یَطَّلِعْ عَلَیْهَا أَحَدٌ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فَعَلِمْتُ أَنَّ ذَلِکَ صِدْقٌ وَعَدْلٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدِ اطَّلَعَهُ عَلَی مَا لَمْ یَطَّلِعْ عَلَیْهِ أَحَداً مِنْ خَلْقِهِ.

ص:277

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِیمِ

یَا ابْنَ أَبِی رَوْحٍ أَوْدَعَتْکَ عَاتِکَةُ بِنْتُ الدَّیْرَانِیِّ کِیساً فِیهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ بِزَعْمِکَ وَهُوَ خِلَافُ مَا تَظُنُّ وَقَدْ أُدِّیَتْ فِیهِ الْأَمَانَةُ وَلَمْ تَفْتَحِ الْکِیسَ وَلَمْ تَدْرِ مَا فِیهِ وَفِیهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِینَاراً وَمَعَکَ قُرْطٌ زَعَمَتِ الْمَرْأَةُ أَنَّهُ یُسَاوِی عَشَرَةَ دَنَانِیرَ صُدِّقَتْ مَعَ الْفَصَّیْنِ اللَّذَیْنِ فِیهِ وَفِیهِ ثَلَاثُ حَبَّاتِ لُؤْلُؤٍ شِرَاؤُهَا عَشَرَةُ دَنَانِیرَ وَتُسَاوِی أَکْثَرَ فَادْفَعْ ذَلِکَ إِلَی خَادِمَتِنَا إِلَی فُلَانَةَ فَإِنَّا قَدْ وَهَبْنَاهُ لَهَا وَصِرْ إِلَی بَغْدَادَ وَادْفَعِ الْمَالَ إِلَی الْحَاجِزِ وَخُذْ مِنْهُ مَا یُعْطِیکَ لِنَفَقَتِکَ إِلَی مَنْزِلِکَ وَأَمَّا عَشَرَةُ الدَّنَانِیرِ الَّتِی زَعَمَتْ أَنَّ أُمَّهَا اسْتَقْرَضَتْهَا فِی عُرْسِهَا وَهِیَ لَا تَدْرِی مَنْ صَاحِبُهَا بَلْ هِیَ تَعْلَمُ لِمَنْ هِیَ لِکُلْثُومٍ بِنْتِ أَحْمَدَ وَهِیَ نَاصِبِیَّةٌ فَتَحَرَّجَتْ أَنْ تُعْطِیَهَا وَأَحَبَّتْ أَنْ تَقْسِمَهَا فِی أَخَوَاتِهَا فَاسْتَأْذَنَتْنَا فِی ذَلِکَ فَلْتُفَرِّقْهَا فِی ضُعَفَاءِ أَخَوَاتِهَا وَلَا تَعُودَنَّ یَا ابْنَ أَبِی رَوْحٍ إِلَی الْقَوْلِ بِجَعْفَرٍ وَالْمِحْنَةِ لَهُ وَارْجِعْ إِلَی مَنْزِلِکَ فَإِنَّ عَمَّکَ قَدْ مَاتَ وَقَدْ رَزَقَکَ اللَّهُ أَهْلَهُ وَمَالَهُ.

فَرَجَعْتُ إِلَی بَغْدَادَ وَنَاوَلْتُ الْکِیسَ حَاجِزاً فَوَزَنَهُ فَإِذَا فِیهِ أَلْفُ دِرْهَمٍ وَخَمْسُونَ دِینَاراً فَنَاوَلَنِی ثَلَاثِینَ دِینَاراً وَقَالَ أُمِرْتُ بِدَفْعِهَا إِلَیْکَ لِنَفَقَتِکَ فَأَخَذْتُهَا وَانْصَرَفْتُ إِلَی الْمَوْضِعِ الَّذِی نَزَلَتْ فِیهِ وَقَدْ جَاءَنِی مَنْ یُخْبِرُنِی أَنَّ عَمِّی قَدْ مَاتَ وَأَهْلِی یَأْمُرُونِّی بِالِانْصِرَافِ إِلَیْهِمْ فَرَجَعْتُ فَإِذَا هُوَ قَدْ مَاتَ وَوَرِثْتُ مِنْهُ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِینَارٍ وَمِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ.

ص:286

وَفَرَسٌ عَرَبِیٌّ وَغِلْمَانٌ کَثِیرٌ وَیَجْتَمِعُ النَّاسُ عِنْدَهُ یَتَنَاظَرُونَ قَالَ فَدَخَلْتُ إِلَیْهِ وَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ فَرَحَّبَ وَقَرَّبَ وَسَرَّ وَبَرَّ قَالَ فَأَطَلْتُ الْقُعُودَ إِلَی أَنْ خَرَجَ أَکْثَرُ النَّاسِ قَالَ فَسَأَلَنِی عَنْ دِینِی فَعَرَّفْتُهُ أَنِّی رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ دِینَوَرَ وَافَیْتُ وَمَعِی شَیْ ءٌ مِنَ الْمَالِ أَحْتَاجُ أَنْ أُسَلِّمَهُ فَقَالَ لِی احْمِلْهُ قَالَ فَقُلْتُ أُرِیدُ حُجَّةً قَالَ تَعُودُ إِلَیَّ فِی غَدٍ قَالَ فَعُدْتُ إِلَیْهِ مِنَ الْغَدِ فَلَمْ یَأْتِ بِحُجَّةٍ.

وَعُدْتُ إِلَیْهِ فِی الْیَوْمِ الثَّالِثِ فَلَمْ یَأْتِ بِحُجَّةٍ.

قَالَ فَصِرْتُ إِلَی إِسْحَاقَ الْأَحْمَرِ فَوَجَدْتُهُ شَابّاً نَظِیفاً مَنْزِلُهُ أَکْبَرُ مِنْ مَنْزِلِ الْبَاقَطَانِیِّ وَفَرَسُهُ وَلِبَاسُهُ وَمُرُوءَتُهُ أَسْرَی وَغِلْمَانُهُ أَکْثَرُ مِنْ غِلْمَانِهِ وَیَجْتَمِعُ عِنْدَهُ مِنَ النَّاسِ أَکْثَرُ مِمَّا یَجْتَمِعُ عِنْدَ الْبَاقَطَانِیِّ قَالَ فَدَخَلْتُ وَسَلَّمْتُ فَرَحَّبَ وَقَرَّبَ قَالَ فَصَبَرْتُ إِلَی أَنْ خَفَّ النَّاسُ قَالَ فَسَأَلَنِی عَنْ حَاجَتِی فَقُلْتُ لَهُ کَمَا قُلْتُ لِلْبَاقَطَانِیِّ وَعُدْتُ إِلَیْهِ ثَلَاثَةَ أَیَّامٍ فَلَمْ یَأْتِ بِحُجَّةٍ قَالَ فَصِرْتُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ الْعَمْرِیِّ فَوَجَدْتُهُ شَیْخاً مُتَوَاضِعاً عَلَیْهِ مُبَطَّنَةٌ بَیْضَاءُ قَاعِدٌ عَلَی لِبْدٍ فِی بَیْتٍ صَغِیرٍ لَیْسَ لَهُ غِلْمَانٌ وَلَا مِنَ الْمُرُوءَةِ وَالْفَرَسِ مَا وَجَدْتُ لِغَیْرِهِ قَالَ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ الْجَوَابَ وَأَدْنَانِی وَبَسَطَ مِنِّی ثُمَّ سَأَلَنِی عَنْ حَالِی فَعَرَّفْتُهُ أَنِّی وَافَیْتُ مِنَ الْجَبَلِ وَحَمَلْتُ مَالاً قَالَ فَقَالَ إِنْ أَحْبَبْتَ أَنْ یَصِلَ هَذَا الشَّیْ ءُ إِلَی مَنْ یَجِبُ أَنْ یَصِلَ إِلَیْهِ تَخْرُجُ إِلَی سُرَّمَنْ رَأَی وَتَسْأَلُ دَارَ ابْنِ الرِّضَا وَعَنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْوَکِیلِ وَکَانَتْ دَارُ ابْنِ الرِّضَا عَامِرَةً بِأَهْلِهَا فَإِنَّکَ تَجِدُ هُنَاکَ مَا تُرِیدُ.

قَالَ فَخَرَجْتُ مِنْ عِنْدِهِ وَمَضَیْتُ نَحْوَ سُرَّمَنْ رَأَی وَصِرْتُ إِلَی دَارِ ابْنِ الرِّضَا وَسَأَلْتُ عَنِ الْوَکِیلِ فَذَکَرَ الْبَوَّابُ أَنَّهُ مُشْتَغِلٌ فِی الدَّارِ وَأَنَّهُ یَخْرُجُ آنِفاً فَقَعَدْتُ عَلَی الْبَابِ أَنْتَظِرُ خُرُوجَهُ فَخَرَجَ بَعْدَ سَاعَةٍ فَقُمْتُ وَسَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَأَخَذَ بِیَدِی إِلَی

ص:295

بَیْتٍ کَانَ لَهُ وَسَأَلَنِی عَنْ حَالِی وَمَا وَرَدْتُ لَهُ فَعَرَّفْتُهُ أَنِّی حَمَلْتُ شَیْئاً مِنَ الْمَالِ مِنْ نَاحِیَةِ الْجَبَلِ وَأَحْتَاجُ أَنْ أُسَلِّمَهُ بِحُجَّةٍ.

قَالَ فَقَالَ نَعَمْ ثُمَّ قَدَّمَ إِلَیَّ طَعَاماً وَقَالَ لِی تَغَدَّ بِهَذَا وَاسْتَرِحْ فَإِنَّکَ تَعِبْتَ فَإِنَّ بَیْنَنَا وَبَیْنَ صَلَاةِ الْأُولَی سَاعَةً فَإِنِّی أَحْمِلُ إِلَیْکَ مَا تُرِیدُ قَالَ فَأَکَلْتُ وَنِمْتُ فَلَمَّا کَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ نَهَضْتُ وَصَلَّیْتُ وَذَهَبْتُ إِلَی الْمَشْرَعَةِ فَاغْتَسَلْتُ وَنَضَّرْتُ [وَ] انْصَرَفْتُ إِلَی بَیْتِ الرَّجُلِ وَسَکَنْتُ إِلَی أَنْ مَضَی مِنَ اللَّیْلِ رُبُعُهُ فَجَاءَنِی بَعْدَ أَنْ مَضَی مِنَ اللَّیْلِ رُبُعُهُ وَمَعَهُ دَرْجٌ فِیهِ:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِیمِ

وَافَی أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدِّینَوَرِیُّ وَحَمَلَ سِتَّةَ عَشَرَ أَلْفَ دِینَارٍ فِی کَذَا وَکَذَا صُرَّةً فِیهَا صُرَّةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ کَذَا وَکَذَا دِینَاراً إِلَی أَنْ عَدَّدَ الصُّرَرَ کُلَّهَا وَصُرَّةُ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الذَّرَّاعِ سِتَّةَ عَشَرَ دِینَاراً.

قَالَ فَوَسْوَسَ إِلَیَّ الشَّیْطَانُ فَقُلْتُ إِنَّ سَیِّدِی أَعْلَمُ بِهَذَا مِنِّی فَمَا زِلْتُ أَقْرَأُ ذِکْرَهُ صُرَّةً صُرَّةً وَذِکْرَ صَاحِبِهَا حَتَّی أَتَیْتُ عَلَیْهَا عِنْدَ آخِرِهَا ثُمَّ ذَکَرَ قَدْ حُمِلَ مِنْ قَرْمِیسِینَ مِنْ عِنْدِ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ الْمَادَرَائِیِّ أَخِی الصَّوَّافِ کِیسٌ فِیهِ أَلْفُ دِینَارٍ وَکَذَا وَکَذَا تَخْتاً مِنَ الثِّیَابِ مِنْهَا ثَوْبُ فُلَانٍ وَثَوْبٌ لَوْنُهُ کَذَا حَتَّی نَسَبَ الثِّیَابَ إِلَی آخِرِهَا بِأَنْسَابِهَا وَأَلْوَانِهَا.

قَالَ فَحَمِدْتُ اللَّهَ وَشَکَرْتُهُ عَلَی مَا مَنَّ بِهِ عَلَیَّ مِنْ إِزَالَةِ الشَّکِّ عَنْ قَلْبِی فَأَمَرَ بِتَسْلِیمٍ جَمِیعِ مَا حَمَلْتُ إِلَی حَیْثُ یَأْمُرُنِی أَبُو جَعْفَرٍ الْعَمْرِیُّ.

قَالَ فَانْصَرَفْتُ إِلَی بَغْدَادَ وَصِرْتُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ الْعَمْرِیِّ قَالَ وَکَانَ خُرُوجِی وَانْصِرَافِی فِی ثَلَاثَةِ أَیَّامٍ قَالَ فَلَمَّا بَصُرَ بِی أَبُو جَعْفَرٍ ره قَالَ لِمَ لَمْ تَخْرُجْ فَقُلْتُ یَا

ص:296

سَیِّدِی مِنْ سُرَّمَنْ رَأَی انْصَرَفْتُ قَالَ فَأَنَا أُحَدِّثُ أَبَا جَعْفَرٍ بِهَذَا إِذْ وَرَدَتْ رُقْعَةٌ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ الْعَمْرِیِّ مِنْ مَوْلَانَا صَاحِبِ الْأَمْرِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَمَعَهَا دَرْجٌ مِثْلُ الدَّرْجِ الَّذِی کَانَ مَعِی فِیهِ ذِکْرُ الْمَالِ وَالثِّیَابِ وَأَمَرَ أَنْ یُسَلَّمَ جَمِیعُ ذَلِکَ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطَّانِ الْقُمِّیِّ فَلَبِسَ أَبُو جَعْفَرٍ الْعَمْرِیُّ ثِیَابَهُ وَقَالَ لِی احْمِلْ مَا مَعَکَ إِلَی مَنْزِلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطَّانِ الْقُمِّیِّ قَالَ فَحَمَلْتُ الْمَالَ وَالثِّیَابَ إِلَی مَنْزِلِ مُحَمَّدِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ الْقَطَّانِ وَسَلَّمْتُهَا إِلَیْهِ وَخَرَجْتُ إِلَی الْحَجِّ.

فَلَمَّا رَجَعْتُ إِلَی دِینَوَرَ اجْتَمَعَ عِنْدِی النَّاسُ فَأَخْرَجْتُ الدَّرْجَ الَّذِی أَخْرَجَهُ وَکِیلُ مَوْلَانَا صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ إِلَیَّ وَقَرَأْتُهُ عَلَی الْقَوْمِ فَلَمَّا سَمِعَ بِذِکْرِ الصُّرَّةِ بِاسْمِ الذَّرَّاعِ سَقَطَ مَغْشِیّاً عَلَیْهِ وَمَا زِلْنَا نُعَلِّلُهُ حَتَّی أَفَاقَ فَلَمَّا أَفَاقَ سَجَدَ شُکْراً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِی مَنَّ عَلَیْنَا بِالْهِدَایَةِ الآْنَ عَلِمْتُ أَنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ هَذِهِ الصُّرَّةُ دَفَعَهَا وَاللَّهِ إِلَیَّ هَذَا الذَّرَّاعُ لَمْ یَقِفْ عَلَی ذَلِکَ إِلَّا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ.

قَالَ فَخَرَجْتُ وَلَقِیتُ بَعْدَ ذَلِکَ أَبَا الْحَسَنِ الْمَادَرَائِیَّ وَعَرَّفْتُهُ الْخَبَرَ وَقَرَأْتُ عَلَیْهِ الدَّرْجَ فَقَالَ یَا سُبْحَانَ اللَّهِ مَا شَکَکْتُ فِی شَیْ ءٍ فَلَا تَشُکَّ فِی أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَ لَا یُخَلِّی أَرْضَهُ مِنْ حُجَّتِهِ اعْلَمْ أَنَّهُ لَمَّا غَزَا إِذْکُوتَکِینُ یَزِیدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بِشَهْرَزُورَ وَظَفِرَ بِبِلَادِهِ وَاحْتَوَی عَلَی خَزَائِنِهِ صَارَ إِلَیَّ رَجُلٌ وَذَکَرَ أَنَّ یَزِیدَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ جَعَلَ الْفَرَسَ الْفُلَانِیَّ وَالسَّیْفَ الْفُلَانِیَّ فِی بَابِ مَوْلَانَاعلیه السلام.

قَالَ فَجَعَلْتُ أَنْقُلُ خَزَائِنَ یَزِیدَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ إِلَی إِذْکُوتَکِینَ أَوَّلاً فَأَوَّلاً وَکُنْتُ أُدَافِعُ بِالْفَرَسِ وَالسَّیْفِ إِلَی أَنْ لَمْ یَبْقَ شَیْ ءٌ غَیْرُهُمَا وَکُنْتُ أَرْجُو أَنْ أُخَلِّصَ ذَلِکَ لِمَوْلَانَاعلیه السلام فَلَمَّا اشْتَدَّتْ مُطَالَبَةُ إِذْکُوتَکِینَ إِیَّایَ وَلَمْ یُمْکِنِّی مُدَافَعَتُهُ جَعَلْتُ فِی

ص:297

السَّیْفِ وَالْفَرَسِ فِی نَفْسِی أَلْفَ دِینَارٍ وَوَزَنْتُهَا وَدَفَعْتُهَا إِلَی الْخَازِنِ وَقُلْتُ لَهُ ارْفَعْ هَذِهِ الدَّنَانِیرَ فِی أَوْثَقِ مَکَانٍ وَلَا تُخْرِجَنَّ إِلَیَّ فِی حَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ وَلَوِ اشْتَدَّتِ الْحَاجَةُ إِلَیْهَا وَسَلَّمْتُ الْفَرَسَ وَالسَّیْفَ.

قَالَ فَأَنَا قَاعِدٌ فِی مَجْلِسِی بِالَّذِی أُبْرِمُ الْأُمُورَ وَأُوفِی الْقَصَصَ وَآمُرُ وَأَنْهَی إِذْ دَخَلَ أَبُو الْحَسَنِ الْأَسَدِیُّ وَکَانَ یَتَعَاهَدُنِی الْوَقْتَ بَعْدَ الْوَقْتِ وَکُنْتُ أَقْضِی حَوَائِجَهُ فَلَمَّا طَالَ جُلُوسُهُ وَعَلَیَّ بُؤْسٌ کَثِیرٌ قُلْتُ لَهُ مَا حَاجَتُکَ قَالَ أَحْتَاجُ مِنْکَ إِلَی خَلْوَةٍ فَأَمَرْتُ الْخَازِنَ أَنْ یُهَیِّئَ لَنَا مَکَاناً مِنَ الْخِزَانَةِ فَدَخَلْنَا الْخِزَانَةَ فَأَخْرَجَ إِلَیَّ رُقْعَةً صَغِیرَةً مِنْ مَوْلَانَاعلیه السلام فِیهَا:

یَا أَحْمَدَ بْنَ الْحَسَنِ الْأَلْفُ دِینَارٍ الَّتِی لَنَا عِنْدَکَ ثَمَنُ الْفَرَسِ وَالسَّیْفِ سَلِّمْهَا إِلَی أَبِی الْحَسَنِ الْأَسَدِیِّ قَالَ فَخَرَرْتُ لِلَّهِ سَاجِداً شُکْراً لِمَا مَنَّ بِهِ عَلَیَّ وَعَرَفْتُ أَنَّهُ حُجَّةُ اللَّهِ حَقّاً لِأَنَّهُ لَمْ یَکُنْ وَقَفَ عَلَی هَذَا أَحَدٌ غَیْرِی فَأَضَفْتُ إِلَی ذَلِکَ الْمَالِ ثَلَاثَةَ آلَافِ دِینَارٍ أُخْرَی سُرُوراً بِمَا مَنَّ اللَّهُ عَلَیَّ بِهَذَا الْأَمْرِ.

ص:298

فَنُودِیتُ مِنْهُ یَا حَسَنَ بْنَ النَّضْرِ احْمَدِ اللَّهَ عَلَی مَا مَنَّ بِهِ عَلَیْکَ وَلَا تَشُکَّنَّ فَوَدَّ الشَّیْطَانُ أَنَّکَ شَکَکْتَ وَأَخْرَجَ إِلَیَّ ثَوْبَیْنِ وَقِیلَ خُذْهَا فَسَتَحْتَاجُ إِلَیْهِمَا فَأَخَذْتُهُمَا وَخَرَجْتُ.

قَالَ سَعْدٌ فَانْصَرَفَ الْحَسَنُ بْنُ النَّضْرِ وَمَاتَ فِی شَهْرِ رَمَضَانَ وَکُفِّنَ فِی الثَّوْبَیْنِ.

ص:305

أَسَأْتَ إِذْ لَمْ تُعْلِمِ الرَّجُلَ إِنَّا رُبَّمَا فَعَلْنَا ذَلِکَ بِمَوَالِینَا وَرُبَّمَا سَأَلُونَا ذَلِکَ یَتَبَرَّکُونَ بِهِ وَخَرَجَ إِلَیَّ أَخْطَأْتَ فِی رَدِّکَ بِرَّنَا فَإِذَا اسْتَغْفَرْتَ اللَّهَ فَاللَّهُ یَغْفِرُ لَکَ فَأَمَّا إِذَا کَانَتْ عَزِیمَتُکَ وَعَقْدُ نِیَّتِکَ أَلَّا تُحْدِثَ فِیهَا حَدَثاً وَلَا تُنْفِقَهَا فِی طَرِیقِکَ فَقَدْ صَرَفْنَاهَا عَنْکَ فَأَمَّا الثَّوْبُ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِتُحْرِمَ فِیهِ قَالَ وَکَتَبْتُ فِی مَعْنَیَیْنِ وَأَرَدْتُ أَنْ أَکْتُبَ فِی الثَّالِثِ وَامْتَنَعْتُ مِنْهُ مَخَافَةَ أَنْ یَکْرَهَ ذَلِکَ فَوَرَدَ جَوَابُ الْمَعْنَیَیْنِ وَالثَّالِثِ الَّذِی طَوَیْتُ مُفَسَّراً وَالْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ وَکُنْتُ وَافَقْتُ جَعْفَرَ بْنَ إِبْرَاهِیمَ النَّیْسَابُورِیَّ بِنَیْسَابُورَ عَلَی أَنْ أَرْکَبَ مَعَهُ وَأُزَامِلَهُ فَلَمَّا وَافَیْتُ بَغْدَادَ بَدَا لِی فَاسْتَقَلْتُهُ وَذَهَبْتُ أَطْلُبُ عَدِیلًا فَلَقِیَنِی ابْنُ الْوَجْنَاءِ بَعْدَ أَنْ کُنْتُ صِرْتُ إِلَیْهِ وَسَأَلْتُهُ أَنْ یَکْتَرِیَ لِی فَوَجَدْتُهُ کَارِهاً فَقَالَ لِی أَنَا فِی طَلَبِکَ وَقَدْ قِیلَ لِی إِنَّهُ یَصْحَبُکَ فَأَحْسِنْ مُعَاشَرَتَهُ وَاطْلُبْ لَهُ عَدِیلًا وَاکْتَرِ لَهُ.

ص:309

فَقَالَ لَهُ أَبُو جَعْفَرٍ یُقَالُ لَکَ امْضِ إِلَی فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ الْقَطَّانِ الَّذِی حَمَلْتَ إِلَیْهِ الْعِدْلَیْنِ الْقُطْنَ فِی دَارِ الْقُطْنِ فَافْتُقْ أَحَدَهُمَا وَهُوَ الَّذِی عَلَیْهِ مَکْتُوبٌ کَذَا وَکَذَا فَإِنَّهُمَا فِی جَانِبِهِ فَتَحَیَّرَ الرَّجُلُ مِمَّا أَخْبَرَ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ وَمَضَی لِوَجْهِهِ إِلَی الْمَوْضِعِ فَفَتَقَ الْعِدْلَ الَّذِی قَالَ لَهُ افْتُقْهُ فَإِذَا الثَّوْبَانِ فِی جَانِبِهِ قَدِ انْدَسَّا مَعَ الْقُطْنِ فَأَخَذَهُمَا وَجَاءَ بِهِمَا إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ فَسَلَّمَهُمَا إِلَیْهِ وَقَالَ لَهُ لَقَدْ أَنْسَیْتُهُمَا لِأَنِّی لَمَّا شَدَدْتُ الْمَتَاعَ بَقِیَا فَجَعَلْتُهُمَا فِی جَانِبِ الْعِدْلِ لِیَکُونَ ذَلِکَ أَحْفَظُ لَهُمَا وَتَحَدَّثَ الرَّجُلُ بِمَا رَآهُ وَأَخْبَرَهُ بِهِ أَبُو جَعْفَرٍ مِنْ عَجِیبِ الْأَمْرِ الَّذِی لَا یَقِفُ عَلَیْهِ إِلَّا نَبِیٌّ أَوْ إِمَامٌ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ الَّذِی یَعْلَمُ السَّرَائِرَ وَمَا تُخْفِی الصُّدُورُ وَلَمْ یَکُنْ هَذَا الرَّجُلُ یَعْرِفُ أَبَا جَعْفَرٍ وَإِنَّمَا أُنْفِذَ عَلَی یَدِهِ کَمَا یُنْفَذُ التُّجَّارُ إِلَی أَصْحَابِهِمْ عَلَی یَدِ مَنْ یَثِقُونَ بِهِ وَلَا کَانَ مَعَهُ تَذْکِرَةٌ سَلَّمَهَا إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ وَلَا کِتَابٌ لِأَنَّ الْأَمْرَ کَانَ حَادّاً فِی زَمَانِ الْمُعْتَضِدِ وَالسَّیْفُ یَقْطُرُ دَماً کَمَا یُقَالُ وَلکَانَ سِرّاً بَیْنَ الْخَاصِّ مِنْ أَهْلِ هَذَا الشَّأْنِ وَکَانَ مَا یُحْمَلُ بِهِ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍلَا یَقِفُ مَنْ یَحْمِلُهُ عَلَی خَبَرِهِ وَلَا حَالِهِ وَإِنَّمَا یُقَالُ امْضِ إِلَی مَوْضِعِ کَذَا وَکَذَا فَسَلِّمْ مَا مَعَکَ مِنْ غَیْرِ أَنْ یُشْعِرَ بِشَیْ ءٍ وَلَا یُدْفَعُ إِلَیْهِ کِتَابٌ لِئَلَّا یُوقَفَ عَلَی مَا یَحْمِلُهُ مِنْهُ.

ص:316

أَمْرٍ قَدْ أَهَمَّنِی وَلَا أُسَمِّیهِ فَقُلْتُ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ سَیِّدِنَا وَأَنَا أَسْأَلُ حَاجَةً قَالَ وَمَا هِیَ قُلْتُ الدُّعَاءَ لِی بِالْفَرَجِ مِنْ أَمْرٍ قَدْ أَهَمَّنِی قَالَ فَأَخَذَ دَرْجاً بَیْنَ یَدَیْهِ کَانَ أَثْبَتَ فِیهِ حَاجَةَ الرَّجُلِ فَکَتَبَ وَالزُّرَارِیُّ یَسْأَلُ الدُّعَاءَ فِی أَمْرٍ قَدْ أَهَمَّهُ.

قَالَ ثُمَّ طَوَاهُ فَقُمْنَا وَانْصَرَفْنَا فَلَمَّا کَانَ بَعْدَ أَیَّامٍ قَالَ لِی صَاحِبِی أَنَعُودُ إِلَی أَبِی جَعْفَرٍ فَنَسْأَلَهُ عَنْ حَوَائِجِنَا الَّتِی کُنَّا سَأَلْنَاهُ فَمَضَیْتُ مَعَهُ وَدَخَلْنَا عَلَیْهِ فَحِینَ جَلَسْنَا عِنْدَهُ أَخْرَجَ الدَّرْجَ وَفِیهِ مَسَائِلُ کَثِیرَةٌ قَدْ أُجِیبَتْ فِی تَضَاعِیفِهَا فَأَقْبَلَ عَلَی صَاحِبِی فَقَرَأَ عَلَیْهِ جَوَابَ مَا سَأَلَ.

ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَیَّ وَهُوَ یَقْرَأُ فَقَالَ:

وَأَمَّا الزُّرَارِیُّ وَحَالُ الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ فَأَصْلَحَ اللَّهُ ذَاتَ بَیْنِهُمَا.

قَالَ فَوَرَدَ عَلَیَّ أَمْرٌ عَظِیمٌ وَقُمْنَا فَانْصَرَفْنَا فَقَالَ لِی قَدْ وَرَدَ عَلَیْکَ هَذَا الْأَمْرُ فَقُلْتُ أَعْجَبُ مِنْهُ قَالَ مِثْلَ أَیِّ شَیْ ءٍ فَقُلْتُ لِأَنَّهُ سِرٌّ لَمْ یَعْلَمْهُ إِلَّا اللَّهُ تَعَالَی وَغَیْرِی فَقَدْ أَخْبَرَنِی بِهِ فَقَالَ أَ تَشُکُّ فِی أَمْرِ النَّاحِیَةِ أَخْبِرْنِی الآْنَ مَا هُوَ فَأَخْبَرْتُهُ فَعَجِبَ مِنْهُ ثُمَّ قَضَی أَنْ عُدْنَا إِلَی الْکُوفَةِ فَدَخَلْتُ دَارِی وَکَانَتْ أُمُّ أَبِی الْعَبَّاسِ مُغَاضِبَةً لِی فِی مَنْزِلِ أَهْلِهَا فَجَاءَتْ إِلَیَّ فَاسْتَرْضَتْنِی وَاعْتَذَرَتْ وَوَافَقَتْنِی وَلَمْ تُخَالِفْنِی حَتَّی فَرَّقَ الْمَوْتُ بَیْنَنَا.

ص:320

فِیهِ مِنَ الشُّرُورِ الْوَاقِعَةِ بَیْنِی وَبَیْنَ الزَّوْجَةِ وَبَیْنَ الْأَحْمَاءِ فَقَالَ لِی تَکْتُبُ رُقْعَةً وَتَسْأَلُ الدُّعَاءَ فِیهَا.

فَکَتَبْتُ رُقْعَةً ذَکَرْتُ فِیهَا حَالِی وَمَا أَنَا فِیهِ مِنْ خُصُومَةِ الْقَوْمِ لِی وَامْتِنَاعِهِمْ مِنْ حَمْلِ الْمَرْأَةِ إِلَی مَنْزِلِی وَمَضَیْتُ بِهَا أَنَا وَأَبُو جَعْفَرٍ إِلَی مُحَمَّدِ بْنِ عَلِیٍّ وَکَانَ فِی ذَلِکَ الْوَاسِطَةَ بَیْنَنَا وَبَیْنَ الْحُسَیْنِ بْنِ رَوْحٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَهُوَ إِذْ ذَاکَ الْوَکِیلُ فَدَفَعْنَاهَا إِلَیْهِ وَسَأَلْنَاهُ إِنْفَاذَهَا فَأَخَذَهَا مِنِّی وَتَأَخَّرَ الْجَوَابُ عَنِّی أَیَّاماً فَلَقِیتُهُ فَقُلْتُ لَهُ قَدْ سَاءَنِی تَأَخُّرُ الْجَوَابِ عَنِّی فَقَالَ لَا یَسُوؤُکَ فَإِنَّهُ أَحَبُّ إِلَیَّ لَکَ وَأَوْمَی إِلَیَّ أَنَّ الْجَوَابَ إِنْ قَرُبَ کَانَ مِنْ جِهَةِ الْحُسَیْنِ بْنِ رَوْحٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ وَإِنْ تَأَخَّرَ کَانَ مِنْ جِهَةِ الصَّاحِبِ فَانْصَرَفْتُ فَلَمَّا کَانَ بَعْدَ ذَلِکَ وَلَا أَحْفَظُ الْمُدَّةَ إِلَّا أَنَّهَا کَانَتْ قَرِیبَةً فَوَجَّهَ إِلَیَّ أَبُو جَعْفَرٍ الزجوزجیُّ یَوْماً مِنَ الْأَیَّامِ.

فَصِرْتُ إِلَیْهِ فَأَخْرَجَ لِی فَصْلًا مِنْ رُقْعَةٍ وَقَالَ لِی هَذَا جَوَابُ رُقْعَتِکَ فَإِنْ شِئْتَ أَنْ تَنْسَخَهُ فَانْسَخْهُ وَرُدَّهُ فَقَرَأْتُهُ فَإِذَا فِیهِ:

وَالزَّوْجُ وَالزَّوْجَةُ فَأَصْلَحَ اللَّهُ ذَاتَ بَیْنِهِمَا.

وَنَسَخْتُ اللَّفْظَ وَرَدَدْتُ عَلَیْهِ الْفَصْلَ وَدَخَلْنَا الْکُوفَةَ فَسَهَّلَ اللَّهُ لِی نَفْسَ الْمَرْأَةِ بِأَیْسَرِ کُلْفَةٍ وَأَقَامَتْ مَعِی سِنِینَ کَثِیرَةً وَرُزِقَتْ مِنِّی أَوْلَاداً وَأَسَأْتُ إِلَیْهَا إِسَاءَاتٍ وَاسْتَعْمَلْتُ مَعَهَا کُلَّ مَا تَصْبِرُ النِّسَاءُ عَلَیْهِ فَمَا وَقَعَتْ بَیْنِی وَبَیْنَهَا لَفْظَةُ شَرٍّ وَلَا بَیْنَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِهَا إِلَی أَنْ فَرَّقَ الزَّمَانُ بَیْنَنَا.

قَالُوا قَالَ أَبُو غَالِبٍ وَکُنْتُ قَدِیماً قَبْلَ هَذِهِ الْحَالِ قَدْ کَتَبْتُ رُقْعَةً أَسْأَلُ فِیهَا أَنْ تَقْبَلَ ضَیْعَتِی وَلَمْ یَکُنْ اعْتِقَادِی فِی ذَلِکَ الْوَقْتِ التَّقَرُّبَ إِلَی اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِهَذِهِ الْحَالِ وَإِنَّمَا کَانَ شَهْوَةً مِنِّی لِلِاخْتِلَاطِ بِالنَّوْبَخْتِیِّینَ وَالدُّخُولِ مَعَهُمْ فِیمَا کَانُوا مِنَ

ص:322

الدُّنْیَا فَلَمْ أُجَبْ إِلَی ذَلِکَ وَأَلْحَحْتُ فِی ذَلِکَ فَکَتَبَ إِلَیَّ:

أَنِ اخْتَرْ مَنْ تَثِقُ بِهِ فَاکْتُبِ الضَّیْعَةَ بِاسْمِهِ فَإِنَّکَ تَحْتَاجُ إِلَیْهَا.

فَکَتَبْتُهَا بِاسْمِ أَبِی الْقَاسِمِ مُوسَی بْنِ الْحَسَنِ الزجوزجیِّ ابْنِ أَخِی أَبِی جَعْفَرٍ لِثِقَتِی بِهِ وَمَوْضِعِهِ مِنَ الدِّیَانَةِ وَالنِّعْمَةِ فَلَمْ یَمْضِ الْأَیَّامُ حَتَّی أَسَرُونِی الْأَعْرَابُ وَنَهَبُوا الضَّیْعَةَ الَّتِی کُنْتُ أَمْلِکُهَا وَذَهَبَ فِیهَا مِنْ غَلَّاتِی وَدَوَابِّی وَآلَتِی نَحْوٌ مِنْ أَلْفِ دِینَارٍ وَأَقَمْتُ فِی أَسْرِهِمْ مُدَّةً إِلَی أَنِ اشْتَرَیْتُ نَفْسِی بِمِائَةِ دِینَارٍ وَأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ وَلَزِمَنِی فِی أُجْرَةِ الرَّسْلِ نَحْوٌ مِنْ خَمْسِمِائَةِ دِرْهَمٍ فَخَرَجْتُ وَاحْتَجْتُ إِلَی الضَّیْعَةِ فَبِعْتُهَا.

ص:323

یَسْأَلُ الدُّعَاءَ لِابْنَیْ أَخِیهِ وَکَانَا مَحْبُوسَیْنِ فَوَرَدَ عَلَیْهِ جَوَابُ کِتَابِهِ وَفِیهِ دُعَاءُ الْمَحْبُوسَیْنِ بِاسْمِهِمَا.

قَالَ وَکَتَبَ رَجُلٌ مِنْ رَبَضِ حُمَیْدٍ یَسْأَلُ الدُّعَاءَ فِی حَمْلٍ لَهُ فَوَرَدَ الدُّعَاءُ فِی الْحَمْلِ قَبْلَ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَسَتَلِدُ أُنْثَی فَجَاءَ کَمَا.

قَالَ قَالَ وَکَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْقَصْرِیُّ یَسْأَلُ الدُّعَاءَ أَنْ یُکْفَی أَمْرَ بَنَاتِهِ وَأَنْ یُرْزَقَ الْحَجَّ وَیُرَدَّ عَلَیْهِ مَالُهُ فَوَرَدَ عَلَیْهِ الْجَوَابُ بِمَا سَأَلَ فَحَجَّ سَنَتَهُ وَمَاتَ مِنْ بَنَاتِهِ أَرْبَعٌ وَکَانَ لَهُ سِتَّةٌ وَرُدَّ عَلَیْهِ مَالُهُ.

قَالَ وَکَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ یَزْدَادَ یَسْأَلُ الدُّعَاءَ لِوَالِدَیْهِ فَوَرَدَ غَفَرَ اللَّهُ لَکَ وَلِوَالِدَیْکَ وَلِأُخْتِکَ الْمُتَوَفَّاةِ الْمُسَمَّاةِ کلکی وَکَانَتْ هَذِهِ امْرَأَةٌ صَالِحَةٌ مُتَزَوِّجَةٌ بِجَوَارٍ.

وَکَتَبْتُ فِی إِنْفَاذِ خَمْسِینَ دِینَاراً لِقَوْمٍ مُؤْمِنِینَ مِنْهَا عَشَرَةُ دَنَانِیرَ لِابْنِ عَمٍّ لِی لَمْ یَکُنْ مِنَ الْإِیمَانِ عَلَی شَیْ ءٍ فَجَعَلْتُ اسْمَهُ آخِرَ الرُّقْعَةِ وَالْفُصُولِ أَلْتَمِسُ بِذَلِکَ الدَّلَالَةَ فِی تَرْکِ الدُّعَاءِ لَهُ فَخَرَجَ فِی فُصُولِ الْمُؤْمِنِینَ تَقَبَّلَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَأَحْسَنَ إِلَیْهِمْ وَأَثَابَکَ وَلَمْ یَدْعُ لِابْنِ عَمِّی بِشَیْ ءٍ قَالَ وَأَنْفَذْتُ أَیْضاً دَنَانِیرَ لِقَوْمٍ مُؤْمِنِینَ وَأَعْطَانِی رَجُلٌ یُقَالُ لَهُ مُحَمَّدُ بْنُ سَعِیدٍ دَنَانِیرَ فَأَنْفَذْتُهَا بِاسْمِ أَبِیهِ مُتَعَمِّداً وَلَمْ یَکُنْ مِنْ دِینِ اللَّهِ عَلَی شَیْ ءٍ فَخَرَجَ الْوُصُولُ بِاسْمِ مَنْ غَیَّرْتَ اسْمَهُ مُحَمَّدٍ.

قَالَ وَحَمَلْتُ فِی هَذِهِ السَّنَةِ الَّتِی ظَهَرَتْ لِی فِیهَا هَذِهِ الدَّلَالَةُ أَلْفَ دِینَارٍ بَعَثَ بِهَا أَبُو جَعْفَرٍ وَمَعِی أَبُو الْحُسَیْنِ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ خَلَفٍ وَإِسْحَاقُ بْنُ الْجُنَیْدِ فَحَمَلَ أَبُو الْحُسَیْنِ الْخُرْجَ إِلَی الدُّورِ وَاکْتَرَیْنَا ثَلَاثَةَ أَحْمِرَةٍ فَلَمَّا بَلَغْنَا الْقَاطُولَ لَمْ نَجِدْ حَمِیراً فَقُلْتُ لِأَبِی الْحُسَیْنِ احْمِلِ الْخُرْجَ الَّذِی فِیهِ الْمَالُ وَاخْرُجْ مَعَ الْقَافِلَةِ

ص:338

حَتَّی أَتَخَلَّفَ فِی طَلَبِ حِمَارٍ لِإِسْحَاقَ بْنِ الْجُنَیْدِ یَرْکَبُهُ فَإِنَّهُ شَیْخٌ فَاکْتَرَیْتُ لَهُ حِمَاراً وَلَحِقْتُ بِأَبِی الْحُسَیْنِ فِی الْحَیْرِ حَیْرِ سُرَّمَنْ رَأَی فَأَنَا أُسَامِرُهُ وَأَقُولُ لَهُ احْمَدِ اللَّهَ عَلَی مَا أَنْتَ عَلَیْهِ فَقَالَ وَدِدْتُ أَنَّ هَذَا الْعَمَلَ دَامَ لِی فَوَافَیْتُ سُرَّمَنْ رَأَی وَأَوْصَلْتُ مَا مَعَنَا فَأَخَذَهُ الْوَکِیلُ بِحَضْرَتِی وَوَضَعَهُ فِی مِنْدِیلٍ وَبَعَثَ بِهِ مَعَ غُلَامٍ أَسْوَدَ فَلَمَّا کَانَ الْعَصْرُ جَاءَنِی بِرُزَیْمَةٍ خَفِیفَةٍ وَلَمَّا أَصْبَحْنَا خَلَا بِی أَبُو الْقَاسِمِ وَتَقَدَّمَ أَبُو الْحُسَیْنِ وَإِسْحَاقٌ فَقَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْغُلَامُ الَّذِی حَمَلَ الرُّزَیْمَةَ جَاءَنِی بِهَذِهِ الدَّرَاهِمِ وَقَالَ لِی ادْفَعْهَا إِلَی الرَّسُولِ الَّذِی حَمَلَ الرُّزَیْمَةَ فَأَخَذْتُهَا مِنْهُ فَلَمَّا خَرَجْتُ مِنْ بَابِ الدَّارِ قَالَ لِی أَبُو الْحُسَیْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ أَنْطِقَ أَوْ یَعْلَمَ أَنَّ مَعِی شَیْئاً لَمَّا کُنْتُ مَعَکَ فِی الْحَیْرِ تَمَنَّیْتُ أَنْ یَجِیئَنِی مِنْهُ دَرَاهِمُ أَتَبَرَّکُ بِهَا وَکَذَلِکَ عَامُ أَوَّلَ حَیْثُ کُنْتُ مَعَکَ بِالْعَسْکَرِ فَقُلْتُ لَهُ خُذْهَا فَقَدْ أَتَاکَ اللَّهُ بِهَا وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ.

قَالَ وَکَتَبَ مُحَمَّدُ بْنُ کِشْمَرْدٍ یَسْأَلُ الدُّعَاءَ أَنْ یَجْعَلَ ابْنَهُ أَحْمَدَ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ فِی حِلٍّ فَخَرَجَ وَالصَّقْرِیُّ أَحَلَّ اللَّهُ لَهُ ذَلِکَ فَأَعْلَمَ علیه السلام أَنَّ کُنْیَتَهُ أَبُو الصَّقْرِ.

ص:339

یَنْتَظِرُنِی فَلَمَّا رَآنِی أَخَذَ بِیَدِی وَرَکِبْنَا فَدَخَلْنَا عَلَی الْوَزِیرِ فَقَالَ لِیَ الْوَزِیرُ یَا شَیْخُ قَدْ قَضَی اللَّهُ حَاجَتَکَ وَاعْتَذَرَ إِلَیَّ وَدَفَعَ إِلَیَّ الْکُتُبَ مَخْتُومَةً مَکْتُوبَةً قَدْ فَرَغَ مِنْهَا قَالَ فَأَخَذْتُ ذَلِکَ وَخَرَجْتُ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْحَسَنُ بْنُ مُحَمَّدٍ فَحَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ عَلِیُّ بْنُ أَحْمَدَ الْعَقِیقِیُّ بِنَصِیبِینَ بِهَذَا وَقَالَ لِی مَا خَرَجَ هَذَا الْحَنُوطُ إِلَّا لِعَمَّتِی فُلَانَةَ وَلَمْ یُسَمِّهَا وَقَدْ بَغَیْتُهُ لِنَفْسِی وَقَدْ قَالَ لِیَ الْحُسَیْنُ بْنُ رَوْحٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ إِنِّی أَمْلِکُ الضَّیْعَةَ وَقَدْ کَتَبَ لِی بِالَّذِی أَرَدْتُ فَقُمْتُ إِلَیْهِ وَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ وَعَیْنَیْهِ وَقُلْتُ یَا سَیِّدِی أَرِنِی الْأَکْفَانَ وَالْحَنُوطَ وَالدَّرَاهِمَ فَأَخْرَجَ إِلَیَّ الْأَکْفَانَ فَإِذَا فِیهَا بُرْدٌ حِبَرَةٌ مُسَهَّمٌ مِنْ نَسْجِ الْیَمَنِ وَثَلَاثَةُ أَثْوَابٍ مَرْوِیٌّ وَعِمَامَةٌ وَإِذَا الْحَنُوطُ فِی خَرِیطَةٍ وَأَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ فَعَدَدْتُهَا مِائَةَ دِرْهَمٍ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی هَبْ لِی مِنْهُمَا دِرْهَماً أَصُوغُهُ خَاتَماً قَالَ وَکَیْفَ یَکُونُ ذَلِکَ خُذْ مِنْ عِنْدِی مَا شِئْتَ فَقُلْتُ أُرِیدُ مِنْ هَذِهِ وَأَلْحَحْتُ عَلَیْهِ وَقَبَّلْتُ رَأْسَهُ وَعَیْنَیْهِ فَأَعْطَانِی دِرْهَماً فَشَدَدْتُهُ فِی مِنْدِیلِی وَجَعَلْتُهُ فِی کُمِّی فَلَمَّا صِرْتُ إِلَی الْخَانِ فَتَحْتُ زِنْفِیلَجَةً مَعِی وَجَعَلْتُ الْمِنْدِیلَ فِی الزِّنْفِیلَجَةِ وَفِیهِ الدِّرْهَمُ مَشْدُودٌ وَجَعَلْتُ کُتُبِی وَدَفَاتِرِی فَوْقَهُ وَأَقَمْتُ أَیَّاماً ثُمَّ جِئْتُ أَطْلُبُ الدِّرْهَمَ فَإِذَا الصُّرَّةُ مَصْرُورَةٌ بِحَالِهَا وَلَا شَیْ ءَ فِیهَا فَأَخَذَنِی شِبْهُ الْوَسْوَاسِ فَصِرْتُ إِلَی بَابِ الْعَقِیقِیِّ فَقُلْتُ لِغُلَامِهِ خَیْرٍ أُرِیدُ الدُّخُولَ إِلَی الشَّیْخِ فَأَدْخَلَنِی إِلَیْهِ فَقَالَ لِی مَا لَکَ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی الدِّرْهَمُ الَّذِی أَعْطَیْتَنِی مَا أَصَبْتُهُ فِی الصُّرَّةِ فَدَعَا بِالزِّنْفِیلَجَةِ وَأَخْرَجَ الدَّرَاهِمَ فَإِذَا هِیَ مِائَةُ دِرْهَمٍ عَدَداً وَوَزْناً وَلَمْ یَکُنْ مَعِی أَحَدٌ أَتَّهِمُهُ فَسَأَلْتُهُ فِی رَدِّهِ إِلَیَّ فَأَبَی ثُمَّ خَرَجَ إِلَی مِصْرَ وَأَخَذَ الضَّیْعَةَ ثُمَّ مَاتَ قَبْلَهُ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْمَاعِیلَ بِعَشَرَةِ أَیَّامٍ ثُمَّ تُوُفِّیَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَکُفِّنَ فِی الْأَکْفَانِ الَّتِی دُفِعَتْ إِلَیْهِ.

ص:355

قَالَ فَرَجَعْتُ إِلَی سَرَخْسَ وَنَزَلْتُ حَیْثُ کُنْتُ نَزَلْتُ وَوَجَدْتُ السَّبِیکَةَ وَانْصَرَفْتُ إِلَی بَلَدِی فَلَمَّا کَانَ بَعْدَ ذَلِکَ حَجَجْتُ وَمَعِیَ السَّبِیکَةُ فَدَخَلْتُ مَدِینَةَ السَّلَامِ وَقَدْ کَانَ الشَّیْخُ أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ رَوْحٍ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ مَضَی وَلَقِیتُ أَبَا الْحَسَنِ السَّمُرِیَّ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ فَسَلَّمْتُ إِلَیْهِ السَّبِیکَةَ.

ص:361

الْمَعْذِرَةُ إِلَی اللَّهِ وَإِلَیْکَ فَوَ اللَّهِ مَا عَلِمْتُ کَیْفَ الْخَبَرُ وَلَا إِلَی مَنْ أَجِی ءُ وَأَنَا تَائِبٌ إِلَی اللَّهِ فَمَا الْتَفَتَ إِلَی شَیْ ءٍ مِمَّا قُلْنَا وَمَا انْفَتَلَ عَمَّا کَانَ فِیهِ فَهَالَنَا ذَلِکَ وَانْصَرَفْنَا عَنْهُ وَقَدْ کَانَ الْمُعْتَضِدُ یَنْتَظِرُنَا وَقَدْ تَقَدَّمَ إِلَی الْحُجَّابِ إِذَا وَافَیْنَاهُ أَنْ نَدْخُلَ عَلَیْهِ فِی أَیِّ وَقْتٍ کَانَ فَوَافَیْنَاهُ فِی بَعْضِ اللَّیْلِ فَأُدْخِلْنَا عَلَیْهِ فَسَأَلَنَا عَنِ الْخَبَرِ فَحَکَیْنَا لَهُ مَا رَأَیْنَا فَقَالَ وَیْحَکُمْ لَقِیَکُمْ أَحَدٌ قَبْلِی وَجَرَی مِنْکُمْ إِلَی أَحَدٍ سَبَبٌ أَوْ قَوْلٌ قُلْنَا لَا فَقَالَ أَنَا نَفِیٌّ مِنْ جَدِّی وَحَلَفَ بِأَشَدِّ أَیْمَانٍ لَهُ أَنَّهُ رَجُلٌ إِنْ بَلَغَهُ هَذَا الْخَبَرُ لَیَضْرِبَنَّ أَعْنَاقَنَا فَمَا جَسَرْنَا أَنْ نُحَدِّثَ بِهِ إِلَّا بَعْدَ مَوْتِهِ.

ص:367

مُلْحَقَاتٌ

ذَلِکَ فَتَرَکَ ثِیَابَهُ وَنَفَقَتَهُ عِنْدَ السَّعِیدِ رَضِیِّ الدِّینِ وَتَوَجَّهَ قَالَ فَلَمَّا دَخَلْتُ الْمَشْهَدَ وَزُرْتُ الْأَئِمَّةَعلیهم السلام نَزَلْتُ السِّرْدَابَ وَاسْتَغَثْتُ بِاللَّهِ تَعَالَی وَبِالْإِمَامِ علیه السلام وَقَضَیْتُ بَعْضَ اللَّیْلِ فِی السِّرْدَابِ وَبَقِیتُ فِی الْمَشْهَدِ إِلَی الْخَمِیسِ ثُمَّ مَضَیْتُ إِلَی دِجْلَةَ وَاغْتَسَلْتُ وَلَبِسْتُ ثَوْباً نَظِیفاً وَمَلَأْتُ إِبْرِیقاً کَانَ مَعِی وَصَعِدْتُ أُرِیدُ الْمَشْهَدَ فَرَأَیْتُ أَرْبَعَةَ فُرْسَانٍ خَارِجِینَ مِنْ بَابِ السُّورِ وَکَانَ حَوْلَ الْمَشْهَدِ قَوْمٌ مِنَ الشُّرَفَاءِ یَرْعَوْنَ أَغْنَامَهُمْ فَحَسِبْتُهُمْ مِنْهُمْ فَالْتَقَیْنَا فَرَأَیْتُ شَابَّیْنِ أَحَدُهُمَا عَبْدٌ مَخْطُوطٌ وَکُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مُتَقَلِّدٌ بِسَیْفٍ وَشَیْخاً مُنَقِّباً بِیَدِهِ رُمْحٌ وَالآْخَرُ مُتَقَلِّدٌ بِسَیْفٍ وَعَلَیْهِ فرجیة مُلَوَّنَةٌ فَوْقَ السَّیْفِ وَهُوَ مُتَحَنِّکٌ بِعَذَبَتِهِ فَوَقَفَ الشَّیْخُ صَاحِبُ الرُّمْحِ یَمِینَ الطَّرِیقِ وَوَضَعَ کَعْبَ رُمْحِهِ فِی الْأَرْضِ وَوَقَفَ الشَّابَّانِ عَنْ یَسَارِ الطَّرِیقِ وَبَقِیَ صَاحِبُ الفرجیة عَلَی الطَّرِیقِ مُقَابِلَ وَالِدِی ثُمَّ سَلَّمُوا عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْهِمُ السَّلَامَ فَقَالَ لَهُ صَاحِبُ الفرجیة أَنْتَ غَداً تَرُوحُ إِلَی أَهْلِکَ فَقَالَ لَهُ نَعَمْ فَقَالَ لَهُ تَقَدَّمْ حَتَّی أَبْصُرَ مَا یُوجِعُکَ قَالَ فَکَرِهْتُ مُلَامَسَتَهُمْ وَقُلْتُ أَهْلُ الْبَادِیَةِ مَا یَکَادُونَ یَحْتَرِزُونَ مِنَ النَّجَاسَةِ وَأَنَا قَدْ خَرَجْتُ مِنَ الْمَاءِ وَقَمِیصِی مَبْلُولٌ ثُمَّ إِنِّی مَعَ ذَلِکَ تَقَدَّمْتُ إِلَیْهِ فَلَزِمَنِی بِیَدِی وَمَدَّنِی إِلَیْهِ وَجَعَلَ یَلْمِسُ جَانِبِی مِنْ کَتِفِی إِلَی أَنْ أَصَابَتْ یَدُهُ التُّوثَةَ فَعَصَرَهَا بِیَدِهِ فَأَوْجَعَنِی ثُمَّ اسْتَوَی فِی سَرْجِ فَرَسِهِ کَمَا کَانَ فَقَالَ لِیَ الشَّیْخُ أَفْلَحْتَ یَا إِسْمَاعِیلُ فَتَعَجَّبْتُ مِنْ مَعْرِفَتِهِ بِاسْمِی فَقُلْتُ أَفْلَحْنَا وَأَفْلَحْتُمْ إِنْ شَاءَ اللَّهُ قَالَ فَقَالَ هَذَا هُوَ الْإِمَامُ قَالَ فَتَقَدَّمْتُ إِلَیْهِ فَاحْتَضَنْتُهُ وَقَبَّلْتُ فَخِذَهُ ثُمَّ إِنَّهُ سَاقَ وَأَنَا أَمْشِی مَعَهُ مُحْتَضِنَهُ فَقَالَ ارْجِعْ فَقُلْتُ لَا أُفَارِقُکَ أَبَداً فَقَالَ الْمَصْلَحَةُ رُجُوعُکَ فَأَعَدْتُ عَلَیْهِ مِثْلَ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ فَقَالَ الشَّیْخُ یَا إِسْمَاعِیلُ مَا تَسْتَحْیِی یَقُولُ لَکَ الْإِمَامُ مَرَّتَیْنِ ارْجِعْ وَتُخَالِفُهُ فَجَهَّنِی بِهَذَا الْقَوْلِ فَوَقَفْتُ فَتَقَدَّمَ

ص:370

خُطُوَاتٍ وَالْتَفَتَ إِلَیَّ وَقَالَ إِذَا وَصَلْتَ بِبَغْدَادَ فَلَا بُدَّ أَنْ یَطْلُبَکَ أَبُو جَعْفَرٍ یَعْنِی الْخَلِیفَةَ الْمُسْتَنْصِرَ فَإِذَا حَضَرْتَ عِنْدَهُ وَأَعْطَاکَ شَیْئاً فَلَا تَأْخُذْهُ وَقُلْ لِوَلَدِنَا الرَّضِیِّ لِیَکْتُبَ لَکَ إِلَی عَلِیِّ بْنِ عِوَضٍ فَإِنَّنِی أُوصِیهِ یُعْطِیکَ الَّذِی تُرِیدُ ثُمَّ سَارَ وَأَصْحَابُهُ مَعَهُ فَلَمْ أَزَلْ قَائِماً أَبْصُرُهُمْ حَتَّی بَعُدُوا وَحَصَلَ عِنْدِی أَسَفٌ لِمُفَارَقَتِهِ فَقَعَدْتُ إِلَی الْأَرْضِ سَاعَةً ثُمَّ مَشَیْتُ إِلَی الْمَشْهَدِ فَاجْتَمَعَ الْقُوَّامُ حَوْلِی وَقَالُوا نَرَی وَجْهَکَ مُتَغَیِّراً أَوْجَعَکَ شَیْ ءٌ قُلْتُ لَا قَالُوا خَاصَمَکَ أَحَدٌ قُلْتُ لَا لَیْسَ عِنْدِی مِمَّا تَقُولُونَ خَبَرٌ لَکِنْ أَسْأَلُکُمْ هَلْ عَرَفْتُمُ الْفُرْسَانَ الَّذِینَ کَانُوا عِنْدَکُمْ فَقَالُوا هُمْ مِنَ الشُّرَفَاءِ أَرْبَابِ الْغَنَمِ فَقُلْتُ بَلْ هُوَ الْإِمَامُ ع فَقَالُوا الْإِمَامُ هُوَ الشَّیْخُ أَوْ صَاحِبُ الفرجیة فَقُلْتُ هُوَ صَاحِبُ الفرجیة فَقَالُوا أَرَیْتَهُ الْمَرَضَ الَّذِی فِیکَ فَقُلْتُ هُوَ قَبَضَهُ بِیَدِهِ وَأَوْجَعَنِی ثُمَّ کَشَفْتُ رِجْلِی فَلَمْ أَرَ لِذَلِکَ الْمَرَضِ أَثَراً فَتَدَاخَلَنِی الشَّکُّ مِنَ الدَّهَشِ فَأَخْرَجْتُ رِجْلِیَ الْأُخْرَی فَلَمْ أَرَ شَیْئاً فَانْطَبَقَ النَّاسُ عَلَیَّ وَمَزَّقُوا قَمِیصِی فَأَدْخَلَنِی الْقُوَّامُ خِزَانَةً وَمَنَعُوا النَّاسَ عَنِّی وَکَانَ نَاظِرُ بَیْنِ النَّهْرَیْنِ بِالْمَشْهَدِ فَسَمِعَ الضَّجَّةَ وَسَأَلَ عَنِ الْخَبَرِ فَعَرَّفُوهُ فَجَاءَ إِلَی الْخِزَانَةِ وَسَأَلَنِی عَنِ اسْمِی وَسَأَلَنِی مُنْذُ کَمْ خَرَجْتَ مِنْ بَغْدَادَ فَعَرَّفْتُهُ أَنِّی خَرَجْتُ فِی أَوَّلِ الْأُسْبُوعِ فَمَشَی عَنِّی وَبِتُّ فِی الْمَشْهَدِ وَصَلَّیْتُ الصُّبْحَ وَخَرَجْتُ وَخَرَجَ النَّاسُ مَعِی إِلَی أَنْ بَعُدْتُ عَنِ الْمَشْهَدِ وَرَجَعُوا عَنِّی وَوَصَلْتُ إِلَی أَوَانَی فَبِتُّ بِهَا وَبَکَّرْتُ مِنْهَا أُرِیدُ بَغْدَادَ فَرَأَیْتُ النَّاسَ مُزْدَحِمِینَ عَلَی الْقَنْطَرَةِ الْعَتِیقَةِ یَسْأَلُونَ کُلَّ مَنْ وَرَدَ عَلَیْهِمْ عَنِ اسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَأَیْنَ کَانَ فَسَأَلُونِی عَنِ اسْمِی وَمِنْ أَیْنَ جِئْتُ فَعَرَّفْتُهُمْ فَاجْتَمَعُوا عَلَیَّ وَمَزَّقُوا ثِیَابِی وَلَمْ یَبْقَ لِی فِی رُوحِی حُکْمٌ وَکَانَ نَاظِرُ بَیْنِ النَّهْرَیْنِ کَتَبَ إِلَی بَغْدَادَ وَعَرَّفَهُمُ الْحَالَ ثُمَّ حَمَلُونِی إِلَی بَغْدَادَ وَازْدَحَمَ النَّاسُ عَلَیَّ وَکَادُوا یَقْتُلُونَنِی

ص:371

مِنْ کَثْرَةِ الزِّحَامِ وَکَانَ الْوَزِیرُ الْقُمِّیُّ قَدْ طَلَبَ السَّعِیدَ رَضِیَّ الدِّینِ وَتَقَدَّمَ أَنْ یُعَرِّفَهُ صِحَّةَ هَذَا الْخَبَر.

قَالَ فَخَرَجَ رَضِیُّ الدِّینِ وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ فَوَافَیْنَا بَابَ النُّوبِیِّ فَرَدَّ أَصْحَابُهُ النَّاسَ عَنِّی فَلَمَّا رَآنِی قَالَ أَ عَنْکَ یَقُولُونَ قُلْتُ نَعَمْ فَنَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ وَکَشَفَ فَخِذِی فَلَمْ یَرَ شَیْئاً فَغُشِیَ عَلَیْهِ سَاعَةً وَأَخَذَ بِیَدِی وَأَدْخَلَنِی عَلَی الْوَزِیرِ وَهُوَ یَبْکِی وَیَقُولُ یَا مَوْلَانَا هَذَا أَخِی وَأَقْرَبُ النَّاسِ إِلَی قَلْبِی فَسَأَلَنِی الْوَزِیرُ عَنِ الْقِصَّةِ فَحَکَیْتُ لَهُ فَأَحْضَرَ الْأَطِبَّاءَ الَّذِینَ أَشْرَفُوا عَلَیْهَا وَأَمَرَهُمْ بِمُدَاوَاتِهَا فَقَالُوا مَا دَوَاؤُهَا إِلَّا الْقَطْعُ بِالْحَدِیدِ وَمَتَی قَطَعَهَا مَاتَ فَقَالَ لَهُمُ الْوَزِیرُ فَبِتَقْدِیرِ أَنْ یُقْطَعَ وَلَا یَمُوتَ فِی کَمْ تَبْرَأُ فَقَالُوا فِی شَهْرَیْنِ وَیَبْقَی فِی مَکَانِهَا حَفِیرَةٌ بَیْضَاءُ لَا یَنْبُتُ فِیهَا شَعْرٌ فَسَأَلَهُمُ الْوَزِیرُ مَتَی رَأَیْتُمُوهُ قَالُوا مُنْذُ عَشَرَةِ أَیَّامٍ فَکَشَفَ الْوَزِیرُ عَنِ الْفَخِذِ الَّذِی کَانَ فِیهِ الْأَلَمُ وَهِیَ مِثْلُ أُخْتِهَا لَیْسَ فِیهَا أَثَرٌ أَصْلًا فَصَاحَ أَحَدُ الْحُکَمَاءِ هَذَا عَمَلُ الْمَسِیحِ فَقَالَ الْوَزِیرُ حَیْثُ لَمْ یَکُنْ عَمَلَکُمْ فَنَحْنُ نَعْرِفُ مَنْ عَمِلَهَا ثُمَّ إِنَّهُ أُحْضِرَ عِنْدَ الْخَلِیفَةِ الْمُسْتَنْصِرِ فَسَأَلَهُ عَنِ الْقِصَّةِ فَعَرَّفَهُ بِهَا کَمَا جَرَی فَتَقَدَّمَ لَهُ بِأَلْفِ دِینَارٍ فَلَمَّا حَضَرْتُ قَالَ خُذْ هَذِهِ فَأَنْفِقْهَا فَقَالَ مَا أَجْسُرُ آخُذُ مِنْهُ حَبَّةً وَاحِدَةً فَقَالَ الْخَلِیفَةُ مِمَّنْ تَخَافُ فَقَالَ مِنَ الَّذِی فَعَلَ مَعِی هَذَا قَالَ لَا تَأْخُذْ مِنْ أَبِی جَعْفَرٍ شَیْئاً فَبَکَی الْخَلِیفَةُ وَتَکَدَّرَ وَخَرَجَ مِنْ عِنْدِهِ وَلَمْ یَأْخُذْ شَیْئاً قَالَ عَلِیُّ بْنُ عِیسَی عَفَا اللَّهُ عَنْهُ کُنْتُ فِی بَعْضِ الْأَیَّامِ أَحْکِی هَذِهِ الْقِصَّةَ لِجَمَاعَةٍ عِنْدِی وَکَانَ هَذَا شَمْسُ الدِّینِ مُحَمَّدٌ وَلَدُهُ عِنْدِی وَأَنَا لَا أَعْرِفُهُ فَلَمَّا انْقَضَتِ الْحِکَایَةُ قَالَ أَنَا وَلَدُهُ لِصُلْبِهِ فَعَجِبْتُ مِنْ هَذَا الِاتِّفَاقِ وَقُلْتُ لَهُ هَلْ رَأَیْتَ فَخِذَهُ وَهِیَ مَرِیضَةٌ فَقَالَ لَا لِأَنِّی أَصْبُو عَنْ ذَلِکَ وَلَکِنِّی رَأَیْتُهَا بَعْدَ مَا صَلَحَتْ وَلَا أَثَرَ فِیهَا وَقَدْ نَبَتَ فِی مَوْضِعِهَا شَعْرٌ وَسَأَلْتُ

ص:372

السَّیِّدَ صَفِیَّ الدِّینِ مُحَمَّدَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ بَشِیرٍ الْعَلَوِیَّ الْمُوسَوِیَّ وَنَجْمَ الدِّینِ حَیْدَرَ بْنَ الْأَیْسَرِ رَحِمَهُمَا اللَّهُ تَعَالَی وَکَانَا مِنْ أَعْیَانِ النَّاسِ وَسَرَاتِهِمْ وَذَوِی الْهَیْئَاتِ مِنْهُمْ وَکَانَا صَدِیقَیْنِ لِی وَعَزِیزَیْنِ عِنْدِی فَأَخْبَرَانِی بِصِحَّةِ الْقِصَّةِ وَأَنَّهُمَا رَأَیَاهَا فِی حَالِ مَرَضِهَا وَحَالِ صِحَّتِهَا وَحَکَی لِی وَلَدُهُ هَذَا أَنَّهُ کَانَ بَعْدَ ذَلِکَ شَدِیدَ الْحُزْنِ لِفِرَاقِهِ ع حَتَّی إِنَّهُ جَاءَ إِلَی بَغْدَادَ وَأَقَامَ بِهَا فِی فَصْلِ الشِّتَاءِ وَکَانَ کُلَّ أَیَّامٍ یَزُورُ سَامَرَّاءَ وَیَعُودُ إِلَی بَغْدَادَ فَزَارَهَا فِی تِلْکَ السَّنَةِ أَرْبَعِینَ مَرَّةً طَمَعاً أَنْ یَعُودَ لَهُ الْوَقْتُ الَّذِی مَضَی أَوْ یُقْضَی لَهُ الْحَظُّ بِمَا قَضَی وَمَنِ الَّذِی أَعْطَاهُ دَهْرَهُ الرِّضَا أَوْ سَاعَدَهُ بِمَطَالِبِهِ صَرْفَ الْقَضَاءِ فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ بِحَسْرَتِهِ وَانْتَقَلَ إِلَی الآْخِرَةِ بِغُصَّتِهِ وَاللَّهُ یَتَوَلَّاهُ وَإِیَّانَا بِرَحْمَتِهِ بِمَنِّهِ وَکَرَامَتِهِ.

ص:373

بِشَعْرِهِ قَطَطٌ بِأَسْنَانِهِ تَفْلِیجٌ فَجَبَذَ رِدَاءَ جَعْفَرِ بْنِ عَلِیٍّ وَقَالَ تَأَخَّرْ یَا عَمِّ فَأَنَا أَحَقُّ بِالصَّلَاةِ عَلَی أَبِی فَتَأَخَّرَ جَعْفَرٌ وَقَدِ ارْبَدَّ وَجْهُهُ فَتَقَدَّمَ الصَّبِیُّ فَصَلَّی عَلَیْهِ وَدُفِنَ إِلَی جَانِبِ قَبْرِ أَبِیهِ ع ثُمَّ قَالَ یَا بَصْرِیُّ هَاتِ جَوَابَاتِ الْکُتُبِ الَّتِی مَعَکَ فَدَفَعْتُهَا إِلَیْهِ وَقُلْتُ فِی نَفْسِی هَذِهِ اثْنَتَانِ بَقِیَ الْهِمْیَانُ ثُمَّ خَرَجْتُ إِلَی جَعْفَرِ بْنِ عَلِیٍّ وَهُوَ یَزْفِرُ فَقَالَ لَهُ حَاجِزٌ الْوَشَّاءُ یَا سَیِّدِی مَنِ الصَّبِیُّ لِیُقِیمَ عَلَیْهِ الْحُجَّةَ فَقَالَ وَاللَّهِ مَا رَأَیْتُهُ قَطُّ وَلَا عَرَفْتُهُ فَنَحْنُ جُلُوسٌ إِذْ قَدِمَ نَفَرٌ مِنْ قُمَّ فَسَأَلُوا عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ فَعَرَفُوا مَوْتَهُ فَقَالُوا فَمَنْ نُعَزِّی فَأَشَارَ النَّاسُ إِلَی جَعْفَرِ بْنَ عَلِیٍّ فَسَلَّمُوا عَلَیْهِ وَعَزَّوْهُ وَهَنَّئُوهُ وَقَالُوا مَعَنَا کُتُبٌ وَمَالٌ فَتَقُولُ مِمَّنِ الْکُتُبُ وَکَمِ الْمَالُ فَقَامَ یَنْفُضُ أَثْوَابَهُ وَیَقُولُ یُرِیدُونَ مِنَّا أَنْ نَعْلَمَ الْغَیْبَ قَالَ فَخَرَجَ الْخَادِمُ فَقَالَ مَعَکُمْ کُتُبُ فُلَانٍ وَفُلَانٍ وَهِمْیَانٌ فِیهِ أَلْفُ دِینَارٍ عَشَرَةُ دَنَانِیرَ مِنْهَا مُطَلَّسَةٌ فَدَفَعُوا الْکُتُبَ وَالْمَالَ وَقَالُوا الَّذِی وَجَّهَ بِکَ لِأَجْلِ ذَلِکَ هُوَ الْإِمَامُ فَدَخَلَ جَعْفَرُ بْنُ عَلِیٍّ عَلَی الْمُعْتَمِدِ وَکَشَفَ لَهُ ذَلِکَ فَوَجَّهَ الْمُعْتَمِدُ خَدَمَهُ فَقَبَضُوا عَلَی صَقِیلَ الْجَارِیَةِ وَطَالَبُوهَا بِالصَّبِیِّ فَأَنْکَرَتْهُ وَادَّعَتْ حَمْلًا بِهَا لِتُغَطِّیَ عَلَی حَالِ الصَّبِیِّ فَسُلِّمَتْ إِلَی ابْنِ أَبِی الشَّوَارِبِ الْقَاضِی وَبَغَتَهُمْ مَوْتُ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ یَحْیَی بْنِ خَاقَانَ فَجْأَةً وَخُرُوجُ صَاحِبِ الزِّنْجِ بِالْبَصْرَةِ فَشُغِلُوا بِذَلِکَ عَنِ الْجَارِیَةِ فَخَرَجَتْ عَنْ أَیْدِیهِمْ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِینَ لَا شَرِیکَ لَهُ.

ص:376

حَتَّی أَدْخَلْنَهَا الْقُبَّةَ الشَّرِیفَةَ فِی مَقَامِ صَاحِبِ الزَّمَانِ ع وَبِتْنَ بِأَجْمَعِهِنَّ فِی بَابِ الْقُبَّةِ فَلَمَّا کَانَ رُبُعُ اللَّیْلِ فَإِذَا هِیَ قَدْ خَرَجَتْ عَلَیْهِنَّ وَقَدْ ذَهَبَ الْعَمَی عَنْهَا وَهِیَ تُقْعِدُهُنَّ وَاحِدَةً بَعْدَ وَاحِدَةٍ وَتَصِفُ ثِیَابَهُنَّ وَحُلِیَّهُنَّ فَسُرِرْنَ بِذَلِکَ وَحَمِدْنَ اللَّهَ تَعَالَی عَلَی حُسْنِ الْعَافِیَةِ وَقُلْنَ لَهَا کَیْفَ کَانَ ذَلِکِ فَقَالَتْ لَمَّا جَعَلْتُنَّنِی فِی الْقُبَّةِ وَخَرَجْتُنَّ عَنِّی أَحْسَسْتُ بِیَدٍ قَدْ وُضِعَتْ عَلَی یَدِی وَقَائِلٌ یَقُولُ اخْرُجِی قَدْ عَافَاکِ اللَّهُ تَعَالَی فَانْکَشَفَ الْعَمَی عَنِّی وَرَأَیْتُ الْقُبَّةَ قَدِ امْتَلَأَتْ نُوراً وَرَأَیْتُ الرَّجُلَ فَقُلْتُ لَهُ مَنْ أَنْتَ یَا سَیِّدِی فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ثُمَّ غَابَ عَنِّی فَقُمْنَ وَخَرَجْنَ إِلَی بُیُوتِهِنَّ وَتَشَیَّعَ وَلَدُهَا عُثْمَانُ وَحَسُنَ اعْتِقَادُهُ وَاعْتِقَادُ أُمِّهِ الْمَذْکُورَةِ وَاشْتَهَرَتِ الْقِصَّةُ بَیْنَ أُولَئِکَ الْأَقْوَامِ وَمَنْ سَمِعَ هَذَا الْکَلَامَ وَاعْتَقَدَ وُجُودَ الْإِمَامِ علیه السلام وَکَانَ ذَلِکَ فِی سَنَةِ أَرْبَعٍ وَأَرْبَعِینَ وَسَبْعِمِائَةٍ.

ص:378

وَأَخَذُوا مَا کَانَ عَلَیَّ مِنَ الثِّیَابِ تَقْطِیعاً وَتَنْتِیفاً یَتَبَرَّکُونَ فِیهَا وَکَسَانِی النَّاسُ مِنْ ثِیَابِهِمْ وَرُحْتُ إِلَی الْبَیْتِ وَلَیْسَ بِی أَثَرُ الْفَالِجِ وَبَعَثْتُ إِلَی النَّاسِ ثِیَابَهُمْ وَکُنْتُ أَسْمَعُهُ یَحْکِی ذَلِکَ لِلنَّاسِ وَلِمَنْ یَسْتَحْکِیهِ مِرَاراً حَتَّی مَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

ص:380

ص:384

وَذَهَبَ عَنْکَ الْعَمَی أَ تَعْرِفُنِی فَقُلْتُ اللَّهُمَ لَا قَالَ أَنَا الْمَهْدِیُّ أَنَا قَائِمُ الزَّمَانِ أَنَا الَّذِی أَمْلَؤُهَا عَدْلاً کَمَا مُلِئَتْ ظُلْماً وَجَوْراً إِنَّ الْأَرْضَ لَا تَخْلُو مِنْ حُجَّةٍ وَلَا یَبْقَی النَّاسُ فِی فَتْرَةٍ أَکْثَرَ مِنْ تِیهِ بَنِی إِسْرَائِیلَ وَقَدْ ظَهَرَ أَیَّامُ خُرُوجِی فَهَذِهِ أَمَانَةٌ فِی رَقَبَتِکَ فَحَدِّثْ بِهَا إِخْوَانَکَ مِنْ أَهْلِ الْحَقِّ.

ص:386

وَآلِهِ علیه السلام أَنْ لَا یُخَیِّبَ سَعْیِی وَأَنْ یُظْهِرَ لِی مَا یَثْبُتُ بِهِ قَلْبِی وَیَزِیدُ فِی بَصَرِی فَلَمَّا کَانَ بَعْدَ سِنِینَ زُرْتُ قَبْرَ الْمُصْطَفَی صلی الله علیه وآله فَبَیْنَا أَنَا فِی الرَّوْضَةِ الَّتِی بَیْنَ الْقَبْرِ وَالْمِنْبَرِ إِذْ غَلَبَتْنِی عَیْنِی فَإِذَا مُحَرِّکٌ یُحَرِّکُنِی فَاسْتَیْقَظْتُ فَإِذَا أَنَا بِالْأَسْوَدِ فَقَالَ مَا خَبَرُکَ وَکَیْفَ کُنْتَ فَقُلْتُ أَحْمَدُ اللَّهَ وَأَذُمُّکَ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ فَإِنِّی أُمِرْتُ بِمَا خَاطَبْتُکَ بِهِ وَقَدْ أَدْرَکْتَ خَیْراً کَثِیراً فَطِبْ نَفْساً وَازْدَدْ مِنَ الشُّکْرِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَی مَا أَدْرَکْتَ وَعَایَنْتَ مَا فَعَلَ فُلَانٌ وَسَمَّی بَعْضَ إِخْوَانِیَ الْمُسْتَبْصِرِینَ فَقُلْتُ بِبُرْقَةَ فَقَالَ صَدَقْتَ فَفُلَانٌ وَسَمَّی رَفِیقاً لِی مُجْتَهِداً فِی الْعِبَادَةِ مُسْتَبْصِراً فِی الدِّیَانَةِ فَقُلْتُ بِالْإِسْکَنْدَرِیَّةِ حَتَّی سَمَّی لِی عِدَّةً مِنْ إِخْوَانِی ثُمَّ ذَکَرَ اسْماً غَرِیباً فَقَالَ مَا فَعَلَ نقفور قُلْتُ لَا أَعْرِفُهُ فَقَالَ کَیْفَ تَعْرِفُهُ وَهُوَ رُومِیٌّ فَیَهْدِیهِ اللَّهُ فَیَخْرُجُ نَاصِراً مِنْ قُسْطَنْطِینِیَّةَ ثُمَّ سَأَلَنِی عَنْ رَجُلٍ آخَرَ فَقُلْتُ أَعْرِفُهُ فَقَالَ هَذَا رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ هِیتَ مِنْ أَنْصَارِ مَوْلَایَ علیه السلام امْضِ إِلَی أَصْحَابِکَ فَقُلْ لَهُمْ نَرْجُو أَنْ یَکُونَ قَدْ أَذِنَ اللَّهُ فِی الِانْتِصَارِ لِلْمُسْتَضْعَفِینَ وَفِی الِانْتِقَامِ مِنَ الظَّالِمِینَ وَقَدْ لَقِیتُ جَمَاعَةً مِنْ أَصْحَابِی وَأَدَّیْتُ إِلَیْهِمْ وَأَبْلَغْتُهُمْ مَا حُمِّلْتُ وَأَنَا مُنْصَرِفٌ وَأُشِیرُ عَلَیْکَ أَنْ لَا تَتَلَبَّسَ بِمَا یَثْقُلُ بِهِ ظَهْرُکَ وَتُتْعِبُ بِهِ جِسْمَکَ وَأَنْ تَحْبِسَ نَفْسَکَ عَلَی طَاعَةِ رَبِّکَ فَإِنَّ الْأَمْرَ قَرِیبٌ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَأَمَرْتُ خَازِنِی فَأَحْضَرَنِی خَمْسِینَ دِینَاراً وَسَأَلْتُهُ قَبُولَهَا فَقَالَ یَا أَخِی قَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَیَّ أَنَّ آخُذَ مِنْکَ مَا أَنَا مُسْتَغْنٍ عَنْهُ کَمَا أَحَلَّ لِی أَنْ آخُذَ مِنْکَ الشَّیْ ءَ إِذَا احْتَجْتُ إِلَیْهِ فَقُلْتُ لَهُ هَلْ سَمِعَ هَذَا الْکَلَامَ مِنْکَ أَحَدٌ غَیْرِی مِنْ أَصْحَابِ السُّلْطَانِ فَقَالَ نَعَمْ أَخُوکَ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْهَمَدَانِیُّ الْمَدْفُوعُ عَنْ نِعْمَتِهِ بِأَذْرَبِیجَانَ وَقَدِ اسْتَأْذَنَ لِلْحَجِّ تَأْمِیلًا أَنْ یَلْقَی مَنْ لَقِیتَ فَحَجَّ أَحْمَدُ بْنُ الْحُسَیْنِ الْهَمَدَانِیُّ فِی تِلْکَ السَّنَةِ فَقَتَلَهُ رکزویه بْنُ مَهْرَوَیْهِ وَافْتَرَقْنَا وَانْصَرَفْتُ إِلَی الثَّغْرِ ثُمَّ

ص:388

حَجَجْتُ فَلَقِیتُ بِالْمَدِینَةِ رَجُلًا اسْمُهُ طَاهِرٌ مِنْ وُلْدِ الْحُسَیْنِ الْأَصْغَرِ یُقَالُ إِنَّهُ یَعْلَمُ مِنْ هَذَا الْأَمْرِ شَیْئاً فَثَابَرْتُ عَلَیْهِ حَتَّی أَنِسَ بِی وَسَکَنَ إِلَیَّ وَوَقَفَ عَلَی صِحَّةِ عَقْدِی فَقُلْتُ لَهُ یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ بِحَقِّ آبَائِکَ الطَّاهِرِینَ علیه السلام لَمَّا جَعَلْتَنِی مِثْلَکَ فِی الْعِلْمِ بِهَذَا الْأَمْرِ فَقَدْ شَهِدَ عِنْدِی مَنْ تُوَثِّقُهُ بِقَصْدِ الْقَاسِمِ بْنِ عُبَیْدِ اللَّهِ بْنِ سُلَیْمَانَ بْنِ وَهْبٍ إِیَّایَ لِمَذْهَبِی وَاعْتِقَادِی وَأَنَّهُ أَغْرَی بِدَمِی مِرَاراً فَسَلَّمَنِیَ اللَّهُ مِنْهُ فَقَالَ یَا أَخِی اکْتُمْ مَا تَسْمَعُ مِنِّی الْخَیْرُ فِی هَذِهِ الْجِبَالِ وَإِنَّمَا یَرَی الْعَجَائِبَ الَّذِینَ یَحْمِلُونَ الزَّادَ فِی اللَّیْلِ وَیَقْصِدُونَ بِهِ مَوَاضِعَ یَعْرِفُونَهَا وَقَدْ نُهِینَا عَنِ الْفَحْصِ وَالتَّفْتِیشِ فَوَدَّعْتُهُ وَانْصَرَفْتُ عَنْهُ.

ص:389

الْعِرَاقِ فَقَالَ لِی مِنْ أَیِّ الْعِرَاقِ قُلْتُ مِنَ الْأَهْوَازِ فَقَالَ لِی تَعْرِفُ بِهَا ابْنَ الْخَضِیبِ فَقُلْتُ رَحِمَهُ اللَّهُ دُعِیَ فَأَجَابَ فَقَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ فَمَا کَانَ أَطْوَلَ لَیْلَتَهُ وَأَکْثَرَ تَبَتُّلَهُ وَأَغْزَرَ دَمْعَتَهُ أَ فَتَعْرِفُ عَلِیَّ بْنَ إِبْرَاهِیمَ الْمَازِیَارَ فَقُلْتُ أَنَا عَلِیُّ بْنُ إِبْرَاهِیمَ فَقَالَ حَیَّاکَ اللَّهُ أَبَا الْحَسَنِ مَا فَعَلْتَ بِالْعَلَامَةِ الَّتِی بَیْنَکَ وَبَیْنَ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍّ فَقُلْتُ مَعِی قَالَ أَخْرِجْهَا فَأَدْخَلْتُ یَدِی فِی جَیْبِی فَاسْتَخْرَجْتُهَا فَلَمَّا أَنْ رَآهَا لَمْ یَتَمَالَکْ أَنْ تَغَرْغَرَتْ عَیْنَاهُ وَبَکَی مُنْتَحِباً حَتَّی بَلَّ أَطْمَارَهُ ثُمَّ قَالَ أُذِنَ لَکَ الآْنَ یَا ابْنَ الْمَازِیَارِ صِرْ إِلَی رَحْلِکَ وَکُنْ عَلَی أُهْبَةٍ مِنْ أَمْرِکَ حَتَّی إِذَا لَبِسَ اللَّیْلُ جِلْبَابَهُ وَغَمَرَ النَّاسَ ظَلَامُهُ صِرْ إِلَی شِعْبِ بَنِی عَامِرٍ فَإِنَّکَ سَتَلْقَانِی هُنَاکَ فَصِرْتُ إِلَی مَنْزِلِی فَلَمَّا أَنْ حَسَسْتُ بِالْوَقْتِ أَصْلَحْتُ رَحْلِی وَقَدَّمْتُ رَاحِلَتِی وَعَکَمْتُهَا شَدِیداً وَحَمَلْتُ وَصِرْتُ فِی مَتْنِهِ وَأَقْبَلْتُ مُجِدّاً فِی السَّیْرِ حَتَّی وَرَدْتُ الشِّعْبَ فَإِذَا أَنَا بِالْفَتَی قَائِمٌ یُنَادِی إِلَیَّ یَا أَبَا الْحَسَنِ إِلَیَّ فَمَا زِلْتُ نَحْوَهُ فَلَمَّا قَرُبْتُ بَدَأَنِی بِالسَّلَامِ وَقَالَ لِی سِرْ بِنَا یَا أَخِ [أَخِی] فَمَا زَالَ یُحَدِّثُنِی وَأُحَدِّثُهُ حَتَّی تَخَرَّقْنَا جِبَالَ عَرَفَاتٍ وَسِرْنَا إِلَی جِبَالِ مِنًی وَانْفَجَرَ الْفَجْرُ الْأَوَّلُ وَنَحْنُ قَدْ تَوَسَّطْنَا جِبَالَ الطَّائِفِ فَلَمَّا أَنْ کَانَ هُنَاکَ أَمَرَنِی بِالنُّزُولِ وَقَالَ لِی انْزِلْ فَصَلِّ صَلَاةَ اللَّیْلِ فَصَلَّیْتُ وَأَمَرَنِی بِالْوَتْرِ فَأَوْتَرْتُ وَکَانَتْ فَائِدَةً مِنْهُ ثُمَّ أَمَرَنِی بِالسُّجُودِ وَالتَّعْقِیبِ ثُمَّ فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ وَرَکِبَ وَأَمَرَنِی بِالرُّکُوبِ وَسَارَ وَسِرْتُ مَعَهُ حَتَّی عَلَا ذِرْوَةَ الطَّائِفِ فَقَالَ هَلْ تَرَی شَیْئاً قُلْتُ نَعَمْ أَرَی کَثِیبَ رَمْلٍ عَلَیْهِ بَیْتُ شَعْرٍ یَتَوَقَّدُ الْبَیْتُ نُوراً فَلَمَّا أَنْ رَأَیْتُهُ طَابَتْ نَفْسِی فَقَالَ لِی هَنَّأَکَ الْأَمَلُ وَالرَّجَاءُ ثُمَّ قَالَ سِرْ بِنَا یَا أَخِ [أَخِی فَسَارَ وَسِرْتُ بِمَسِیرِهِ إِلَی أَنِ انْحَدَرَ مِنَ الذِّرْوَةِ وَسَارَ فِی أَسْفَلِهِ فَقَالَ انْزِلْ فَهَاهُنَا یَذِلُّ کُلُّ صَعْبٍ وَیَخْضَعُ کُلُّ جَبَّارٍ ثُمَّ قَالَ خَلِّ عَنْ زِمَامِ النَّاقَةِ قُلْتُ فَعَلَی مَنْ أُخَلِّفُهَا فَقَالَ حَرَمُ الْقَائِمِ علیه السلام لَا یَدْخُلُهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ وَلَا یَخْرُجُ مِنْهُ إِلَّا مُؤْمِنٌ فَخَلَّیْتُ عَنْ زِمَامِ رَاحِلَتِی وَسَارَ وَسِرْتُ مَعَهُ إِلَی أَنْ دَنَا مِنْ بَابِ الْخِبَاءِ فَسَبَقَنِی

ص:393

بِالدُّخُولِ وَأَمَرَنِی أَنْ أَقِفَ حَتَّی یَخْرُجَ إِلَیَّ ثُمَّ قَالَ لِی ادْخُلْ هَنَّأَکَ السَّلَامَةُ فَدَخَلْتُ فَإِذَا أَنَا بِهِ جَالِسٌ قَدِ اتَّشَحَ بِبُرْدَةٍ وَاتَّزَرَ بِأُخْرَی وَقَدْ کَسَرَ بُرْدَتَهُ عَلَی عَاتِقِهِ وَهُوَ کَأُقْحُوَانَةِ أُرْجُوَانٍ قَدْ تَکَاثَفَ عَلَیْهَا النَّدَی وَأَصَابَهَا أَلَمُ الْهَوَی وَإِذَا هُوَ کَغُصْنِ بَانٍ أَوْ قَضِیبِ رَیْحَانٍ سَمْحٌ سَخِیٌّ تَقِیٌّ نَقِیٌّ لَیْسَ بِالطَّوِیلِ الشَّامِخِ وَلَا بِالْقَصِیرِ اللَّازِقِ بَلْ مَرْبُوعُ الْقَامَةِ مُدَوَّرُ الْهَامَةِ صَلْتُ الْجَبِینِ أَزَجُّ الْحَاجِبَیْنِ أَقْنَی الْأَنْفِ سَهْلُ الْخَدَّیْنِ عَلَی خَدِّهِ الْأَیْمَنِ خَالٌ کَأَنَّهُ فُتَاتُ مِسْکٍ عَلَی رَضْرَاضَةِ عَنْبَرٍ فَلَمَّا أَنْ رَأَیْتُهُ بَدَرْتُهُ بِالسَّلَامِ فَرَدَّ عَلَیَّ أَحْسَنَ مَا سَلَّمْتُ عَلَیْهِ وَشَافَهَنِی وَسَأَلَنِی عَنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ فَقُلْتُ سَیِّدِی قَدْ أُلْبِسُوا جِلْبَابَ الذِّلَّةِ وَهُمْ بَیْنَ الْقَوْمِ أَذِلَّاءُ فَقَالَ لِی یَا ابْنَ الْمَازِیَارِ لَتَمْلِکُونَهُمْ کَمَا مَلَکُوکُمْ وَهُمْ یَوْمَئِذٍ أَذِلَّاءُ فَقُلْتُ سَیِّدِی لَقَدْ بَعُدَ الْوَطَنُ وَطَالَ الْمَطْلَبُ فَقَالَ یَا ابْنَ الْمَازِیَارِ أَبِی أَبُو مُحَمَّدٍ عَهِدَ إِلَیَّ أَنْ لَا أُجَاوِرَ قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَیْهِمْ وَلَهُمُ الْخِزْیُ فِی الدُّنْیَا وَالْآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِیمٌ وَأَمَرَنِی أَنْ لَا أَسْکُنَ مِنَ الْجِبَالِ إِلَّا وَعْرَهَا وَمِنَ الْبِلَادِ إِلَّا قَفْرَهَا وَاللَّهِ مَوْلَاکُمْ أَظْهَرَ التَّقِیَّةَ فَوَکَلَهَا بِی فَأَنَا فِی التَّقِیَّةِ إِلَی یَوْمِ یُؤْذَنُ لِی فَأَخْرُجُ فَقُلْتُ یَا سَیِّدِی مَتَی یَکُونُ هَذَا الْأَمْرُ فَقَالَ إِذَا حِیلَ بَیْنَکُمْ وَبَیْنَ سَبِیلِ الْکَعْبَةِ وَاجْتَمَعَ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَاسْتَدَارَ بِهِمَا الْکَوَاکِبُ وَالنُّجُومُ فَقُلْتُ مَتَی یَا ابْنَ رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ لِی فِی سَنَةِ کَذَا وَکَذَا تَخْرُجُ دَابَّةُ الْأَرْضِ مِنْ بَیْنِ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَمَعَهُ عَصَا مُوسَی وَخَاتَمُ سُلَیْمَانَ تَسُوقُ النَّاسَ إِلَی الْمَحْشَرِ قَالَ فَأَقَمْتُ عِنْدَهُ أَیَّاماً وَأَذِنَ لِی بِالْخُرُوجِ بَعْدَ أَنِ اسْتَقْصَیْتُ لِنَفْسِی وَخَرَجْتُ نَحْوَ مَنْزِلِی وَاللَّهِ لَقَدْ سِرْتُ مِنْ مَکَّةَ إِلَی الْکُوفَةِ وَمَعِی غُلَامٌ یَخْدُمُنِی فَلَمْ أَرَ إِلَّا خَیْراً وَصَلَّی اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِیماً.

ص:394

الطَّاهِرِینَ وَبَشَّرَ بِکَ رَسُولُ اللَّهِ وَسَمَّاکَ وَکَنَّاکَ بِذَلِکَ عَهِدَ إِلَیَّ أَبِی عَنْ آبَائِکَ الطَّاهِرِینَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی أَهْلِ الْبَیْتِ رَبُّنَا إِنَّهُ حَمِیدٌ مَجِیدٌ وَمَاتَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِیٍّ مِنْ وَقْتِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِمْ أَجْمَعِینَ.

ص:400

هَذَا الْأَمْرِ أَکْثَرُ الْقَائِلِینَ بِهِ فَلَا یَبْقَی إِلَّا مَنْ أَخَذَ اللَّهُ عَهْدَهُ بِوَلَایَتِنَا وَکَتَبَ فِی قَلْبِهِ الْإِیمَانَ وَأَیَّدَهُ بِرُوحٍ مِنْهُ یَا أَحْمَدَ بْنَ إِسْحَاقَ هَذَا أَمْرٌ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ وَسِرٌّ مِنْ سِرِّ اللَّهِ وَغَیْبٌ مِنْ غَیْبِ اللَّهِ فَخُذْ ما آتَیْتُکَ وَاکْتُمْهُ وَکُنْ مِنَ الشَّاکِرِینَ تَکُنْ غَداً فِی عِلِّیِّینَ قَالَ الصَّدُوقُ رَحِمَهُ اللَّهُ لَمْ أَسْمَعُ هَذَا الْحَدِیثَ إِلَّا مِنْ عَلِیِّ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْوَرَّاقِ وَوَجَدْتُهُ مُثْبَتاً بِخَطِّهِ فَسَأَلْتُهُ عَنْهُ فَرَوَاهُ لِی قِرَاءَةً عَنْ سَعْدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ إِسْحَاقَ رَضِیَ اللَّهُ عَنْهُ کَمَا ذَکَرْتُهُ.

ص:402

فَفَقَّهَنِی فَقُلْتُ لَهُ إِنَّا نَجِدُ فِی کُتُبِنَا أَنَّهُ لَا یَمْضِی خَلِیفَةٌ إِلَّا عَنْ خَلِیفَةٍ فَمَنْ کَانَ خَلِیفَةَ عَلِیٍّ قَالَ الْحَسَنُ ثُمَّ الْحُسَیْنُ ثُمَّ سَمَّی الْأَئِمَّةَْ حَتَّی بَلَغَ إِلَی الْحَسَنِ ثُمَّ قَالَ لِی تَحْتَاجُ أَنْ تَطْلُبَ خَلِیفَةَ الْحَسَنِ وَتَسْأَلَ عَنْهُ فَخَرَجْتُ فِی الطَّلَبِ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَوَافَی مَعَنَا بَغْدَادَ فَذَکَرَ لَنَا أَنَّهُ کَانَ مَعَهُ رَفِیقٌ قَدْ صَحِبَهُ عَلَی هَذَا الْأَمْرِ فَکَرِهَ بَعْضَ أَخْلَاقِهِ فَفَارَقَهُ قَالَ فَبَیْنَا أَنَا یَوْماً وَقَدْ مَشَیْتُ فِی الصَّرَاةِ وَأَنَا مُفَکِّرٌ فِیمَا خَرَجْتُ لَهُ إِذْ أَتَانِی آتٍ فَقَالَ لِی أَجِبْ مَوْلَاکَ فَلَمْ یَزَلْ یَخْتَرِقُ بِیَ الْمُحَالَ حَتَّی أَدْخَلَنِی دَاراً وَبُسْتَاناً وَإِذَا بِمَوْلَایَ جَالِسٌ فَلَمَّا نَظَرَ إِلَیَّ کَلَّمَنِی بِالْهِنْدِیَّةِ وَسَلَّمَ عَلَیَّ وَأَخْبَرَنِی بِاسْمِی وَسَأَلَنِی عَنِ الْأَرْبَعِینَ رَجُلًا بِأَسْمَائِهِمْ عَنِ اسْمِ رَجُلٍ رَجُلٍ ثُمَّ قَالَ لِی تُرِیدُ الْحَجَّ مَعَ أَهْلِ قُمَّ فِی هَذِهِ السَّنَةِ فَلَا تَحُجَّ فِی هَذِهِ السَّنَةِ وَانْصَرِفْ إِلَی خُرَاسَانَ وَحُجَّ مِنْ قَابِلٍ قَالَ وَرَمَی إِلَیَّ بِصُرَّةٍ وَقَالَ اجْعَلْ هَذِهِ فِی نَفَقَتِکَ وَلَا تَدْخُلْ فِی بَغْدَادَ دَارَ أَحَدٍ وَلَا تُخْبِرْ بِشَیْ ءٍ مِمَّا رَأَیْتَ قَالَ مُحَمَّدٌ فَانْصَرَفْتُ مِنَ الْعَقَبَةِ وَلَمْ یُقْضَ لَنَا الْحَجُّ وَخَرَجَ غَانِمٌ إِلَی خُرَاسَانَ وَانْصَرَفَ مِنْ قَابِلٍ حَاجّاً فَبَعَثَ إِلَیْهِ بِأَلْطَافٍ وَلَمْ یَدْخُلْ قُمَّ وَحَجَّ وَانْصَرَفَ إِلَی خُرَاسَانَ فَمَاتَ رَحِمَهُ اللَّهُ.

ص:409

فِی وَقْتِ الصَّیْفِ وَإِنِّی لَأَدْخُلُ الْمَاءَ بِالنَّهَارِ فَأَرُشُّ الْبَیْتَ وَأَدَعُ الْکُوزَ فَارِغاً وَأُوتَی بِالطَّعَامِ وَلَا حَاجَةَ لِی إِلَیْهِ فَأَصَّدَّقُ بِهِ لَیْلًا لِئَلَّا یَعْلَمَ بِی مَنْ مَعِی.

ص:414

بَدْرٌ یَلُوحُ فِی ظَلَامٍ فَسَلَّمْتُ فَرَدَّ السَّلَامَ بِأَلْطَفِ الْکَلَامِ وَأَحْسَنِهِ ثُمَّ قَالَ لِی أَ تَدْرِی مَنْ أَنَا فَقُلْتُ لَا وَاللَّهِ فَقَالَ أَنَا الْقَائِمُ مِنْ آلِ مُحَمَّدٍأَنَا الَّذِی أَخْرُجُ فِی آخِرِ الزَّمَانِ بِهَذَا السَّیْفِ وَأَشَارَ إِلَیْهِ فَأَمْلَأُ الْأَرْضَ عَدْلاً وَقِسْطاً کَمَا مُلِئَتْ جَوْراً وَظُلْماً فَسَقَطْتُ عَلَی وَجْهِی وَتَعَفَّرْتُ فَقَالَ لَا تَفْعَلْ ارْفَعْ رَأْسَکَ أَنْتَ فُلَانٌ مِنْ مَدِینَةٍ بِالْجَبَلِ یُقَالُ لَهَا هَمَذَانُ قُلْتُ صَدَقْتَ یَا سَیِّدِی وَمَوْلَایَ قَالَ فَتُحِبُّ أَنْ تَئُوبَ إِلَی أَهْلِکَ قُلْتُ نَعَمْ یَا سَیِّدِی وَأُبَشِّرُهُمْ بِمَا أَتَاحَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِی فَأَوْمَأَ إِلَی الْخَادِمِ فَأَخَذَ بِیَدِی وَنَاوَلَنِی صُرَّةً وَخَرَجَ وَمَشَی مَعِی خُطُوَاتٍ فَنَظَرْتُ إِلَی ظِلَالٍ وَأَشْجَارٍ وَمَنَارَةِ مَسْجِدٍ فَقَالَ أَ تَعْرِفُ هَذَا الْبَلَدَ قُلْتُ إِنَّ بِقُرْبِ بَلَدِنَا بَلْدَةً تُعْرَفُ بِأَسْتَابَادَ وَهِیَ تُشْبِهُهَا قَالَ فَقَالَ هَذِهِ أَسْتَابَادُ امْضِ رَاشِداً فَالْتَفَتُّ فَلَمْ أَرَهُ وَدَخَلْتُ أَسْتَابَادَ وَإِذَا فِی الصُّرَّةِ أَرْبَعُونَ أَوْ خَمْسُونَ دِینَاراً فَوَرَدْتُ هَمَذَانَ وَجَمَعْتُ أَهْلِی وَبَشَّرْتُهُمْ بِمَا أَتَاحَ اللَّهُ لِی وَیَسَّرَهُ عَزَّ وَجَلَّ وَلَمْ نَزَلْ بِخَیْرٍ مَا بَقِیَ مَعَنَا مِنْ تِلْکَ الدَّنَانِیرِ(1)

ص:417

جَعْفَرٍ جَعَلَ یَنْظُرُ بَعْضُهُمْ إِلَی بَعْضٍ فَقَالَ لَهُمُ احْمِلُوا هَذَا الْمَالَ إِلَیَّ فَقَالُوا إِنَّا قَوْمٌ مُسْتَأْجَرُونَ وُکَلَاءُ لِأَرْبَابِ الْمَالِ وَلَا نُسَلِّمُ الْمَالَ إِلَّا بِالْعَلَامَاتِ الَّتِی کُنَّا نَعْرِفُهَا مِنْ سَیِّدِنَا أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍ علیه السلام فَإِنْ کُنْتَ الْإِمَامَ فَبَرْهِنْ لَنَا وَإِلَّا رَدَدْنَاهَا إِلَی أَصْحَابِهَا یَرَوْنَ فِیهَا رَأْیَهُمْ قَالَ فَدَخَلَ جَعْفَرٌ عَلَی الْخَلِیفَةِ وَکَانَ بِسُرَّ مَنْ رَأَی فَاسْتَعْدَی عَلَیْهِمْ فَلَمَّا حَضَرُوا قَالَ الْخَلِیفَةُ احْمِلُوا هَذَا الْمَالَ إِلَی جَعْفَرٍ قَالُوا أَصْلَحَ اللَّهُ أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّا قَوْمٌ مُسْتَأْجَرُونَ وُکَلَاءُ لِأَرْبَابِ هَذِهِ الْأَمْوَالِ وَهِیَ وَدَاعَةٌ لِجَمَاعَةٍ أَمَرُونَا أَنْ لَا نُسَلِّمَهَا إِلَّا بِعَلَامَةٍ وَدَلَالَةٍ وَقَدْ جَرَتْ بِهَذَا الْعَادَةُ مَعَ أَبِی مُحَمَّدٍ الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍ علیه السلام فَقَالَ الْخَلِیفَةُ وَمَا الدَّلَالَةُ الَّتِی کَانَتْ لِأَبِی مُحَمَّدٍ قَالَ الْقَوْمُ کَانَ یَصِفُ الدَّنَانِیرَ وَأَصْحَابَهَا وَالْأَمْوَالَ وَکَمْ هِیَ فَإِذَا فَعَلَ ذَلِکَ سَلَّمْنَاهَا إِلَیْهِ وَقَدْ وَفَدْنَا عَلَیْهِ مِرَاراً فَکَانَتْ هَذِهِ عَلَامَتَنَا مِنْهُ وَدَلَالَتَنَا وَقَدْ مَاتَ فَإِنْ یَکُنْ هَذَا الرَّجُلُ صَاحِبَ هَذَا الْأَمْرِ فَلْیُقِمْ لَنَا مَا کَانَ یُقِیمُ لَنَا أَخُوهُ وَإِلَّا رَدَدْنَاهَا إِلَی أَصْحَابِهَا فَقَالَ جَعْفَرٌ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ کَذَّابُونَ یَکْذِبُونَ عَلَی أَخِی وَهَذَا عِلْمُ الْغَیْبِ فَقَالَ الْخَلِیفَةُ الْقَوْمُ رُسُلٌ وَما عَلَی الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِینُ قَالَ فَبُهِتَ جَعْفَرٌ وَلَمْ یُحِرْ جَوَاباً فَقَالَ الْقَوْمُ یَتَطَوَّلُ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ بِإِخْرَاجِ أَمْرِهِ إِلَی مَنْ یُبَدْرِقُنَا حَتَّی نَخْرُجَ مِنْ هَذِهِ الْبَلْدَةِ قَالَ فَأَمَرَ لَهُمْ بِنَقِیبٍ فَأَخْرَجَهُمْ مِنْهَا فَلَمَّا أَنْ خَرَجُوا مِنَ الْبَلَدِ خَرَجَ عَلَیْهِمْ غُلَامٌ أَحْسَنُ النَّاسِ وَجْهاً کَأَنَّهُ خَادِمٌ فَنَادَی یَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ وَیَا فُلَانَ بْنَ فُلَانٍ أَجِیبُوا مَوْلَاکُمْ قَالَ فَقَالُوا لَهُ أَنْتَ مَوْلَانَا قَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنَا عَبْدُ مَوْلَاکُمْ فَسِیرُوا إِلَیْهِ قَالُوا فَسِرْنَا مَعَهُ حَتَّی دَخَلْنَا دَارَ مَوْلَانَا الْحَسَنِ بْنِ عَلِیٍ علیه السلام فَإِذَا وَلَدُهُ الْقَائِمُ علیه السلام قَاعِدٌ عَلَی سَرِیرٍ کَأَنَّهُ فِلْقَةُ الْقَمَرِ عَلَیْهِ ثِیَابٌ خُضْرٌ فَسَلَّمْنَا عَلَیْهِ فَرَدَّ عَلَیْنَا السَّلَامَ ثُمَّ قَالَ جُمْلَةُ الْمَالِ کَذَا وَکَذَا دِینَاراً حَمَلَ فُلَانٌ کَذَا

ص:420

وَفُلَانٌ کَذَا وَلَمْ یَزَلْ یَصِفُ حَتَّی وَصَفَ الْجَمِیعَ ثُمَّ وَصَفَ ثِیَابَنَا وَرِحَالَنَا وَمَا کَانَ مَعَنَا مِنَ الدَّوَابِّ فَخَرَرْنَا سُجَّداً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ شُکْراً لِمَا عَرَفْنَا وَقَبَّلْنَا الْأَرْضَ بَیْنَ یَدَیْهِ ثُمَّ سَأَلْنَاهُ عَمَّا أَرَدْنَا فَأَجَابَ فَحَمَلْنَا إِلَیْهِ الْأَمْوَالَ وَأَمَرَنَا الْقَائِمُ أَنْ لَا نَحْمِلَ إِلَی سُرَّ مَنْ رَأَی بَعْدَهَا شَیْئاً فَإِنَّهُ یَنْصِبُ لَنَا بِبَغْدَادَ رَجُلًا نَحْمِلُ إِلَیْهِ الْأَمْوَالَ وَیَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ التَّوْقِیعَاتُ قَالَ فَانْصَرَفْنَا مِنْ عِنْدِهِ وَدَفَعَ إِلَی أَبِی الْعَبَّاسِ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقُمِّیِّ الْحِمْیَرِیِّ شَیْئاً مِنَ الْحَنُوطِ وَالْکَفَنِ وَقَالَ لَهُ أَعْظَمَ اللَّهُ أَجْرَکَ فِی نَفْسِکَ قَالَ فَمَا بَلَغَ أَبُو الْعَبَّاسِ عَقَبَةَ هَمَذَانَ حَتَّی تُوُفِّیَ رَحِمَهُ اللَّهُ وَکَانَ بَعْدَ ذَلِکَ تُحْمَلُ الْأَمْوَالُ إِلَی بَغْدَادَ إِلَی النُّوَّابِ الْمَنْصُوبِینَ وَیَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِمُ التَّوْقِیعَاتُ.

ص:421

مُلْحَقَاتٌ

الشَّیْخُ قَدْ سَبَقَنِی إِلَی أَهْلِهِ عَلَی اخْتِیَارِهِ فَلَمَّا جِئْتُ فِی أَوَانِ الزِّیَارَةِ وَلَقِیتُهُ فِی مَنْزِلِهِ بِالْحِلَّةِ قَالَ لِی تِلْکَ الْحَاجَةُ انْقَضَتْ قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ وَلَمْ أُحَدِّثْ بِهَذَا الْحَدِیثِ قَبْلَکَ أَحَداً مُنْذُ تُوُفِّیَ الشَّیْخُ إِلَی الآْنَ کَانَ لَهُ مُنْذُ مَاتَ ثَلَاثُونَ سَنَةً تَقْرِیباً وَمِنْ ذَلِکَ مَا عَرَفْتُهُ مِمَّنْ تَحَقَّقْتُ صِدْقَهُ فِیمَا ذَکَرُهُ قَالَ کُنْتُ قَدْ سَأَلْتُ مَوْلَانَا الْمَهْدِیَّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ أَنْ یَأْذَنَ لِی فِی أَنْ أَکُونَ مِمَّنْ یُشَرَّفُ بِصُحْبَتِهِ وَخِدْمَتِهِ فِی وَقْتِ غَیْبَتِهِ أُسْوَةً بِمَنْ یَخْدُمُهُ مِنْ عَبِیدِهِ وَخَاصَّتِهِ وَلَمْ أَطَّلِعْ عَلَی هَذَا الْمُرَادِ أَحَداً مِنَ الْعِبَادِ فَحَضَرَ عِنْدِی هَذَا الرَّشِیدُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْوَاسِطِیُّ الْمُقَدَّمُ ذِکْرُهُ یَوْمَ الْخَمِیسِ تَاسِعَ عشرین [عَشَرَ مِنْ] رَجَبٍ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِینَ وَسِتِّمِائَةٍ وَقَالَ لِیَ ابْتِدَاءً مِنْ نَفْسِهِ قَدْ قَالُوا لَکَ مَا قَصْدُنَا إِلَّا الشَّفَقَةُ عَلَیْکَ فَإِنْ کُنْتَ تُوَطِّنُ نَفْسَکَ عَلَی الصَّبْرِ حَصَلَ الْمُرَادُ فَقُلْتُ لَهُ عَمَّنْ تَقُولُ هَذَا فَقَالَ عَنْ مَوْلَانَا الْمَهْدِیِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَمِنْ ذَلِکَ مَا عَرَفْتُهُ مِمَّنْ حَقَّقْتُ حَدِیثَهُ وَصَدَّقْتُهُ أَنَّهُ قَالَ کَتَبْتُ إِلَی مَوْلَانَا الْمَهْدِیِّ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَیْهِ وَعَلَی آبَائِهِ الطَّاهِرِینَ کِتَاباً یَتَضَمَّنُ عِدَّةَ مُهِمَّاتٍ وَسَأَلْتُ جَوَابَهُ بِقَلَمِهِ الشَّرِیفِ عَنْهَا وَحَمَلْتُهُ مَعِی إِلَی السِّرْدَابِ الشَّرِیفِ بِسُرَّ مَنْ رَأَی فَجَعَلْتُ الْکِتَابَ فِی السِّرْدَابِ ثُمَّ خِفْتُ عَلَیْهِ فَأَخَذْتُهُ مَعِی وَکَانَتْ لَیْلَةُ جُمُعَةٍ وَانْفَرَدْتُ فِی بَعْضِ حُجَرِ مَشْهَدِ الْمُقَدَّسِ قَالَ فَلَمَّا قَارَبَ نِصْفُ اللَّیْلِ دَخَلَ خَادِمٌ مُسْرِعاً فَقَالَ أَعْطِنِی الْکِتَابَ اللَّهُمَّ قَالَ وَیُقَالُ الشَّکُّ مِنَ الرَّاوِی فَجَلَسْتُ لِأَتَطَهَّرَ لِلصَّلَاةِ وَأَبْطَأْتُ لِذَلِکَ فَخَرَجْتُ فَلَمْ أَجِدِ الْخَادِمَ وَلَا الْمَخْدُومَ وَکَانَ الْمُرَادَ مِنْ إِیرَادِ هَذَا الْحَدِیثِ أَنَّهُ علیه السلام اطَّلَعَ عَلَی کِتَابٍ مَا أَطْلَعْتُ عَلَیْهِ أَحَداً مِنَ الْبَشَرِ وَأَنَّهُ نَفَّذَ خَادِمَهُ مُلْتَمَسَهُ فَکَانَ ذَلِکَ آیَةً لِلَّهِ تَعَالَی وَمُعْجِزَةً لَهُ علیه السلام یَعْرِفُ ذَلِکَ مَنْ نَظَرَ.

ص:424

یَمُوتُ حَتَّی یَرَی صَاحِبَ الْأَمْرِ الَّذِی أَشَرْتَ إِلَیْهِ فَقَالَ لِی وَمِنْ أَیْنَ عَلِمْتَ أَنَّهُ لَمْ یَرَهُ ثُمَّ إِنَّنِی اجْتَمَعْتُ فِیمَا بَعْدُ بِالشَّرِیفِ أَبِی الْمَنَاقِبِ وَلَدِ الشَّرِیفِ عُمَرَ بْنِ حَمْزَةَ وَتَفَاوَضْنَا أَحَادِیثَ وَالِدِهِ فَقَالَ إِنَّا کُنَّا ذَاتَ لَیْلَةٍ فِی آخِرِ اللَّیْلِ عِنْدَ وَالِدِی وَهُوَ فِی مَرَضِهِ الَّذِی مَاتَ فِیهِ وَقَدْ سَقَطَتْ قُوَّتُهُ وَخَفَّتْ صَوْتُهُ وَالْأَبْوَابُ مُغَلَّقَةٌ عَلَیْنَا إِذْ دَخَلَ عَلَیْنَا شَخْصٌ هِبْنَاهُ وَاسْتَطْرَفْنَا دُخُولَهُ وَذَهَلْنَا عَنْ سُؤَالِهِ فَجَلَسَ إِلَی جَنْبِ وَالِدِی وَجَعَلَ یُحَدِّثُهُ مَلِیّاً وَوَالِدِی یَبْکِی ثُمَّ نَهَضَ فَلَمَّا غَابَ عَنْ أَعْیُنِنَا تَحَامَلَ وَالِدِی وَقَالَ أَجْلِسُونِی فَأَجْلَسْنَاهُ وَفَتَحَ عَیْنَیْهِ وَقَالَ أَیْنَ الشَّخْصُ الَّذِی کَانَ عِنْدِی فَقُلْنَا خَرَجَ مِنْ حَیْثُ أَتَی فَقَالَ اطْلُبُوهُ فَذَهَبْنَا فِی أَثَرِهِ فَوَجَدْنَا الْأَبْوَابَ مُغَلَّقَةً وَلَمْ نَجِدْ لَهُ أَثَراً فَعُدْنَا إِلَیْهِ فَأَخْبَرْنَاهُ بِحَالِهِ وَأَنَّا لَمْ نَجِدْهُ وَسَأَلْنَاهُ عَنْهُ فَقَالَ هَذَا صَاحِبُ الْأَمْرِ ثُمَّ عَادَ إِلَی ثِقَلِهِ فِی الْمَرَضِ وَأُغْمِیَ عَلَیْهِ.

ص:427

خِلَافَ بَیْنَنَا وَبَیْنَکَ ادْخُلِ الْبَلَدَ فَدَبِّرْهَا کَمَا تَرَی فَأَقَمْتُ فِیهَا زَمَاناً وَکَسَبْتُ أَمْوَالاً زَائِدَةً عَلَی مَا کُنْتُ أَتَوَقَّعُ ثُمَّ وَشَی الْقُوَّادُ بِی إِلَی السُّلْطَانِ وَحُسِدْتُ عَلَی طُولِ مُقَامِی وَکَثْرَةِ مَا اکْتَسَبْتُ فَعُزِلْتُ وَرَجَعْتُ إِلَی بَغْدَادَ فَابْتَدَأْتُ بِدَارِ السُّلْطَانِ وَسَلَّمْتُ وَأَقْبَلْتُ إِلَی مَنْزِلِی وَجَاءَنِی فِیمَنْ جَاءَنِی مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ الْعَمْرِیُّ فَتَخَطَّی النَّاسَ حَتَّی اتَّکَأَ عَلَی تُکَأَتِی فَاغْتَظْتُ مِنْ ذَلِکَ وَلَمْ یَزَلْ قَاعِداً مَا یَبْرَحُ وَالنَّاسُ دَاخِلُونَ وَخَارِجُونَ وَأَنَا أَزْدَادُ غَیْظاً فَلَمَّا تَصَرَّمَ الْمَجْلِسُ دَنَا إِلَیَّ وَقَالَ بَیْنِی وَبَیْنَکَ سِرٌّ فَاسْمَعْهُ فَقُلْتُ قُلْ فَقَالَ صَاحِبُ الشَّهْبَاءِ وَالنَّهَرِ یَقُولُ قَدْ وَفَیْنَا بِمَا وَعَدْنَا فَذَکَرْتُ الْحَدِیثَ وَارْتَعْتُ مِنْ ذَلِکَ وَقُلْتُ السَّمْعَ وَالطَّاعَةَ فَقُمْتُ فَأَخَذْتُ بِیَدِهِ فَفَتَحْتُ الْخَزَائِنَ فَلَمْ یَزَلْ یَخْمُسُهَا إِلَی أَنْ خَمَسَ شَیْئاً کُنْتُ قَدْ أُنْسِیتُهُ مِمَّا کُنْتُ قَدْ جَمَعْتُهُ وَانْصَرَفَ وَلَمْ أَشُکَّ بَعْدَ ذَلِکَ وَتَحَقَّقْتُ الْأَمْرَ فَأَنَا مُنْذُ سَمِعْتُ هَذَا مِنْ عَمِّی أَبِی عَبْدِ اللَّهِ زَالَ مَا کَانَ اعْتَرَضَنِی مِنْ شَکٍّ.

ص:428

إِلَیْهَا قُلْ لَهُ لَا خَوْفَ عَلَیْکَ فِی هَذِهِ الْعِلَّةِ وَیَکُونُ مَالَا بُدَّ مِنْهُ بَعْدَ ثَلَاثِینَ سَنَةً قَالَ فَوَقَعَ عَلَیَّ الدَّمْعُ حَتَّی لَمْ أُطِقْ حَرَاکاً وَتَرَکَنِی وَانْصَرَفَ قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ فَأَعْلَمَنِی بِهَذِهِ الْجُمْلَةِ فَلَمَّا کَانَ سَنَةُ سَبْعٍ وَسِتِّینَ اعْتَلَّ أَبُو الْقَاسِمِ وَأَخَذَ یَنْظُرُ فِی أَمْرِهِ وَتَحْصِیلِ جَهَازِهِ إِلَی قَبْرِهِ فَکَتَبَ وَصِیَّتَهُ وَاسْتَعْمَلَ الْجِدَّ فِی ذَلِکَ فَقِیلَ لَهُ مَا هَذَا الْخَوْفُ وَنَرْجُو أَنْ یَتَفَضَّلَ اللَّهُ بِالسَّلَامَةِ فَمَا عَلَیْکَ بِمَخُوفَةٍ فَقَالَ هَذِهِ السَّنَةُ الَّتِی خُوِّفْتُ فِیهَا فَمَاتَ فِی عِلَّتِهِ.

ص:430

مَوْلَایَ حَسْبِی فَصَاحَ بِی أَقْبِلْ إِلَیَّ فَقُلْتُ فِی نَفْسِی آتِی مَوْلَایَ وَلَمْ أَغْسِلْ یَدِی فَصَاحَ بِی یَا عِیسَی وَهَلْ لِمَا أَکَلْتَ غَمَرٌ فَشَمِمْتُ یَدِی وَإِذَا هِیَ أَعْطَرُ مِنَ الْمِسْکِ وَالْکَافُورِ فَدَنَوْتُ مِنْهُ علیه السلام فَبَدَا لِی نُورٌ غَشِیَ بَصَرِی وَرَهِبْتُ حَتَّی ظَنَنْتُ أَنَّ عَقْلِی قَدِ اخْتَلَطَ فَقَالَ لِی یَا عِیسَی مَا کَانَ لَکَ أَنْ تَرَانِی لَوْالْمُکَذِّبُونَ الْقَائِلُونَ بِأَیْنَ هُوَ وَمَتَی کَانَ وَأَیْنَ وُلِدَ وَمَنْ رَآهُ وَمَا الَّذِی خَرَجَ إِلَیْکُمْ مِنْهُ وَبِأَیِّ شَیْ ءٍ نَبَّأَکُمْ وَأَیِّ مُعْجِزٍ أَتَاکُمْ أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ دَفَعُوا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ مَعَ مَا رَوَوْهُ وَقَدَّمُوا عَلَیْهِ وَکَادُوهُ وَقَتَلُوهُ وَکَذَلِکَ آبَائِی علیه السلام وَلَمْ یُصَدِّقُوهُمْ وَنَسَبُوهُمْ إِلَی السِّحْرِ وَخِدْمَةِ الْجِنِّ إِلَی مَا تَبَیَّنَ یَا عِیسَی فَخَبِّرْ أَوْلِیَاءَنَا مَا رَأَیْتَ وَإِیَّاکَ أَنْ تُخْبِرَ عَدُوَّنَا فَتُسْلَبَهُ فَقُلْتُ یَا مَوْلَایَ ادْعُ لِی بِالثَّبَاتِ فَقَالَ لَوْ لَمْ یُثَبِّتْکَ اللَّهُ مَا رَأَیْتَنِی وَامْضِ بِنَجْحِکَ رَاشِداً فَخَرَجْتُ أُکْثِرُ حَمْدَ اللَّهِ وَشُکْراً.

ص:435

فَلَمَّا جَنَّ عَلَیَّ اللَّیْلُ فَإِذَا بِالدَّارِ قَدِ امْتَلَأَتْ نُوراً وَإِذَا بِمَوْلَایَ صَاحِبِ الزَّمَانِ قَدْ أَمَرَّ یَدَهُ الشَّرِیفَةَ عَلَی وَجْهِی وَقَالَ لِی اخْرُجْ وَکُدَّ عَلَی عِیَالِکَ فَقَدْ عَافَاکَ اللَّهُ تَعَالَی فَأَصْبَحْتُ کَمَا تَرَوْنَ وَحَکَی الشَّیْخُ شَمْسُ الدِّینِ مُحَمَّدُ بْنُ قَارُونَ الْمَذْکُورُ قَالَ وَأُقْسِمُ بِاللَّهِ تَعَالَی أَنَّ هَذَا أَبُو رَاجِحٍ کَانَ ضَعِیفاً جِدّاً ضَعِیفَ التَّرْکِیبِ أَصْفَرَ اللَّوْنِ شَیْنَ الْوَجْهِ مُقَرَّضَ اللِّحْیَةِ وَکُنْتُ دَائِماً أَدْخُلُ الْحَمَّامَ الَّذِی هُوَ فِیهِ وَکُنْتُ دَائِماً أَرَاهُ عَلَی هَذِهِ الْحَالَةِ وَهَذَا الشَّکْلِ فَلَمَّا أَصْبَحْتُ کُنْتُ مِمَّنْ دَخَلَ عَلَیْهِ فَرَأَیْتُهُ وَقَدِ اشْتَدَّتْ قُوَّتُهُ وَانْتَصَبَتْ قَامَتُهُ وَطَالَتْ لِحْیَتُهُ وَاحْمَرَّ وَجْهُهُ وَعَادَ کَأَنَّهُ ابْنُ عِشْرِینَ سَنَةً وَلَمْ یَزَلْ عَلَی ذَلِکَ حَتَّی أَدْرَکَتْهُ الْوَفَاةُ وَلَمَّا شَاعَ هَذَا الْخَبَرُ وَذَاعَ طَلَبَهُ الْحَاکِمُ وَأَحْضَرَهُ عِنْدَهُ وَقَدْ کَانَ رَآهُ بِالْأَمْسِ عَلَی تِلْکَ الْحَالَةِ وَهُوَ الآْنَ عَلَی ضِدِّهَا کَمَا وَصَفْنَاهُ وَلَمْ یَرَ بِجِرَاحَاتِهِ أَثَراً وَثَنَایَاهُ قَدْ عَادَتْ فَدَاخَلَ الْحَاکِمَ فِی ذَلِکَ رُعْبٌ عَظِیمٌ وَکَانَ یَجْلِسُ فِی مَقَامِ الْإِمَامِ علیه السلام فِی الْحِلَّةِ وَیُعْطِی ظَهْرَهُ الْقِبْلَةَ الشَّرِیفَةَ فَصَارَ بَعْدَ ذَلِکَ یَجْلِسُ وَیَسْتَقْبِلُهَا وَعَادَ یَتَلَطَّفُ بِأَهْلِ الْحِلَّةِ وَیَتَجَاوَزُ عَنْ مُسِیئِهِمْ وَیُحْسِنُ إِلَی مُحْسِنِهِمْ وَلَمْ یَنْفَعْهُ ذَلِکَ بَلْ لَمْ یَلْبَثْ فِی ذَلِکَ إِلَّا قَلِیلًا حَتَّی مَاتَ.

ص:437

ثیاب بیض و علی بعضهم ثیاب خضر و کان ذلک الشیخ هو الخضرفأجلسنی ذلک الشیخ علیه السلام و دعانی الإمام علیه السلام باسمی و قال اذهب إلی حسن بن مسلم و قل له إنک تعمر هذه الأرض منذ سنین و تزرعها و نحن نخربها زرعت خمس سنین و العام أیضا أنت علی حالک من الزراعة و العمارة و لا رخصة لک فی العود إلیها و علیک رد ما انتفعت به من غلات هذه الأرض لیبنی فیها مسجد و قل لحسن بن مسلم إن هذه أرض شریفة قد اختارها الله تعالی من غیرها من الأراضی و شرفها و أنت قد أضفتها إلی أرضک و قد جزاک الله بموت ولدین لک شابین فلم تنتبه عن غفلتک فإن لم تفعل ذلک لأصابک من نقمة الله من حیث لا تشعر.

قال حسن بن مثلة قلت یا سیدی لا بد لی فی ذلک من علامة فإن القوم لا یقبلون ما لا علامة و لا حجة علیه و لا یصدقون قولی قال إنا سنعلم هناک فاذهب و بلغ رسالتنا و اذهب إلی السید أبی الحسن و قل له یجی ء و یحضره و یطالبه بما أخذ من منافع تلک السنین و یعطیه الناس حتی یبنوا المسجد و یتم ما نقص منه من غلة رهق ملکنا بناحیة أردهال و یتم المسجد و قد وقفنا نصف رهق علی هذا المسجد لیجلب غلته کل عام و یصرف إلی عمارته.

و قل للناس لیرغبوا إلی هذا الموضع و یعزروه و یصلوا هنا أربع رکعات

للتحیة فی کل رکعة یقرأ سورة الحمد مرة و سورة الإخلاص سبع مرات و یسبح فی الرکوع و السجود سبع مرات

و رکعتان للإمام صاحب الزمان علیه السلام هکذا یقرأ الفاتحة فإذا وصل إلی إِیَّاکَ نَعْبُدُ وَإِیَّاکَ نَسْتَعِینُ کرره مائة مرة ثم یقرؤها إلی آخرها و هکذا یصنع فی الرکعة الثانیة و یسبح فی الرکوع و السجود سبع مرات فإذا أتم الصلاة یهلل و یسبح تسبیح فاطمة الزهراءعلیه السلام فإذا فرغ من التسبیح یسجد و یصلی علی النبی و آله مائة مرة

ص:439

ثم قال علیه السلام ما هذه حکایة لفظه فمن صلاها فکأنما فی البیت العتیق.

قال حسن بن مثلة قلت فی نفسی کان هذا موضع أنت تزعم أنما هذا المسجد للإمام صاحب الزمان مشیرا إلی ذلک الفتی المتکئ علی الوسائد فأشار ذلک الفتی إلی أن أذهب. فرجعت.

فلما سرت بعض الطریق دعانی ثانیة و قال إن فی قطیع جعفر الکاشانی الراعی معزا یجب أن تشتریه فإن أعطاک أهل القریة الثمن تشتریه و إلا فتعطی من مالک و تجی ء به إلی هذا الموضع و تذبحه اللیلة الآتیة ثم تنفق یوم الأربعاء الثامن عشر من شهر رمضان المبارک لحم ذلک المعز علی المرضی و من به علة شدیدة فإن الله یشفی جمیعهم و ذلک المعز أبلق کثیر الشعر و علیه سبع علامات سود و بیض ثلاث علی جانب و أربع علی جانب سود و بیض کالدراهم فذهبت.

فارجعونی ثالثة و قال علیه السلام تقیم بهذا المکان سبعین یوما أو سبعا فإن حملت علی السبع انطبق علی لیلة القدر و هو الثالث و العشرون و إن حملت علی السبعین انطبق علی الخامس و العشرین من ذی القعدة و کلاهما یوم مبارک.

قال حسن بن مثلة فعدت حتی وصلت إلی داری و لم أزل اللیل متفکرا حتی اسفر الصبح فأدیت الفریضة و جئت إلی علی بن المنذر فقصصت علیه الحال فجاء معی حتی بلغت المکان الذی ذهبوا بی إلیه البارحة فقال و الله إن العلامة التی قال لی الإمام واحد منها أن هذه السلاسل و الأوتاد هاهنا.

فذهبنا إلی السید الشریف أبی الحسن الرضا فلما وصلنا إلی باب داره رأینا خدامه و غلمانه یقولون إن السید أبا الحسن الرضا ینتظرک من سحر أنت من جمکران قلت نعم فدخلت علیه الساعة و سلمت علیه و خضعت فأحسن فی الجواب و أکرمنی و مکن لی فی مجلسه و سبقنی قبل أن أحدثه و قال یا حسن

ص:440

بن مثلة إنی کنت نائما فرأیت شخصا یقول لی إن رجلا من جمکران یقال له حسن بن مثلة یأتیک بالغدو و لتصدقن ما یقول و اعتمد علی قوله فإن قوله قولنا فلا تردن علیه قوله فانتبهت من رقدتی و کنت أنتظرک الآن.

فقص علیه الحسن بن مثلة القصص مشروحا فأمر بالخیول لتسرج و تخرجوا فرکبوا فلما قربوا من القریة رأوا جعفر الراعی و له قطیع علی جانب الطریق فدخل حسن بن مثلة بین القطیع و کان ذلک المعز خلف القطیع فأقبل المعز عادیا إلی الحسن بن مثلة فأخذه الحسن لیعطی ثمنه الراعی و یأتی به فأقسم جعفر الراعی أنی ما رأیت هذا المعز قط و لم یکن فی قطیعی إلا أنی رأیته و کلما أرید أن آخذه لا یمکننی و الآن جاء إلیکم.

فأتوا بالمعز کما أمر به السید إلی ذلک الموضع و ذبحوه و جاء السید أبو الحسن الرضا رضی الله عنه إلی ذلک الموضع و أحضروا الحسن بن مسلم و استردوا منه الغلات و جاءوا بغلات رهق و سقفوا المسجد بالجزوع و ذهب السید أبو الحسن الرضا رضی الله عنه بالسلاسل و الأوتاد و أودعها فی بیته فکان یأتی المرضی و الأعلاء و یمسون أبدانهم بالسلاسل فیشفیهم الله تعالی عاجلا و یصحون.

قال أبو الحسن محمد بن حیدر سمعت بالاستفاضة أن السید أبا الحسن الرضا فی المحلة المدعوة بموسویان من بلدة قم فمرض بعد وفاته ولد له فدخل بیته و فتح الصندوق الذی فیه السلاسل و الأوتاد فلم یجدها.

انتهت حکایة بناء هذا المسجد الشریف المشتملة علی المعجزات الباهرة والآثار الظاهرة التی منها وجود مثل بقرة بنی إسرائیل فی معز من معزی هذه الأمة.

قال المؤلف لا یخفی أن مؤلف تاریخ قم هو الشیخ الفاضل حسن بن محمد

ص:441

القمی و هو من معاصری الصدوق رضوان الله علیه و روی فی ذلک الکتاب عن أخیه حسین بن علی بن بابویه رضوان الله علیهم و أصل الکتاب علی اللغة العربیة و لکن فی السنة الخامسة و الستین بعد ثمان مائة نقله إلی الفارسیة حسن بن علی بن حسن بن عبد الملک بأمر الخاجا فخر الدین إبراهیم بن الوزیر الکبیر الخاجا عماد الدین محمود بن الصاحب الخاجا شمس الدین محمد بن علی الصفی. قال العلامة المجلسی فی أول البحار إنه کتاب معتبر و لکن لم یتیسر لنا أصله و ما بأیدینا إنما هو ترجمته و هذا کلام عجیب لأن الفاضل الألمعی الآمیرزا محمد أشرف صاحب کتاب فضائل السادات کان معاصرا له و مقیما بأصفهان و هو ینقل من النسخة العربیة بل و نقل عنه الفاضل المحقق الآغا محمد علی الکرمانشهانی فی حواشیه علی نقد الرجال فی باب الحاء فی اسم الحسن حیث ذکر الحسن بن مثلة و نقل ملخص الخبر المذکور من النسخة العربیة و أعجب منه أن أصل الکتاب کان مشتملا علی عشرین بابا. و ذکر العالم الخبیر الآمیرزا عبد الله الأصفهانی تلمیذ العلامة المجلسی فی کتابه الموسوم بریاض العلماء فی ترجمة صاحب هذا التأریخ أنه ظفر علی ترجمة هذا التأریخ فی قم و هو کتاب کبیر حسن کثیرة الفوائد فی مجلدات عدیدة. و لکنی لم أظفر علی أکثر من مجلد واحد مشتمل علی ثمانیة أبواب بعد الفحص الشائع. و قد نقلنا الخبر السابق من خط السید المحدث الجلیل السید نعمة الله الجزائری عن مجموعة نقله منه و لکنه کان بالفارسیة فنقلناه ثانیا إلی العربیة لیلائم نظم هذا المجموع و لا یخفی أن کلمة التسعین الواقعة فی صدر الخبر بالمثناة فوق ثم السین المهملة کانت فی الأصل سبعین مقدم المهملة علی الموحدة و اشتبه علی الناسخ لأن وفاة الشیخ الصدوق کانت قبل التسعین و لذا نری جمعا من العلماء یکتبون فی لفظ السبع أو السبعین بتقدیم السین أو التاء حذرا عن التصحیف

ص:442

والتحریف و الله تعالی هو العالم(1).

ص:443

ص:444

أَلَا وَ مَنْ حَاجَّنِی فِی کِتَابِ اللَّهِ فَأَنَا أَوْلَی النَّاسِ بِکِتَابِ اللَّهِ.

أَلَا وَ مَنْ حَاجَّنِی فِی سُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ ص فَأَنَا أَوْلَی النَّاسِ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ.

فَأَنْشُدُ اللَّهَ مَنْ سَمِعَ کَلَامِی الْیَوْمَ لَمَّا بَلَّغَ الشَّاهِدُ مِنْکُمُ الْغَائِبَ.

وَأَسْأَلُکُمْ بِحَقِّ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ بِحَقِّی فَإِنَّ لِی عَلَیْکُمْ حَقَّ الْقُرْبَی مِنْ رَسُولِ اللَّهِ إِلَّا أَعْنَتُمُونَا وَ مَنَعْتُمُونَا مِمَّنْ یَظْلِمُنَا فَقَدْ أُخِفْنَا وَ ظُلِمْنَا وَ طُرِدْنَا مِنْ دِیَارِنَا وَأَبْنَائِنَا وَ بُغِیَ عَلَیْنَا وَ دُفِعْنَا عَنْ حَقِّنَا فَأَوْتَرَ [فَافْتَرَی] أَهْلُ الْبَاطِلِ عَلَیْنَا.

فَاللَّهَ اللَّهَ فِینَا لَا تَخْذُلُونَا وَ انْصُرُونَا یَنْصُرْکُمُ اللَّهُ

ص:446

مِنْهَا وَ بُدِّلَ وَ حُرِّفَ مِنْهَا هَذِهِ وَ اللَّهِ التَّوْرَاةُ الْجَامِعَةُ وَ الزَّبُورُ التَّامُّ وَ الْإِنْجِیلُ الْکَامِلُ وَ إِنَّهَا أَضْعَافُ مَا قَرَأْنَا مِنْهَا.

ثُمَّ یَتْلُو الْقُرْآنَ فَیَقُولُ الْمُسْلِمُونَ هَذَا وَ اللَّهِ الْقُرْآنُ حَقّاً الَّذِی أَنْزَلَهُ اللَّهُ عَلَی مُحَمَّدٍصلی الله علیه وآله وَ مَا أُسْقِطَ مِنْهُ وَ حُرِّفَ وَ بُدِّلَ.

ثُمَّ تَظْهَرُ الدَّابَّةُ بَیْنَ الرُّکْنِ وَ الْمَقَامِ فَتَکْتُبُ فِی وَجْهِ الْمُؤْمِنِ مُؤْمِنٌ وَ فِی وَجْهِ الْکَافِرِ کَافِر.

ص:448